موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 9 يوليو 2014

(سنة) العراق المخدوعون

وجهات نظر
مثنى عبدالله
هل هي صورة ساذجة تبيّن مستوى الانحطاط والسذاجة السياسية التي يمارسونها في الحكم، أم انها خديعة سياسية اخرى ابتلعها سنة العراق من الساسة، بعد ان مررها اليهم البيت السياسي الشيعي، وكانوا يريدون بها التمهيد الى ولاية ثالثة لنوري المالكي؟ فبعد فشل الجلسة البرلمانية الاولى في اختيار الرئاسات الثلاث، خرج علينا رئيس البرلمان المنتهية ولايته اسامة النجيفي بخطاب مليء بعبارات البطولة والتضحية، معلنا سحب ترشحه لرئاسة البرلمان في الدورة الجديدة. كان تبريره لهذا الفعل، ان بعض اطراف التحالف الشيعي نقلوا اليه رسالة مفادها، ان المالكي ربط انسحابه من الترشح بسحبه هو لترشحه لولاية جديدة في رئاسة البرلمان، لكننا فوجئنا بان المالكي يرد عليه بنفس عبارات البطولة، بانه مصر على البقاء لولاية ثالثة ولن يتنازل عنها ابدا، فابتلع النجيفي الطعم غير مأسوف عليه. 


على طاولة البيت السياسي الشيعي كان هنالك قرار متفق عليه اتخذوه بعد هروب القائد العام للقوات المسلحة وضباطه من الموصل، هو الا مكان للنجيفيين اسامة رئيس البرلمان، واثيل محافظ نينوى، في العملية السياسية، متهمينهما بانهما ضالعان في مؤامرة انسحاب القوات من الموصل، كما يسمونها، لذلك كان لابد من ازاحة اسامة النجيفي ومنعه من الترشح لولاية جديدة لرئاسة البرلمان، فكانت الرسالة له بان المالكي راغب بالانسحاب ان انسحب هو. في نفس اللعبة كان هنالك قرار آخر هو قبول الائتلاف الشيعي بان تكون رئاسة البرلمان الى سليم الجبوري رئيس لجنة حقوق الانسان في البرلمان السابق، لاسباب منها كونه عضوا في الحزب الاسلامي العراقي، الذي بارك الاحتلال الامريكي، وكان احد اركان عمليته السياسية البغيضة في توافق تام مع احزاب الاسلام السياسي الشيعي، كما انه لم يكن قاسيا على السلطة اثناء التحقيق البرلماني في مجزرة الحويجة، كما رفض وضع خطوط حمراء على تولي المالكي ولاية ثالثة، بل ان احدى النائبات في تحالف المالكي قالت بانه يقود مفاوضات مع المالكي حاليا، بمشاركة عدد من السياسيين السنة، للتمهيد للمرحلة المقبلة. لكن الاهم من كل هذه الاسباب هو ان الرجل سبق ان اتهمه الكثير من اعوان المالكي علنا بدعم ما يسمونه «الارهاب»، بل سرت شائعة في الوسط السياسي قبل اشهر بان هنالك مذكرة القاء قبض بحقه بتهمة الارهاب، وهذا يعني ان هنالك ملفا جاهزا تحت الطاولة يمكن ان يُشهر في وجهه، إن تجاوز الخطوط السياسية التي يضعها المالكي، وهو اسلوب اتبعه الرجل لابتزاز الشركاء الاخرين. واذا كان النجيفي قد تمت ازاحته بالخديعة، واذا ما استُقدم الجبوري لرئاسة البرلمان، في ظل اصرار المالكي على الترشح، فما هو السيناريو الذي يطبخ اليوم في البيت السياسي الشيعي؟ وهل حقا ان الاصوات الشيعية الرافضة للتجديد له مبدئية في الرفض ام انها لعبة؟ اننا نرى ان مصداقية الرفض مشكوك فيها حتى اللحظة، لان المجلس الاعلى والتيار الصدري قادران على تقديم مرشح من بين صفوفهما ان كانا صادقين في رفض المالكي، وبامكانهما تحقيق النصاب المطلوب لمرشحهما بتصويت السنة والكرد لهما. اذن لماذا لا يفعلان ذلك؟ واذا كان لهذين الكيانين السياسيين صبغة وطنية وليست طائفية، لماذا لا يذهبان الى الاكراد والسنة لتحقيق الكتلة الاكبر داخل البرلمان؟ كما ان هذه الاشكالية موجودة لدى الجانب المرجعي الديني ايضا. لقد سمعنا مرات ومرات ان المرجعية الدينية ترى ضرورة ان يحظى رئيس الوزراء القادم بالمقبولية الوطنية، وانها اكدت في مناسبات كثيرة على ان الحكومة المنتهية ولايتها، كانت سببا رئيسيا في التدهور الشامل الذي يشهده البلد، اذن لماذا لا تنطق المرجعية بشكل واضح وتسمي الاشياء باسمائها وتضع خطها الاحمر على ترشيح المالكي وغيره؟ قد يقولون بانها لا تريد الانخراط التام في السياسة وتحدد من الذي يُستوزر ومن الذي يجب الا يُستوزر.
اذن ماذا نسمي استقبال المرجعية للمبعوثين السياسيين الدوليين والاقليميين الذين يزورونها للوقوف على رأيها في الوضع العراقي؟ أليس هذا انغماسا في السياسة؟ اننا نرى ان المرجعية الدينية لا تريد احراج نفسها امام مقلديها في هذا الموضوع، لانها على يقين تام بان المالكي لن يرضخ لقرارها ان منعته من الترشح، بل قد يسيء الى مكانتها كما حصل مع المرجع بشير النجفي، عندما حرّم انتخاب المالكي ودعى الناس لانتخاب عمار الحكيم، فانبرى له العديد من حلفاء المالكي بالاساءة علنا والتشكيك بمرجعيته. اما بالنسبة للمجلس الاعلى والتيار الصدري وعدم وجود حزم في قرار الرفض للمالكي، فان ذلك عائد الى ان الحكيم والصدر ليسا مرجعين، بل انهما مُقلدان لمراجع، وبما ان مرجعيهما لم يصدرا قولا فصلا في رفض ترشيح المالكي فلن يستطيعا القيام بذلك، حفاظا على مصلحة المذهب كما يؤمنون، بل ان الصدر الذي كان يصر على رفض المالكي، ورفض اي مرشح بديل من حزب الدعوة، تراجع اليوم عن ذلك وصرح بانه يقبل مرشح بديل عن المالكي من الدعوة، اي ان رجل الظل للمالكي في رئاسة الوزراء بات مقبولا اليوم من اطراف التحالف الشيعي، وهذا الموقف سيزيد من اصراره على الترشح وعدم الانسحاب، لانه يقرأ هذا الموقف على انه بداية لنهاية الرفض الذي يواجهه ان استمر في تعنته. لكن في كل هذا المشهد اين يقف الساسة السنة وما هو موقفهم الحقيقي؟ اننا نرى انهم مارسوا الانتهازية باوضح صورها، وكانوا يعتقدون انها بطولة قد تجر شركاءهم في العملية السياسية الى القبول بهم، وهذا كان اقصى غاية احلامهم. كانوا يشتمون المالكي ويعيبون سياساته ويتفاوضون معه سرا. كانوا يذهبون الى دول الجوار العربي وغير العربي بحجة شرح قضية تهميش نسيجهم الطائفي، كما يسمونه، لكنهم كانوا في الحقيقة يسعون لدى تلك الدول للتصالح مع المالكي، مبررين ذلك بانه مفتاح لنيل حقوق ناخبيهم.
سارعوا قبل الانتخابات للتآمر معه على اقصاء بعض المرشحين من نفس لونهم الطائفي كي يفوزوا هم، وبعد الانتخابات ومازالوا حتى اليوم يُقدّمون له العروض المغرية كي يفوز بالولاية الثالثة، مقابل حصولهم على مناصب وزارية. انها جريمة سياسية وليست لعبة سياسة، التي يبقى فيها الخط البياني لدمائنا يسير تصاعديا بدون انكسارات ويعبد الطرقات بنزيف اكبر كل يوم. وحدهم اطفالنا اليتامى يتدفقون باعداد اكبر الى الشوارع يبيعون طفولتهم مع علب السكائر واكياس التسوق. وحدها جيوب السياسيين تكبر باموال الفقراء والارامل والمعاقيين. لكن ماذا تنتظرون من زعيم سياسي جاء بالصدفة الى سدة الحكم، وبغزو خارجي، يجلس في حضرته صحافي يقول له في حوار متلفز «سيادة رئيس الوزراء ان القابض على المالكي في هذه الايام كالقابض على جمرة من نار»؟ اي بمعنى انك كالدين الحق في زمن الفتن وان المتمسكين بك هم المؤمنون الحقيقيون.


ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..