وجهات نظر
قيس النوري
نادرا ما يخلو خطاب لحاكم عربي ملكا كان أو رئيسا من عبارات تؤكد انتماء بلده لأمة العرب، ويزيد بعضهم أنه وشعبه وبلده جزء من هذه الأمة يتشارك معها همومها وقضاياها ومصيرها.. إلى هنا والأمر يبدو طبيعيا أن يفخر العربي، حاكما أو مواطنا، بانتسابه لأمة محمد، لكن الأمر بالنسبة للحكام ينتهي حال انتهاء خطابه، لينصرف في الغالب لشؤونه وعائلته مغادرا تماما هموم وقضايا أمة محمد التي تفاخر للتو بالانتماء لها، رغم أن هذه الأمة قد تكالبت عليها الدنيا ذبحا واستباحة للمال والعرض والأرض..
نحن نفهم لماذا يتجاهل الغرب الاستعماري وذيوله مأساة وعظم الجريمة التي ترتكب بحق شعب العراق، فهم من صنعها ورسم فصولها، لكن يصعب الفهم لماذا السكوت والتجاهل من أصحاب الجلالة والفخامة والسمو على ما يحصل من جريمة مستمرة في العراق، فاقت في بشاعتها وغيها كل ما سطره التاريخ من صفحات سوداء تعرضت لها شعوب الأرض؟
لا نستطيع أن نسطر ما يحصل في العراق من فصول الجريمة تفصيلا في مقال سريع، لكن يكفي أن نؤشر بعض مما حصل على مدى عقد واحد مضى بمؤشرات تبين جزء من هول هذه الجريمة:
- هناك خمسة ملايين يتيم عراقي جراء القتل المنظم .
- أكثر من مليون ونصف أرملة، قتل زوجها ظلما .
- ستة ملايين مهجر في الغربة والداخل .
- وعلى صعيد نهب ثرواته، فقد دخل العراق من عائدات نفطه منذ عام 2003 ما قارب التريليون دولار وما زال العراقي يبحث عن زاده في المزابل.
- العراق بلد عربي، وكان مستودع الرجال في الفتوحات الإسلامية ، لكن 75% من سفرائه الآن من جنسيات أجنبية .
- تمعن في قتل كوادره العلمية ونخبته العربية، عصابات تأتمر بتوجيهات الولي السفيه القابع في طهران .
- يتولى المناصب القيادية فيه لصوص وأميين وشذاذ آفاق لا هم لهم غير مطاردة شرفاء العراق وأصلائه ، قتلا وتهجيرا للأإجهاز على عروبة رمح الله في الأرض ..
هذا ليس كل شيء فالجريمة أعمق وأبشع .
بعد كل هذا، يسأل أبناء العراق، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أين أنتم مما يحصل في العراق؟ أليس السكوت مشاركة بمعنى من المعاني بالجريمة المغولة في جسد العراق؟ ثم ما معنى إشاراتكم لانتمائكم لأمة العرب دون أن تشاركوا هذه الأمة حتى ولو بكلمة تعاطف، وهي الحد الأدنى المطلوب لمصاب العراق؟ هل تعتقدون أن النار الحاقدة سوف لن تصلكم يوما ويتعرض ملككم وشعبكم وأرضكم لما يتعرض له العراق؟ النار تبدأ بشرارة ، ثم لهيب ، ثم تسري في الجسد ، وأنتم تقولون أن الجسد واحد ، على الأقل هذا ما تسطروه في خطاباتكم ..!
الصمت والحياد وقت المحنة خيانة ، وعدوكم يعول على هذا التخلي بانتظار أن يكمل الأجهاز على شرفكم في العراق، ولن ينفع أحدكم وهما أن أبوابه منيعة، فالأبواب والنوافذ مشرعة دون حصنكم وسيفكم، العراق الأبي، ذلك العراق، إن كنتم تتذكرون، ما بخل يوما بدماء شبابه ورجاله دفاعا عن أمته ..
المسؤولية القومية ليست واجبا فقط، إنما هي فرض من فروض الانتماء، فرضا يتساوى مع فروض الإيمان الأخرى بالله، والذي يتخلى عن الفروض فأنه قد تخلى عن الجليل سبحانه..
لا تدعوا رمح الله في الأرض ينكسر، وأن حصل بفعل تخليكم فإن بعده الطوفان ليكون سيدكم فيه وولي أمركم كسرى العصر، دجالا يتلحف عباءة وعمامة ما كان لمؤمن أن ينخدع في ظلالها..
ممن خشيتكم والخوف؟ من أميركا؟ إنها الآن أضعف مما تتصورون ، إنها في الداخل عاجزة عن إنقاذ ولاية الصناعة فيها (ديترويت) من إفلاس مخجل، ويهرب موظفو الأمن فيها ليفضحوا سوء فعلها حتى تجاه حلفائها، وتغلق في يوم واحد 21 سفارة لها إثر إشارة ، مجرد إشارة من إرهابي هارب ، وترحِّل على عجل دبلوماسييها هلعا من تلك الإشارة .. أية دولة عظمى هذه التي يخشاها الحكام العرب؟ عملاق الطين هذا حطَّم رجال المقاومة في العراق أرجله، إنه يحبو متوسلا، فلا تجزعوا منه، ألم ترون كيف أن أميركا تتوسل (حسن الصباح) العصر، رغم أن الأخير لا يساوي في السوق كعب نعل!
قراركم الذي يكمل فروضكم، حسم الأمر بنصرة العراق ومقاومته البطلة، فاللحظة حاسمة ولا تدعوا الناس تجاهر بالقول:
اللهم إشهد أن أولياء الأمر قد غلبهم صمت القبور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق