في هذه الحلقة الجديدة من سلسلة قراءات العميد الركن أحمد العباسي، أحد ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة، لكتاب المرتد وفيق السامرائي (طريق الجحيم) نكتشف واحدة من مساعي ذلك الخائن للطعن بصدقية وطنه، العراق، لحساب جارة السوء الشرقية، إيران، في واحدة من أهم وأعقد القضايا الحساسة العالقة، وقتئذ، بين البلدين.
قراءة في كتاب وفيق عبجل طريق الجحيم (2)
شهادة لتاريخ جيش العراق وشعبه
العميد الركن (اس)
احمد العباسي *
قبل أن أبدأ في قرائتي لهذه الحلقة، أودُّ أن أوجه شكري لـ مفخرة الجيش العراقي السيد اللواء الركن محمود شكر شاهين، قائد أرقى معركة دبابات في الحرب العراقية الإيرانية (معركة الخفاجية عام 1981) والتي أجبرت القوات المدرعة الإيرانية على أن لا تشتبك مرة أخرى مع قواتنا المدرعة، والمدير الأسبق للاستخبارات العسكرية العامة، لإدلائه بشهادة تأريخية مُهمة حولَ وفيق عبجل ومُمارساتهِ في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة، وأُحيي فيهِ فطنتهُ الاستخبارية التي شخّصتْ وفيق عبجل منذُ اليوم الأول لاستلامهِ دفة القيادة في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة في اب1983، فقد أدلى اللواء الركن محمود شكر شاهين مدير الاستخبارات العسكرية العامة بشهادة مهمة بعنوان (الرد على افتراءات وفيق السامرائي في كتابي حطام البوابة الشرقية والطريق الى الجحيم)، وقد وضعَ السيد اللواء النقاط على الحروف في قضية عبجل ودناءتهِ وخباثتهِ، حيثُ يعتبر اللواء محمود شكر شاهين أول المُشخّصين لوفيق عبجل منذ العام 1983، وذلك عندما سأله رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة بعد عام من التحاقهِ كمدير للاستخبارات العسكرية عن رأيه بوفيق عبجل أجاب (سيدي انه ضابط متميز بين أقرانه من الضباط ولا يخلو من ذكاء ولكنه يُسخّرْ هذا الذكاء لتحقيق مآربه الشخصية ولو تقاطعت مصلحة العراق بأكملها مع مصالحهِ الشخصية لحرق العراق من شماله إلى جنوبه لكي يرتفع سنتمترا واحدا من منصبه).
إن عدم اهتمام الرئيس بكلام اللواء محمود شكر شاهين وعدم تعليقهِ على رأيه بوفيق حينها كان بسبب التشويش الذي حصلَ للرئيس بفضل الخائن الآخر حسين كامل الذي كان يَطّلعْ على عمل المديرية ومتابعة ضباطها من خلال وفيق عبجل، فبقي الرئيس في حيرة من أمره (!!!) بين رأي اللواء محمود شكر شاهين مدير الاستخبارات العسكرية بوفيق وبين ما وصلهُ من تقارير رفعها وفيق من خلال حسين كامل، الطارئ على الجيش العراقي، والذي كان يحظى بثقة الرئيس المطلقة في ذلك الوقت، والتي كانت (تلك التقارير السرية) تشكك بقدرات اللواء محمود شكر شاهين زورا وبهتانا كما اعتاد وفيق أن يُلفق، ولهذا لم يتخذ الرئيس أي إجراء بناءً على رأي مدير الاستخبارات (!!!) فما دام هناك كـــــلــ... عـــــقور ينفذ ما يــُـطلبُهُ منهُ أشباه الرجال دون تردّد ويرفع تقارير أمنية عن مديرهِ وضباط مديريتهِ (مُتبرِعاً لا مُكلفاً) من خلال شخص طارئ على الجيش يحظى بثقة مطلقة، وفي تلك الظروف التي تستوجب الحيطة والحذر والاهتمام بأية معلومة مهما كان حجمها بحق القادة (!!!) ومثالنا على ذلك التقرير الذي رفعه وفيق عبجل بحق الفريق أول الركن عبد الجواد ذنون مدير الاستخبارات العسكرية والذي ادعى فيه وفيق ان (الفريق عبد الجواد يسعى لتنسيب ضباط الموصل في المفاصل المهمة في الاستخبارات كالأمن وشعبة إيران وانه يتآمر على النظام مع السوريين) ولثقة الرئيس، رحمه الله، الكبيرة بقادته وضباطه فلم يكن يتخذ أجراء صارم بناءً على تلك التقارير التي كان يرفعها وفيق، وكان يكتفي من باب الاحتراز والتحسب والهاجس الأمني المعروف عند الرئيس، رحمه الله، بإجراءات احترازية مطلوبة في تلك الظروف الصعبة بتغيير مواقع ومناصب القادة والضباط تحسبا لهذا الأمر.
كما كشف اللواء الركن محمود شكر شاهين في ردهِ على وفيق عن الأسباب التي جعلت وفيق يقطف ثمار تدفق المعلومات الاستخبارية المهمة عن قواطع العمليات والتي يعرف صدقها كل من عمل في معاونية إيران وهي كسر الشفرة الإيرانية، والتي كانت تعطي كل المعلومات التفصيلية عن بدء الهجوم وساعتهِ والتي كانت تتدفق إلى يد وفيق عبجل بحكم صفتهِ الوظيفية، كمدير لشعبة إيران، فاستثمرها بكتابة تقارير الاستخبارات التي نسبها لنفسه من غير الإشارة إلى مصدر المعلومات (الشفرة الإيرانية) بسبب إجراءات الأمن المتخذة بصدد هذا الموضوع والتي كان يجب عدم توسيع دائرة العارفين بتفاصيلها حتى لا يكتشفها العدو الإيراني، حيث بَرَزَ وفيق بصورة الضابط الكُفء حتى في نظر بعض ضباط الجيش غير المطلعين على هذا الانجاز الذي كان بفضل الفنيين من ضابط الاستخبارات الشجعان وعلى رأسهم الشهيد العقيد الركن محمد سمير معاون مدير الاستخبارات للشؤون الفنية، فاستغل وفيق هذا الانجاز واكتسب سمعة فنية بفضل انجازات غيرهِ، كعادتهِ.
ونعود إلى فقرات كتاب طريق الجحيم الذي كتبه الكويتيين وتابعوهُ ونشروهُ في مطابع دار القبس الكويتية وباعتراف وفيق في مقدمة كتابه هذا ووضع اسم وفيق عليه كمدير للاستخبارات العراقية(!)
في الصفحة (27) وتحت عنوان مراقبة الأجهزة... يقول وفيق:
((في ربيع عام 1986 وبعد سقوط الفاو عقد اجتماع تحليلي مطول للقيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق لدراسة الموقف، وقد بينت وجهة نظري بوصفي الضابط الأقدم المختص بالشؤون الإيرانية عن ...... أداء الاستخبارات ...... وأردت أن ألقي باللائمة على مدير الاستخبارات آنذاك وكيف كان من المفروض به التعامل مع الحقائق.. فأخذ صدام تعقيبا مطولا وقد أمتلأ داخله غضبا على المدير....))
التعليق
من المعروف أن الشخص الذي تعود الكذب ينسى ما قال قبل فترة عن أي موضوع عندما يسأل عنه، وهذه إحدى طُرق كشف الكذب أثناء التحقيقات التي من المفترض أن يكون وفيق من أعلم الناس بها !!! فقد تحدث وفيق هنا بحديث مُغاير للذي تحدث به عن هذا الاجتماع في كتاب التلفيق الأول حطام البوابة الشرقية !!!
ففي كتاب حطام البوابة الشرقية تحدث وفيق عن هذا الاجتماع في الصفحات(96,97,98) قائلا
((وعقد في مطلع مارس 1986 اجتماع موسع للقيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق وبعض أعضاء المكتب العسكري برئاسة صدام , وكنت أنا الضابط الأقل رتبة (عقيد ركن) وعمرا ومنصبا الذي حضر الاجتماع لدراسة الموقف في الفاو, فبدأ المترددون كعادتهم يتلعثمون في ذكر الحقيقة فيما انطلق المزايدون ومنهم اللواء عبد الرحمن الدوري ــــــــــــــــــ انطلق بالخطاب الحماسي والمطالبة بمواصلة الهجمات المقابلة حتى طرد القوات الإيرانية من الفاو ـــــــــــــــــــــــ وجاء دوري بالحديث في المرحلة الثانية من الاجتماع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ولعلها من المرات النادرة التي يشاهد صدام فيها من يتحدث أمام الجميع بصراحة مطلقه فترك موقع جلوسه واتى ليقف بمقربة مني ثم يبتعد عدة خطوات ويعود ليقترب مني ــــــــــــــــــــــــــ بينت له أدلة وقرائن على إن قواتنا المسلحة ليست مدربة على الاستخدام الصحيح للأسلحة ـــــــــــــــــــــــــــــــ (هذه ليست معيبة في ظروف تلك الحرب والتوسع السريع بالقوات) كما إن مدفعيتنا لا تعول كثيرا على الرمي المرصود ــــــــــــــــ وخلصت إلى القول إن القوات الإيرانية قد تعبت هي الأخرى, وستضطر للوقوف لإعادة التنظيم وتوثيق الدفاع والانتقال لشن عمليات تعرضية في قواطع أخرى, على أمل تهيئة ظروف مناسبة أو محاولة تحقيق مباغته أخرى في العودة إلى القاطع, لكننا سنعمل على حرمان إيران من تحقيق المباغتة, وبعد إن فرغت من الحديث الذي جاء معاكسا تماما لما طالب به اللواء عبد الرحمن الدوري .. ختم صدام الاجتماع بقوله ... (لقد سمعتم ما قاله العقيد وفيق وهو شاب جريء) ولكن عليكم إن تعدوا العدو لظروف عمل ربما يكون من الصعب التعويل فيها على الاستخبارات وحدها وان من المنطقي إن نوقف هجماتنا المقابلة وننصرف للدفاع وإعادة التنظيم)).
هنا ينتهي ما كتبه وفيق في كتابه الأول عن ذات الاجتماع.
أما في هذا الكتاب (طريق الجحيم)، فان وفيق ذكر ذات الاجتماع ولكنه تحدث عما اعتبرهُ تقصير مدير الاستخبارات السابق اللواء الركن محمود شكر شاهين في عدم اكتشافهِ لهجوم الإيرانيين في الفاو!!! والذي تحدثنا عنه وعن ملابساتهِ في الحلقات السابقة، بعد أن رفع وفيق تقريراً سرياً إلى الرئيس ادعى فيه أن اللواء محمود شكر شاهين هو المقصر في عدم إحاطة المراجع العليا بالمعلومات المتوفرة لدى الاستخبارات عن نوايا العدو بالهجوم على الفاو، والواردة من خلال تقارير جهاز المخابرات ومديرية الأمن العامة! واقترح وفيق أن يكرم مدير الأمن العامة علي حسن المجيد ومدير جهاز المخابرات فاضل البراك!!! لتزويدهم الاستخبارات بتقارير تثبت نية الإيرانيين بالهجوم على الفاو تملقا وتزلفا منه للأخيرين، وهذا ما اعترض عليه مدير الاستخبارات العسكرية حينها الفريق صابر الدوري، بعد دراسة المعلومات التي أثبتت عدم تقصير اللواء الركن محمود شكر شاهين وثبَّت رأيه الصريح على أصل الدراسة وقد أيدها الرئيس حينها بالقول (مع رأي مدير الاستخبارات).
وفي الصفحة 42 وتحت عنوان العمل صباحا تحدث وفيق وهو يصف عادات الرئيس
((النهوض مبكرا منذ الفجر.................. وفي المعارك المهمة يحرص صدام على الحصول على المعلومات عن سير العمليات القتالية ويكرر اتصالاته الليلة بين فترة وأخرى فقد أحصيت له في إحدى ليالي الحصاد الأكبر (وهو الهجوم الإيراني الواسع على شرق البصرة في كانون الثاني/ يناير 1987) ست اتصالات هاتفية معي مباشرة (وكنت وقتها معاونا لمدير الاستخبارات العسكرية العامة للشؤون الإيرانية، وهو على ما يبدو – وفق ما قاله حسين كامل واللواء عبد حميد سكرتيره الحالي سريع النوم سريع اليقظة)).
التعليق:
يصف وفيق في هذا الكتاب الكثير من عادات ويوميات الرئيس الشخصية وخططهِ الأمنية أيضا، كشخص مطلع وكأي فرد من دائرة الحماية المُحيطة بالرئيس، وقد تكون هذه المعلومات التي ذكرها وفيق صحيحة لعلاقتهِ بأفراد حماية الرئيس الذي تعوّد الجلوس معهم والذهاب إليهم في أوقات الإجازة لتملقهم وللتقرب منهم، وقد ذكر اللواء الركن محمود شكر شاهين مدير الاستخبارات العسكرية العامة أن وفيق (على استعاد لحرق العراق إذا تقاطعت مصلحة العراق مع مصالحة الشخصية).
وبطريقتهِ المعروفة باللف والدوران التي يُغيّر فيها مجرى أحاديثهُ لإيصال غرض ما فقد قام بربط عادات الرئيس بحادثة تدل على أهميتهِ المعدومة أصلا لينحرف بالقول [إن الرئيس (اتصل به) في معارك الحصاد الأكبر لستة مرات !!]
وأؤكد مرة أخرى، ويعرف ذلك كل ضباط وقيادات الاستخبارات العسكرية، إن الشخص الوحيد الذي يتصل به القائد العام للقوات المسلحة وأعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق مباشرة من مديرية الإستخبارات هو مدير الاستخبارات العسكرية العامة حصراً، ولا يتصل احد منهم بأي ضابط مهما كانت درجتهُ ورتبتهُ إطلاقاً كونهم (سادة العارفين بالسياقات والضبط العسكري) ولا يتخطون مرجع ومدير أي ضابط ويتصلون به مباشرة، باستثناء حسين كامل الذي كان يتصل بوفيق مباشرة لمآربهما الخاصة.
وأؤكد أيضا أن لا وجود لخط هاتفي خاص في مديرية الاستخبارات العسكرية العامة إطلاقا لا في شعبة إيران سابقا ولا معاونية إيران بعد استحداثها وربط شعبة الشمال بها في العام 1987 سوى خط واحد (وهو الخط الخاص) الذي يتصل عليه القائد العام مباشرة بمدير الاستخبارات العسكرية العامة.
فلماذا يتصل الرئيس شخصياً بمعاون المدير بينما المدير العام متواجد مع الرئيس في هكذا معارك ويشرفون سوية من خلال مقر القيادة المتقدم في قواطع العمليات؟
ان وفيق في كتبه الملفقة يحاول أن يضع نفسهُ بموضع القادة أعضاء القيادة العامة وبمستواهم وهو برتبة رائد ركن فكيف بعد إن أصبح معاوناً لمدير الاستخبارات؟! هو لم يصدق نفسه بالتأكيد !!! لان أحلامه بدأت تتحقق حينها، ولكن تلك الاحلام لم تتحقق كلها لأسباب سنذكرها لاحقا وأدت إلى طرده من الاستخبارات والقوات المسلحة.
وفي الصفحة (48) وتحت عنوان دخول التاريخ يقول وفيق:
((في منتصف آذار 1991 زار صدام كعادته مقر الاستخبارات وقد صادف في ذلك اليوم (الجمعة) وقوع حادث لأحد ضباط الاستخبارات الأقدمين إثناء مروره في منطقة الاعظمية وأصيبَ بساقهِ برصاصة، وبعد أن اطلع صدام على تفاصيل الحادث ... أبتدأ الحديث عن الحرب مركزا على المجد الذي تحقق وتفسيرهُ ورؤيتهُ لما حصل بقوله:
كان العراق في العهد العباسي القائد والموجه والأكبر دولة في العام آنذاك وكما يصطلح عليها الان الدولة الأعظم .. وقاد العباسيون الدولة واثروا في العالم لمئات السنين.......... في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية حصلت حروب مختلفة ... الحرب الكورية – الحرب الهندية الباكستانية – الحرب العربية الاسرائلية – الغزو التركي لقبرص – حرب فيتنام وجاءت حربنا الأولى مع إيران ولم تنته بعد حربنا الثانية .................... أما حروبنا فلها طعم خاص لم يكن الصراع العرابي الإيراني وليد العصر الإسلامي بل كونت الدولة العربية الإسلامية ردا شاملا على كل أراضها ومن المعارك التاريخية كانت القادسية التي قادها سعد أبي وقاص . وبتفكك الدولة العباسية بدأت أسباب القوة تعود لإيران فكان لابد من إركاعها بصفعة جديدة فكانت قادسيتكم................................... ستبقى في ضمير العالم الإسلامي شعله الحرب لان لها طعما خاصا في مجابهة الدجل وسيذكر التاريخ أنها حصلت في الحقبة الفلانية التي هي حقبتكم .................... كان رفاقي في القيادة السياسية (بعد أن بدأت الحرب) يتوقعون ضربة نووية قلت لهم ياليت كي تزداد صورة العراق مجدا وعظمة، خلال الحديث الذي زاد على ساعتين متواصلتين كان هناك إطلاق نار شبه قريب ............)).
التعليق
مرة أخرى أقول وأؤكد، ويعلم كل ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية، بأن الرئيس صدام حسين، رحمه الله، لم يقم بزيارة واحدة لمديرية الاستخبارات العسكرية في الكاظمية مُطلقاً طيلة الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها من سنين، ولم اسمع انه دخل للمديرية قبل دخولي للاستخبارات وعملي فيها لمدة 15 عاماً أو بعدها، وهذه حقيقة يعرفها جميع ضباط الاستخبارات العسكرية !!! إلا أن وفيق يريدُ أن يُضيف البهارات والملح على حديثهِ الماسخ !!! فزادهُ ملوحة لا تطاق فكشف كذبه – وأن كل ما قاله وفيق هو من نسيج خياله المتهرئ وما أملاه عليه أسياده الكويتيون.
وبالعودة إلى حديث وفيق عن هذه الزيارة المزعومة في كتابه (حطام البوابة الشرقية) فأنه نَسَبَ للرئيس كلاماً غير هذا تماما !!!... أما أدعاءهُ بإصابة أحد ضباط الاستخبارات برصاصة في ساقهِ أثناء مرورهِ في منطقة الاعظمية فهذا من نسيج خيالهِ أيضا إذ لا يعقل أن يُصابَ أحد الضباط الأقدمين ولا يعلم بهذهِ الحادثة ضباط المديرية سوى وفيق !!
أتمنى على القارئ الكريم أن يقرأ ما قاله وفيق في الصفحات (278،279،280) من كتاب حطام البوابة الشرقية ليطلع على كذبه.
في الصفحة 53 وتحت عنوان نوايا صدام يقول وفيق :
((مئات الاجتماعات واللقاءات مع الطاغية أمنت استكشافا مناسبا لطبيعة وإبعاد نواياه وحقيقة مواقفه .. ففي كل مرة كنا نلتقي وفدا من استخبارات – مخابرات عربية أكان في بغداد أم في بلدانهم لابد لنا وفقا لسياقات الأمن المعتادة من تزويد رئاسة الجمهورية بتقارير مفصلة عن تلك اللقاءات ويكاد كل مره يعود صدام ليذكرنا بروح تنم عن مداخل قطرية صرفة بعيدة عن المنطلقات القومية .................... فكان يقول لنا في أكثر من لقاء "تذكروا أن مفهوم الوحدة العربية على أساس شعب واحد وجيش واحد وعلم واحد ووطن واحد لم يعد له وجود وليس منطقيا التفكير به, وإذا تمكنا من إجراء نوع معين ومرحلي من التضامن فسيكون خطوة مناسبة، هو بالطبع عندما يقول هذا فليس لاعتبارات تثقيفية.................))
التعليق:
هنا أيضا يطلق وفيق العنان لمخيلتهِ المريضة وأمنياتهِ بلقاء الرئيس بالقول: انه التقى الرئيس لمئات المرات!!! والذي لم يحصل مُطلقاً إلا مرة واحدة عندما استُدعينا نحن ضباط ركن الاستخبارات بتاريخ 10-1-1991 للقاء الرئيس بعد أن كتب وفيق تقريرهُ الدنيء عن اللواء الركن الشهيد سنان عبدالجبار أبو كلل يتهمهُ فيه بعدم الجدية بتزويد القيادة بمعلومات كافية عن الحلفاء وقصور الاستخبارات في مجال المعلومات عن دول الخليج العربي مما أدى إلى إعفاء اللواء الشهيد أبو كلل من منصبهِ كمعاون أول لمدير الاستخبارات لشؤون الاستخبارات كافة وتعيين وفيق عبجل بمنصب المعاون الأول بدلاً عنه بعد دمج معاونية إيران معها!!! والذي قال وفيق في هذا الاجتماع مقولتهُ الشهيرة للرئيس أمام مجموعة من ضباط ركن الاستخبارات:
(سيدي نحن جنودك وسنموت تحت حذائك).
ولكن كعادتهِ في الكذب والتزوير بدفع من أسيادهِ الكويتيين، ينسب على لسان الرئيس، بزعم لقاءاتهِ المتكررة معهُ والخيالية، ما لم يقلهُ الرئيس وما لم يحصل أصلاً !!! فكيف حصلت لقاءات لوفيق مع الرئيس ولمئات المرات كما يدعي وهو لم يعمل كمدير للاستخبارات سوى 35 يوما فقط ؟!
حتى إن كان وفيق التقى بالرئيس خلال الـ 35 يوماً التي اصبح فيها مديراً للاستخبارات بالوكالة لمرتين يومياً، (وهذا غير ممكن طبعا) فستكون النتيجة 70 لقاءً من نسج خيالهِ المريض!!! وجميع ضابط الجيش العراقي ومن ضمنهم معاونو مدير الاستخبارات العسكرية يعلمون أن من يلتقي بالرئيس ويحضر الاجتماعات العليا هو مدير الاستخبارات العسكرية العامة حصراً بوصفه عضوا للقيادة العامة للقوات المسلحة والمسؤول عن كل نجاحات وإخفاقات الاستخبارات أمام القيادة وليس أي ضابط يعمل تحت إمرته.
وقد أكد اللواء الركن محمود شكر شاهين مدير الاستخبارات العسكرية العامة وعضو القيادة العامة للقوات المسلحة للفترة من 1983-1986 في رده على افتراءات وفيق في كتابيه من انه (يتحدى وفيق إن ذكر حادثة واحدة حضر فيها وفيق إلى قاعة اجتماع القيادة العامة وطلب منه الإجابة على بعض الأمور خلال فترة تولي اللواء الركن محمود شكر شاهين إدارة الاستخبارات والتي عمل فيها وفيق تحت إمرته كمدير لشعبة إيران للفترة من 1983- 1986).
وهذا اكبر دليل على كذب ودجل وفيق الذي تابعنا كتابهُ الأول والذي تحدث فيه عن لقاءاتهِ وحضورهِ اجتماعات للقيادة ومناقشتهِ لأعضاء القيادة واعتراضهِ على بعضٍ منهم في الفترة التي ذكرها اللواء محمود شكر شاهين.
فهل نُصدّق القادة الوطنيين الشجعان الذين لم يبيعوا وطنهم للإيرانيين والبريطانيين والأمريكيين ومن ثم الكويتيين !!!!! أم نصدق عميل المحتل ومستشار أدلاء الخيانة؟!
قلناها سابقا إن شهادة العملاء والخونة كشهادة ((المطيرجي) غير مقبولة أمام القضاء.
إن ما نسبهُ وفيق عبجل للرئيس من أقوال عن عدم إيمانهِ بالوحدة العربية من المؤكد أن جهات استخبارية يعمل وفيق لحسابها، ومن ضمنهم الكويتيين، قد أملت عليهِ ما كتبْ، حيثُ انه يدعي عدم إيمان الرئيس صدام حسين بالوحدة العربية وأنه يتحدث بمنطلقات قطرية صرفة!! فكيف يعقل هذا وهو الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ولم يغير موقفهُ المُنادي بوحدة العرب والقومية حتى لحظة إعدامهِ ولم يفعل كما تفعل الأفاعي التي تبدِّل جلودها !!! أو كما تفعل الحرباء أمثال عملاء الكويت! بتغيير مواقفهم في كل ظرف ومكان، ومن الذين باعوا أوطانهم وقادتهم مقابل جنسية بريطانية وسيارة وشقة في لندن!!
في الصفحة 54 تحت عنوان التعامل مع أعضاء القيادة يقول وفيق
(( ........ ولأعضاء القيادة الحق في ممارسة ضبط النفس لأنهم لا يريدون أن يكونوا ضحية مثلما أصبح عضو القيادة القطرية وعضو مجلس قيادة الثورة محمد حمزة الزبيدي عندما سبق صدام في تناول الشاي فقطع صدام الاجتماع ليبدأ بإلقاء محاضرة في الآداب العامة وآداب المائدة ........ إلا أن الحادثة لم تطفح على وجه الزبيدي الذي أصبح لاحقا رئيسا لوزراء جمهورية العراق تكريما له على إبادة مجموعات من أبناء جلدته (ومذهبه أيضا) في محافظة ذي قار)).
التعليق:
يبدو أن وفيق عبجل مدير شعبة إيران هذهِ المرة أصبح عضواً في قيادة قطر العراق ومجلس قيادة الثورة، إضافة إلى واجباته تجاه إيران !! فهو يعرف كل ما يدور في تلك الاجتماعات بكل جزئياتها !!! ولم لا فهو يدير مفاصل الاستخبارات جميعها وهو برتبة رائد ركن ؟! فهل يصعب عليه أن يكون عضواً في مجلس قيادة الثورة بعد أن انبطح تحت سراويل من اسماهم هو عملاء إيران؟! و إلا كيف نفسّر معرفتهُ بما يحصل في اجتماعات مجلس قيادة الثورة وقيادة قطر العراق؟!
مسكين هذا الكاتب المدفوع الثمن (وفيق) لأنهُ لم يكن يعلم أن في العراق رجال أحرار لا يسكتون على غبن جيشهم وتشويه سمعته مهما طال الزمن فأطلق لنفسه المريضة العنان لطعن الجميع وباع نفسهُ وضميرهُ لمن يدفع له أكثر.
أن وفيق يتحدث عن المرحوم محمد حمزة الزبيدي ويصفهُ بأنه أباد أبناء جلدته ومذهبه في صفحة الخيانة والغدر!! وكأن ((وفيق)) ملاك مُنزّلْ من السماء لنجدة الشعب المظلوم!! أنني هنا لن أعيد ما اقترحهُ وفيق بإعدام الشيعة والأكراد من سن 15-55 عاما !! ولن أعيد ما فعله بكتابته لكلمة (الوثن) شلّت يداه- على مرقد الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ....
ولكن السؤال هنا: ألم يكتب وفيق ويتهم أبناء جلدتهِ ومذهبهِ ومنطقتهِ في سامراء، واتهمهم بإعداد مؤامرة كبرى لقلب نظام الحكم والتهجم على الرئيس مما أدى إلى اعتقال قدماء البعثيين في مدينة سامراء لمدة سنتين ومنهم احمد طه العزوز وعلي العليان ولم يثبت التحقيق بحقهم أي شيء مما ادعاه وفيق؟؟!! ومن ثم أطلق سراحهم!!؟
(فقد أكد هذا الموضوع الأستاذ (ج) مشكورا مسؤول الأجهزة الأمنية في مكتب سكرتير رئيس الجمهورية في رسالته المنشورة في الحلقة الأولى من تفنيد كتاب طريق الجحيم).
من المؤكد انه التقى بعوائلهم بعد طرده من الاستخبارات أو بعد عودتهِ خائناً لوطنهِ مع المحتل وبنفس طرق الحرباء المتلونة واخبرهم بقصص خيالية عن سبب اعتقالهم حينها وابعد أمر وشايتهِ بهم عن شخصه الخائن!!
الم يكتب وفيق عبجل عن العقيد الركن حسين السامرائي الملحق العسكري العراقي في لندن متهما إياه بأنه على اتصال بفلاح النقيب وانه قد كُسِبَ إلى جانب المعارضة؟ فهل هذه من واجبات مدير شعبة إيران؟! ام ان العقيد حسين السامرائي من غير ابناء جلدته؟!
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثلهُ عارٌ عليكَ، إذا فعلتَ، عظيمُ
لكن عار الخيانة أشدُّ مايلحق بالانسان من صفات ذميمة.
في الصفحة 86 وبضوء حديثهِ عن المشاكل العراقية الإيرانية التي لم تجر تسويتها بعد وقف إطلاق النار وتحت عنوان الدور الايراني في القضية الكردية يقول عبجل:
((مطالبة إيران النظام في بغداد بعدة آلاف من الأسرى الإيرانيين فيما يصر النظام على عدم وجود سوى أسير واحد هو الملازم حسين علي لشكري الذي أسقطت طائرته داخل الأراضي العراقية قبل يوم 22 أيلول سبتمبر 1980 والحقيقة ليست كذلك)).
التعليق :
كان لدى العراق نحو 40 ألف أسير إيراني، بينما الأسرى العراقيين لدى العدو الإيراني كانوا بحدود 60 ألف أسير، و وفيق يعلم هذه الأعداد جيدا لارتباط موضوع الأسرى الإيرانيين والتحقيق معهم بقسم وشعبة إيران، ويعلم أيضا إن الإيرانيين رفضوا تسليم الأسرى العراقيين المحتجزين لديهم إلا بتسليم العراق لنفس عدد الأسرى من كلا الجانبين في كل وجبة، وبسبب تعنّت الإيرانيين في هذا الموضوع، وافق العراق على تبادل الأسرى وبنفس الأعداد في كل وجبه لإثبات حسن النوايا في حسم القضايا العالقة، وعند موعد تسليم الوجبة الأخيرة من الأسرى الإيرانيين المحتجزين في العراق (عدا الملازم حسين علي لشكري كونه يمثل للعراق شهادة كبيرة ويثبت للعالم تاريخ بدء العدوان الإيراني على العراق كون طائرته أسقطت يوم 17-9-1980) وحالما بدأت إجراءات التسليم وعلى خط الحدود الفاصل بين البلدين وبعد أن عبر آخر أسير إيراني خط الحدود أوقف الإيرانيون، الغادرون على مر التاريخ، طوابير الأسرى العراقيين والذين كانوا يتلهفون للعودة إلى الوطن، وأعادوهم بموقفهم المخزي الغادر إلى أقفاص الأسر بحجة أن العراق يمتلك عدة آلاف من الأسرى الإيرانيين ويرفض إطلاق سراحهم!! وهذا الشيء غير صحيح كون أسماء الأسرى لكلا الجانبين مثبتة في قوائم الصليب الأحمر الدولي ويعرف وفيق عبجل هذا الأمر جيدا، إلا أن وفيق هنا يقف مع الإيرانيين (أسياده وأسياد سيده جلال) قلبا وقالبا مُحرضاً إياهم على عدم تسليم الأسرى العراقيين المحتجزين لدى إيران بالقول (يصر النظام على عدم وجود سوى أسير واحد هو ........ والحقيقة ليست كذلك؟!) علما أنه في العام 1998 كانت هناك جهود دبلوماسية لإعادة الأسرى العراقيين، ويبدو أن وفيق، والكويتيين من ورائه، كتبوا أكاذيبهم لتحريض الإيرانيين على عدم تسليم أسرانا وعودتهم إلى الوطن والى ذويهم، بعد أن ذاقوا المر من المعاملة الوحشية لنظام الملالي لهم في أقفاص الأسر، ولهذا فإن وفيق، ومن دفعه من الكويتيين، يتحملون بقاء هؤلاء الأسرى الأبطال في أقفاص الأسر وما عانته عوائلهم جراء الغدر الإيراني وتحريض وفيق لهم في العام 1998.
ويشير وفيق، غامزاً للإيرانيين ومُتملقاً لهم وبنفس طُرقهِ الملتوية، عندما تحدث في الفقرة أعلاه عن الأسير الإيراني الملازم الطيار حسين علي لشكري بالقول (الذي أسقطت طائرته داخل الأراضي العراقية قبل يوم 22 أيلول سبتمبر 1980) ولم يذكر الحقيقة التي يعرفها والتي دوّنها في مطالعتهِ أثناء استنطاقهِ للأسير وهي إن طائرة الأسير الإيراني سقطت وأُسِرَ في يوم 17-9-1980 وهو يعرف أن ذِكر تاريخ أسرْ الطيار يُـثبّتْ العدوان الإيراني على العراق فترك الجملة تقبل كل التأويلات.
(ملاحظة من الناشر: للاطلاع على قصة لشكري، يُرجى الضغط هنا).
يبدو أن اللواء الركن محمود شكر شاهين كان مُحقاً عندما جزمَ بأن وفيق عميل لإيران، فوفيق هنا يُكذّبْ العراق ويُصدّقْ الإيرانيين بادعائهم بأن لدى العراق عدة آلاف من ألأسرى لم يتم تسليمهم، فلا تلوموا وفيق، يا أخوتي ضباط الاستخبارات، فلقد سقط في هاوية الخيانة، والساقط من أمثاله لا لوم عليه عندما يتحدث بأكاذيب.
ختاما اكرر شكري وتقديري لسيدي اللواء الركن محمود شكر شاهين مفخرة القوات المسلحة العراقية، وأوجه دعوة صادقة بهذه المناسبة لكل قادتي أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة وقادة الفيالق والفرق ممن شهدوا حرب الثمان سنوات (قادسية صدام المجيدة) وحرب الكويت أن يدلوا بدلوهم لكشف زيف المنافقين الذين أساؤوا إلى سمعة جيشنا العظيم وقادته.
* أحد ضباط مديرية الاستخبارات العسكرية العامة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق