غير الفشل العميق لن يُسفر عن قمة بغداد شيء يُذكر، فهذه القمة التي يبدو ان العرب إضطروا الى قبول انعقادها في بغداد المحتلة، للخروج من إشكالية دورية انعقاد القمم العربية لا أكثر، بحسب اعتقادي المتواضع، مهددة بالعديد من المخاطر الجدية، وهذا ماتستعرضه مقالة الدكتور ضرغام الدباغ التي وصلتني هذا الصباح على بريدي الإلكتروني.
ماذا سيُسفِر عن قمة بغداد؟
ضرغام الدباغ
بادئ ذي بدء يبدو لي أن اختيار العاصمة العراقية بغداد لتكون مكاناً لانعقاد قمة عربية لم يكن قراراً مناسباً لوجوه عديدة، ثم أن تكون لمدة عام كامل مقراً لمؤسسة القمة أمر يثير تساؤلات كثيرة.
فالأوضاع السياسية في المنطقة لما تزل قلقة على أثر العواصف العاتية التي اجتاحتها واقتلعت العديد من الانظمة وتهدد بزوال أخرى، ولم تفرز بعد ثمارها الناضجة، وهي على موعد مع مستحقات كبيرة وتغيرات مهمة بل وربما ستكون جوهرية في هياكلها السياسية والاقتصادية والثقافية.
ومن جهة أخرى وحسب تقديرات معظم الأوساط السياسية والإعلامية، أن اختيار بغداد لعقد المؤتمر مرة أخرى ليس بالقرار الصائب لاجتماع 22 ملك ورئيس عربي، من حيث افتقار البلاد لمقومات الأمن من جهة. ومن حيث بلوغ احتدام التنافس الداخلي بين اطراف شتى لدرجة الصراعات المسلحة، وكذلك بين جماعات وتشكيلات سياسية وعسكرية من خارج العملية السياسية من جهة أخرى، وهذه الأطراف جميعها حرصت على توجيه رسالة واضحة للحكومة السيد المالكي (من خلال التفجيرات الدموية الأخيرة)، أن أمن المؤتمر إن عقد، فهو في مهب الريح ...!
ومن المؤكد أن الحكومة العراقية بحاجة للمؤتمر كمظهر عام، ولمشاورات ستدور في كواليسه أكثر من الحاجة لجدول أعماله وملفاته على طاولة المحادثات. ففي النزاعات السياسية الداخلية، منها تلك التي بين رئيس الوزراء ونائب رئيس الجمهورية، وبين رئيس الوزراء ونائبه، ورئيس الجمهورية الذي له اعتراضات على سير العملية السياسية، وبالإضافة لكل ذلك فالحكومة مهددة بانسحاب وزراء القائمة الرئيسية الأكبر في البرلمان، ففي أوضاع كهذه سيكون لمؤتمر القمة مهام هي غير تلك الموجودة في جدول أعمال القمة.
والحكومة العراقية المضيِّفة للمؤتمر تنوء تحت ضغوط سياسية مختلفة من أجل أن يكون المؤتمر مناسبة سياسية / دبلوماسية لتصفية ملفات عالقة. فإيران تضغط على المالكي لحضور المؤتمر وبأعلى مستوى لمواجهة العداء المتصاعد ضدها في البلاد العربية وهي في أمس الحاجة لذلك في ظل ظروف المقاطعة الاقتصادية والسياسية، واحتمالات الهجوم العسكري على منشئاتها النووية.
ولكن هذه الرغبة تصطدم برفض قوي من العديد من الدول العربية والخليجية في مقدمتها.
وكمحاولة لإحداث التوازن، تلوح حكومة المالكي بعدم دعوة تركيا المقبولة عربياً، ولكن أنقرة لا تنظر للأمر بذات العين التي تنظر لها طهران، فعلاقاتها مع معظم الاقطار العربية تمر بربيع زاهر وليست هناك ملفات عالقة، وبذلك فتركيا موضوعياً ليست بحاجة لمؤتمر قمة قد تشهد لمناورات إضافية ربما تضرها أكثر مما تنفعها.
الحكومة العراقية تأمل من خلال مؤتمر القمة وتواجد أكبر عدد من الملوك والرؤساء (في حالة حضورهم) أو ممثلين عنهم، أن تتكل مساعيها بالنجاح، بتأثير طهران، في تقريب وجهات النظر مع القيادة السورية وإحداث مصالحة وإنقاذ نظام دمشق من مأزقه، ولكن هذا المسعى أصطدم برفض دول عربية أساسية كمصر والخليج، ولكن من المرجح أن رئيس الوزراء العراق السيد المالكي سيواصل هذه المساعي بأساليب أخرى سواء عبر المحادثات الثنائية أو على طاولة محادثات القمة إذا توفر المناخ المناسب لذلك.
أكثر الأطراف تفاؤلاً بالقمة لا يتوقع لها النجاح، فالنجاح بتقديري هو بمجرد أن يكمل نصاب الانعقاد، ويعلن الأمين العام للجامعة العربية افتتاح المؤتمر ويسلم أمانة المؤتمر لعام كامل للعراق بدلاً من ليبيا (المؤتمر السابق عقد في سرت بليبيا)، وهي إجراءات شكلية، أما أن تصدر قرارات مهمة أو غير مهمة فهذه خارج التوقعات بصفة شبه مطلقة.
وفي واقع الحال، ليست الخلافات العربية / العربية، أو العربية / الإيرانية وحدها الحاضرة كعنصر محبط للمؤتمر، بل أن مؤسسة القمة العربية نفسها تعاني من مشاكل ذاتية وموضوعية عديدة، إذا غدا من الصعوبة بمكان التوصل إلى سياسات عربية موحدة حتى حيال أكثر القضايا أهمية، والأسباب في ذلك عديدة، في مقدمتها أن الأجواء العربية متأثرة إلى حد كبير بأعاصير الثورات العربية التي اجتاحت دول عربية مركزية كمصر وسوريا واليمن، بالإضافة لليبيا وتونس، والأوضاع غير المستقرة في العراق منذ عام 2003، وتأثيرات صعود حركات سياسية جديدة على العمل السياسي العربي إلى الحكم في العديد من الاقطار العربية، وتأثيراتهم الكبيرة في اأقطار أخرى، فهذه مؤشرات تدل أن السياسة العربية على أبواب منعطف كبير ربما ستنشأ على أثره مرتسمات عامة غير تلك التي كانت سائدة قبل عقد أو عقدين من الزمن.
هناك 3 تعليقات:
أغفل الكاتب اهم ميزة لهذه القمة العربية في كوماري عيراق. انظر هنا:
http://ishtar-enana.blogspot.com/2012/03/blog-post_27.html
http://www.albadeeliraq.com/article18633.html
مجرد كلام" مع الاعتذار للمطرب.
إرسال تعليق