موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 1 أغسطس 2013

النجيفي والمالكي بين صورة حال وبراءة ذمة منكرة

وجهات نظر 
عبد الكاظم العبودي
اتذكر اغنية عراقية كانت ترددها مطربة ريفية عراقية تقول فيها:
انا بيا حال ضيعني نصيــــــبي
ضعت لانه لهلي ولاني لحبيبي
هل يجوز لنا القول انه لولا تمسك أسامة النجيفي بمنصبه برئاسة مجلس النواب وبقايا قائمته العراقية، من ورائه، بكل الوسائل، وبنفس التمسك الحديدي الذي أبداه نوري المالكي للاحتفاظ بكرسي رئاسة الحكومة، ووراءه قائمته التحالف الوطني، ما كان للعراق ان يضيف الى عهد الاحتلالين الامريكي والايراني اربعة سنوات دموية سوداء أخرى وانبعاث دكتاتورية المالكي وتسلطها.


النجيفي والمالكي ومنذ ثلاث سنوات ونيف يلعبان معا بنا، كشعب وأمة، لعبة الصينيين المفضلة "بنغ بونغ"، وعلى ملعب طاولة الدولة في المنطقة الخضراء، التي اضحت بينهما مجرد ملهاة ومباراة متقطعة الادوار، وبكرة اشبه بكرة المنضدة المعروفة.
الكرة المتداولة بينهما هي ذات الكرة والمضارب نفس المضارب، ولكن متلقي الضربات من الجانبين، هو شعبنا العراقي الصابر المكابر، والذي يتلقى الضربات المترنحة به مرة من الجهة اليمنى، ومرة اخرى من الجهة اليسرى، ولا يتغير شيئا من الحال بأمل تغيير موقع اللاعبين.
اعتمد النجيفي والمالكي في متعتهما السياسية لتسيير المباراة بينهما حكاما مشبوهين، من مشكوكي الخبرة والنزاهة القضائية، لإدارة لعبة غير رياضية، اسمها "العملية السياسية" في العراق .
انسلخ النجيفي عن قائمته الاصلية " عراقيون" [القائمة العراقية]، وكاد ان يسميها لنفسه وحده  يوما بــ" نجفيون"، لولا الملامة والخوف من الاتهام بالانتهازية العائلية والجهوية، رغم ممارساته التي تنتمي الى مدرسة ما يسمى "العيب السياسي"، بل من خشية رفض التسجيل العقاري لكيانه السياسوي المتبقي من عمليات القضم المالكية له في سجلات المفوضية العليا للانتخابات، فسماها هذه المرة بــ  "متحدون .
اما غريمه على المشهد "مظهرياً" في الساحة فهو نوري المالكي، وهو لا يختلف عن حليفه في توطيد دكتاتوريته.  النجيفي والمالكي  عملا منذ البداية، وفي آن واحد، على نسق واحد، ومارسا بالتوازي عملية الانسلاخ والقضم التدريجي من تكتلاتهما وكياناتهما الاساسية، تخلصا من الضغوط على طموحاتهما الذاتية.
حوَّل المالكي كتلة التحالف الوطني الى مجرد عنوان ثانوي لواجهة دكتاتوريته، فأصر على ابقاء قائمة دولة القانون سلطة نافذة على حساب بقية كيانات ما يسمى "التحالف الوطني"، وعبث بحلفائه بانتقائية وقحة تتماثل مع هواية تبديل الاحذية المستهلكة في كل مرحلة وخطوة كان يخطوها في بهلوانيات الاصطراع والتحالف مع بقية الخصوم والحلفاء الجدد والقدامى معه. وكاد المالكي ان يسجل عقاره السياسي السابق "الاتحاد الوطني" باسمه الشخصي في لوائح المفوضية العليا للانتخابات  وباسم "مالكيون".
ظل المالكي والنجيفي يرسمان المشهد السياسي المطلوب  ليتكاملا في صنع صنم دكتاتوري بات غولا في رئاسة الحكومة، ووثنا معه مقزما يماثله في رئاسة مجلس النواب.
ورغم ان الرجلين تبادلا اللكمات الاعلامية أكثر من مرة في بروفات إحماء ظهرت في الاعلانات والاشهار، حول الاختلاف بينهما؛ لكنهما تصافحا دائما وتعانقا بحميمية من خلف ستار ضجيج الإعلام، وجلسا معاً، كلما دعتهم الولائم السياسية للاجتماع وتبادل القبل والانخاب وتسويق اللقطات التلفزية المطلوبة حول الوئام بينهما.
ويستمر مثل هذا اللعب السلطوي في التكامل والتنسيق والتعاون لديمومة بقاء المالكي والنجيفي على كرسيهما رغم تصاعد أدخنة ولهيب حرائق التفجيرات الدموية وعصف شظايا المفخخات وهجومات الانتحاريين في سائر المدن العراقية المنكوبة.
لم يتغير من المشهد الدامي شيئا؛ لأن بقاء النجيفي في مجلس النواب بات ضرةرة وحاجة اساسية لإبقاء المالكي، خاصة بعد شغور منصب رئاسة الجمهورية بعد علة الطالباني المستديمة، وخروج عادل عبد المهدي متعففا منها، وتثبيت خضير الخزاعي لاهثا اليه، نائبا لرئيس الجمهورية يمارس وكالة مهمات سلطات دستور حزب الدعوة، ويمارس الارهاب بتوقيع قوائم الاعدام للمناوئين للمالكي وللدعويين، ولرجال المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الامريكي.
كل هذا يجري بمباركة النجيفي الضمنية والتجاهل المقصود لكثير من الاحداث العاصفة. في البدء تراجعت القائمة العراقية، ذات الاغلبية، وصارت كما يقول العرب "شذر مذر"، ولكن النجيفي الذي كان يعرف كيف يأكل من كتف وعضد المحاصصة بينه وبين المالكي وبفرجة الاتحاد الكردستاني عليهما سهل تفكيك القائمة العراقية وهمش بقية اعضاء كياناتها بمساعدة ودور المالكي نفسه.
الباقون من لاعبي كراسي الاحتياط في السلطة،  من اعضاء  التيار الصدري والمجلس الاعلى من جهة اليمين والسادة صالح المطلق والعيساوي وقبلهما الهاشمي من جهة اليسار، فقد كانوا من غير الاهمية بمكان، ان يبقوا فقط  في واجهة المقاعد عند  مشهد كراسي لاعبي الاحتياط، إستكمالاً لبقاء ديكور السلطة الدكتاتورية المالكية من دون تغيير.
ما تبقى  من التبع والأزلام فقد قبلوا ان يتحولوا  الى مجرد صراصير في دورة مياه وحياة الفساد الاداري والمالي لدكتاتورية المالكي، توزعت عليهم الأُعطيات والمقاولات والصفقات مباشرة او بالوكالة لأقربائهم وأبنائهم، ولا يهمهم  ان يكون مشهد العراق بلداً متشظيا ومقسما وداميا؛ طالما ان الضمانة الوحيدة في يد الجميع هو استمرار ضخ وتصدير البترول بملايين الاطنان وعودة المليارات الى جيوب كل هؤلاء المتشاركين على ذبح العراق ومباركة النجيفي ان تبقى العصمة السلطوية بيد نوري المالكي.
المتفق بين المالكي والنجيفي والثابت، من دون تغيير، هو انه:  لا الحكومة قد انجزت برنامجا ما  للشعب ولكياناتها السياسوية ، ولا المجلس المُجاز، بعطله الاستجمامية، قد شرع القوانين المنتظرة للمصادقة والتشريع.
الديمقراطية باتت شبح نساه الشعب العراقي من كثرة الوعود والتأجيلات والتجاوزات على الاتفاقات وما سمي جزافا " دستوراً" . باتت المحصلة النهائية للعبة المفضوحة تشير بشكل واضح ولا لبس فيه الى تعاون الرجلين ومشيهما معا وبشماتة في جنازة جميع القتلى والتصفيات القاسية التي طالت ملايين الضحايا من العراقيين والتي تجاوزت حدود المعقول.
ومن كان يظن ان المالكي هو المسؤول الوحيد عن هذه الجرائم  فقد يخالف مبدأ العدالة في الاقتصاص عند المحاسبة، إذا  ما ترك النجيفي بريئا عن مسؤولية تشاركه ودوره في إبقاء المالكي، والتستر عن عبث حكومته وسوء ادارته للبلاد.
هذا رأينا نقوله لأن البعض يستهدف المالكي في المقام الاول ويتجاهل دور النجيفي  في السمسرة السياسية وفضله الكبير في ابقاء المالكي دكتاتورا دمويا على العراق .
من يقرأ ملامح الرجلين يرى في عيونهما ظلالاتهما وملامح الرضا عن الدور المناط بكل منهما ومسؤوليتهما المشتركة عما  جرى ويجرى طالما انهما تقاسما  كراسي المحاصصة الطائفية حكومة ومجلسا، عيونهما ممتلئتان بدموع الفرح الطافح؛ لأنهما خرجا دائما كمنتصرين على كل حلفائهما في تكتلاتهما السياسية الاساسية التي أوصلتهما الى كرسي السلطة, وبدى لهما الفوز والبقاء على كرسيهما حصريا بعد كل جريمة نفذت ضد سائر العراقيين انهما جديران بالبقاء دون غيرهم من العراقيين.
وفي كل الاحوال برر المالكي والنجيفي الأعذار لأنفسهما للبقاء في السلطة حتى لو تحول العراق خارج المنطقة الخضراء الى بحيرة من دم واشلاء، وتحولت ساحاته الى مراتع   للارهاب ومحيط اجتماعي منافق يتداول على خطابه عصبة من التكفيرين والنواصب ودعاة التطرف لدى الطائفتين والمذهبين.
النجيفي اولا والمالكي ثانياً شركاء في تحمل مسؤولية الوضع الدي آلت اليه البلاد، وتقديمنا للنجيفي ليس اعتباطا لأننا نرى لولا النجيفي لما مرت كل الاعيب المالكي لو انسحب النجيفي وقائمته من البرلمان منذ ان حدث أول اغتصاب لاستحقاقهما بحكم الاغلبية. المهم مرر النجيفي نفسه الى مقعده ليسهل مرور الطالباني وبعدها التكليف للمالكي بمهمة تشكيل الحكومة.
ومسؤوليتهما من الناحية الاخلاقية يتقدم بها النجيفي لان قائمته تبنت على الاقل لفظيا انها " قائمة عراقية" غير طائفية لكنه سلك سلوكا لا يخفي على احد بتبني مفهوم طائفي يرى ان للسنة الاكتفاء برئاسة مجلس النواب وبذلك كان على القائمة العراقية وبمسؤولية قادتها ان يرشحوا اسما غير منتسب لسنة العراق ليكون رئيسا للبرلمان بعد ان دحرجتهم الظروف من تولي رئاسة الحكومة بحكم اغلبية القائمة العراقية. المالكي لا يحتاج للتصريح عن توجهاته الطائفية فهو رئيس لحزب طائفي  وكل كياناته المتحالفة معه طائفية حتى النخاع فلا يلام كما يلام النجيفي.
النجيفي والمالكي الحاكمان الواصلان الى السلطة من نتائج عملية مشبوهة واجهتها الاقتراع على صندوق انتخابي مثقوب ومشكوك بنزاهته تراضيا منهما على اقتسام الحكم بأسماء وعناوين طائفية ضمن ظاهرة وصول احزاب الاسلام السياسي للحكم في العراق بشقيها الشيعي والسني، بمساعدة ومباركة وادارة امريكية وخلفها طموح واضح لايران الصفوية. هذا الدور المدان اخلاقيا وشرعيا  لن  يبرئا منه امام الشعب العراقي لما جرته افعالهما من مئآسي ومحنة مستمرة، وهم  كانوا ولا زالوا واجهتها  ومفعليها في السلطة والمجتمع.
ولتأكيد مدى الخسة والأخلاقيات التي تحكمهما فإنهما لم يعترفا ولا مرة واحدة بمستوى نذالتهما وهما يلعبان دور المخاصمة، علنيا والتفاهم في السر، في وقت تنزف فيه البلاد دماء ابنائها وثرواتها وتفقد مكانتها كبلد ووجود بين الامم .
كان على النجيفي أولا ان يرمي المنشفة منذ خسارة الجولة الاولى عندما اغتصب المالكي منصب رئاسة الوزراء زوراً، وعندما فبركت قرارات مجلس قضاء مدحت المحمود  تفسير مفهوم الاغلبية الفائزة في مجلس النواب لصالح المالكيـ ثم ركل الرجلان معا اياد علاوي ودفعا بقائمته " العراقية"  الى الحضيض. بعدها تتالت المظاهر الدكتاتورية عند المالكي بعبثه وتنكره لتواقيعه في اتفاق أربيل، وما توصلت اليه الحوارات العقيمة لإيجاد كرسي معلق في الاوهام لسلطة على الورق ترضي أياد علاوي حتى باسم وعنوان رئيس للمجلس الاستشاري والاستراتيجي.
ما كان ان يتم كل ذلك لولا تلك المسامير التي دقت وثبتت مؤخرة النجيفي الى كرسي رئاسة البرلمان بموافقته الشخصية اولا، وبتواطؤه وتعاونه مع المالكي ثانيا وثالثا ورابعا.  
ثلاث سنوات ونيف والعراق يغرق ببحر الدم والفساد، لم تتغير الحكومة الناقصة، ولم تكتمل، ولم تستجوب امام البرلمان الكسيح، تمرد رئيسها واتفه وزرائها من الحضور الى المجلس حتى للمناقشة، ورغم ذلك لم  تسحب عنها الثقة.
جرى كل ذلك ورئيس مجلس نوابها  ظل يمارس الفرعنة على النواب الاصغر منه سنا او وجاهة، وظل يشعل المباخر في اروقة المجلس، ولكن الحقائق المتسربة من نتائج صفقات المجلس وطريقة عمله تشير الى التعليمات والمشاريع التي يمن بها المالكي على المجلس والنجيفي يتصرف وكأنه كأي وزير لدى حكومة المالكي ليبرمج ما شاء له من مناقشات او مشاريع قوانين  او يعطل بعضها او يعرضها ناقصة  وضوء للمصادقة والتشريع في مجلس تقرر فيه اعمال الجلسات اجتماعات الانس حول الشاي والقهوة لرؤساء الكتل في الكافتريا الخضراء او فنادق الخمسة نجوم  في دول الجوار.
المالكي والنجيفي مارسا بشكل وقح ما يمكن اصطلاحه بـ  "الدعارة السياسية" عندما تبنيا، كل في جهته وحسب دوره المناط به، المواقف الطائفية، كل منهما عمل في السر والعلن لبطانة انتهازية من طائفته وحزبه وتكتله، وجرى ذلك على المباشر من دون الشعور بالخزي السياسي.
نسيا ان اسم الحكومة والبرلمان مرتبطان باسم كيان واحد اسمه العراق الواحد الموحد. وفي الوقت الذي أنكرا على غيرهما حق اللعب في الساحة السياسية، وتجاهلا ايضا ان هناك من يريد ان يلعب معهم في ذات الساحة، او حتى الى جوارها في أسوء الأحوال، سواء في لعبة اخرى ككرة السلة او القدم او الطائرة، أو حتى الذهاب الى المعارضة الشكلية،  كما هو حال الفريق الذي يتكرر اسمه في كل الاحداث الامنية والسياسية المنعوت من قبل السلطة " جمهورية العراق الاسلامية" او تنظيمات "القاعدة" بمختلف توجهاتها وتمويلاتها "الايرانية"  و "الوهابية" و"الافغانية".
لقد بات الحديث عن "قاعدة سنية" واخرى "قاعدة شيعية"  لا يخجل وكلاء التنسيق معهما من ضباط  وزارة الداخلية وقادة المليشيات الطائفية المندمجة في اسلاك امن الدولة  شيئا عاديا، طالما ان المالكي وحليفه النجيفي يقتسمان ريوع المتاجرة والميزانيات المعتمدة تحت شعار محاربة " القاعدة"، وإعلان البراءة من حواضنها داخل المنطقة الخضراء وحولها وخارجها بتشكيل مجالس " الصحوة" و " الاسناد" والاستحواذ على ملايين الدولارات المعتمدة للرشاوى تحت باب مكافحة الارهاب بشكل متشارك بين الحكومة ووكلاء المجلس من النجيفيين.
ان النجيفي  قد سكت تماما ، عندما تغافل عن استكمال التحقيقات حتى النهاية التي كانت تجريها  لجان وضحت انها مرتشية وخاضعة لنفوذ لجنة الامن والدفاع التي يترأسها السنيد من جماعة المالكي في المجلس وجرى اقفال ملفات فساد كبرى ومنها ملفات المجازر دموية كثيرة التي اقترفتها سلطة وقوات المالكي بدءا من تفجيرات البصرة وأحداث مجزرة الزركة والاعتداءات على المتظاهرين خلال وبعد 25 شباط 2011 وبعدها مجازر الحويجة والفلوجة والعامرية وطوزخرماتو والمقدادية وديالى وأخيرها ما جرى من احداث الهجوم الدموي على سجن ابو غريب و التاجي وما رافقهما واعقبهما من جرائم دموية وانتقامية طالت الوف الابرياء من المعتقلين او الذي جرى اعتقالهم بشكل عشوائي من مناطق محيطة بتلك السجون  قامت بها قوات المالكي ،والعديد منها تشير الى انها مبرمجة وموضوعة احداثها سلفا باعتراف الكثير من الشهادات حولها ومنهم اعضاء من مجلس النواب ولجانه المتخصصة بالامن والدفاع وحقوق الانسان . وكلها تذكرنا بما حدث في أعقاب احداث تفجير مرقد العسكريين والمجازر التي تلتها ، والتي ثبت أخيرا تورط المالكي نفسه ومعه النظام الايراني واجهزته  في الاعداد والتنفيذ ، كما ورد ذلك في اعترافات مدوية أخيرا للجنرال الامريكي جورج كيسي وغيرها الكثير من الاحداث التي لا يُستبعد ان تكون لها خيوط إجرامية  ترتبط بيد المالكي  وأجهزته،  ولا تستبعد علم النجيفي بها وإطلاعه عليها بحكم رئاسته للبرلمان ووصول التقارير عنها اليه من قبل اللجان التي يشرف عليها.
ولطالما ان الرجلين مرتاحان لتكامل ادوارهما بانتظار عهدة الاربع سنوات الثانية للمالكي والاولى للنجيفي وهناك تطلع لعهدة تالية لكل منهما من خلال الترشح في قائمة واحدة فان عليهما الكف من هذا المزاح السلطوي الثقيل باستمرار لعبة كرة الطاولة المستمرة بين النجيفي والمالكي وعليهما ترك لعبة اقتسام المنضدة لافتضاح دورهما فيه ، ولم يسعفهما الدور والوقت ان غيرا قمصان فرقهما باللعب هذه المرة في كرة الطائرة فيتقابلا عبر شبكة المصالح بينهما ليرفع الاول الكرة ويكبسها الثاني وفق الاتجاه المطلوب وقصد اللاعب المحدد، وهكذا يجرى اقصاء عدد من اللاعبين الآخرين ليضافوا الى سابقيهم امثال طارق الهاشمي والعيساوي، واكثر من مرة تم استهداف صالح المطلك وإبقاء وزراء من بقية الكورس والجوق المطلوب لاحماء اللعبة او جمهور المشجعين الاقرب لخطوط التماس المالكية والنجيفية.
المالكي وحليفه النجيفي، هذا الثنائي السلطوي الحاكم في العراق متعاونان باسم المحاصصة بين أحزاب الاسلام السياسي، باتا يتصارعان عبر التصريحات والحملات القمعية التي تشمل الابرياء والخصوم والقادة المحتملين للظهور . يجري هذا تحت عنوان تطبيق الفقرة 4  ارهاب وضد المسمى "جمهورية العراق الاسلامية" و"البعث الصدامي" و "متظاهري الانبار ونينوى وصلاح الدين"  ويتحول هذا الصراع ضمن مصالح الطرفين الى اعمال عنف واغتيالات وقتل على الهوية ومهام تطهير وتهجير طائفي تتوضح معالمه، والمتهم بكل تلك النعوت الاخرى هم البعثيين والقاعدة والطائفية الجهوية المتطرفة والسلفية... الخ..
قد لا يلوم البعض المالكي وفريقه على تشددهم؛ لأن المالكي لم يخف ابدا طموحاته من ان يكون دكتاتوريا دمويا حاكما على العراق ، يلبي طموحات لفئات داخلية واقليمية ايضا ، ولأنه ظل واضحا في سلوكياته منذ اول خطوة في دخوله سرايا المضبعة الخضراء، وهو الذي ظل يعلن انه جاء بصفته الطائفية الدموية للانتقام من "مظلومية الشيعة وحتى آل البيت" " ورفع لأجل ذلك  شعاره المعروف بعدم التخلي عن السلطة، مهما ضغطت عليه الظروف قائلا على الملأ: "ما ننطيها"  ولقبه انصاره بــ  "مختار العصر".
اما النجيفي فقد تغنج وتدلل وهدد بتركه الكرسي، وأعلن أكثر من مرة زهده بالامتيازات والسلطة، ونية ترك متاعبهما ؛ لكنه في الوقت نفسه لا يخفي دهائه حين ابدى تمسكا ولو ذليلا بكل ما كان يعلن التعفف عنه من مغانم السلطة ، لذا نراه باقيا في البرلمان بعد ان خُذلت قائمته العراقية، ذات الاغلبية، وابتلع دون رد، تفسيرات مجلس القضاء الاعلى لصالح قائمة المالكي، وتخلى بوضوح عن قضية انصاف زميله ورئيس قائمته المغدور به اياد علاوي، لكون النجيفي قد استحلى لنفسه طعم  البقاء في تذوق حلاوة الكرسي الوفير . وعندما ترك الصولجان بيد المالكي، لم يهمه ان بقيت بيده مطرقة برلمانية من الخشب لا تنش ولا تهش حتى الذباب من وجه أعضاء المجلس النيابي الذي باتت قذاراته وصفقاته تزكم الأنوف، وتتراكم في أروقته وصفقاته كل نفايات الفساد والسقوط الأخلاقي، ليصبح المجلس برئاسته فعلا مكبا للنفايات والقرارات السوداء التي يريدها المالكي لنفسه ونظامه المتهالك لتسيير وابقاء صلاحياته كدكتاتور على عرش العراق.
النجيفي اظهر انتهازية وقحة حتى حين طورد حلفائه في القائمة العراقية كالهاشمي والعيساوي والمطلك من قبل غريمه وحليفه المالكي، وكلما قرعا طبول الخلاف بينهما يسارع " السادة" و " الكاكات" لجمعهما وتجامعهما فيصبحا بين ليلة وأخرى شركاء من جديد في محاربة الارهاب ولكنهم في عين الوقت يمارسون شاهدي زور على منفذي الجرائم الدموية أمامهما، تاركين لحكومة المالكي مطاردتها لخصومها من اعضاء المجلس ومن خارجه بتهم كيدية وابتزاز طال عشرات الاطارات العراقية منهم اعضاء من لجنة النزاهة كالقاضي رحيم العكيلي واطارات كبيرة في الدولة في السلكين المدني والعسكري بتهم وملفات تدفع الى  المحاكم الداخلية والدولية وحتى الانتروبول .
ومع كل هذا فقد يظل "النجيفي" يحلم بترقيته الى منصب رئيس جمهورية او حتى نائبا لها في الدورة القادمة، يتفكه البعض الى المفارقة بتسمية لقبه حين يقولون ان ربما  سيرقى بعد استبعاد  تصغير لقبه  ولو  بلقب جديد،  حيث يمكن ان يحذف من لقبه الياء الوسطى ليصبح ملقبا بـ "النجفي"  فيجاور غريمه وحليفه اللدود "الطويرجاوي" جغرافيا وعشائريا بالانتساب؛ لأن الاثنين صارا يعلنان نفاقا تجاوزهما الطائفية السياسية والمذاهب التي ينتسبان اليها، وهم يتناولان فطورهما السياسي ويصليان معا كلما دعاهما أصحاب السماحة والفخامة الجدد " من السادة "عمار الحكيم وابراهيم الجعفري الى أي عشاء تتوفر في مكوناته  وجبة من طبخة " الفسنجون" الايراني الجيد  الاعداد.
بعد كل مساء دامس مقطوع الضوء والكهرباء يبكي العراقيون بدموع ودماء، لكن رجلا السلطة المتحاصصة يرحبان ويلتقيان  بعضهما بعضا بالاحضان والقبلات، وعند ساعات الفجر الاولى توضع الخطط الأمنية للسلطة، وتوزع المهام على الاتباع،  كل حسب قدرته او امكانياته او مواقع توظيفه، فتنتشر في بغداد وجميع المحافظات كل اشكال الجريمة والتفجيرات من دون رقيب او ضمير ، تاركين لخلوة الرئاسيات الثلاث الناقصة بغياب الطالباني ووزراء الدفاع والداخلية، ترتيبات التعويضات فرئاسيا ستكون من حصة خضير الخزاعي، ووزاريا لسعدون الدليمي بوكالة الدفاع  والداخلية تترك لعبث عدنان الأسدي، وإعلاميا تخلوا الميكروفونات  لعلي الموسوي، ليتم توزيع السيارات المفخخة والتفجيرات الاجرامية بكل امان وثقة بعدم الاعتقال على الفاعلين .
يتم ذلك على طريقة تعلمها المدرسة الابتدائية العراقية يوما في ما يسمى بدرس الحساب والهندسة، والتي سماها معلموننا الاوائل حساب: "إيجاد القاسم المشترك البسيط او القاسم المشترك الأعظم". وهذان القاسمان المشتركان بين طموحات المالكي و النجيفي وتُبعهما هو ضمان تدفق السيول الجارية من دماء العراقيين الأبرياء، وتدفق فواتير مليارات الدولارات الامريكية نحو دول الخلجان والمؤسسات البنكية والمالية عبر العالم، فواتير تجري وتصب روافدهما وريعهما بين خماسي مزارع النجيفي والمالكي وعوائلهما .


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..