موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الجمعة، 5 أكتوبر 2012

دور الاحزاب السياسية التاريخي في العراق

فلاح ميرزا
 قصة الأحزاب العراقية من حيث النشوء والأفول متشابهة على اختلاف توجهاتها السياسية وأهدافها المعلنة، ورغم ما أوجدته الأحداث من تغيير كامل وجذريّ في النظام السياسي، وتوسيع لحجم المشاركة الشعبية السياسية، إلا أن العملية الحزبية بقيت تعاني معضلاتها القديمة من حيث العجز والفشل.
منذ العام 2003 وحتى الان ظلّ النشاط الحزبي في العراق محكوما بالظروف القاهرة التي أوجدتها ظروف الاحتلال ، بحيث غابت قضية التنمية السياسية عن البرامج الحزبية، واتسمت هذه المرحلة بنشوء عدد كبير من الأحزاب شارك فيها عدد من أعضاء الأحزاب كوزراء في الحكومات المتعاقبة.


الوضع السياسى فى العراق تاثر بفعل الاحداث التى مرت عليه منذ مئات لسنين وهى نتيجة تراكمات اجتماعية واقتصادية ودينية وهى حالة قد تكون متشابهة مع الاوضاع التى مرت بها دول فى اوربا واسيا  وافريقيا وحتى امريكا وان كانت الاخيرة لاتشبه الاخرين كونها مارست السياسة على اساس عنصرى من خلال الحرب الاهليةبين شمالها وجنوبها وموضوع الهنود الحمر وكذلك الصراعات ا لاخرى فى حين  ان البقية تناولتها بالمسالة الوطنية والدينية ومن ثم القومية ورغم اننا قد  نتناول الموضوع منذ بداية القرن العشرين واحتلال العراق من قبل الانكليز وانهاء علاقته بالحكم العثمانى نشأت على اثرها حركات تدعو للتخلص من الاستعمار البريطانى واعلان الاستقلال الوطنى رغم ان امكانية تاسيس دولة وطنية لم يكن بالشىء السهل لعدم اكتمال مقوماتها واركانها الاسياسية واختلاف وعدم التجانس فى التركيبة السكانية والدينية فهناك اجناس من العرب والاكراد والتركمان والصابئة والمسيحيين عليها ان تتألف فيما بينها لتكون الركيزة الاساسية لبناء الدولة اضافة الى حالة التخلف وضعف الحالة الاقتصادية لذلك برزت بنمو الاوضاع مواقف سياسية  لبعض المثقفين العراقيين فى بلورة بعض الافكار العقائدية نتيجة احتكاكهم ببعض المثقفين القادمين من الخارج وتاثرهم بما حصل فى روسيا وانهاء حكم القياصرة ومجيىء الحزب الشيوعى يعد الحرب العالمية الاولى ونشوء بعض الاحزاب العربية فى مصر وسوريا ذات الرؤى العربية وضد الاستعمار الانكليزى والفرنسى تاثرت بقية الدول بما حملته من  افكار وطنية وقومية استمرت وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية وما تمخض عنها اقامة الدولة العبرية على حساب شعب فلسطين مما الهب شعور الشعب العربى واعتبر ذلك تحديا  للدول العربية مما ولد ذلك شعور واحساس قومى لتكوين تجمعات ثقافية وسياسية  تطورت الى ان تكون احزاب سياسية عربية وشيوعية واخرى وطنية تختصص بقطر عربى مستقل ن خلال ذلك تم التعرف على تلك الاحزاب من خلال مواقفها من القضايا العربية وخصوصا الفلسطينية والثورة الروسية بقيادة الحزب الشيوعى الذى فيها متنفسا لكسب الطبقة العاملة التى كانت تشكل قاعدة كبيرة لكسبهم والعمل سياسيا باسمهم الى جانب حزب البعث العربى الاشتراكى الذى انطلق من سوريا لنشاطة وامتد الى بقية الاقطار العربية ومنها العراق وفى هذا السياق اقامة بعض التجمعات الدينية منظمات تحت اسماء معينة اسلامية وطائفية ومن خلال هذا السرد السريع سنأتى الى دور كل منها فى القضايا الوطنية والعربية ونتمكن من اعطاء حكمنا على اى منها فى الجانب الوطنى والسياسى ولنبدء باحزاب العراق لانها الاحزاب الاكثر احداثا فى الساحة العربية لما شهدته من مواقف وصراعات فيما بينها
دخلت الأفكار الماركسية إلى العراق في العقد الثاني من القرن العشرين، فقد ظهر عدد من المثقفين الذين تأثروا بالأفكار الماركسية والاتحاد السوفيتي، وجلبوا عددا من الكتب الماركسية من سوريا، وبلدان أخرى، وانكبوا على دراستها وتداولها بين عدد محدود من الأشخاص في بادئ الأمر خوفا من اكتشاف السلطة لهم. وتلا ذلك ظهور أول الحلقات الماركسية التي ضمت: حسين الرحال، عوني بكر صدقي، مصطفى علي، محمد أحمد المدرس، عبد الله جدوع. وقد أصدر هؤلاء الرواد الأوائل مجلة علنية باسم الصحيفة كانت تصدر مرتين في الشهر، وقد صدر العدد الأول منها في 28 أيلول 1924، عالجت المجلة أوضاع العراق الاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وركزت هجومها على الاستعمار والإقطاع والعنصرية والطائفية. إلا أن هذه المجلة لم تدم طويلاً فقد بادرت السلطة الحاكمة إلى غلقها بسبب توجهاتها الماركسية.
وفي عام 1927 تشكلت المجموعة الماركسية الأولى في البصرة وضمت كلا من عبد الحميد الخطيب وزكريا إلياس و سامي نادر مصطفى و عبد الوهاب محمود وفي عام 1928 تكونت خلية أخرى في الناصريةضمت كلا من: يوسف سلمان (فهدوغالي زويد وأحمد جمال الدين وأصدرت منشوراً شيوعياً بخط يد فهد بعنوان "يا عمال وفلاحي البلاد العربية اتحدوا" وقد عالج المنشور الوضع السياسي في البلاد والهيمنة البريطانية. وكان المنشور موقعا باسم الحزب الشيوعي العراقي ووزع في الناصرية في كانون الأول عام1932.
في 31/اذار/ 1934 انعقد في بغداد اجتماع تأسيسي حضره شيوعيون من مختلف أنحاء العراق. واعلنوا توحيد منظماتهم في تنظيم مركزي واحد باسم (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) وتم انتخاب أول لجنة مركزية، وأصبح عاصم فليح أول سكرتير للحزب والذي تغيير اسمه فيما بعد إلى الحزب الشيوعي العراقي حيث اتخذت اللجنة المركزية قراراً بإعلان اسم الحزب الشيوعي العراقي بدلاً من الاسم السابق في عام 1935.
لعب يوسف سلمان يوسف (فهد) دوراً بارزاً سواء في بناء خلايا الحزب من مدن العراق الجنوبية أو في إقامة مركزه في بغداد وتأسيس الحزب حيث سافر فهد إلى موسكو عام 1935 للدراسة في جامعة كادحي الشرق، حيث بقي هناك حتى 30 كانون الثاني عام 1938، ودرس خلال وجوده هناك العلوم الماركسية وأساليب التنظيم في الحزب الشيوعي. في عام 1941 تم اختيار فهد سكرتيرا عاما للحزب الشيوعي العراقي إلى أن تم إعدامه في عام1949.ولعب محمد حسين أبو العيس الدور الابرز في حياة الحزب الشيوعي العراقي حيث كان عضو اللجنة المركزية للحزب واول رئيس تحرير لجريدة طريق الشعب وهي الجريدة الناطقة باسم الحزب وعمل على اصدارها مرتين في اليوم الواحد بغية اطلاع الجماهير على كافة المستجدات في الساحة العراقية
[الحزب الشيوعى العراقي وعبد الكريم قاسم
كان للحزب الشيوعي دورا بارزاً في دعم ثورة عبد الكريم قاسم عام 1958 وبحلول 1959 أصبح للحزب قاعدة جماهيرية يقدر عددها من مليون مما اوجس خيفة في قلب الزعيم عبد الكريم قاسم حيث قامت جحافل محسوبة على الشيوعيين بارتكاب المجازر المعروفة في العراق باسم (مجازر كركوك والموصل) إثر محاولة ضباط في الجيش كان منهم " عبد الوهاب الشواف " وبدعم من عبد الناصر بمحاولة انقلاب لم تنجح ،لشعبية عبد الكريم قاسم ومساندة جموع الشيوعيين له، ولكن عبد الكريم توجس خيفة من نفوذ الشيوعيين المتزايد مما حدى به إلى قمعهم وزج الكثير منهم في السجون وانقسم الحزب الشيوعي بين صفوفه في أفضل وسيلة للتعامل مع عبد الكريم قاسم فاقترح بعض الأعضاء على سكرتير الحزب آنذاك حسين الرضي المعروف بسلام عادل بالقيام بانقلاب على قاسم بينما اقترح البعض الآخر الاستمرار في دعمه واستمرت هذه المناقشات حتى سقوط عبد الكريم قاسم في ثورة من قبل مجموعة من الضباط والطيارين ومجموعة من المناضلين المدنين طلبة وعمال وفلاحين قادها حزب البعث في الثامن شهر شباط عام 1963 وبذلك الوقت كان قاسم ناجحاً في كبح نفوذ الحزب وعندما حدث الانقلاب كان عدد المنتمين للحزب اقل بكثير من عام 1959 وأصبحوا هدفاً للبعثيين الذي ربطوا اسم الحزب الشيوعي مع عهد عبد الكريم قاسممع مجازر كركوك والموصل فوجه ضربة شديدة إلى الحزب ،وقاموا في عام 1963 بحملة منظمة لقتل راح ضحيتها  عدد من قادة الشيوعين الذين اصدروا تعليمات لاعضاءه بمقاومة ثوار البعث و كان من بينهم حمد شليان العوفي سكرتير الحزب الشوعى انذاك سلام عادل   وكنت حاضرا فى كل الاحداث ومن الذين شهدوا تمرد الشيوعين فى شارع الكفاح عكد الكراد والكاظمية فى معهد الزهراء والهجوم على وزارة الدفاع اثناء دخول عبد كريم قاسم لها وقبل ضرب الطائرات لمقره 
الحزب الشيوعي وحزب البعث
عندما قام حزب البعث بالثورة الذي اطاحت بحكومة عبد الكريم قاسم استهدف البعثيون الحزب الشيوعي بعد حملهم السلاح ونزولهم الى الشارع واستمرت المعارك بين حزب البعث وأفراد الحزب الشيوعي لثلاثة أيام في شوارع بغداد وقتل الكثير من الشيوعيين ومن ضمنهم سكرتير الحزب سلام عادل وبعض الاعضاء.
في تموز من عام 1973 قام سكرتير الحزب عزيز محمد بالتوقيع على اتفاقية مع الرئيس العراقي احمد حسن البكر وانضم الحزب الشيوعي إلى الجبهة الوطنية والقومية التقدمية جنباً إلى جنب مع حزب البعثولكن الخلافات بدأت تطفوا على السطح تدريجياً إلى أن تم حل الجبهة الوطنية عام 1979 وأصبح الحزب الشيوعي حزبا محظورا.في عام 1993 في المؤتمر الوطني الخامس تأسس الحزب الشيوعي الكردستاني/ العراق.
الحزب الشيوعي والاحتلال الأمريكي
بالرغم من معارضة الحزب للغزو الأمريكي إلا أن الحزب شارك في العملية السياسية حيث أصبح سكرتير الحزب حميد مجيد موسى عضوا في مجلس الحكم في العراق وشارك الحزب في الأنتخابات العراقية.تحت اسم (اتحاد الشعب)ودخل الانتخابات الثانية مع القائمة العراقية الوطنية.
لم تنجح بعض الأحزاب السياسية وسجلت الفشل تلو الأخر في أكثر من عملية انتخابية. في المقابل برزت أحزاب أخرى وحققت نجاحات انتخابية  ، وما أن حصل التغيير في المسار السياسي لهذه الاحزاب برزت الحاجة إلى مراقبة عملها خاصة فيما يتعلق بالتزامها الوطني، وموارد تمويلها. وتمخض النقاش  عن مسودة قانون جديد للأحزاب لم تلق ترحيبا من عدد كبير من الأحزاب. لكننا امام سؤال يبقى دائما بحاجة لأجوبة السياسيين العراقيين.
هل هناك حقا وجود لبعض الموانع لسياسية والاجتماعية التي تعيق بناء ما جاء في وقت سابق وتتوزع الأحزاب العراقية إلى جبهات عديدة  تتنافس للوصول إلى السلطة ضمن توجهات سياسية واجتماعية متعددة وتشمل الاحزاب الدينية والمذهبية والقومية واليسارية والليبرالية, وتختلف بأهدافها وتوجهاتها فمنها ما يؤمن بإقامة حكم الشعب الديني وبناء المجتمع الإسلامي   ومنها ما تهدف بحسب ما يعلن الوصول إلى مجتمع مدنيّ يحتكم إلى القانون وتحقيق حكم الشعب وتعزيز الحرية كأساس لتقدم وازدهار البلد واخرى تدعوا للمحافظة على قيم الوحدة بين جميع المكونات وهناك أحزاب تصف نفسها بأنها مستقلة ولا تتبع طيفا خاصا 
شكل موضوع التنمية الاقتصادية مقابل التنمية السياسية، وأيهما صاحب الأولوية قضية خلافية,  فبعض الأحزاب تنادي بتنمية سياسية ديمقراطية يرافقها انفتاح سياسي داخل المجتمع ويرون أن ذلك شرط أساسي لإحداث التنمية الاقتصادية، في المقابل ترى أحزاب أخرى أن الإصلاحات الاقتصادية يجب أن تأتي كمقدمة للإصلاحات السياسية
يجري حاليا الإعداد لقانون جديد للأحزاب في العراق قوبل بقلق من جانب الفعاليات السياسية التي قرأت فيه"سعيّا لإلغاء الأحزاب "، ويرى سياسيون أن الأحزاب "أدخلت غرف العناية المركزة" نتيجة الأزمة السياسية التي حدثت وما زالت ، وتطالب الأحزاب بأن تكون شريكا في صياغة القانون الجديد.
تحدد نظرية كارل بوبر دور الأحزاب بوصفها حلقة وصل بين الناس والحكام، وتساهم بإيجاد نمط من العلاقة التي تقف عقبة تحول دون حدوث الاستبداد، وهي أي الأحزاب من ناحية البنية والوظيفة تهدف لمأسسة العلاقة بين المواطن والدولة. وتسعى لإدارة ومشاركة أفضل للمجتمع المدني. وبناء عليه فإن الأحزاب يتوجب عليها إدراك حاجات الناس ونقلها بشكل كفؤ إلى المؤسسة الحاكمة، وهذا يعني أن تولد الأحزاب وتنمو وتتحرك داخل المجتمع ووفقا لحاجاته.
وعند محاكاة الحالة الحزبية في العراق في إطار هذه النظرية نجد أن اغلب الأحزاب تعاني من خلل في العلاقة مع مجتمعها، وهذا الخلل يجعلها عاجزة عن القيام بدور حلقة الوصل بين المواطن والحاكم. ويسجّل على الأحزاب العراقية أنها أحزاب نخبوية بشكل أساسي، تشهد نشاطا ملحوظا واحتكاكا مع طبقات المجتمع في الانتخابات ما تلبث ان تختفي بعدها.
وفي النتيجة نجد فريقا من الباحثين يركز على ثقافة التبعية ويرون أنها الثقافة الحاكمة في المجتمع العراقي، فالناس في العراق غالبا ما يجدون أنفسهم مهتمين بالشأن السياسي الحزبي، والعلاقة مع قادة أحزابهم هي في الأغلب انفعالية تقوم على الطاعة، وفي ثقافة كهذه وعلى عكس ثقافة المشاركة، فالإمكانية قليلة جدا لتشكيل ودوام الأحزاب. ويركز باحثون آخرون على هيكلية مؤسسات الحكم ويعتبرونها مسؤولة عن هذه الحالة. ويرجع فريق ثالث فشل الأحزاب إلى التشاؤم وغياب الوعي العام ويتحدث هذا الفريق عن شيوع النخبوية والتفكيكية في صفوف الأحزاب العراقية. ويتحدث فريق رابع عن الطبقات الاجتماعية والاقتصاد كعوامل مؤثرة في دوام الأحزاب أو أفولها.
شكل الأداء الضعيف للأحزاب السياسية العراقية وعلى مدى تاريخها الطويل نسبيّا، سببا رئيسا في نشوء نظرة سلبية لدى عامة الناس وغياب للثقة في قدرتها على إيجاد التغيير الاجتماعي المطلوب. كما أن تاريخ عدد لا يستهان به من الأحزاب العراقية يكشف عن ارتباط بالخارج وتنفيذ لسياسات خارجية، ولم تنس الذاكرة الشعبية الدور السلبي الذي قامت به بعض الاحزاب في خنق الحريات ومصادرة الحقوق وغيرها من مظاهر الاستبداد والعنف والتسلط .
 هناك مجموعة من العلل في مقدمتها الفشل في تحقيق المكانة والدور في الفعاليات السياسية والحزبية، وفقدانها لبيان تأسيسي، وأهداف شفافة وواضحة وخط سير قابل للثقة والاطمئنان. وترجع استمرار حالة التراجع الحالية إلى ما ترسب في ذهن المجتمع من صور سلبية حول أداء الأحزاب وعدم كفايتها وارتباطها بالخارج واعتمادها عليه. وما يفهم من عملها أنها إمّا ولدت على يد الغير أو كانت أداة بيد الخارج باستثناء حزبين او ثلاثة في اكثر الأحوال.
و على هذا الصعيد  لا بد من طرح الاسئلة التالية لفهم الأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية للمشكلة:
هل المجتمع العراقي يملك من حيث الأساس الاستعداد لإنتاج منافسة سياسية سالمة وقوية؟
 وهل تحوي الثقافة السياسية العراقية النمط اللازم للتعامل مع نتائج اللعبة السياسية وقبولها ؟
وهل أدى إدغام "السياسة" و"الايدولوجيا" إلى إيجاد نوع من الانغلاق والتصلب والعصبية التي حلت محل "العقلانية" في مجال الفعل ورد الفعل السياسي؟
لماذا، وعلى الرغم من مرور حقبة كبيرة على تجربة العمل السياسي الحزبي، ما زال لاعبو السياسة العراقية كما السابق يتصفون بطاقة دنيا في التحمل والاستيعاب، وأخرى عليا في الإقصاء والتهميش للأخر، وسقفا متدنيا للترابط الجماعي واستعدادا كبيرا للفردية، وعدائية للقانون؟ وما إذا كانت تتفاعل داخل إطار "الفعل السياسي الجدي والمبادر"؟
وفي المحصلة فإن العلل التالية يمكن تسجيلها كأسباب تدني نتائج التجارب الحزبية في العراق , وهنا علينا ان نقف عند المحاور التالية:
 وصفة التبعية هذه صبغت الكثير من الأحزاب العراقية، وهو ما جعلها عرضة لتطورات العملية السياسية وتحولاتها، وجعل دورها مستلبا لتوجهات المجتمع، ومدخلا للهجوم منها وعليها في نفس الوقت.. ومن العلل الأساسية لفقدان الأحزاب العراقية  القدرة على الاستمرار هو خلوها من هموم المواطن والوطن بالدرجة الاولى
أن ما مرت وتمر به الأحزاب العراقية يأتي نتيجة الطبيعة التي حكمت العلاقات المتبادلة بين مؤسسة الحكم والسلطة من جهة والأحزاب والمجتمع العراقي من جهة أخرى، فوجود مؤسسات سياسية وما يلحق ذلك من إمساك بزمام السلطة هو أمر له علاقة وثيقة بقيام معارضة تتمتع بمؤسسية عالية، منسجمة ولديها ثبات وتأثير. وعلى هذا الصعيد يمكن تحديد وجهين لعلاقة مؤسسة الحكم بالمجتمع والمؤسسات الديمقراطية:
·         يشكل فقدان المؤسسات الديمقراطية أساسا يحول دون قيام معارضة مؤثرة، إذ تأخذ الأحزاب السياسية بالعمل "بصورة غير رسمية، أو قد تلجأ إلى العمل في ظروف مليئة بالاحتقان" وفي ظروف كهذه تغيب إمكانية ممارسة التجريب الفكري للعمل الديمقراطي اللازم للبناء الداخلي المؤسسي لهذه الأحزاب، ويؤدي بالنتيجة للبقاء ضمن رؤية نخبويّة للعمل السياسي ويقطع الطريق على نشوء ورشد المؤسسات الديمقراطية.
·         يشكل قيام التجمعات السياسية في هذه الظروف، سلاح ذو حدين بالنسبة لتطور المسار الديمقراطي , يكون فيها داعما أحيانا واحيانا اخرى خطرا على المؤسسات الديمقراطية، لأنه قد يحمل في داخله بذور رفض الآخر ومحاربة التعددية والميل إلى الصوت الواحد والتوجه الفكري الأحادي وهو في مجموعه يقود إلى إعادة إنتاج القمع والاستبداد والتطرف الطائفي والحقيقة أنه يمكن رصد ثلاثة عوامل تؤثر في تشكيل الأحزاب واستمرارها :
فالقدرة السياسية القائمة على الاستبداد هي أول عامل يعيق قيام أحزاب قوية وقادرة على الحياة، وكما أن الحكومة الديمقراطية تهيئ الأرضية اللازمة لقيام الأحزاب، فالأحزاب الواقعية هي التي تقود إلى حكومة ديمقراطية. وكما أن الحكومات الديمقراطية هي صناعة للأحزاب الحرة، فالحكومات المستبدة تبني أحزابا حكومية ووجود هذين النوعين المختلفين من الحكم مرتبط بمجموعة من العوامل التاريخية، والبناء الثقافي والاجتماعي للمجتمع".
  فهذه الأحزاب تنشط في وقت الانتخابات، لكنها تغيب عن الساحة السياسية في الأوقات الأخرى. وتتمركز أنشطتها في العاصمة والمدن الكبرى، وهو ما أفقدها القاعدة الشعبية، وحجب عنها الشرعية. وفي أغلب الأحيان يلجأ الجناح الذي يفشل في الانتخابات إلى تأسيس أحزاب جديدة لمواجهة الخصوم. ، وهذه الأحزاب تظهر بسرعة البرق مع بداية كل انتخابات سعيا لجمع الأصوات، وما أن تنتهي الانتخابات حتى تختفي بذات السرعة التي ظهرت بها دون أي أثر".
ونجد في عودة تاريخية إلى الوراء أن العديد من الأحزاب ظهرت على الساحة السياسية ببيان تأسيسي وترخيص رسمي لكنها غابت بعد أن شاركت في موسم انتخابي أو آخر. وتريد هذه الأحزاب في زمن قصير أن تحصل على نصيبها وتتنحى لصالح الآخر.
 يرى عدد من الباحثين السياسيين العراقيين أن تقاسم السلطة في المجال الاقتصادي ضرورة للخلاص من بقاء القدرة السياسية حكرا على النظام الحاكم ففي ظروف كهذه تصبح (الديمقراطية، حقوق الإنسان، وحقوق المواطنة المتساوية) أمورا مفقودة وهو ما يعرض أمن المجتمع للخطر وعليه ظهرت في الفترة الأخيرة أصوات تنادي بإشاعة فلسفة تدعو لسياسة واقتصاد ليبراليين كأساس اجتماعي لظهور الأحزاب .
وتأتي مسألة الطبقات كمولد أساسي وداعم للأحزاب لتضاف إلى العامل الاقتصادي، فجميع الدول ذات التجارب الحزبية المؤثرة كان لطبقة ما دورها في ذلك، وتمثل الكثير من الأحزاب مصالح وتوجهات هذه الطبقات، لكن هذه المسألة غائبة عن الساحة الحزبية في العراق وبسبب الوضع الخاص للطبقات الاجتماعية، وتختلف عن الأحزاب في أوروبا، فالأحزاب العراقية يتراجع اهتمامها بالطبقات الاجتماعية ليصل إلى الحدود الدنيا وأساس التنافس بينها إيديولوجي بالدرجة الأولى .
  لم تنجح الأحزاب العراقية في تدوين نظرية حزبية تتناسب مع الإطار الشعبي والديمقراطي، ولذلك بقيت موضوعات عديدة مثل: المجتمع المدني، الحرّيات، العدالة والتعددية قضايا خلافيّة شائكة في دائرة الجدال السياسي العراقي. وما زالت الأحزاب عاجزة عن تقديم إجابات بشأنها رغم الاستخدام الواسع لمصطلح الديمقراطية.
 وفي هذا السياق تدعو أصوات عديدة إلى تقديم نموذج عراقي خاص للمجتمع المدني والديمقراطية يصاغ وفقا لخصوصيات المجتمع العراقي وترى هذه الأصوات أن الأحزاب يجب أن تندرج في إطار هذا النموذج،
 بدلا من انضواء الأفراد تحت مظلة حزب تبعا لأهدافه وبرامجه، فإن الحاصل هو وجود شخصية مركزية يقوم عليها الحزب، ولذلك يكون مستقبل الحزب مرهونا بمستقبل ذلك الشخص وحضوره. وتبدو "الشخصنة " مقتلا للتجارب الحزبية القديمة والمعاصرة، وهو ما يسمى  "بالأحزاب الشخصية" إذ يقوم "شخص معروف بغناه أو حضوره الاجتماعي بتشكيل حزب يتمحور حول شخصه،
يمكن تقسيم الأحزاب إلى قسمين:نخبوية، وشعبية، وفي المجموعة الأولى تتشكل هذه الأحزاب في الأوضاع العادية من مجموعة من الأفراد النخبويين، لكنها تنمو كالبالون الذي يجري نفخه عندما تجري الانتخابات، في حين أن الانتخابات هي واحدة من أنشطة الأحزاب او المعترك الأول كما يشاع, أما المجموعة الثانية فهي الأحزاب التي تتنوع فعالياتها ويتعمق نفوذها ليصل ويتغلغل بين طبقات المجتمع، وهذه الأحزاب تقوم بعشرات الوظائف؛ مثل الفعاليات النقابية، والفعاليات الاجتماعية، وتنظيم التجمعات الشعبية والتظاهرات.
 يعد الجانب القانوني معضلة الأحزاب العراقية المزمنة. وفضلا عن الإبهام في التشريعات فإن تفسير النصوص القانونية يأخذ شكل قراءة سياسية تختلف من طيف سياسي لآخر. يضاف إلى ذلك غياب الثقافة القانونية وشيوع ثقافة تشجع على التهرب من القانون ومعاداته. وفي وسط كهذا تغيب الأجواء المناسبة لخلق تنافس سياسي وحزبي صحيّ .
  ما زالت شريحة واسعة تنظر بعين الشك والريبة إلى التحزّب، وربما يعود ذلك إلى كون الأحزاب في الأصل ظاهرة سياسية، غربية مستوردة. ينقص هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة الثقافة السياسية اللازمة والوعي بدور الأحزاب الحيوي وأثرها في تطوّر العملية السياسية. ويقدم بعض المفكرين مبادرة تفسيرية لحالة التشظي التي يمكن مشاهدتها في الحياة الحزبية في العراق اليوم، ويرى هؤلاء المفكرين أنها مرتبطة "بآفة فقدان الثقة الاجتماعية، وفقر الانسجام الذي يرخي بدوله على المؤسسات ويهدر طاقاتها" بالاضافة الى عملية ربط بين الثقافة السائدة وقلة الأنصار وغياب شعبية الأحزاب،  وأن" غياب التعليم والتثقيف الكافي، النخبويّة، الشللية والشيخوخة في الأحزاب العراقية أدت إلى افتقاد هذه الأحزاب للتجمعات الشعبية الداعمة، والأنصار الذين يتحولون بالتدريج إلى أعضاء يؤمنون دوام هذه الأحزاب واستمراريتها
أما في المجال الثقافي، فهذا البناء محكوم بشكل أساسي ببقايا النزعة المحلية الضيقة، والترابط المذهبي، وهذه العلاقات تحل مكان الروابط القانونية، والعقلانية وباتت متغلغلة داخل الأحزاب، وأفرغتها من محتواها وضروراتها الحزبية
 خلال الفترة المنصرمة ظل الوهن صفة ملازمة للأحزاب في العراق. ويمكن إرجاع ذلك إلى مجموعة من العلل السياسية والثقافية والاجتماعية، التي أثرت بصورة مباشرة وغير مباشرة في تكوين ضعف هذه الأحزاب في ذات الوقت. ورافق ذلك انعدام الأمن وغياب الاستقرار السياسي بفعل الصراعات الداخلية والخارجية، وهو ما لم ينتج  عنه في النهاية مسيرة سياسية رصينة ومتينة تقود إلى إقامة مجتمع مدني وأحزاب سياسية قوية ومؤثرة، يضاف إليه الصراع المعلن والخفي بين قيم التقليد والحداثة. وعزز من حالة الصراع دور سلبي مارسته  بعض الأحزاب العراقية على صعيد ارتباطها بالخارج وغياب المصداقية في شعاراتها وبرامجها. وينظر المجتمع العراقى الى دور الاحزاب باالكثير من الشك وانعدام الثقة ويذكى من حدة الصراع فشل الاحزاب العراقية على صعيد التنظير فقد عجزت عن تقديم نموذج ينسجم مع القيم الثقافية العراقية ويأتي العامل التشريعي والقانوني ليضيف إلى المشهد عقبة جديدة، فالنصوص القانونية الواردة بمسودة قانون الاحزاب مليئة بالإبهام، الذي يفتح الباب واسعا لتقديم قراءات للقانون تتباين وتختلف من طيف سياسي إلى آخر. وما زال قطاع واسع من الشعب العراقي تنقصه الثقافة السياسية التي تولد إيمانا بالدور الهام والمؤثر للأحزاب.
 لقد ساهمت الأحزاب - نتيجة الأداء الضعيف والحضور الموسمي المحصور في الانتخابات والمعتمد على الأشخاص لا على الأفكاربصورة مباشرة في تعزيز هذه النظرة السلبية وتعميقهاوبالتالي انحسار دورها في قضايا ذات أبعادا فئوية ضيقة , في الوقت الذي كان ينبغي ان يكون هذا الدور بناءا في قضايا هامة مثل الادارة العامة وتحسين الخدمات وتطوير أداء الحكومات المحلية ووظائف الحكومة الاقتصادية والاجتماعية وبلورة الأفكار السياسية وتعزيز المشاركة الفاعلة في الحكومة والإدارة
 ولو عدنا الى حزب البعث لنتعرف منه عن تكونية وماهى اتجاهاته واساليبه بالعمل الجماهرى . فالحزب كما يعرف انه تشكل من جماعة من المثقفين  لهم ايمان بهدف سياسى و تنظيم يسعى الى قيادة السلطة بالطرق الشرعية  والقانونية وله نظام داخلى ودستور يحدد مسيرته ويحكم نشاطاته وتوجهاته وله من الكفاءات التى تؤهله لتحمل اية مسؤولية مدنية كانت ام عسكرية و يدعى الشعب الى  منحه الثقة والتاييد . ولقد جاءت ولادته فى بداية اربعينات القرن الماضى من رحم الامة التى مزقتها الخلافات والمصالح والاطماع الاستعمارية بعد وجدت فيها من الخيرات والثروات مايسد عطشها ورمق  مطامعها ولقد اشتد هذا التوجه بعد الحرب العالمية الاولى وبداية انهيار الامبراطورية العثمانية وتاسيس كيانات ضعيفة من قبل القبائل العربية فى الاردن والعراق ونجد والحجاز.
 الامة التى كانت تعانى من جور السياسات الاستعمارية والاستبدادية الظالمة  اصبح لاسبيل لها الا ان تنادى ومن على منابر المدارس والجامعات الشعب العربى بالنضال والتظاهر وهى تحمل شعاراتها الوطنية العربية الاصلية والتى استنبطت افكارها من صلب الرسالة الاسلامية الداعية الى وحدة العرب كامة تحت رسالتها الخالدة والتى اشار اليها الرسول الكريم محمدا عليه الصلاة والسلام  وبالقران دستوره وعقيدته بالحياة   . فالقران يقول با ن امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون ,  فمن ناحية الامة كامة    اوشعب فهى ذلك الوجود التاريخى والجغرافى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى والسياسى الذى يميز امة من الامم عن غيرها والقومية من ناحية الفرد فهى الاحساس او الشعور اللاارادى للفرد بالانتماء الى مجموعة بشرية معينة ( شعب او امة ) لها خصائص ذاتية تميزها عن غيرها من المجموعات البشرية الاخرى وان تساوت هذه الخصائص فى سماتها الانسانية العامة المشتركة مع خصائص غيرها من المجموعات البشرية
المشروع القومى العربى هو مشروع ( الوحدة ) الحضارى القائم على حقائق التاريخ والجغرافية التى تتمع بشكل متجنس قى اية بقعة وامة كمثل هذه البقعة وهذه الامة التى انطلق منها الحزب والذى لو قدر له ان يتحقق لتغير فعلا وجه التاريخ ووجهته لافى منطقتنا العربية فحسب لا بل العالم اجمع فالمشروع القومى العربى وعلى امتداد تاريخه كان ولايزال هدفا نقيا و يتجسد فيه كل القيم الانسانية والحضارية التى تنادى بها رسالة الاسلام السماوية التى جاءت لتنقذ البشرية من الجهل والتخلف والعبودية والظلم  وخلال الاعوام التى ضمت مسيرته شهد كثير من الفتوحات فى الجزيرة العربية وخارجها وانتشرت مبادئه بصورة طوعية وبدون خوف مما جعل بقية الامم تنظر اليه بعين الاحترام والمنزلة الرفيعة لما جاء به كتابه القران الكريم  مما اثار وابغض متزمتى الاديان الاخرى واولهم التوراتيين والانجليين , والتاريخ هذا يدفعنا  للعودة الى حزب البعث كونه  مكون من مكونات هذا التاريخ واصبح فى مسيرته وما تعرض اليه من هجمات جزء مهم من هذ التاريخ وقد يكون ما تعرض اليه كونه فى لونه وراحته وطعمه  عربيا نقيا صافيا يسعى الى توحيد اجزاء امته  وكذلك شعبها
   العودة الى حزب البعث هو ليس بالشىء المفاجىء او الغريب اوتكرارا لما قيل عنه وسيقال الان , وفى المستقبل, لانه يجد فى تكوينه ارهاصات ومعانات الامة العربية وشعبها العظيم التى وجدت فيه كل المعانى التى تجمعتت حولها المواقف التاريخية لها منذ اربعة عشر قرنا عندما انطلق صوت الحق من الجزيرة العربية يحمل فى نبراته وصداه عمق الرسالة السماوية التى بشر بها  الرسول الكريم , وهى رسالة العدل والحرية والانسانية والمساواة وتحريرالانسان من عبودية الانسان الى جانب ما تحتويه من القيم الاخلاقية والحضارية فكانت هى البشرى للمجتمعات القبلية التى كانت لاتدرى الى اين هى تتجهه ووفق اى قانون تسير وتنظم الحياة وعلاقات البشر بعضه مع البعض الاخرعلى الرغم من وجود اديان اخرى نشات فى الجزيرة العربية قبله ولكنها لم تصمد امامه  , ومن هنا كان حزب البعث امتداد لهذا التكوين الانسانى والحضارى اى انه الارث الوارث لتلك الرسالة ولتطلعات شعوبها فبسط يده للجميع الى الانخراط فى صفوفة بدون شروط تمنعه عن ذلك ( اللغة والدين والمذهب ) وجعل من انتماء  هؤلاء فى صفوفه الغاية والوسيله للانتصار بهم لبناء المجتمع الموحد ذو المبادىء التى جاءت بها رسالته الخالدة  لذلك كان طريقة مليىء بالعواقب والصعوبات ولكى يتمكن من شق طريقة عليه بالصمود تجاه من يريد التخلص منه وبالوسائل التى تجعل منه قوة مادية بعناصره ووسائله  ومعنوية روحانية  تعطيه اندفاعا للعمل فى كل الظروف ويتمسك بها مناضليه سواء كان فى السلطة او بدونها , فهو شجرة مثمرة تاتى اكلها فى كل وقت ولا يتمكن عليها احد مهما كان جبروته ولهذا فان كل قوى الشر فى العالم لما اجتمعت للنيل منه وجدت نفسها بانها غير قادرة على ذلك ولم تتمكن منه لكونه  قد استمر فى وجوده وهو يتجدد يوم بعد يوم فى حين ان اعدائه تهاووا نحو السقوط الواحد تلو الاخر ومن هنا كان لروحانية مبادئه القوة التى منحته القوة  واغاضت اعداءه و لم يتمكن عليه مهما استخدموا من ادوات  بينما لم تستمر الاحزاب الكبيرة الاخرى من البقاء بمجرد تعرضها لهزة داخلية او عدوان خارجى ( الاحزاب القومية و النازىة والفاشيون والشيوعيون واحزاب اخرى كثيرة ) وبالعودة الى مقولات قادة حزب البعث وبهذا الشان نجد ان الاستقراءات التى استنتجها الحزب ومنذ عشرات السنين تؤشر على ماسوف يقع لبيقة الاحزاب ولبعض الكيانات  وفى رجوعنا لما بدنا فيه فاننا نؤكد بان ماتعرض له الحزب فى العراق منذ ستينيات القرن الماضى وبداية القرن الحالى كان متوقعا وليس مفاجئا وكان لمناضليه متسع الوقت للاستعداد لما سيكون عليه وضع الحزب عندما يشتد التامر والعدوان عليه  وقد تقبل ذلك وهو يدرك بان خزينه الروحى وايمانه بعدالة قضيته التى اطرتها مبادئه وحتمية انتصاره على اعداءه جعلت من اعدائه يهابوه ويرتجفون حين يأتى ذكره فى الوقت نفسه كان لاصرار العراقيون فى  الانتماء له  وكذلك ابناء الامة العربية وغيرها بعد ان توفرت لديهم القناعة الراسخة بصحة توجهاته واصالة مبادئه , ناهيك عن ما اظهرتة بقية الاحزاب المناضلة عنه  من احترام وتقدير لمسيرته ورغبتها للتعاون معه فى مجال  العمل النضالى والتطبيق العملى لمنطلقاته فى بناء الدولة , والكل يتمنى العودة بهم الى زمن قيادته للحكم فى العراق عندما كانوا  يمارسون الحياة بكرامة والعيش بامان ويشعرون بالفخر والاعتزاز بغرس الحزب الذى ينمو وانجازاته التى تحققت له وللاجيال الاخرى,  ولو سألت  الكثيرين عن ماهو الافضل لهم فى العيش ؟ لاجابوبك  انهم بحاجة الى نظام البعث الذى ضمن العيش للجميع وضمن المستقبل لهم ولاولادهم وهذا ايضا لايعنى بانهم غير مبالين بالاخطاء التى ارتكبت حيال تطبيق منطلقاته النظرية فى العمل الجماهرى فى العراق وكذلك فى مؤسسات الدولة طيلة خمسة وثلاثون عام ولكننا لو وضعنا ذلك فى سياق المقارنة بين ماتحقق لهم فى تلك الفترة وما تضرر منهم من جراء ذلك لوجدنا ان البون شاسع بين الحالتين , وتلك هى بشائرالفخر والنصر. وفكر البعث اعتمد ومنذ انطلاقه الخط القومى اولا ثم الخط الوطنى وبتجربته الواسعة فى العراق وجد بان الفكر القومى كنظرية تحاول تجسيد الفهوم الوطنى فى المجتمع ويتقرب بذلك نحو الفكر الاشتراكى والفكر القومى كنظرية تحاول تجسيد الهوية الوطنية باهداف استتراتجية بعيدة المدى الوحدة والحرية والاشتراكية  وبناء مجتمع تسوده العدالة وفرص العمل للجميع وتحقيق المساواة بين المواطنين لكلا الجنسين وتعليم المواطن وارشاده تربويا , والفكره هذه تستند على الانتماء والدين واللغة المشتركة وغايتها الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية  ومن تلك الاهداف انطلق الحزب نحو الجماهير العربية التى كانت تعانى من جور السياسات
 الاستعمارية والاستبدادية الظالمة  وكانت تنادى ومن على منابر المدارس والجامعات الامة العربية وشعبها بالنضال والتظاهر وهى تحمل شعاراتها الوطنية العربية الاصلية والتى استنبطت افكارها من صلب الرسالة الاسلامية الداعية الى وحدة العرب كامة تحت رسالتها الخالدة والتى اشار اليها الرسول الكريم محمدا عليه الصلاة والسلام وبالقران دستوره وعقيدته بالحياة   . فالقران يقول با ن امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون  ولا اله الا الله ومحمدا رسول الله فمن ناحية الامة كامة    اوشعب فهى ذلك الوجود التاريخى والجغرافى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى والسياسى الذى يميز امة من الامم عن غيرها والقومية من ناحية الفرد فهى الاحساس او الشعور اللاارادى للفرد بالانتماء الى مجموعة بشرية معينة ( شعب او امة ) لها خصائص ذاتية تميزها عن غيرها من المجموعات البشرية الاخرى وان تساوت هذه الخصائص فى سماتها الانسانية العامة المشتركة مع خصائص غيرها من المجموعات البشرية
 .  المسالة القومية العربية هى عبارة عن ادراك للوجود القومى العربى الذى يفرز وعيا وارادة من اجل النهوض القومى التحررى للامة العربية وصولا الى حلول كفيلة لمعالجة قضاياها الاساسية , وعملية النهوض لايمكن ان يحققها لها الغير كالذى جرى بالعراق والامة العربية عندما جاء الاحتلال بعباءة يختفى بها القوى التى اخذت على عاتقها انهاء كافة المرتكزات الوطنية وعلى راسها القوى الوطنية  
الكثير من الناس ومنهم بعض الرفاق من يقول لماذا لايتبنى البعث خطابا دينيا ما دام أن فكر البعث نابع من المرورث الحصاري للأمة وواقعها؟ للاجابة على هذا السؤال لابد أن نذكر انفسنا ونذكر الناس أن فكر البعث هونتاج العقل البشري أما الدين فهو رسالة كلف الله عز وجل الأنبياء والرسل لتبليغها للبشر قجاء بعد ذلك اجتهاد الدعاة والمفكرين في التفسير والتشريع. ولهذا اذا أردنا أن نوفق بين تعاليم الدين وما منح الله للبشر من عقل كوسيلة للابداع علينا أن نستخدم العقل في التعامل مع ما سخره الله في هذا الكون من أشياء مادية تتيح للبشر في استعمال العقل في ما ينفع الناس ويجعلهم يعيشون في نظام يظمن العدل والمساواة والرخاء. فالعروبة كما جاء في أدبيات البعث وفكره هي جسد وروحها هو الاسلام كما أن وعاء الاسلام هو العروبة واذا انكسر هذا الوعاء فان الاسلام يضيع. وبناءا على ما تقدم نستنتج أن المؤمن الحقيقي بالاسلام هو من يعمل على حماية هذا الوعاء وهذا الجسد المتمثل في الأمة العربية من المرض والانكسار ولهذا لما شعر المؤمنون بالأمة العربية ورسالة الاسلام أن الخطر يداهمهما بادرت طليعة الأمة وأسسوا لبناء حزب البعث ليترجم قولا وفعلا مقولة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. فالمشكلة بالنسبة للعرب اليوم ليس في الخطاب الديني وانما مشكلتنا في الفرد العربي والدليل على ذلك أن الأمة العربية جربت وتجرب اليوم الحركات التي تحمل شعار الدين لتغيير الواقع ولم تقدم لحد الساعة أي شئ للأمة بل عمقت حالة الانقسام والتخلف والدمار وما نشهده اليوم في الكثير من الأقطار العربية خير دليل على ذلك فالسودان الذي حكمه نظام عمر البشير المحسوب على التيار الديني جعل السودان من أكبر البلدان الافريقية فقرا وأدخله في حروب أهلية كرست التقسيم داخل المجتمع السوداني حت تم فصل الشمال عن الجنوب في الوقت الذي تحتاج الأمة العربية للوحدة والتماسك الاجتماعي فهذا الواقع يصب في خدمة الصهيونية والاستعمار كما أن العراق اليوم يعيش حالة الفوضى والاقتتال الطائفي والرشوة والاختلاسات بعدما أزاحت أمريكا وحلفائها النظام الوطني في العراق من الحكم واغتالت قيادته الوطنية بمباركة الأحزاب الدينية التي حكمت العراق اليوم بما فيهم الأحزاب الشيعية أو السنية. كما لا ننسى ما يحدث اليوم من فوضى واقتتال في ليبيا فاستعانت الأحزاب الدينية بحلف الناتو لاستلام الحكم. كما أن الأحزاب الدينية في الجزائر شاركت في الحكم وساهمت مع ألنظام في اختلاس أموال الشعب ونشر الفساد وانتشار المخدرات والتفسخ الاجتماعي حتى أصبحت الحياة لا تطاق في هذا الجو المتعفن. فهذه الحقائق الدامغة تجعلنا اليوم نستحضر مبادئ وفكر البعث لنستوعب أولا دورنا الطليعي في الأمة كمناضلين نحمل مشروع حضاري عظيم يحتاج الى رجال عظماء في سلوكهم ومواقفهم وحرصهم الشديد على تغليب المصلحة العامة على المصلحة السخصية. كما يعلم الجميع أن حزب البعث هو مشروع أمة متكامل بدءا ببناء الفرد من الناحية العلمية والفكرية والروحية لكي يقوم بدوره الرسالي في تحقيق التطور والتقدم في جميع مجالات الحياة كما يهدف الى تحقيق الوحدة العربية كهدف استراتيجي لتمكين العرب من الخروج من حالة التبعية الفكرية والاقتصادية والثقافية واستعادة مكانة الأمة المحوري في بناء الحضارة الانسانية باعتبارها أمة الرسالات والعلوم والقيم الانسانية. فالغرب الذي يسيطر على العالم وظف فقط العقل فأنتج العلم كمصدر قوة وتفوق كما استفاد ما أنتجه العرب والمسلمين من ابداع علمي وفكرى قادة الى العز والفخر.


* المصادر عدد من المقالات والكتاب                                

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..