موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 8 أكتوبر 2012

الصهاينة العرب خدم إيران

هذا مقال مهم جداً، تحليلي ومفصَّل على نحو ممتاز، يعرض لواحد من أخطر معالم التضليل الإعلامي في الإعلام العربي الآن، وهو الموقف من القضية السورية، وفيه يرد كاتبه العربي الأستاذ صلاح المختار، على التقولات التي يطلقها بعض الكتاب والإعلاميين العرب، متهمين فيها القوى الأساسية في المقاومة العراقية الباسلة، بالتخندق مع أميركا، وهي التي قاتلتها لأكثر من تسع سنين، وقبلها أيضاً، لمجرد أنهم يرفضون القتل الممنهج، طائفياً، الجاري في سوريا العربية، على يد نظام الحكم المتماهي كلياً مع مشروع ولاية الفقيه الفارسي الطائفي العنصري، الذي يسعى لاحتلال الوطن العربي كله، والامتداد إلى العالم الإسلامي لتحطيم مرتكزات النهضة الاسلامية الحقيقية.



وقد آثرت نشر المقال، وهو من ثلاث حلقات، مرة واحدة، لأنني أعتقد ان الأفكار الواردة فيه جديرة بأن تتسلسل لدى القارئ، وأن لايقطعها، نشره على حلقات.

مصطفى
.........

سذاجة ام تساذج؟
الصهاينة العرب خدم ايران 1

ما أكثر العبر وقلة الاعتبار
الامام على، كرم الله وجهه
صلاح المختار
مرة اخرى من هو البعثي؟ 
قبل فترة قصيرة نشر مقال مملوء بالتشويه المتعمد تحت عنوان ، يشكل بحد ذاته مؤشرا لهوية كاتبه ، وهو (الأزمة السورية تُعمِّق الانقسام البعثي) ، فهذا العنوان يريد تكريس انطباع خبيث جدا بان هناك انقسام في البعث وان البعث عدة تنظيمات متناحرة ، واذا تذكرنا بان احد اهم اركان سياسة اجتثاث البعث هو ركن ترويج فكرة ان البعث يعاني من انقسامات وتشرذم وتدهور في حالته ، فان هذه الادعاء ليس اكثر مساهمة في اجتثاث البعث ، ومن يروج له اما ساذج لا يعرف ما يجري او متساذج لئيم مدرب مخابراتيا.
ان الحديث عن وجود ( اكثر من بعث ) حسم منذ اكثر من اربعة عقود شهدت انهرا من الدماء والدموع بعد ان اتسعت فجوة المفاهيم والممارسات بين من كانوا ابناء حزب واحد يوما ما قبل اكثر من اربعين عاما ، لدرجة انه لم يعد هناك قاسما مشتركا واحدا بين البعث الاصلي والفعلي (ممارسة وعقيدة وستراتيجية قومية) وبين من ليس فيهم من البعث سوى الاسم فقط وهم لذلك قدموا خلال العقود الماضية ويقدمون الان بممارساتهم غير البعثية صورة سيئة عن البعث تشيطنه بنظر من لا يعرف ان هؤلاء ليسوا بعثيين في الواقع ! وبما ان هناك محاولات مخابراتية كثيرة تقوم بها مخابرات اكثر من طرف اقليمي ودولي لتشويه صورة البعث الحقيقي والمقاوم في اكبر واخطر ملاحم العرب الجهادية وهي مقاومة الاحتلال الامريكي – الايراني من خلال تعمد الخلط بينه وبين من سطو على اسم البعث وعملوا بكل طاقاتهم لتشويه صورته وتزوير هويته وقدموا مثالا بالغ السوء للناس ،فان التذكير بالفروق الجوهرية بين البعث وبين من سرق اسمه، ضروري لقطع الطريق على المخابرات المعادية وادواتها الاعلامية .
ان اهم سؤال يتصل بهذا الامر هو التالي: هل يكفي ان يحمل طرف ما تسمية البعث ليكون بعثياً؟
كلا فالبعث ليس حزبا عابرا يمثل مزاج نخبة او فرد او يجسد تطلعات مرحلة تاريخية محددة بل هو مشروع تاريخي جبار يقوم على تحقيق نهضة وبعث الامة العربية وتحقيق وحدتها القومية ، بصفتها الشرط الحتمي لبقاء العرب ، واعادة بناء الانسان العربي ليكون مبدع حضارة انسانية جديدة ومساهم في تطوير الحضارة الانسانية ، وتلك سلسلة من المهمات التاريخية المتعاقبة والمتداخلة والمترابطة والتي تحتاج لعقود من الزمن لتحقيق اهدافها ، وهذه هي رسالة البعث الخالدة والتي يشكل الالتزام بها وبمضامينها التطبيقية الفيصل في الحكم على من هو البعثي ومن الذي ينتحل اسمه . من هنا فان البعث ليس شعارات او اسما مجردا فقط ولا عواطف قومية فقط بل هو عقيدة وممارسة في اطار تلك العقيدة القومية الاشتراكية .
ان التناقض بين البعث وبين من سطا على اسمه يشمل كل شيء جوهري ويمتد حتى للقضايا الثانوية من العقيدة البعثية الى الستراتيجية القومية البعثية مرورا بالتنظيم القومي البعثي ، والاهم في الموقف من الاستعمار والصهيونية . وفيما يلي بعض وليس كل مميزات البعثي عن منتحل اسمه :
1 – اول واهم سمة للبعثي هي ان البعثي لا يقاتل جيشه قطرا عربيا تحت راية امريكا مهما كانت المبررات والحجج بل البعثي هو من يقاتل امريكا مباشرة منذ عام 1991 وحتى الان ويخوض المقاومة الاخطر في تاريخ العرب والاكثر فاعلية في قلب موازين القوى الستراتيجية الاقليمية والعالمية وهي المقاومة العراقية .
2 -  والبعثي لا يعترف باسرائيل بقبول القرارين 242 لعام 1967 و338 لعام 1973 رسميا ، وهما قاعدة الاعتراف بها بقيامهما على مبدأ ملزم وهو مبادلة الارض بالسلام ، وينخرط بالمفاوضات مباشرة مع الكيان الصهيوني ويدخل لعبة المساومات على الارض والحقوق الثابتة ، والاكثر فضحا لزيف تسمية البعثي التي يحملها هو انه يتوسل اسرائيل ويرجو امريكا الضغط على اسرائيل لتنفيذ ما سمي ب (وديعة رابين ) ، بل البعثي هو  من يتمسك بتحرير فلسطين من البحر الى النهر ، وكان ذلك احد اهم سببين لاسقاط نظام البعث في العراق واغتيال قائده الشهيد صدام حسين الذي رفض مرارا المساومة على قضية فلسطين مقابل رفع الحصار ودعم العراق تكنولوجيا واقتصاديا وسياسيا وتبني هدف (جعل صدام حسين ملك ملوك العرب والعجم) ، كما قال اكثر من وسيط عند نقل وساطة امريكا واللوبي الصهيوني في امريكا واسحاق شامير رئيس الوزراء الاسرائيلي .
3 -   والبعثي لا يحول الحزب الى حزب عائلة تلتف حولها عناصر الفساد الاجتماعي وتهيمن على اموال الشعب بكافة الطرق وتميز على اساس طائفي وغيره ، فتنشأ طبقة من الفاسدين تحكم البلد وتتحكم في رقاب الناس واموالهم ومصائرهم وتحولهم الى فقراء يبيعون كل شيء من اجل العيش في تناقض صارخ مع الاشتراكية البعثية . بل البعثي هو الذي يسخر في اطار اشتراكيته القومية موارد الشعب لتحقيق تنمية انفجارية تحرر الانسان من الفقر والامية والتخلف ويبني جيشا من العلماء والمهندسين وينجح في الوصول الى عصر انتاج وسائل العصر المتقدمة كما حصل في العراق .
4 – والبعثي لا يعقد تحالفات ستراتيجية مع دولة تحارب العرب وتحتل اراض عربية اكبر من فلسطين بارضها وسكانها وتعلن بلا مواربة قرارها احتلال اراض عربية ورفضها عروبة الكثير من اقطار المشرق العربي ، بل البعثي هو من يقاتل تلك الدولة ويحبط خططها التوسعية ويذيق قائدها السم الزعاف مقدما نصف مليون شهيد عراقي لحماية عروبة العراق والخليج العربي والمنطقة 
5 – والبعثي لا يتحالف ستراتيجيا مع دولة تنشر الفتن الطائفية رسميا وعلنا في طول الوطن العربي وعرضة فتخلق اخطر التحديات للامة العربية وتسهل غزوات امريكا ، كما فعلت ايران ، وهذه السياسة شكلت ، وطبقا للواقع العربي الذي تجسد اكثر وتبلور بوضوح اخطر منذ غزو العراق ، تحولا ستراتيجيا مدمرا  ضد مصالح الامة العربية كلها هو الاخطر منذ غزو فلسطين ، بل البعثي هو من يتمسك بارادة فولاذية بوطنية وقومية الثقافة الحاكمة في الدولة والمجتمع والعمل السياسي العربي وبعده الكلي عن الطائفية والعرقية وتأكيد مبدأ المواطنة المتساوية لضمان وحدة الشعب وتماسكه بوجه التدخلات الخارجية .
6 – والبعثي لا يعمل وفقا لتخطيط محكم للسيطرة على فصائل المقاومة الفلسطينية ولعب دورا حاسم في تفتيتها وتحويلها الى منظمات ضعيفة تخلت في النهاية عن هدف تحرير فلسطين وتماهت مواقفها مع موقف الانظمة التي قبلت الاعتراف باسرائيل . بل البعثي هو من يدعم المقاومة الفلسطينية بلا شروط مسبقة من اجل تحرير ارضها وليس من اجل احتواءها وتصفية قضيتها .
7 – والبعثي لا يدعم (مقاومة) هدفها التكتيكي تحرير ارض لبنانية محتلة ولكن هدفها الستراتيجي تجيير ذلك التحرير لتمكين ايران من اختراق صفوفنا وتمزيق وحدتنا الوطنية واحتلال اقطارنا تحت غطاء (المقاومة والممانعة) ! لذلك استخدمت هذه (المقاومة) السلاح ضد اسرائيل كعمل تكتيكي ضروري لكسب دعم الناس العاديين ولكن هدفه البعيد والحقيقي هو السيطرة على المقاومة الحقيقية وعلى الشارع العربي البسيط وتسخيره لخدمة اهداف معادية لامتنا العربية وتنفيذ اخطر تأمر منذ عام 1948 . وهذا ما تجلى بوضوح كامل في تحول (المقاومة والممانعة) في لبنان الى غطاء لتوغل ايران في اقطار عربية كثيرة وعزل المقاومين الحقيقيين وشرذمتهم والقضاء عليهم وتجنيد بعضهم ، واستخدام المال الايراني الكثير لشراء ضمائر كتاب وساسة ، خصوصا في فلسطين ، وتحويلهم الى مرتزقة ينتظرون الراتب الايراني سواء قدم من قبل حزب الله مباشرة او من السفارات الايرانية او قدم بصورة مموهة على شكل اجور خدمات اعلامية  تقدمها اجهزة الاعلام الايرانية!
انظروا الى  الاقطار العربية سترون معنى المقاومة والممانعة الحقيقي كلبنان وسوريا واليمن والعراق ودول الخليج العربي والمغرب العربي ومصر والسودان وغيرها حيث حولتها ايران ، بالشراكة المباشرة مع امريكا او بالتلاقي الستراتيجي ، ومن يتحالف معها برباط ستراتيجي راسخ الى مسرح خطير لاعقد التناقضات والصراعات الحساسة ، ونشأ تشرذم في صفوف الوطنيين العرب حول الموقف من ايران بسبب ذلك وهو ما ساعد على اختراقها لقلاعنا التي عجزت امريكا واسرائيل وقبلهما بريطانيا وفرنسا عن اختراقها ، بل البعثي هو من يعد المقاومة عملا ستراتيجيا لاهدف له الا تحرير الارض المحتلة والمحافظة على الحقوق القومية والهوية القومية العربية لكافة الاقطار العربية ورفض الطائفية وغيرها ، وبذلك تعزز المقاومة الحقيقية الامن القومي العربي وتمنع اختراقه وتحافظ على حقوق العرب بدل التفريط بها لصالح دولة اجنبية ومعادية هي ايران .
8 – والبعثي ليس قطريا بتفكيره السائد فيؤمن يوجود (الامة السورية) او (الامة العراقية) ، كما فعل جاسوس اسرائيلي عراقي الاصل، نترفع عن تلفظ اسمه، بتأسيس حزب باسم (حزب الامة العراقية) بل البعثي هو قومي عربي يعد انتماءه الرئيس للامة العربية وللقومية العربية ومنه تتفرع الهويات الخاصة كالوطنيات العربية، فهل يمكن لبعثي ان يتصرف ويتحدث عن (امة سورية) او (امة عراقية) وهو ما فعله ادعياء البعث وسراق اسمه ؟
وهل تنطلق ممارسات البعثي الحقيقي من القطرية وتسخير المسألة القومية كلها لخدمة نظام فاسد باسم القطرية؟ 
كلا فالبعثي هو قومي عربي في المقام الاول وهو ما رأيناه في نهج وممارسات النظام الوطني البعثي في العراق وكان ذلك السبب الرئيس في اسقاطه بحرب عالمية ثالثة .
اذا اردنا مواصلة تعداد الحقائق التي تثبت بان البعث ليس مجرد تسمية وانما هو عقيدة وممارسات وستراتيجية معروفة منذ اكثر من ستين عاما فالامر سيأخذ منا وقتا طويلا لذلك نكتفي بهذه الملاحظات حول من هو  البعثي ومن هو غير البعثي كي نسقط الدعوة المخابراتية المشبوهة لترسيخ فكرة وجود اكثر من بعث . هذه مقدمة لتناول ماورد في المقال تعمدنا تقديمها لتنبيه من لم ينتبه لما يخفيه ذلك المقال من دس وتشويه مشبوهين ، مع العلم اننا تعمدنا تأخير تناول الموضوع حرصا منا على ابعاد فكرة الشخصنة والاهتمام فقط بما يطرح من مواقف وافكار وعدم الانجرار الى مهاترات شخصية ، لذلك فان ردنا هذا ليس موجها للكاتب بل الى من قرأ المقال  .
كما ان طريقة التقويم ونوعية الاحكام الواردة في ردنا مبنية على طريقة واحكام الكاتب ذاتها الذي لم يتردد في وضع المقاومة العراقية والبعث في خانة امريكا ومعسكرها ، وهو موقف عدائي يدل على حماقة انسان مضطر لقول ما لا يصدقه هو بالذات لتناقضه مع الواقع ومع اعترافاته الحالية والسابقة بان المقاومة العراقية خصوصا الفصائل البعثية منها الحقت هزيمة بامريكا ، ولكن ونتيجة لعنصر الاضطرار تصل حماقة الكاتب حد الغباء رغم انه ذكي كما سنرى . لذلك لا مجال للمجاملات عند تناو ل ما كتبه ولابد من كشف ما ورط نفسه فيه ومن طرق الباب لابد ان يسمع الجواب !  

سذاجة ام تساذج؟
الصهاينة العرب خدم ايران 2

ما اكثر العبر وقلة الاعتبار
الامام على، كرم الله وجهه

صلاح المختار
سوريا قلعة ممانعة ؟ام مستعمرة ايرانية ؟
يقول الكاتب المحترم ( لقد حظي الرئيس المصري محمد مرسي بكل أضواء الإعلام بعد أن نقل مصر إلى خندق  الولايات المتحدة التي تقود عملية لـ "تغيير النظام" في سورية بكل الوسائل، بعد أن أسقط دورا لمصر كانت مرشحة فيه لوساطة متميزة في الأزمة السورية، لكن مجموعة من المؤشرات إلى حدوث تغيير مماثل في موقف "المقاومة العراقية" للاحتلال الأمريكي والنظام المنبثق عنه، خاصة في موقف حزب البعث الذي يتعرض لـ "الاجتثاث" منذ الغزو الأمريكي عام 2003، غرقت في الأضواء التي انصبت على الرئيس المصري لتحجب تطورا ينذر بانضمام فريق "بعثي" إلى الخندق ذاته) .
      ما معنى هذه الفقرات ؟ قبل كل شيء يجب لفت النظر الى ان الكاتب يمارس الحيلة الايرانية التقليدية معتقدا انه يستطيع امرارها على من يعرف الواقع وهي ان كل موقف ضد ايران او ضد النظام السوري يخدم امريكا ويجعل صاحبه مصطفا معها في خندق واحد ! هذا ما قاله الكاتب بالقلم العريض ودون حسابات منطقية او ذكاء ، وبالنسبة للرئيس المصري الذي يتهمه بالاصطفاف مع امريكا والوقوف في خندقها لاحظوا انه يوجه له هذه التهمة ليس لانه تبنى سياسات داخل مصر تدعم بقاء الارتباط بامريكا اقتصاديا وسياسيا ، ومواصلة التطبيع مع العدو الصهيوني وهما القضيتان الاهم بالتأكيد ، بل لان الرئيس مرسي وقف ضد النظام السوري وهذه قضية فرعية تشتق تلقائيا من الموقف الاول والاهم ! وهنا نواجه مشكلة (عقلية ) واضحة وليس منطقية فقط : هل اصبح الوقوف ضد سياسات النظام السوري او ايران يفضي تلقائيا للاصطفاف مع امريكا والتمدد في خندقها حتى لو كان من يتخذ هذا الموقف يقاتل امريكا منذ سنوات طويلة والى الان وحتى لو كانت ايران شريكة ستراتيجية لامريكا في عدة جبهات خصوصا جبهة العراق ، وحتى لو كان النظام السوري احد اكثر النظم العربية خدمة لامريكا والصهيونية خلال الاربعين عاما الماضية ؟ هنا تكمن اللعبة المخابراتية الايرانية التي تتجاهل العقل واحكامه ومنطقه  .
      لكي يكون الموقف من النظام السوري معيارا لتقويم الاخرين ومواقفهم ومؤشرا لاصطفاف اي نظام او جماعة مع امريكا فلابد ان يكون هذا النظام ، او حليفه الستراتيجي النظام الايراني ، ضد امريكا وسياساتها وفي حالة حرب حقيقية سياسية او عسكرية مع امريكا والصهيونية ورافضا لسياساتهما تجاه القضايا العربية الكبرى خصوصا قضية فلسطين وقضية العراق المحتل ، فهل حقا النظام السوري يخوض تلك الحرب ويقف ضد امريكا والكيان الصهيوني ويمارس سياسة الممانعة والمقاومة ؟
      1 - الحقيقة المعروفة والثابتة هي ان النظام السوري لم يكن في يوم ما ضد امريكا ولم يشتبك معها في حرب ، وهذه حقيقة يعترف بها النظام السوري ، كما ان امريكا لم تكن ضد النظام بل كانت في الاطار العام معه وكان من مظاهر ذلك دعم امريكا لدخول القوات السورية لبنان في منتصف السبعينيات لضرب المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية اللتان كانتا على وشك حسم الصراع في لبنان لصالحهما ، فادى ذلك الى اعادة التوازن التقليدي وحماية القوى اللبنانية الموالية للغرب وبعضها موال لاسرائيل وانقاذها من مصير اسود كان ينتظرها لو لم تتدخل القوات السورية . وهذا الموقف الامريكي ليس موقفا عابرا بل هو موقف ستراتيجي يتعلق بتصفية المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية لمنع تحول لبنان الى دولة مواجهة مسلحة فهو اذن دعم يخدم الستراتيجية الصهيونية الاساسية وهي منع نشوء مقاومة مسلحة فلسطينية او عربية في دول الطوق ضدها . كما ان الدليل الاكبر والاكثر حسما هو ان النظام السوري ، وبلا اي تردد اوحسابات قومية او وطنية ، شارك بجيشه في العدوان الثلاثيني على العراق في عام 1991 تحت قيادة امريكا مباشرة فقاتل الجندي السوري رغما عنه شقيقه العراقي وسفحت دماءهما ، وهي حرب كانت كارثية بكل المعايير على العراق والامة العربية وفتحت ابواب كوارث العرب الحالية ومهدت لها ، واسقطت الى الابد اي فرق بين النظام السوري كان يدعيه والنظم العربية الاخرى التي اصطفت تحت الراية الامريكية .
 ومن بين اخطر اشكال تحطيم القوة العربية التي كانت قادرةعلى تغليب موازين القوى لصالح العرب ، وهي العراق القوي ، تعمد النظام السوري مواصلة التأمر عليه والاصطفاف الرسمي والكامل مع ايران ضد العراق وشعبه وهويته ومستقبله من اجل تحطيم الانموذج الناجح للنهضة العربية ورفضه اعادة النظر في موقفه من ايران بعد ان استلم الرئيس بشار الحكم ، فبعد المشاركة الكاملة للنظام السوري في حرب ايران ضد العراق واصل تأمره بكافة الاشكال على العراق وابرزها تعزيز حلفه الستراتيجي مع ايران رغم انها اصبحت العدو الخطير الفعلي والرسمي للعراق والامة العربية بعد غزو العراق . وهذا الموقف يؤكد بلا شك ان النظام السوري اختار بصورة نهائية وحاسمة التخندق مع ايران ضد الامة العربية وقضاياها المصيرية خصوصا قضية الهوية والاراضي العربية المحتلة من قبل ايران وتدميرها للعراق وتغلغلها الخطير في البحرين .
ولعل المضحك المبكي في ادعاء النظام السوري انه نظام ممانعة ومقاومة هو انه كان ومازال يشكل الخطر الاكبر ، عربيا ، على المقاومة العراقية مثلما كان بالنسبة للمقاومة الفلسطينية والتي لعب الدور الاكثر حسما في تصفيتها وشلها ، وكانت اخطر فصول تأمر النظام السوري على العراق ومقاومته هو الصفقة المعروفة التي عقدها مع امريكا في السنة التي اعقبت الغزو والتي قامت على العمل المنسق لـ(احتواء) المقاومة العراقية وتدجينها بكافة الطرق، وقدم وعدا لامريكا بانه قادر على (ضبط) المقاومة العراقية ، بسبب وجود عشرات الكوادر المتقدمة للبعث والمقاومة بكافة فصائلها في سوريا، مقابل ايقاف الحملات الامريكية ضده والتي كانت تمهد لغزو سوريا في اطار المخطط الشامل لتغيير خارطة وديموغرافية الوطن العربي كله وليس لان النظام مقاوم او مناهض لامريكا.
 وبالفعل اخذ النظام السوري بالتنسيق مع المخابرات الامريكية والايرانية ينفذ خطة تقوم على احتواء البعثيين العراقيين اللاجئين في سوريا كمقدمة للوصول الى قيادة البعث داخل العراق وكشفها وقتلها ان رفضت التعاون، من خلال عناصر تافهة وخائنة للحزب والوطن، ولفق في عام 2007 تنظيما باسم البعث في العراق من مرتزقته عملاء المخابرات السورية والايرانية المقيمين في سوريا، ومنحهم فرصة شن هجمات لا اخلاقية على البعث ومناضليه.
وكانت  اخطر واقذر اعمالهم، كشف ونشر اسماء بعض الكوادر البعثية المدنية والعسكرية، التي كانت تعمل باسماء مستعارة تخفيا لانها مطلوبة من ايران وحكومة المالكي والمخابرات الامريكية، نشرها على شبكة الانترنيت، وبعض تلك الكوادر كان يتنقل بين العراق واقطار عربية اخرى عبر سوريا متخفيا لتعزيز العمل الجهادي، فنشر عملاء المخابرات السورية بتوجيه منها اسماءهم وقدموا معلومات تفصيلية عنهم! وهذا الموقف الدنئ للمخابرات السورية ادى الى اعتقال بعض الكوادر بعد عودتهم الى العراق وتعرضهم لاقسى اشكال التعذيب.
اما الخطة الاخرى التي نفذها النظام السوري ضد المقاومة العراقية فكانت تسريب عناصر مشبوهة باسم (القاعدة) وغيرها من سوريا الى العراق، ليس لدعم المقاومة وتوسيع نضالها كما ادعى، بل لشقها وتشويه صورتها تمهيدا (لاحتوائها) وتأمين العراق لامريكا وايران !
ولعل من اكبر المؤشرات على ان النظام السوري كان الشريك الاهم لامريكا وايران في التآمر على المقاومة العراقية هو قيام ايران وامريكا ايضا وبنفس الفترة بادخال عناصر (القاعدة) الى العراق وباستخدام اسمها لتخريب المقاومة وشيطنتها وشقها واصابتها بلوثة الطائفية واستهداف المدنيين شيعة وسنة وارتكاب جرائم بشعة باسم المقاومة !!! وهذه الحقيقة التي نقولها للمرة الاولى تعرفها كافة فصائل المقاومة العراقية التي عانت من ضغوطات النظام السوري عليها ، تؤكد بأن النظام السوري كان المتآمر الاول على المقاومة العراقية وليس داعما لها كما يدعي.
باختصار شديد لم تشهد العلاقات الامريكية - السورية طوال العقود الاربعة الماضية اي توتر ثنائي وصل الى مرحلة صراع رئيس فاين الصراع مع امريكا ومتى وقع وفي معركة او ساحة ؟
2 – انخرط النظام السوري رسميا وعلنيا في ما سمي بـ (الحل السياسي) للقضية الفلسطينية منذ حرب اكتوبر عام 1973 وقبل رسميا بالقرارين 242 و338 القائمين على الاعتراف باسرائيل مقابل اعادة الارض العربية المحتلة. وتفاوض النظام مع امريكا واسرائيل حول كيفية احلال السلام ، وما (وديعة رابين) التي يطالب النظام السوري اسرائيل بالالتزام بها الا مثال واضح على ان النظام السوري لا يختلف في موقفه من القضية الفلسطينية من حيث الجوهر عن موقف نظام السادات - مبارك، الا في ان الثاني اعترف في زمن السادات وحسم الامر، فيما الاول، وهو النظام السوري، قبل الحل السلمي ، وهو في الواقع حل استسلامي مذل ومهين وخياني لانه يعترف باحتلال اكثر من 80% من ارض فلسطين ومشروعية احتلالها من قبل الصهيونية ، لكنه رفض الشروط الاسرائيلية التي فرضتها لاجل اعادة الجولان لانها تفضي الى عزلته الكاملة وسقوطه ، فلم توقع اتفاقية سلام وبقي النظام وفيا لـ(وديعة رابين) التي تنكرت لها الحكومة الصهيونية التالية، وهو لذلك مستعد رسميا للاعتراف باسرائيل ولكن بشرط اظهار اسرائيل مرونة وعدم التشدد، فأين يختلف النظام السوري من حيث الجوهر عن نظام السادات - مبارك اذا كان الجوهر والاصل في الانحراف عن الموقف الوطني والقومي هو الاعتراف باسرائيل وليس شروط الاعتراف ؟
ان جوهر الموقف القومي الصحيح المقاوم من القضية الفلسطينية هو ليس تحسين شروط (السلام العادل) ، كما اسماه النظام السوري والنظام الساداتي، بل هو تحديدا واساسا رفض الاعتراف باسرائيل والتمسك الحازم بعدم التفريط بحقوق الشعب العربي الفلسطيني الثابتة في ارضه ووطنه ، ولذلك فالمقاومة الحقيقية تتجسد في ، وتنحدر من ، التمسك بالموقف الذي ولد البعث وهو يؤمن به وقاتل من اجله شباب البعث في فلسطين عند غزوها وهو التحرير الكامل لكل فلسطين من البحر الى النهر ، وهو نفس موقف المقاومة الفلسطينية قبل تغيير الميثاق الوطني الفلسطيني .
 وعلينا ان نتذكر دائما بان النظام السوري لم يقل ابدا ان سعيه للسلام خيار تكتيكي عابر ومؤقت بل قال بالقلم العريض وبلا تردد بان السلام خيار ستراتيجي كموقف السادات ومبارك بالضبط . فهل النظام السوري بهذا التحديد مقاوم او مساوم ؟ وما معنى المقاومة اذا كان جوهر الموقف هو الاعتراف باسرائيل ؟ انه بكل تأكيد مساوم وكانت ( مقاومته ) في الواقع عمل تكتيكي هدفه تحسين شروط الاعتراف الكامل والرسمي باسرائيل وليس تحرير فلسطين ورفض الاعتراف باسرائيل . كما ان علينا دائما ان لاننسى حقيقة مؤلمة جدا وهي ان الطرف الذي لم يسمح بتحقيق هذا السلام ( الاستسلام ) ليس النظام السوري بل اسرائيل التي ترفض السلام مع النظام السوري وليس العكس ، وما قصة وديعة رابين الا مثال واحد فقط من بين عشرات الامثلة على تهالك وتوسل النظام السوري باسرائيل للالتزام بوعد رابين !
وبناء عليه لم تقع اي حرب بين سوريا والكيان الصهيوني منذ حرب التحريك وتصنيع غطاء لتصفية القضية الفلسطينية والتي اسميت بحرب اكتوبر عام 1973 وبقيت جبهة الجولان المحتل هادئة  منذ عام 1973 وحتى الان رغم ضمها رسميا للكيان الصهيوني وصهينتها المستمرة بلا توقف ومرور 45 عاما على احتلالها ، وهذه فترة كان يمكن خلال ربعها فقط اعداد سوريا لتحرير الجولان مهما كانت موازين القوى مختلة . اذن ممانعة ومقاومة النظام السوري ليست سوى لعبة عض اصابع لاقناع امريكا واسرائيل بعدم الاستمرار في تمريغ ليس انف النظام فقط بل كل وجهه بوحل الاذلال .
3 – اذا اخذنا بنظر الاعتبار ما ورد في ماورد في الفقرتين (1) و(2)  فان الموقف الامريكي حاليا من النظام  السوري ينطلق من خطة شاملة لا تستهدفه هو بذاته ونتيجة لتكوينه السياسي ، لانه بالاصل تكوين يخدم امريكا مباشرا ، بل لان المطلوب هو تغيير الانظمة العربية كلها ولكن تدريجيا سواء كانت تابعة للغرب او مستقلة او تتمتع بنوع من عدم التبعية ، ولهذا فان الموقف الامريكي من النظام السوري حاليا يشبه ، ولا يطابق ، موقف امريكا من نظامي بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر ، فهاذان النظامان كانا من اشد الانظمة تنفيذا للخطط الامريكية ، ومع ذلك قررت امريكا اسقاطهما لاسباب لم تعد خافية واستغلت انتفاضة تونس العفوية والتي اعقبتها انتفاضة الشعب المصري غير العفوية لتنفيذ خطة موضوعة سابقا لتغيير الانظمة العربية واقامة ما سمي ب ( الشرق الاوسط الجديد ) ، فهل ادعى حسني مبارك او بن علي بانه نظام مقاومة وممانعة لمجرد ان امريكا وقفت ضدهما وقررت اسقاطهما ؟ وهل تعمد امريكا اسقاط مبارك وبن علي يمنحهما صفة الوطنية ؟
في هذا السياق فان من الضروري الانتباه الى ان ما يجري في سوريا منذ عام ونصف العام مر بمرحلتين :
أ - كان في بدايته صراع بين النظام وقوى سورية بعضها موال لامريكا دون ادنى شك بقيادة احمد جلبي سوريا ، وبعضها الاخر كتل شعبية وطنية ضخمة قادتها نخب وطنية من بقايا كل الحركات الوطنية ، بما في ذلك نخب البعث التي تعرضت لاقسى اشكال الاجتثاث والتنكيل على يد النظام ، وتلك النخب الوطنية تريد التغيير الحقيقي وهو مطلب مشروع يدعمه كل وطني عربي ، لان النظام السوري نظام استبدادي وطائفي افقر سوريا بفساده ونهبه وزرع عوامل تحويل سوريا الى مستعمرة ايرانية ، خصوصا بافقار شعبها بطريقة مدمرة اجبرت البعض حتى على تغيير طائفته لاجل الحصول على لقمة العيش وهي حالة استغلتها ايران للتغلغل في سوريا وشراء الناس والولاءات فخربت سوريا التي كانت قلب العروبة وشعلتها ومصدرة الفكر القومي العربي .
ب -  لكن الصراع تطور فدخل عامل جديد، وهو انه اصبح صراعا امريكيا – ايرانيا، بسبب تجاوز ايران للخطوط الحمر التي وضعتها شريكتها امريكا لها عند بدء عمليات تغيير الوضع العربي بغزو العراق، فاصبح المطلوب امريكيا هو تقليم اظافر ايران اقليميا وليس تدمير مراكز نفوذها كلها، واهم الاصابع التي لابد من تقليم اظافرها هي الاصابع السورية واللبنانية الخادمة لايران ، ولذلك فوقوف امريكا مع التغيير في سوريا يجب ان لا يفسر على انه صراع امريكي سوري ، بل هو صراع مركب ومعقد تنخرط فيه ايران وروسيا والصين والنيتو وامريكا ونظم عربية ولكل طرف اهداف مختلفة عن الاطراف الاخرى غالبا . وفي هذه الصورة لابد من التأكيد على ان الشعب العربي السوري اكد عظمته وبسالته الفائقة بصموده امام الة الحرب الغاشمة للنظام وتضحياته الغالية من اجل كرامته وحريته واستقلال سوريا وعروبتها ، وبهذه التضحيات ابقى انتفاضته حية ومتواصلة حتى الان وتلك معجزة الشعب السوري البطل .
 اذن في ضوء ما تقدم هل توجد مقاومة وممانعة حقا وتآمر امريكي على النظام السوري بسبب تلك المقاومة ؟ لا توجد جبهة المقاومة والممانعة في الواقع والدليل انه لم يطلق النظام السوري ولا النظام الايراني طلقة واحدة على امريكا او اسرائيل ، وحرب حزب الله كانت عبارة عن تأهيل لهذا الحزب ليقوم باكبر اختراق للامن القومي العربي تحت غطاء المقاومة ، خدمة لخطط ايران التوسعية والاستعمارية ، تماما مثلما قام السادات بحرب اكتوبر ليكتسب الغطاء الوطني ويمرر به خيانته العظمى بالاعتراف باسرائيل ، وهو امر لم يعد احد يشك فيه بعد ان اعترف حسن نصر الله بانه موال لايران وان ايران ممولته وداعمته عسكريا وانها مرجعيته الرسمية وانه الوكيل الرسمي لعلي خامنئي في لبنان .
والنتيجة التي وصلت اليها مقاومة حزب الله اكدت كل تلك الحقائق فقد استخدم سلاح المقاومة لغزو لبنان وتحويله الى قاعدة ايرانية متقدمة تكمل الهلال الفارسي الممتد من ايران الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، ليكون ذلك الهلال مقدمة لتوسعه ليصبح بدرا فارسيا كامل الاستدارة يشمل كل الوطن العربي.
4 – الحقيقة التي لابد من الاعتراف بها والانتباه لخطورتها هي ان العراق وسوريا اصبحتا مستعمرتين ايرانيتين ، ففي العراق كانت المراقد الدينية غطاء لتواصل زيارات الاف الفرس لها سنويا ولعدة قرون ، فتأسست جالية ايرانية ما ان اصبحت قوية واكتسب بعضها الجنسية العراقية حتى بدأت تعمل لصالح ايران ، وتحولت الى حصان طروادة يخدم ايران ، ثم بعد الغزو صدرت ايران الى العراق اكثر من اربعة ملايين فارسي او كردي ايراني لاجل خلق اقلية فارسية تساعد على نزع الطبيعة العربية للعراق بزيادة تدفق المهاجرين الفرس اليه وبزيادة المهجرين  العرب منه ، ومنح الجعفري حينما كان رئيسا للوزراء الجنسية العراقية لاكثر من مليونين ونصف المليون ايراني، كما اعترف هو ، فتحول العراق وعلى مراحل الى قطر فيه مستعمرات ايرانية خطيرة مدربة عسكريا وطائفيا ومسلحة بافضل الاسلحة . اما سوريا فانها تختلف عن العراق في انها لم تكن محاذية لايران وليس فيها طائفة شيعية كبيرة تستطيع بكسب بعض افرادها تحقيق تغيير سريع لذلك اعتمدت منذ سيطر حافظ الاسد على سوريا على بناء الجسور واول طرق البناء هي الزيارات للاماكن الدينية وصرف اموال كثيرة عند الزيارات لانعاش الاقتصاد السوري وشراء الناس ، ونتيجة للافقار المتعمد للشعب السوري وجد من لديه الاستعداد لتغيير طائفته لقاء المال ، فاذا جمعنا التمييز الطائفي الصريح والعلني الذي مارسه النظام وادى الى احداث شرخ كبير مع مازرعته ايران نرى ان سوريا قد سارت خطوات كبيرة على طريق استعمارها من قبل ايران تماما مثلما فعلت في العراق .
ومما سوف يساعد على التعجيل بتفريس سوريا فشل الانتفاضة الشعبية، اذ ان النظام لن يكون متحفظا في تحويل سوريا الى مستعمرة لانه وجد نفسه مكشوفا امام الجماهير العربية، لذلك سيقبل بهجرة الايرانيين الى سوريا لتحقيق ضمانة عدم تكرار حصول انتفاضة شعبية ضده او استخدام الجالية الايرانية لقمعها .
من هنا فان انقاذ سوريا ومنع وصولها الى مرحلة الاستعمار الكامل من قبل ايران يفرض تدمير مرتكزات ايران  في سوريا بالكامل ، واولها احداث تغيير وطني شامل في سوريا فلا ضمانة للمحافظة على عروبة سوريا باستمرار وجود هذا النظام .
ولكن الحذر كل الحذر من نسيان متلازمة اي انتفاضة وطنية وهي مواصلة الانتفاضة من جهة والرفض التام للتدخل الاجنبي ، فلا حرية لسوريا بدون الاستقلال الحقيقي ولا استقلال بوجود نفوذ امريكي داخل الانتفاضة .  
لنتذكر دائما ان احمد جلبي سوريا لا يختلف عن احمد جلبي العراق، فكلاهما عميل يريد تدمير القطر وتسليمه اما لايران او لامريكا وليس تحريره، ونتيجة لتنامي الخط الوطني في الانتفاضة السورية فان احمد جلبي سوريا يتراجع بسرعة .
5- بعد هذا الشرح واستكمالا للصورة التي تثبت ان كاتب المقال يمارس حيلة ايرانية مفضوحة نسأل : من يقاتل امريكا فعلا وواقعا ويخوض معها صراعا ستراتيجيا جبارا منذ عقود ؟ انه العراق المقاوم والذي قدم اربعة ملايين شهيد منذ عام 1991 وحتى الان ، وفي هذا الصراع الجبار وقف النظام السوري مع امريكا في حرب عام 1991  ، ووقفت ايران بكل صلافة شريكة كاملة الشراكة لامريكا في العراق وورثت الغزو الامريكي العراق فاصبح غزوا ايرانيا تدعمه امريكا ! في العراق ومعه ، وليس في سوريا او في ايران او معهما ، دارت اكبر حروب امريكا قاطبة منذ الحرب العالمية الثانية مع المقاومة العراقية وهزمت فيها امريكا على يد هذه المقاومة المقدامة فاضطرت امريكا للتراجع  والانسحاب للخلف وسلمت ايران ( بطلة ممانعة ومقاومة ) الكاتب المحترم العراق لتكمل وتواصل تدميره بالاصالة عن نفسها ونيابة عن امريكا والكيان الصهيوني . فاين الممانعة والمقاومة ؟ ومع من تقف ايران ؟
6– هنا نصل للنقطة الجوهرية وهي التالية : اذا كان النظام السوري لم يقاتل امريكا في السابق باي شكل بل قاتل تحت رايتها وقيادتها ضد العراق المقاوم فعلا وواقعا ، واذا كان يختلف معها في هذه القضية الفرعية او تلك وهو امر يحدث بين النظم العربية الموالية لامريكا كثيرا كما نعرف ، واذا كان نظام بشار الاسد لم ينقد موقف والده من حرب ايران على العراق ، وهو موقف خياني بكل ما تعنيه كلمة الخيانة من معنى ، واذا كان نظام بشار لم ينقد موقف النظام من عدوان عام 1991 ضد العراق ومشاركة سوريا فيها ضد العراق ، وهو موقف يتناقض مع اسس الانتماء الوطني والقومي ناهيك عن الانتماء لعقيدة البعث ، فكيف يتجرأ ايا كان على القول بأن نقد النظام السوري او الوقوف ضده او ضد موقفه من انتفاضة الشعب السوري هو انضمام الى الخندق الامريكي ، كما قال الكاتب وهو يصف موقف المقاومة العراقية والبعث المقاوم ؟
هل وصل التساذج حد محاولة تطويع الواقع واعادة تركيبه وفقا لرغبات ضمائر فاسدة لاثبات ان من يقاتل امريكا يقف معها ويقاتل لصالحها، في حين يجعل من قاتل تحت الراية الامريكية ضد العراق ومن فتت المقاومة الفلسطينية وتسبب في اخطر انشقاق في البعث، وهو اكبر الاحزاب القومية العربية، وتآمر على المقاومة العراقية، مقاوما؟  

سذاجة ام تساذج؟
الصهاينة العرب خدم ايران 3
ما اكثر العبر وقلة الاعتبار
الامام على، كرم الله وجهه

صلاح المختار
فيما يلي بعض اهم ما ورد في مقال الكاتب :
1-الكاتب يتهم المقاومة العراقية بانها غيرت موقفها من الاحتلال وانها اصبحت في خندق امريكا والاحتلال !!!
2 - سمح لنفسه بوضع اسم المقاومة العراقية عند ورودها في مقالته بين قوسين وهي خطوة تقول بالقلم العريض ان المقاومة لم تعد مقاومة ولذلك وضعها الكاتب بين قوسين تحفظا على اطلاق اسم مقاومة عليها ! دعونا ندقق ما كتبه .
من له حق تحديد من يقف مع او ضد امريكا ؟ وما هي معايير ذلك ؟ من سوء حظ الكاتب انه اعترف في نفس مقالته كما كان يكتب في السنوات الماضية بان المقاومة العراقية تقاتل امريكا ومازالت تقاتلها ، وهذه حقيقة لا يستطيع لا هو ولا من يريد ارضاءهم انكارها لانها واقع حي يراه الجميع في العراق ، اذن هناك معيار يفرض نفسه تلقائيا وهو معيار ان المقاومة موجود على الارض ولديها فعل مقاوم حاليا وليس نظريا او سابقا . فكيف ولماذا وضع مصطلح المقاومة العراقية بين قوسين تحفظا على تسميتها مقاومة ؟ وكيف وعلى اي اسس حشر المقاومة العراقية في خندق امريكا مع انها مازالت تقاتلها في العراق منذ عام 1991 وحتى الان ؟ هل توقفت المقاومة عن مقاتلة امريكا حتى انسحابها من العراق وبقاء بعض قواتها هدفا مشروعا لعملياتها ؟ كلا لم تتوقف ومازالت مستمرة وبياناتها المصورة تترى واحدا اثر الاخر ، لذلك من حق كل قارئ ان يتساءل : هل هو الجهل ام التجاهل ؟بالطبع انه التجاهل لكنه تجاهل المزنوق المجبر على كتابة شيء غير ما يعرفه ويراه ، فيقر بالذي يراه ، وهو ان هناك مقاومة مازالت تقاتل امريكا ، لكنه يريد انكاره ، أرضاء لطرف ما ولسبب ما ، فيضع هذه المقاومة في خندق امريكا !  ان التناقض المنطقي الفاضح يكمن في طرح السؤال التالي : هل يمكن لمن يقاتل طرفا ما ان يكون بنفس الوقت في خندقه ؟ تلك مفارقة منطقية واضحة .
وفي فقرة اخرى يقول ( وأخذ السفير العراقي السابق الذي يعتبر ناطقا غير رسمي باسم الحزب، صلاح المختار، على عاتقه تفسير المؤشرات السابقة وغيرها، ففي مقال له نشر في اليوم ذاته، بعنوان "لمن يجب أن توجه الضربة الاستراتيجية الأولى الآن؟"، قال إن "الجواب الحاسم والصريح" على هذا السؤال هو أنه "يتم بطريقتين: فإما أن يبدأ النصر في العراق، فتطرد إيران منه" أو يتم "تدمير مركز أو أكثر من مراكز إيران الأخرى خارج العراق"، ليستنتج بأن "شن حرب شاملة على مراكز النفوذ الإيراني، خصوصا في العراق والبحرين ولبنان وفلسطين وسورية واليمن من أجل اجتثاثها من الجذور، هو المهمة الأساسية الآن لحركة التحرر الوطني العربية"، لينضم إلى الرئيس المصري مرسي وقادة الإخوان المسلمين في المساواة بين الجهاد في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية التي ذكرها، لأن "إيران أكثر خطورة من توأمها الطبيعي إسرائيل الغربية (باعتبار إيران هي "إسرائيل الشرقية" كما كتب) في هذه المرحلة من تاريخ صراع المنطقة.) .
ماذا نلاحظ في هذه الفقرة ؟
1 - ابرز ما في هذه الفقرة هو ( المقتل ) المخابراتي الايراني التقليدي الذي يروج لفكرة انه لا يجوز رفع اي صراع الى مستوى يجعله مساويا او منافسا للجهاد في فلسطين ، وبالطبع فان هذا المقتل ايراني الطبيعة والهوية لانه مصمم ليس للتعجيل بتحرير فلسطين بل لدعم فرضية فاسدة ومفسدة لم تعد سرا لكثرة تكرارها وهي : بما ان ايران ( واصحابها وتوابعها ) في حالة ( صراع ) مع الكيان الصهيوني وامريكا فان من يهاجمها يخدم امريكا والكيان الصهيوني !!!  ومصدر الغباء في هذه الطرح هو انه يستخدم رغم ان ايران لم تطلق رصاصة واحدة على امريكا واسرائيل بل على العكس فانها تشاركت مع امريكا في غزو العراق وافغانستان وتوجت تلك المشاركة والشراكة الستراتيجية بتسليم العراق الى ايران من قبل امريكا وليس الى المقاومة العراقية او الى وطنيين عراقيين ، بينما تولت اسرائيل عمليات دعم الجهد العسكري الايراني اثناء الحرب مع العراق وتلك هي قصة ايرانجيت .
والمصدر الاهم لغباء هذا الطرح انه يستخدم ضد من يقاتل امريكا منذ عقود بالسلاح وبالمواقف المبدأية الثابتة ويرفض اي نوع من انواع المهادنة مع الكيان الصهيوني وهو العراق في ظل الحكم الوطني الذي اسقطه الاحتلال !!! هنا تكمن عملية تساذج الكاتب الواضحة لانه كمن يسرق ويكتشف انه يسرق فيقول مستخذيا وبصوت خفيض ناعم ( كلا لم اسرق ) لكن عينه تبرق بمعنى الاعتراف بانه يسرق . دعونا نناقش هذه الفرضية الشديدة البؤس لانها عماد موقف الكاتب .
 هل صحيح انه لا يجوز ( المساواة بين الجهاد في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية ) كما قال الكاتب ويردد غيره منذ غزت ايران العراق بمشاركة امريكا ؟ من حيث المبدأ هذه الفكرة صحيحة تماما ولكنها ليست موقفا سكونيا لا يتغير بل هي في حالة حركة دائمة بما انها صراع وجود ، وهو ما سنوضحه لاحقا . ولتجنب عدم التركيز  لابد من طرح اسئلة محددة : هل على اي قطر عربي يتعرض للاحتلال او التهديد بالاحتلال ان لا يعتبر النضال ضده جهادا رئيسيا كما هو في فلسطين منعا لمساواة الجهاد في فلسطين بالجهاد ضد احتلال قطر عربي اخر ؟  هل يجب ان نصمت ولا نقاوم اذا كان المحتل او شريك المحتل داعما ولو شكليا للقضية الفلسطينية ، كأيران التي اصبحت الان المحتل الرئيس للعراق بعد الانسحاب الامريكي ، لاجل ان لا نحول الانظار عن القضية الفلسطينية بالانخراط في حرب مع داعم لها فيتشتت النضال من اجل فلسطين ؟ وهل صحيح ان النضال المسلح وبمستوى جهادي رئيس ضد غاز غير الصهيونية او امريكا يتناقض مع مركزية القضية الفلسطينية ؟
الجواب البديهي ، قوميا وغريزيا ، وبلا اي غموض او تردد هو ان من حق كل عربي ان يقاتل ، وبأي مستوى من القتال وبدون اي استثناء بما في ذلك بجهاد مساو للجهاد في فلسطين دفاعا عن استقلال وهوية قطره القومية العربية ومصالحه ضد اي طرف خارجي يريد الغزو والتوسع بما في ذلك ايران وحتى لو كانت تدعم القضية الفلسطينية بصدق وجدية ، وهي ليست كذلك ، لان حق الدفاع عن النفس حق عام ومطلق ومن المستحيل منعه لاي سبب او حجة .
لا اعتقد بان احدا ينكر هذا الحق ، ولهذا من حقنا ان نسأل : هل غزو العراق قضية عابرة وثانوية كي نبقى في حالة نضال منخفض الحدة والمستوى وعدم تحويله الى جهاد مقدس ضد غزو ايران له ولا نعدها اسرائيل الشرقية ارضاء لمن يظن ان قضية فلسطين لا تسمح بذلك مع ان هذا الظن هو ابو وام الاثام كلها ؟ بالطبع كلا فالاحتلال هو احتلال سواء تبرقع باسم اسلامي ، كايران ، او باسم يهودي ، كاسرائيل ، او باسم حقوق الانسان كامريكا ، والنضال بل والجهاد في اعلى واشد اشكاله قوة وشراسة وحجما وطبيعة ضد اي احتلال واجب وحق مقدس للعراقيين والتونسسين والاحوازيين وغيرهم من العرب تماما مثلما هو حق مقدس بالنسبة للشعب الفلسطيني ، فهؤلاء كلهم اجزاء من الشعب العربي وهم متساوون في القيمة الاعتبارية ، والارض العربية كلها مقدسة ، حتى خصوصيات مكة والمسجد الاقصى والمدينة المنورة لاتعني انزال مرتبة الاراضي العربية الاخرى الى مستوى التابع الممكن التضحية به ، وهذا هو الموقف القومي الصحيح الوحيد . 
ان قضية العراق الان ومنذ الغزو كقضية فلسطين من حيث القيمة والاهمية ، بل هي اشد خطرا منها ، فهي قضية وجود قومي مهدد بالزوال ، والدليل هو ما جرى وما يجري في العراق منذ الغزو الامريكي الايراني من عمليات تدمير منظم للدولة والمجتمع وليس للنظام فقط ، ونشر الفتن الطائفية والعرقية من قبل ايران وبدعم كامل من شريكها امريكا . وربما يحتاج بعض ابناء فلسطين لمعرفة حجم مأساة العراق ليدركوا لم نقول ان الخطر الايراني الذي يهدد العراق اشد من  الخطر الحالي على فلسطين ، لذلك نرجو الانتباه لما يلي :
1 - لقد استشهد حتى الان اربعة ملايين عراقي منذ عام 1991 ونصف العدد استشهد بعد الغزو ولعبت ايران الدور المباشر والرئيس في ابادة العراقيين عبر فرق الموت التابعة للاحزاب الموالية لايران . بينما لم يصل منذ يوم الاحتلال وحتى الان وبعد مرور اكثر من 60 عاما على غزو فلسطين عدد شهداء فلسطين الى ربع عدد شهداء العراق . فهل هذه الكارثة الانسانية والقومية لا تستحق جهادا بمستوى الجهاد في فلسطين ؟
2 -  وشرد حوالي سبعة ملايين عراقي خارج وداخل العراق من ديارهم نتيجة الارهاب الدموي الايراني المدعوم  من قبل امريكا ، وهو رقم اكبر بكثير من رقم المشردين الفلسطينيين والذي كان عند غزو فلسطين 800 الف لاجي ومشرد ووصل الان وبعد اكثر من 60 عاما حوالي اربعة ملايين فلسطيني ، وهو رقم اقل بكثير من عدد مشردي العراق ومعذبيه .
3 -  ولدينا الان اكثر من مليون ارملة وخمسة ملايين يتيم ومن المؤكد ان ارامل كل فلسطين لم يبلغ عددهن المليون ارملة ولا نصف هذا العدد .
4 -  وسرق من العراق اكثر من 700 مليار دولار ذهب اغلبها لايران لان من يقوم بالسرقة هو نظام الحكم التابع لايران ، بالاضافة لسرقة ايران لكافة المصانع والمؤسسات العراقية وادوات النقل العام والخاص والاموال التي كانت في البنوك .
5 -  ودمرت الطرق والجسور ومنع اصلاحها من قبل ايران لان كل المال العراقي يذهب اليها لدعم اقتصادها ، فاصبح العراق جحيما لا يطاق بسبب عدم وجود خدمات او كهرباء او ماء صالح للشرب وتسميم طعام ودواء العراقيين بتعمد الحكومة شراء اغلب السلع من ايران وهذا لم يحصل حتى في غزة والضفة الغربية اللتان لم تسرقا وتنهبا بالطريقة التي حصلت في العراق وبقيت اموال المواطنين لهم وتركزت السرقات الصهيونية على الاراضي العامة غالبا والمناطق المخطط ضمها وبقيت الخدمات ومنها الكهرباء الذي يأتي من الكيان الصهيوني .
6 -  تفشي الامراض التي لم تكن موجودة في العراق مثل الايدز الذي تنشره ايران عمدا خصوصا عبر زواج  المتعة ، ونشر المخدرات بصورة منهجية على نطاق واسع من قبل ايران .
7 - اما قضية  تفريس العراق فهي مثل صهينة فلسطين فكما استودرت اسرائيل يهود العالم ومنحتهم الجنسية الاسرائيلية واصبح عددهم اكثر من عرب فلسطين فان ايران ادخلت الى العراق بعد الغزو حوالي اربعة ملايين ايراني بين فارسي وكردي والهدف هو تغيير التركيبة السكانية للعراق وانهاء العروبة فيه ، ناهيك عما يعرفه العالم من اشكال الدمار والتخريب التي تقوم بها ايران بالاتفاق مع امريكا في العراق .
السؤال المهم هنا هو : هل هذه الاوضاع اقسى واخطر من اوضاع فلسطين ام مثلها ام اقل منها ؟ والسؤال المنطقي الاخر هو : هل على شعب العراق عدم خوض كفاح مسلح لتجنب مزاحمة القضية الفلسطينية ؟
هنا ايضا نواجه مشكلة تعمد تزوير وهي ان الكاتب يتجاهل تماما حقيقة ان ما يجري في العراق وفلسطين وغيرهما ما هو الا جزء من مخطط صهيوني امريكي تشارك فيه ايران مباشرا ورسميا ، وذلك دافع رئيس مضاف لتشديد الكفاح بكافة اشكاله ضد العدو المشترك ، وهو هنا امريكا واسرائيل وايران ، مع الاستبعاد التام للقصة المخابراتية الايرانية القائلة ان خوض القتال مع ايران الغازية او مع غيرها يقلل من قيمة القضية الفلسطينية ، بل بالعكس فانه يعزز نضال الشعب الفلسطيني من خلال اضعاف ودحر اهم مصدر لقوة اسرائيل وهو امريكا ، من جهة ، والمحافظة على استقلال وسيادة وقوة واحد من اهم اقطار المواجهة مع الكيان الصهيوني وهو العراق من خلال الحاق هزيمة كاملة بايران التي تحتل العراق ، من جهة ثانية .
ان ما اقدم عليه الكاتب ، وهو استخدام اسم القضية الفلسطينية كوسيلة للابتزاز  للوصول الى التفريط بهوية ووجود قطر عربي او اكثر ، ليس سوى تعبير واضح عن نهج الصهيونية العربية والتي لاتقتصر على الانموذج الساداتي بل هي تشمل كل من يفرط بالهوية القومية لاي قطر عربي تحت اي ذريعة او شعار ، وهو نهج مماثل لنهج الصهيونية الاسلاموية التي تمثلها ايران التي تستخدم الاسلام كوسيلة لتدمير البنية القومية الاساسية لكل قطر عربي باثارة الفتن الطائفية فيه ، واتمام كل ذلك تحت غطاء تسمية اسلامية ! ولكي تنجح الصهيونية العربية فعليها ان تتجاهل قاعدة فهم اساسية في الفكر القومي العربي وهي ان كل قطر عربي مساو للقطر الاخر وليس هناك قطر افضل من قطر اخر ، والارض العربية كلها مقدسة والدم العربي كله مقدس ، لذلك لا مجال للحط من شأن قضايا العرب الاخرى تحت غطاء مشبوه وهو عدم انزال مرتبة القضية الفلسطينية الى مرتبة ثانوية .
ولكي لا يقوم صهيوني عربي اخر بتكرار نفس المعزوفة لابد من التذكير بما قلناه اكثر من مرة وهو ضرورة التمييز الدقيق بين المعركة الرئيسة وميدانها وبين القضية الفلسطينية وحالتها ، فمركزية القضية الفلسطينية لاتنفي امكانية خوض صراع رئيس اخر حينما تفرض القوى الاستعمارية الدولية او الاقليمية على قطر عربي الحرب والصراع الوجودي ، كما تفعل ايران في العراق والبحرين وسوريا ولبنان ، عندها تندلع معركة ربما تصبح المعركة الرئيسة في زمن ما ، كما حصل حينما غزت امريكا العراق فاصبحت المعركة الرئيسة تدور في العراق وليس في فلسطين ، خصوصا حينما اصبح الصراع في فلسطين محدودا في اطار سياسي وتربوي لابقاء القضية حية وجاهزة للاشتعال مجددا حالما تتوفر فرص مناسبة ، وتنحى الصراع العسكري بصورة كبيرة منذ احتواء اغلب فصائل المقاومة الفلسطينية ولم تعد المعركة في الساحة الفلسطينية مثلما كانت في السبعينيات مثلا .  لهذا على كل من يريد ان لا يقع في فخ ايران او غيرها تذكر ان ثمة فرق جوهري بين المعركة الرئيسة ، وهي قضية ستراتيجية تتعلق بواقع الصراع ، والقضية المركزية وهي قضية مبدأية في المقام الاول لاتتغير قيمتها والزامها مهما تغيرت الصراعات الميدانية .
ويرتبط بتلك الملاحظة امر اخر وهو ان الكاتب كغيره ممن يتعاطون مع ايران يدعي بانه ليس من مصلحتنا فتح معركة مع ايران الان لان ايران تناهض امريكا وتدعم المقاومة في فلسطين ولبنان ضد اسرائيل . وهنا نحن مضطرون لمصارحات لا حدود لها لتفنيد هذا الطرح الايراني الرسمي :
أ – خبث تكتيك دعم المقاومة : ايران لا تدعم المقاومة اللبنانية الا لاجل مصلحة قومية ايرانية وليس لاجل لبنان او فلسطين، وهذه حقيقة اعترف بها كافة قادة ايران عندما اكدوا ان دعم ايران للمقاومة في لبنان وفلسطين يخدم المصلحة القومية الايرانية . والان نرى بوضوح الهدف الستراتيجي الابعد لعمليات حزب الله في لبنان ومشاركته في تحرير جنوب لبنان وخوضه حرب عام 2006 ، وهو تنفيذ خطة ايرانية هدفها السيطرة على كل لبنان وتحويله الى مخفر امامي للتوسع الاستعماري الايراني ، وانشاء ما سميناه  بالبدر الفارسي الممتد من ايران شرقا الى لبنان غربا مرورا بالعراق وسوريا ، وهو بدر اذا تكامل وبقي فسوف يسقط في اسره الاردن وما تبقى من فلسطين لجعل هذه المنطقة مركز انطلاق بناء الامبراطورية الفارسية .
لا يستطيع احد بعد عام 2008 ، وهو عام احتلال حزب الله لبيروت بسلاح المقاومة ، ومهما كان وقحا ان ينكر ما اكده الواقع والمواقف الرسمية وهو ان عمليات حزب الله كان هدفها الستراتيجي ليس خدمة قضية فلسطين بل كان تأهيل حزب الله وطنيا كي يمتلك القدرة العسكرية والجماهيرية والسمعة الطيبة من اجل استخدامها في الصفحة اللاحقة من الاحداث وهي صفحة السيطرة الكاملة على لبنان باستخدام سلاح المقاومة الذي جمعه وكسب موافقة اغلب اللبنانيين على وجوده تحت غطاء مقاومة اسرائيل ! ولذلك ما ان اكمل هذا الحزب الشيطاني شرط تأهيله وطنيا بخوض حرب عام 2006 حتى اوقف عملياته ضد اسرائيل ولم تنطلق رصاصة واحدة ضدها منذ ذلك العام ، وهو ما اكدناه مباشرة بعد تلك الحرب وقلنا بانها نهاية عمليات حزب الله ضد اسرائيل وبداية غزو لبنان وانهاء وضعه التقليدي القائم على التوزانات الطائفية .
لقد  تحقق كل ذلك  الان ولم يعد حزب الله حزب مقاومة وانما اصبح حزب مساومة  امريكية ايرانية نرى اثارها ونتائجها في العراق وسوريا والبحرين حيث ان تزايد نفوذ ايران في الوطن العربي كان بفضل سمعة حزب الله بالدرجة الاولى ودخلت ايران مرحلة السيطرة الفعلية وشبه الرسمية على اقطار عربية مثل العراق وسوريا وتوسعت شعبية حزب الدعوة البحريني ( جمعية الوفاق ) ووصلت مرحلة خطرة بنجاحها في الحصول على 18 عضوا في البرلمان البحريني من مجموع 40 عضوا في انتخابات عام 2010 ، وهو وضع اخذ يهدد بضم البحرين لايران بوسائل ديمقراطية ! وزاد حزب الله استثماره لسمعته الطبية فأخذ يستخدم سلاح المقاومة ليس فقط لاخضاع الاغلبية الساحقة من اللبنانيين واختراق صفوف العرب بل ايضا لدعم موقف ايران في التفاوض حول مشروعها النووي حيث يهدد حزب الله رسميا باطلاق الاف الصواريخ على اسرائيل اذا هوجمت ايران وليس اذا هدم المسجد الاقصى . 
ب – ايران الملالي اخطر من ايران الشاه : لم تعد ايران كما كانت في عهد الشاه تنخرط مع العرب في صراعات حدودية عادية بل اصبحت تحت حكم الملالي صراعات وجود وهوية بالنسبة للعرب ، فخميني لا يريد النفوذ في الوطن العربي فقط ، كما كان الشاه يريد ، بل ان هدفه الرسمي والعلني هو الحكم المباشر للاقطار العربية وتفريسها مثلما حصل للاحواز العربية تحت غطاء نشر ( الثورة الاسلامية ) . ولهذا لم تكن صدفة ابدا ان اول خطوات خميني بعد استلامه الحكم كانت محاولة غزو العراق ودول الخليج العربي تحت غطاء نشر ( الثورة الاسلامية ) ، وتدشينه لعهد الفتن الطائفية التي لم تكن موجودة قبله ، وكان التناقض الرئيس مع الصهيونية وداعميها في الغرب ، لكن وصول خميني احدث اخطر انقلاب ستراتيجي اقليمي وهو جعل الصراع الطاغي هو صراع اسلامي – اسلامي على مستوى الاقليم ، وصراع بين السنة والشيعة على مستوى كل قطر عربي . ولذلك فان مطامع ايران الحالية اوسع واخطر من مطامع الشاه لانها تشمل كل الاقطار العربية وكل العالم الاسلامي لانها نتاج ( ثورة اسلامية ) بينما كانت مطامع الشاه متركزة على النفوذ المعنوي الاقليمي بالدرجة الاولى وعلى البحرين وعلى مناطق حدودية مع العراق والجزر الاماراتية فقط بالدرجة الثانية.  
ان من يتجاهل هذه الحقيقة ويرى ان خطر ايران في زمن الشاه كان اكبر عليه اعادة النظر جذريا لان فهمه خاطئ وخطير على الامن القومي العربي.
ونتيجة لاعتماد الطائفية سلاحا سياسيا بيد ايران فقد وجدت ايران الكثير من خيول طروادة العرب الذين  تخلوا عن هويتهم القومية العربية وغلبوا الهوية الفرعية وهي الهوية الطائفية التي قادتهم الى جعل ولاءهم لايران وليس لاقطارهم ولا لوطنهم العربي ، ولعل من اخطر اشكال هذه الردة موقف بعض عناصر التيار القومي العربي البحريني الذي تخلى عن عروبته وتمسك بمصلحة ايران تماما مثلما فعلت الاحزاب العراقية الموالية لايران . هذا  ليس وهما بل هو حقيقة متجسدة نراها ايضا في اليمن وفي كل مكان توجد فيه الصفوية الايرانية . لذلك فان مطامع ايران نتائجها كارثية لانها تعمل على محو الهوية العربية والوجود العربي واحلال الوجود الفارسي محله ونحن نرى ذلك في العراق حيث ادخلت ايران حوالي اربعة ملايين فارسي اليه ومنح ابراهيم الجعفري حينما كان رئيسا للوزراء الجنسية العراقية لمليونين ونصف المليون غير عراقي .
فهل ما يجري في العراق والبحرين وسوريا واليمن وغيرها من تحويل الولاء من ولاء للامة العربية وللوطنية القطرية الى ولاء للطائفة ثم جعله ولاء صريحا لايران خطر ثانوي ؟ ام انه خطر رئيس لا يختلف عن الخطر الصهيوني ؟ هل التفريس يختلف عن الصهينة ؟ هل قاتلنا اسرائيل لانها يهودية ام لانها احتلت فلسطين ؟ لقد قاتلنا اسرائيل لان الصهيونية غزت فلسطين ، واليهود عاشوا معنا مئات السنين بلا تمييز او اضطهاد ، وكان الكثير منهم يحلتون مراكز وزارية في العهود الاموية والعباسية والعصر الحديث .
وفي ضوء ذلك فمن الضروري تذكر اننا  سنقاتل اي طرف يحتل اراضينا مهما كانت ديانته وهويته لان الارض والهوية فوق اي اعتبار . نعم هناك فرق بين اسرائيل وايران وهو ان ايران تملك القدرة على التأثير على اقطارنا لوجود تداخل ديني وطائفي مما يجعل الابواب كلها مفتوحة لايران لانجاح غزاواتها ، الم ينجح غزو العراق بفضل الدعم الايراني لامريكا وقواتها بواسطة ميليشيات بدر والصدر وغيرهما ؟ ان ما يجري في العراق والبحرين وسوريا واليمن وشرق السعودية ودول الخليج العربي الاخرى ليس سوى محاولات تغيير الهوية القومية لاقطارنا وتقسيمها وشرذمتها والقيام بعمليات غزو ايرانية متدرج وفقا لستراتيجية بعيدة المدى . وهذه الحقيقة توجب علينا الاستنفار وممارسة كافة انواع الكفاح بما في ذلك الكفاح المسلح ضد ايران ومن يقف معها . فهل ذلك يتناقض مع مركزية القضية الفلسطينية ؟
         تلك المخاطر المميتة التي تشكلها ايران على هويتنا ووجودنا القومي يجعل من حقنا ان نسمي ايران باسرائيل الشرقية لانها تقوم باسوأ مما تقوم به اسرائيل واوسع واخطر بكثير في بيئة ملائمة لها ومجافية لاسرائيل التي لدينا حصانة وطنية وقومية ودينية ضدها .   هل فهمتم مغزى قول الكاتب يجب عدم ( المساواة بين الجهاد في فلسطين وفي غيرها من الأقطار العربية ) ؟ انه يريدنا ان لا نجاهد لان هناك قضية فلسطينية يجب ان نتفرغ لها كليا ونغلق ابواب كافة الصراعات الاخرى !!! هل هذا صحيح من وجهة نظر قومية وليس قطرية ؟ كلابالتاكيد فمن حق كل عربي ان يقاتل لاجل طرد المحتل او منعه من الاحتلال ولا يوجد من بين متطلبات القضية الفلسطينية مطلب عدم الدفاع عن النفس وترك الهوية والوجود عرضة للاختراق والزوال .       ان المساوة بين قضية الجهاد في فلسطين والجهاد في اقطار اخرى لا تقررها مواقف مسبقة ولا تابوات غير قابلة للمس والنقاش بل تقررها الاوضاع الميدانية والتحديات الفعلية فحينما يكون هناك تهديد لاستقلال وهوية قطر عربي فان حجم هذا التهديد ونوعيته هي التي تقرر فيما اذا اصبح مساو لتهديد القضية الفلسطينية ام لا .
ج – تهافت منطق الصهاينة العرب : اما الفكرة المركزية التي تنسف مقولة اننا  يجب ان لا نساوي بين قضية فلسطين وقضايا العرب الاخرى فهي حقيقة باردة ومتبلورة ومعروفة وهي ان المقاومة الفلسطينية قد تم احتواءها وجرها الى اوسلو وكامب ديفيد والاعتراف باسرائيل ، فلم يعد هناك في هذه المرحلة جهاد حقيقي وكبير في فلسطين يفرض على بقية العرب تحويل كل مواردهم وطاقاتهم العسكرية والمالية السياسية لدعم القضية الفلسطينية ، حتى حماس تخلت عن القتال بعد ان وصلت للسلطة وقبلت رسميا بدولة فلسطينية مقزمة محاصرة في الضفة الغربية وغزة تهيمن عليها اسرائيل . اذن اين يدور الجهاد بمعناه الحربي الذي يتحدث عنه الكاتب ويريد منا من اجله ان نتوقف عن الجهاد ضد ايران التي فتحت علينا نيران جهنم وسبتنا والحقت بنا كوارث وتحتل العراق والاحواز والجزر وتريد احتلال البحرين وشرق السعودية وشمال اليمن واكمال غزوها للبنان وسوريا لاجل تفريس وطننا الكبير ؟
ان اسوأ دعاية ضد القضية الفلسطينية هي التي تستخدم هذه الاطروحات البائسة لانها تلحق افدح الاضرار بقضية فلسطين ، فحينما تطلب من عربي ارضه محتلة او على وشك ان تحتل ان لا يقاوم وان يوفر طاقاته للقضية الفلسطينية والا فانك تتهمه فورا بالتفريط بهذه القضية، فانك تدفعه للكفر بقضية فلسطين والتشكيك بها، لانك توجد تناقضا كاذبا ومزورا بين الجهاد في الاقطار العربية المحتلة أو المعرضة للغزو والخطر المميت والجهاد في فلسطين، وهذا مناقض لمنطق الامور وضرورات الواقع ومناقض لاهم مبادئ الفكر القومي والاسلامي ايضا، وهو مبدأ تساوي الاقطار العربية في القيمة العامة حتى لو وجدت قيمة خاصة لبعض الاراضي العربية.


هناك تعليقان (2):

أبو يحيى العراقي يقول...

جزيل الشكر لأستاذنا المختار المتألق على هذا المقال الفيصل الذي أفرز الخيط الأبيض من الأسود لمن كان يشكل على موقف البعث .. الشكر موصول لكم أستاذنا العزيز مصطفى كامل على النشر

ابو ذر العربي يقول...

الحق ابلج كوضوح الشمس في النهار
والعرب بحاجة الى مواجهة الحقائق ونحليلها ولو كانت مرة لان السكوت عن الحق هو من فعل الشياطين
والعرب بحاجة الى عشرات الكتاب والمحللين امثال الدكتور المناضل صلاح المختار لتبيان الحقيقة والصدوح بها
فحملة الرساله للامة لا يخشون في الحق لومة لائم
تحية للمناضل المختار وتحية لمن اختار هذه المقالات الرائعة لنشرها
ولكم تحياتي

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..