وجهات نظر
جاسم الشمري
غادر بغداد صباح الثلاثاء الفائت 29/10/2013 رئيس حكومة المنطقة الخضراء نوري المالكي متوجهاً إلى واشنطن في زيارة رسمية، هي الرابعة له منذ توليه مهام عمله كرئيس للحكومة.
زيارة المالكي قيل إنها استدعاء، وقيل إنها زيارة رسمية، وخلاصة القول المالكي الآن في واشنطن، وآخر زيارة للمالكي لأمريكا كانت قبل الانسحاب الأمريكي في العراق نهاية عام 2011، بثلاثة أسابيع.
وفي يوم 17/10/2013، قال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني إن " المالكي سوف يلتقي في الأول من نوفمبر الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن، لبحث مسائل إقليمية، وإن هذه الزيارة ستؤكد على أهمية العلاقات الأميركية العراقية في إطار الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين".
اللافت للنظر أن زيارة المالكي ستعقبها بفترة قصيرة زيارة رئيس البرلمان اسامة النجيفي لواشنطن، والذي تلقى دعوة رسمية يوم 20/10/2013، لزيارة الولايات المتحدة.
زيارة المالكي تأتي أيضاً بالتزامن مع زيارة رئيس القائمة العراقية اياد علاوي، الموجود منذ اسبوع تقريباً في واشنطن، والذي ذكرت قائمته أنه ذهب للعلاج، ونفت أن تكون زيارته بناءً على دعوة رسمية وجهت له من قبل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، فيما تحدث وكالات اخبارية محلية عن دعوة مسعود البرزاني لزيارة واشنطن أيضاً، إلا أن مراجعتي لموقع الحزب الديمقراطي الكردستاني أكدت أن البرزاني غير مدعو لواشنطن.
عموماً ثلاثة من "كبار" ساسة المنطقة الخضراء على الأقل في واشنطن. والسؤال الذي يطرح بهذه المناسبة ما هي الاملاءات الأمريكية المتوقعة لهم؟!
وهنا يمكننا تسجيل بعض الاحتمالات التي تقف وراء هذه الزيارة:
الاحتمال الأول، هو أن أمريكا ستملي على المالكي وبقية السياسيين، بضرورة التوافق فيما بينهم، لتمرير الانتخابات القادمة، بتعديل بعض فقرات قانون الانتخابات بما يضمن أكبر مساحة من التوافق بين الفرقاء السياسيين، ويمكن أن تتضمن الاملاءات هذه المرة تغير حصص بعض الأطراف، من أجل بقاء المالكي لولاية ثالثة، رغم أن هذه الولاية تواجه رفض التيار الصدري، وربما المجلس الاسلامي الأعلى بقيادة عمار الحكيم، وغالبية أبناء المحافظات الثائرة منذ عام تقريباً ضد المالكي وسياساته الاقصائية الطائفية، عموماً الارادة الأمريكية على السياسيين ما زالت موجودة، بل هي أوامر لا تقبل التفاوض والنقاش.
الثاني، وهناك من يقول إن زيارة المالكي تهدف لطرح مشروع ايراني يقوم على قطع العلاقات بين ايران ومنظمة حماس مقابل بقاء بشار الاسد في حكم سوريا، والقبول بالبرنامج النووي الإيراني "السلمي"، وهذا الاحتمال- وإن كان وارداً- إلا أنه ضعيف، لأن إيران اليوم ليست بحاجة لوسيط يوصلها إلى واشنطن، والأبواب مشرعة بين طهران والبيت الأبيض.
الاحتمال الأخير، وهو الأهم، وهو أن المالكي سيحاول شحذ المساعدات الأمريكية لبسط الأمن المنهار في عموم البلاد، وخصوصاً في بغداد، والمناطق الحدودية مع سوريا، بعد أن فشلت حكومته في هذه المهمة، على الرغم من الامكانيات المادية والبشرية الهائلة التي تمتلكها.
وهذا الاحتمال وارد، وبقوة، إلا أنه سينفذ، بعد تنسيقه مع الاحتمال الأول، حيث سيتم التوافق على ترتيب اللعبة السياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات وفق نهج جديد، يضمن استمرار النفوذ والمصالح الأمريكية في العراق.
اللاعب الأكبر والأهم الذي يحاول هؤلاء الساسة- من الطرفين- تجاهله، ألا وهو الشعب العراقي، بكل مكوناته، والذي لم يعد يعترف بغالبية ساسة المنطقة الخضراء، لأنه جربهم بما فيه الكفاية، وحتى لو تمت الانتخابات، فاعتقد أنها ستكون انتخابات صورية، يراد منها استمرار مهزلة الديمقراطية، هذا اللاعب (الشعب العراقي)، يبقى صاحب القرار الأول والأخير، لأن غالبية العراقيين يقفون اليوم وبصمود جلي في ميادين الاعتصامات والمحافظات الثائرة ضد الفساد الإداري والمالي، وعليه فإن التخطيط الخارجي لا يملك القدرة على رسم المشهد العراقي، والعراقيون الأصلاء هم وحدهم القادرون على رسم خريطة بلدهم الجديدة، خريطة العراق الموحد الخالي من الخونة والعملاء.
اختم القول بما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في 29/10/2013، في تعليقها على زيارة المالكي لواشنطن:-
"صحيح أن هناك دستور إلا أن العراق ليس دولة دستورية، والانتخابات هي مجرد لعبة لتقسيم الغنائم بين النخب الفاسدة، والحكومة تحصل على أرباح ضخمة من صادرات النفط، لكنها تفشل في توفير الخدمات الأساسية، بينما يعيش ما يقرب من ربع العراقيين تحت خط الفقر"!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق