في مقاله، الذي بعث به إلى بريدي الإلكتروني، يروي لنا الكاتب العربي محمد سيف الدولة، كيف تحوَّلت الثورات العربية، وخاصة في مصر، من التركيز على الإصلاح الداخلي إلى حركات مناهضة للمشاريع الاستعمارية الأميركية والصهيونية.
مقال جدير بالقراءة فعلاً.
شكراً أميركا
محمد سيف الدولة
تناول الفيلم الامريكى الشهير ((بابل)) قضية العنصرية الامريكية تجاه باقى خلق الله : فبسبب اصابة سائحة امريكية فى المغرب بطلق نارى طائش تم اسعافها منه ، تم اهدار دماء صاحب البندقية راعى الغنم المغربى واولاده وتم مطاردة رجل اعمال يابانى لانه كان المالك السابق للبندقية . وفي ثوان تحول هذا الحادث الدارج الى الخبر الأول وقضية الساعة فى كل وسائل الاعلام العالمية .
ومن ناحية اخرى قام حرس الحدود الامريكى بقتل سائق مكسيكى و ترحيل خالته المربية بسبب اصطحابها للطفلين الامريكيين اللذان ترعاهما الى حفل عرس ابنها فى المكسيك والعودة فى نفس اليوم . وتمت عملية القتل والترحيل فى سلاسة شديدة كأى اجراء روتينى عادى يحدث كل يوم بدون ان يسترعى انتباه او اهتمام اى شخص أو أى جهة .
***
ولكن احيانا يكون الواقع أكثر درامية من الخيال السينمائى : فلقد انقلبت الدنيا فى الاسابيع الماضية بسبب تقديم 19 متهما امريكيا للمحاكمة فى مصر ، ولم تهدأ الأمور الا بعد ان تم تهريبهم رغما عن انف الجميع . وفى سبيل ذلك استبيحت سيادتنا الوطنية وسلطتنا القضائية .
بينما فى افغانستان تم قتل 16 مواطن مدنى بدم بارد على ايدى جنود امريكان مرضى او سكارى . واكتفى أوباما بابداء الأسف والاعتذار .
وفى غزة سقط 26 شهيد فلسطينى فى بضعة ساعات على ايدى المجرمين الصهاينة فى مجزرة جديدة بدون اى تعقيب دولى او موقف عربى .
***
أمريكان وصهاينة وعرب وافغان ، لكل منهم سعر مختلف فى الاسواق الدولية ، او فى عالم بابل الامريكى . صحيح اننا قد نكون جميعنا متساويين امام القوانين المحلية والدولية ومواثيق حقوق الانسان ، الا أن الأمور على الأرض ليست كذلك .
فعلى الأرض هم وحدهم السادة ، ويريدونا جميعا ان نكون عبيدا بكل ما فى الكلمة من معان .
ولاننا لسنا كذلك ، لأننا لسنا عبيدا فى نفوسنا وفى ضمائرنا وفى عقائدنا الا لله سبحانه وتعالى ، فان هذا الظلم وهذه العنصرية المقيتة ، تولد لدينا طاقات هائلة من الغضب وعداء شديد لكل ما هو امريكى أوغربى مصحوبة برغبات متصاعدة فى التحرر و الثأر واسترداد الكرامة المهدورة .
ولذلك فانه رغم شعورهم الدائم بالتفوق والنصر والمقدرة والسيطرة بعد كل جريمة او عدوان ، الا انهم يقدمون لنا من حيث لا يدرون خدمات جليلة ، فهم يعملون على تصحيح مسار الثورات العربية فيدفعونها دفعا من ثورات كانت تركز فقط على الاصلاحات الداخلية غير معنية بالمخاطر الخارجية ، الى ثورات معادية ومقاومة للوجود والمشروع الامريكى الصهيونى . فشكرا لكم .
*****
هناك 3 تعليقات:
السلام عليكم
بالرغم من اختلاف وجهات نظر الكثير من ابناء الشعب العربي مع قادة سوريا وطريقة ادارتهم للازمة مع المعارضة الداخلية -- الا انه لمن المؤسف ان توجه البنادق والاموال العربية لقتل العرب والمسلمين بعضهم لبعض خدمة لامريكا واسرائيل من اجل تدمير الدولة كما حدث بالعراق اي ربيع عربي يهدف الى تدمير بلد استقبل ولايزال اكثر من مليون عراقي مهجر منذ 2003 بالوقت الذي وضعت الدول التي تدعم التمرد في سوريا شروط تعجيزية لستقبال العراقيين وهي التي فتحت مطاراتها وموانئها واراضيها وسخرت اموالها لخدمة تدمير الدولة العراقية وتسليمها الى ايران الصفوية - قد لايتناسب التعليق مع الموضوع ولاكن يلتقي على نفس الهدف
ليت حكام العرب يتعلمون من الامريكان معنى قيمة المواطن عندهم .. نتذكر كيف اقامت امريكا ومعها الغرب على ليبيا بمسألة لوكربي وكيف استطاعت ان تفرض على ليبيا من خلال مجلس الامن حصار وتعويضات لذوي الضحايا ملايين الدولارات لكل فرد في حين يقتل العربي او المسلم ولا يقدم له سوى الاعتذار اذا ما ذكرته وسائل الاعلام والا فانه لا يأخذ اي شيء وهذا ما حصل للشهداء العراقيين الذين اعدموا على يد الجنود الامريكان ولا ننسى قضية عبير الجنابي كيف قام المجرمون الاميركان باغتصابها ومن ثم قتلها وقتل جميع افراد عائلتها ولم يحصل اقاربها على اي تعويض ولم يحاكم المجرمون على فعلتها ..
وعندنا نحن العرب حكاماً لا يهمهم مصلحة شعوبهم لا بل على العكس اذا ما اتهم اي مواطن من راعياهم من قبل امريكا فان حكومة هذا المواطن تقوم بالقاء القبض عليه وتسليمه الى امريكا مثل ما فعل رئيس مصر السابق مبارك
أستادنا الفاضل مصطفى كامل سلامي و تحياتي. مقال رائع يسلط الضوء على أكثر من قضية هامة في محيطنا. أولاً : إهتمام حركات التغيير التي كانت محور الاحداث خلال السنة الماضية بالتركيز على القضيايا الداخلية و عدم الاهتمام بالشأن الخارجي. ثانياً : إستمرار الولايات المتحدة الأمريكية في إمتلاك مفاتيح التأثير في الشؤون السياسية في المنطقة رغم حدوث متغيرات كبرى كان يتوقع منها عودة السيادة والسلطة للجماهير فأظهرت أحداث إخراج الرعايا الامريكيين من مصر بقاء كثير من الامور على حالها. هاتان النقطتان تؤشران لمدى عمق تأثير الدول الكبرى ليس في مستويات السلطة العليا فقط و إنما في مختلف نواحي المجتمع و امتلاكها مفاتيح تتحكم من خلالها في كثير من الامور مما يجعلنا لا نجاري الكاتب في أماله بحدوث تغييرات كبيرة في المراحل القادمة بناءاً على إنعكاسات هده الحوادث في نفوس الناس. المسألة كما هي دائماً بحاجة الى اعداد جيد و تنظيم جيد و ليس مجرد الاعتماد على ردود الافعال العفوية العابرة التي يجيد الخصوم في إبقائها بلا توابع ولا امتدادات.
إرسال تعليق