موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 18 أكتوبر 2012

أبو الغيرة وناقص الغيرة!


 كاظم فنجان الحمامي 
هاشيموتو فوكودا رجل ياباني بسيط من قبائل الساموراي العريقة, سجل بشهامته وحميته موقفا وطنيا مدهشاً, رفع به اسمه واسم أسرته إلى مصاف الفرسان النبلاء في الحرس الإمبراطوري. .  





تتلخص قصة (هاشيموتو) بأنه كان مديرا لبلدية مدينة (كوبي) اليابانية, التي ضربها زلزال عنيف دمر خزانات المياه ومحطات التحلية, وأصاب منظومات الأنابيب المنزلية في المدينة بأعطاب كثيرة, فانقطعت مياه الشرب عن الناس, وكانوا في أمس الحاجة لمن يروي ظمأهم, ويقف معهم في هذه المحنة, التي جلبتها لهم الكوارث الطبيعية, وهنا جاء دور (هاشيموتو) أبو الغيرة وصاحب الحمية, فعمل بجد ليل نهار, وكان يبكي بكاءً شديداً اثناء مساعدته المتضررين, لم يعرف أحد سبب بكائه, لكنه شوهد بعد يوم من الكارثة يقوم بتأدية بعض المراسيم التقليدية لدفن زوجته, التي تأخر في البحث عنها تحت أنقاض منزله, بسبب انشغاله بإنقاذ المنكوبين ومعالجة الجرحى, وفي صباح اليوم التالي وجدوه مشنوقاً ومعلقاً بشجرة, وقد ترك رسالة يقول فيها: ((إن المسؤول الذي يعجز عن إيصال خدمة مياه الشرب لأبناء مدينته لا يستحق الحياة)), وهكذا انتحر (هاشيموتو) تضامنا مع اسر الضحايا, ولشعوره بالذنب والتقصير في حادثة طبيعية ساقتها الأقدار إلى مدينته, لم يكن (هاشيموتو) طرفا فيها, لكنه خجل من نفسه لأنه لم يكن قادراً على تأمين مياه الشرب للعطشى, ولم يكن قادراً على مواساتهم في هذه الفاجعة, ففضل الانتحار شنقا على طريقة الساموراي, واختار الموت بشرف لذنب لم يقترفه هو, لكن مشاعره الوطنية الصادقة, وانفعالاته الإنسانية المرهفة هي التي رسمت له الطريق للالتحاق بالفرسان النبلاء. .


للفساد والإهمال والتقصير صور كثيرة, ومعايير متباينة تختلف من مكان لآخر ومن زمان لزمان, ومن قوم لقوم, فما كان يراه مدير بلدية (كوبي) اليابانية فسادا, لا يراه مدير بلديتنا كذلك, وما كان يراه المدير الياباني (هاشيموتو فوكودا) تقصيراً, قد لا يراه مدير بلديتنا, وقد لا يكثر له بالمرة, فليس من عادة مدراء البلديات عندنا الاهتمام بالنواحي الخدمية بالمستوى الذي بلغته اليابان من الحرص والتفاني, أو الذي بلغته سيريلانكا الفقيرة من الكفاح والصبر. .
وصدق القائل: ((اللي اختشوا ماتوا)), فكان هاشيموتو أول الذين ماتوا ألما وحزنا وتعاطفا مع شعبه, مات (هاشيموتو) لأنه كان يستحي من نفسه, وهو يرى أبناء مدينته يمزقهم الزلزال من دون أن يقدر على انتشالهم وإسعافهم ونجدتهم. . 
ما كان على (هاشيموتو فوكودا) أبو الغيرة والحمية أن يقتل نفسه حزنا وألما على شحة مياه الشرب بعد الزلزال الذي حطم مواسير مياه مدينته, ودمر محطات التحلية فيها, كان يتعين عليه أن يتريث قليلا, ولا يقدم على شنق نفسه تحت تلك الشجرة البائسة عقابا لتقصيره, لو نظر (هاشيموتو) لمصيبتنا لهانت عليه مصيبته, فما حدث في اليابان بفعل الزلزال اللعين, يحدث في قرانا ومدننا كل يوم من دون أن يمر بها الزلزال, ويحدث في قراننا ومدننا على الرغم من توفر كل المستلزمات المالية والتشغيلية والاجتماعية, فيمر المسؤولون علينا بمصفحاتهم المدرعة, وسياراتهم المظللة, ومواكبهم الاستفزازية, وقواتهم المبرقعة, بوجوههم المقنعة, ورؤوسهم الحليقة, فتتعالى صيحاتهم الزاجرة, تأمرنا بإخلاء الطريق للمسؤول المبجل المتوجه إلى قلعته الحصينة, المحاطة بالسواتر الخراسانية, والكتل الكونكريتية, فيسد الطرق والمنافذ المؤدية إلى ثكناته المعززة بالمراصد والموانع والكاميرات والأسلاك الشائكة. .


إن أرقى ما يتعلمه المسؤول الشريف في حياته: أن يتحمل المسؤولية مهما عظمت طالما تصدى لها بكل إرادته الحرة المخلصة, ويتحمل كافة نتائجها, وأن يكون النجم الذي يقضي عمره في بث النور للجميع دون أن ينتظر من أحد رفع رأسه ليقول له: شكراً لك.


رحل هاشيموتو بعد الزلزال العنيف الذي ضرب مدينته ودمرها بالكامل, لكن إخوانه في طلائع الساموراي أعادوا بنائها بأبهى حلة في غضون أربعة أعوام, وأصبحت اليوم قبلة للسياح والزائرين.
فمتى ينتفض إخوان السامري (فرهودو حورامي فرهودو), وينهضوا من غفلتهم فيقدموا الحد الأدنى من الخدمات لأبناء مدنهم التي تنتحر كل يوم بسبب انقطاع الكهرباء, وشحة الماء, وغلاء الغذاء, وفساد الدواء ؟؟؟. .
رحم الله هاشيموتو أبو الغيرة وصاحب الحمية, وألهم أهله في مدينة كوبي الصبر والسلوان.......... ولك الله يا عراق. .



هناك 4 تعليقات:

Anonymous يقول...

سالم حنا
تعال فهمه لحجي احمد أغا بالرغم من ازدراءي لصفه المسؤول فيما يسمى الحكومه اللاعراقيه واقول خلي يفهم المسعول اللاعراقي صخم وجهه

يوغرطة السميري يقول...

مات (هاشيموتو) لأنه كان يستحي من نفسه وهو يرى أبناء مدينته يمزقهم الزلزال من دون أن يقدر على انتشالهم وإسعافهم ونجدتهم . .
(هاشيموتو) الياباني و هو الغير مسلم و قطعا الغير مطلع علي القرآن و ما شرعه من قيم و لا مردها و مرجعيتها العليا .. استبطن مفهوم ان القيم لا تستمد من المجموع و لا من الفرد ذاته , بقدر ما انها تصدر من مكان فوق المجموع و الفرد ليحقق اتحاد النفس مع القدر ...
هاشيموتو الياباني العالم بالنسبة لديه ما هو منظور منه و غير منظور مسرح نشاط الانســـان و تطبيق القيم النبيلة .. الحاضر في نظر هاشيموتو وحده النقطة المظلمة و كل ما سواها مضى لكون الحاضر في ذهن الرجل مكـــــان التجربة و الامتـــــحان , و الهوة السحيقة التي لا تجتاز الا علي جسر الاجتهاد في المسؤولية و جهـــاد النفس و الارتقاء بها الي درجة الصفاء أي عـــدم الاطمئنان الي قـــمة العمل الذي يقدمه ... مقابل السيد عبدالله البحري المثلوثي الوزير عندنا الذي يعيش في عزلة المكـــان و وحشة الزمان و طغيان رؤية المجموع علي الفرد و غياب القدر من تصوره ليقع في دائرة " البطل الذي يبحث عمن يصفق له " .
تحياتي أ. مصطفي و تقديري لجهدكم الرائع

موج الطائي يقول...

بالنسبة للجماعة التي تحكمنا ،حتى لو أن الغيرة والشرف تباع بالأسواق ايضا يبتعدوا عنها ولا يفكروا بشرائها لأنهم لا يدركون معناها ولا يفهمون قيمتها

ابو ذر العربي يقول...

المسؤولية امانه وهي يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها
قول شريف جامع لكل معاني وقيم الرجولة والشهامة
فها من يشتري المسؤولية من سوق الرذيلة في العراق اليوم اهل لها
وهل فاقد الشرف والرجولة سيشعر بمعاني الشرف في خدمة اهل العراق ؟ام انه جاء بفقدان الشرف ليدمر كل ما هو شريف واخلاقي ؟
هؤلاء الجواسيس من ارذل البشر وهم احط من المخلوقات الطفيلية ولا مجال لهم الا احواض المستنقعات لانهم تشربوا الذل والهوان
وخسئوا ان يجعلوا من شعب العراق العظيم مطايا لهم
وعليهم ان يبادروا لتقديم كل مستلزمات الحياة لهذا الشعب العظيم رغما عن انوفهم ما داموا يريدون ان يكونوا على راس السلطة والاسيكونوا حطاما يداس تحت نعال الفقراء الذين لن يرحموهم اذا استمروا على نهجهم الرذيل
ولكم تحياتي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..