وجهات نظر
ضياء حسن
كثيرة هي المعاني والدلالات التي عكسها خطاب القائد المناضل عزة ابراهيم ابن الشعب البار بأهله العراقيين وبابناء امته العربية الذي ألقاه في ضيافة الحبيبة بغداد، عاصمة وصل المحبة بين العراقيين ابدا، عاصمة المجد العربي الاسلامي لمناسبة الذكرى الخامسة والاربعين لثورة السابع عشر/ الثلاثين من تموز المجيدة، واستهله بالاية الكريمة
بسم الله الرحمن الرحيم
انَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَانَّهُم بُنيَانٌ مرصوص
صدق الله العظيم
التى تدعونا الى ان نكون صفا كبنيان مرصوص غير متفرقين اذا اردنا كسب مرضاة الله ومحبته ونحن نسعى لرد العدوان والظلم المسلط على اهلنا العراقيين والذي طال امده.
فحسم المواقف برد العدوان الى نحره يتطلب تعزيز توحيد القوى الناهضة بهذه المهمة وهي واجبة على جميع العراقيين وصولا لهدف الخلاص من العدوانيين بزمن اقصر وبتضحيات اقل ، فهل نراجع انفسنا وندرك ان تاخرنا عن اغلاق هذه الثغرة سيحملنا مسؤولية ادامة معاناة اهلنا امام مخطط اكشفنا جميعا انه يستهدف تصفية العراقيين من دون استثناء فهم موحدون جذرا، وليس بفضل من احد وان توحدهم عصي على الاختراق اصلا ، والا لما صبروا تواصلوا صمدوا امام مجرمين محتلين ومجرمين عملاء يسهمون في توسيع قاعدة قتل العراقيين وصولا الى تشطير البلاد التي عمرها ما كانت قابلة للقسمة ، وفقا لما يدعو له سيد العملاء (بايدن) حامل لواء (تحرير العراق) من اهله ؟!!
فمتى يدرك من يعنيهم الامر هذه الحقيقة ، ولا اريد ان اقول توحدوا في فعلكم النضالي قبل ان تقع الفاس على الراس ، فالفاس وقعت لا بل فؤوس الاعداء وقعت ولابد من التوحد في مواجهتها لكي لا تذهب ريحنا سدى لا سمح الله .
وعلى هدي هذه الاية الكريمة جاء نداء القائد المؤمن للقوى الوطنية التي يعنيها وقف نزيف الدم العراقي بان دعاها الى رص الصفوف والتوحد وقد نص النداء على الاتي ((تعالوا نتفق ونتوحد على هدف واحد مبدئي وسترتيجي لجهادنا وكفاحنا، لا يختلف عليه اثنان من ابناء شعبنا وجماهيره الثائرة وقواه الوطنية وهو تحرير العراق من الاستعمار الفارسي الصفوي الذي اوغل في دماء العراقيين واعراصهم وحرماتهم ومقدساتهم)).
واعود للخطاب واقول كان شاملا فيما تناوله من محاور اتصلت بقضايا الشعب والامة المصيرية متسما برؤية دقيقة وشفافة في تحديد المعالجات دون الاكتفاء بتسليط الضوء على ما لحق بالعراق من دمار وتخريب دمار وتخريب شمل البناء الوطني النهضوي الذي أشادته ثورة 17 تموز1968 وكان نوعيا وواعدا بتغيير واسع شمل نواحي الحياة المختلفة ومسقطا مخططات الامبرالية الأميركية التي رمت الى تقييد الثورة وعرقلة مسارها نحو تحقيق كامل أهدافها لرقي الوطن ووضع لبنات تطوره وبناء أسس الحياة الجديدة الحرة الكريمة للعراقيين، معززة باطلاق طاقاتهم المبدعة معززة باقتدار اقتصادي وطني متين يؤسس للحياة العراقية الجديدة، مردفة ببناء دفاعي يجمع بين توفير أمن المواطنين وحماية المنجزات وبين الدفاع عن الوطن وردع القوى السوداء التي لا تريد للعراق الخير ولا لأهله ولوج سبل النهوض للأمساك بمعطيات التطور، على نحو يعطي المجال مفتوحا وحرا لتحقيق الأهداف التي تريد الثورة والجماهيرالوصول اليها بالوسائل السليمة المتاحة وطنيا وعربيا وعالميا بعيدا عن إيحاءات الأصدقاء أو ضغوط القوى التي تسعى لفرض قيود للحد من حجم الإفادة من التطور العلمي الذي ساد العالم ويمكن ان يعطي المشاريع المرسومة أساسا على أساس الاستفادة القصوى من التقدم التكنولوجي في الغرب أو أينما وجد في العالم الفسسح ونحن نبني لمسقبل عراقي تلعب فيه هذه التكنولوجيا دورا فاعلا في تحقيق الاكتفاء الذاتي لجميع ما يحتاجه العراق في المجالات الصناعية عامة والصناعات النفطية خاصة والزراعية والاقتصادية والانفتاح على العالم تجاريا ونحن نبني مستقبلا رافها وآمنا لجميع العراقيين.
والاهم من هذا اختيار الجهات الكفوءة التي تساعد في تنفيذ المشاريع المهمة والستراتيجية بمراعاة سلامة توجهات هذه الجهات - حكومات وشركات - من العراق وقضايا الامة المصيرية وقضايا الحرية وحقوق الانسان.
وتحدث الرفيق القائد عزة ابراهيم باسهاب عن منجزات الثورة الكبيرة ومشاريعها التاريخية في البناء الانساني والاقتصادي والاجتماعي المستند الى استقلال القرار السياسي المدعوم باستقلال القرار الاقتصادي وبالقتدار الدفاعي المجرب في ردع اي عدوان خارجي على العراق اومواجهة اي تهديد بشن العدوان عليه .
وجاء العدوان الفارسي الذي بدا بالتجاوز على المناطق الحدودية العراقية بعد قيام دولة خميني الاسلامية ووسعته باحتلال عدد من مدن وسط العراق جاء محركا لرد عراقي مناسب عليه بعد فشل المحاولات العراقية لحل مشكلة الحدود عن طريق الحوار المباشر او بتدخل الامم المتحدة او منظمة دول عدم الانحياز ، ولكن طهران رفضت جميع الدعوات العراقية الرامية للحل السلمي واستمرت في نهحها المهدد بمواصلة مخطط الشر الخميني مما دفع القيادة العراقية الى توجيه قواتها لطرد القوات الايرانية من المدن العراقية التي كانت احتلتها في مناطق الوسط وفعلت ذلك وطرد الغزاة غير المخطط العدواني الفارسي لم ينته وانما انتقل الى ادامة التحرش الحدودي الذي وصل مستوى قصف المدن الحدودية.
وصار لزاما على القوات العراقية التوجه لافشال كامل نوايا خميني المغلفة بالحقد وبالتالي احتلال العراق بتصدير ما سمي بالثورة الاسلامية اليه استنادا لفرية اطلقها مدعيا بان هدفه من اجتياح قواته للعراق يمثل خطوة على طريق تحرير القدس الشريف لان تحريرها يمر عبر تحرير العراق !!!
وقد افشل جيشنا الكيد الفارسي المسنود من واشنطن وما تبعه من تطاول باحتلال لمثلث الفاو المطل على مياه الخليج العربي وكانت ملحمة تحرير الفاو النوعية معركة استهلالية فاتحة الطريق لتحقيق هدفين ستراتيجيين :
اولهما تحرير كامل الاراضي العراقية من دنس الاحتلال الفارسي الملعون ابدا.
والثاني تمثل باندحار العدوانية الخمينية بدءا من اغراق احلام النظام في ممالح الفاو الى عودة ارض الحناء حرة امنة الى اهلها العراقيين على يد القائد الشجاع المتحسب صدام حسين يرحمه الله الذي اشرف من موقع ميداني متقدم على سير المعركة منذ البداية حتى ساعة الحسم بانتصار عراقي حاسم .
وقد ابلى مقاتلو الحرس الجمهوري الابطال المتميزون بلاء حسنا منذ قفزتهم الاولى التي عدت مفتاح النصر الاساس في هذه المعركة الاساسية التي بدات من منطقة الرتل الساحلي والممالح ، لتدمر الدفاعات الايرانية التي اعدت في مواجهة هذه المنطقة لتكون مصدات ستراتيجية لاي هجوم عراقي محتمل على قواتهم التي كانت متواجدة في عموم المثلث ولكن قوة الصولة الاولى التي قام بها مقاتلو الحرس الجمهوري بتنسيق دقيق بين جميع اسلحة قوات الحرس الاخرى ، من نيران المدفعية التي امطرت استهلالا مواقع الدفاعات الامامية الايرانية تمهيدا للقفز عليها وتدميرها بمشاركة قوة الدروع المعدة للمشاركة في تحقيق هذا الهدف المهم ومعالجة غيرها من المستجدات كمطاردة الايرانيين في عموم المثلث وكذلك مشاغلة النيران المعادية واسكتها نهائيا كما فعلوا في نفس الوقت مع مصادر النيران التي توقعت القوات العراقية بانها ستساند خط الدفاعات الايرانية الامامية ولكنها لم تستطيع فعل ذلك فقد فوجئت بنيران عراقية مشددة انهت دور هذه المواقع مبكرا .
فانقلب حالها من ساند الى مستنجد طالب للاغاثة التي لم تجدها ميسورة فقد قطعت خطة القيادة العراقية سلفا الامل على القوات الايرانية في ان تجد اي سبيل امامها لطلب النجدة عندما احكمت القوات العراقية السيطرة على جميع المنافذ التي يمكن ان توفر مثل هذه النجدة من الاجواء التي سيطر عليها نسورنا ولا من شط العرب الذي انفردوا بتدمير الجسور التي اقيمت عليه بمعونة كورية شمالية، وصنعوا بدلا عنها مظلة نيران شبه دائمة على الشط لم تمنع عبور الامدادت عن الايرانيين فقط بل اضحت صالية لكل من يقترب من شواطئه المحذية للاراضي العربستانية المحتلة عدا عن مطاردة نسورنا لجميع قوات الاسناد الايرانية التي اقتربت من شبه جزيرة الفاو قادمة من معسكرات في الداخل الايراني مما ادى الى انهيار القوات الخمينية بالكامل ،على الرغم من الفرصة التي اتيحت لها عندما استخدمت امتدادت حوزات المياه المتفرعة من شط العرب في المنطقة المقابلة لشبه جزيرة عبادان في عرقلة تقدم قوات الفيلق السابع الساندة الى هدفها عند الجسور التي كان مخططا ان تدمر ودمرت فعلا وكان موقعها عند بداية مثلث مدينة الفاو لتلتفي سرايا الحرس الجمهوري التي تكون قد انهت تطهير كامل اراضي شبه الجزيرة المحتل بوقت قياسي مكنهم من التوجه الى اسناد قوات الفيلق السابع بعملية سريعة وبفعل قتالي جسور استطاع ان يحقق حصارا للقوات الايرانية التي اوجدت جسورا ترابية تتخللها حوزات مائية شكلت عائقا امام القوات الساندة للحرس الذين اتموا مهامهم بفرض السيطرة على اغلب مناطق الفاو وبدلا من التمتع بالراحة استجابوا لنداء قائدهم بالتوجه لنصرة قوات الاسناد وبالتالي البدء بمحاصرة الجيب الايراني الذي كان مدرعا ودارت معركة ضارية مع تلك القوة وجدت نفسها محاصرة بمصيدة بنيران يصوبها مقاتلون عراقيون اشاوس انتهت بمزبلة تتناثر فيها اوصال الدروع باجزاء صغيرة من سرف الدبابات الايرانية المحترقة ولم تعرف معالمها لانها اصبحت اكواما من الحديد !!
ليحسم المقاتلون العراقيون معركة تحرير الفاو بفرض الهزيمة على القوات الايرانية المحتلة ويضعوها امام احد خيارين لا ثالث بينهما اما الاستسلام بالهروب عبر الشط غير الامن الذي تتقاذفه صولات المقاتلات العراقية او الاستسلام باللجوء الى الاسر على يد القوات العراقية او المكوث في المثلث الذي لم يعد محتلا وهذا يعني سوق الايرانيين لموت محقق.
مما اضطر خميني الى القبول بقرار الامم المتحدة بوقف اطلاق النار بعد ان ظل رافضا الاستجابة لرغبة العراق بالجنوح الى السلم وحل المشاكل بين البلدين الجارين بالحوار .
وجاء ذلك في رسالة مبكرا وجهها الى شعبنا مباشرة وللشعوب الايرانية ونظامهم القائد الراحل صدام حسين، القائد العام للقوات المسلحة في 28 ايلول 1980 اي بعد ستة ايام من تصدي العراق لنيران العدوان الايراني المنطلقة باتجاه المدن العراقية واسكتها جنده الابطال ، يعلن فيها استعداد العراق لوقف اطلاق النار والانسحاب من الاراضي الايرانية بعد ان تم تدمير البؤر التي شكلت مصادرانطلق منها قصف المدن العراقية من البلد الجار شرط توقف النظام الايراني عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق.
ولكن الدعوة لم تلق استجابة من خميني ظنا ان عدوانيته كفيلة بتحقيق ما رسم من اهداف دفعه لها عمام ما عرفوا يوما بمحبة الشعوب ،غير ان الايام اثبتت ان رهانه لم يكن سليما فمن لم يتق الله ولم يرحم اهله من الصغار الى الكبار فكيف له ان يرحم جيرانه على الرغم من انهم احسنوا وفادته ولذلك جاءت نهايته متوافقة مع ما توقع ، وهذاما توقعه هو عندما اعترف بانه تجرع السم وهو يقبل بالقرار الاممي القاضي بوقف اطلاق النار مع العراق حيث توفي يرحمه الله بعد وقت قليل من توقف العمليات الحربية بين البلدين ، ومع الاسف الشديد لم ينصح من تبعه لتفادي الوقوع في شرك السم كما اضطر خميني السقوط في فخه اختيارا
لقد اكدت ثورة الحزب ان اقتدار العراق اقتدار للعرب جميعهم وان هذا الاقتدار يجعل العراق عصيا على الاستعماريين والصهايتة ، واستمر خلال اكثر من عقد من الزمن باذلا من الجهد الوطني الناضح ، بما مكنه من ان يحقق اطلالة عراقية على الحداثة ولمواطنيه تحقيق طفرة لاكتساب التطور العلمي الذي شهده العالم في جميع مجالات الحياة على تنوعها.
وما شمله المخطط العدواني الاميركي – الصهيوني – الفارسي من حقد دفين على الانسان العراقي ترجمه العدوانيون الى شن حروب تصفية بدات مع خطوة العدوان التدميري الاولى عام2003 وظل نزيف الدم العراقي مستمرا حتى الان كما اشار الى ذلك القائد المناضل عزة ابراهيم مشيدا بحجم التضحيات التي قدمها اهلنا العراقيون وهم يذودون عن الارض والعرض والمقدسات وقد تجاوز عدد ضحاياهم المليون شهيد اضافة الى الاف الجرحى موجها تحية اكبار للشهداء من اهلنا العراقيين وللمناضلين البعثيين الشهداء الذين امتزجت دماؤهم بنجيع من نذروا انفسهم للدفاع عن شعبهم وزاد عدد من استشهدوا في الاسر العراقي على 150الف مناضل بعثي وبينهم من تعرضوا للتعذيب والاساءة وخصوصا قادة الحزب وكادره المتقدم ليؤكدوا الترابط الملحمي الذي بين المناضل البعثي وابناء شعبة ويصل الى درجة التضحية بالروح والدم دفاعا عن الشعب والوطن ، وهي من سمات المناضل البعثي الثابتة .
# ويقتضينا الواجب الوطني ان نحدث اهلنا عن الجهد الصامت التي استغرق عاما او اكثر وتضمن اداء واجب تجفيف الممالح بتصريف مياهها في القناة الملاحية العراقية الرابطة لمينائي الزبير وام قصر بخور عبدالله ومن ثم دفنها بالحجر وتسويتها ونهض بهذا الجهد المدني الفني والعملي عمال عراقيون بدعم من العمالة العربية ولو بشكل محدود الى جانب جهد هندسي مدني – عسكري مثل قمة التواصل الوطني والقومي في مواجهة الخمينية الصفوية والاسهامة الموحدة في ردعها ولكن كان بجهد مدني ناضح وسلمي ، فعم ما فعله هؤلاء الرجال ليمهدوا الطريق لنهوض مقاتلينا في خوض معركة ردع العدوانيين الايرانيين عن الاستمرار في غيهم الاحتلالي اللئيم وتتويجه بتحرير الفاو .
فقد اتيحت لي فرصة التواجد في القاطع الجنوبي بصفتي مسؤولا عن البعثة الصحفية لجريدة الثورة ان اتابع هذا الجهد المدني الكبير واستمر وقتا ليس قصيرا ، ولكنه ادى الى انجاز هدف عسكري ستراتيجي مهد الطريق امام مقاتلي الحرس الجمهوري وهم ينقضون على القواعد الدفاعية التي اقامها المحتلون في محاذاة منطقة مليئة بالاوحال وامتدادات الممالح والتي لا تصلح ان تكون طرقا منسابة امام المشاة الراجلة فكيف والمطلوب ان تكون مفتوحة منسابة امام دروعهم ووحدات المدفعية التي تحتاج لارض منفرجة تؤمن انفتاحها وتنقلها السريع على وفق تطورات المعركة وغيرها من الاسلحة المكلفة بمهمات تحرير شبه جزيرة الفاو بمدينة حنائها.
ولم يكن هذا الجهد المدني بعيدا عن المخاطر فكلما انجزت مسافة من الطريق اقتربت مجاميع العمال ومهندسيهم من منطقة الخطر فقد غيروا طبيعة الارض خدمة للجهد القتالي المصمم لانجاح اقتراب المقاتلين من منطقة دهم مواقع العدو ومفاجاته بقفزة البداية على دفاعاته بيسر وبسرعة ، التي اسهم الجهد الوطني في توفير مستلزاتها بداب استمر وقتا طويلا ولكن استخدامها لم يستغرق وقتا طويلا ،لانها ما كانت الا معبرا مهما الى هدف التحرير .
كثيرة هي محاور خطاب القائد عزة ابراهيم ولاهميتها سنتاول الحديث عنها في حلقة تالية من وقفات فإلى اللقاء..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق