موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الجمعة، 2 أغسطس 2013

العسكر هم العسكر ولا نحتاج إلى مجهر

وجهات نظر 
عمران الكبيسي
طالما أشرنا الى أن العسكر هم العسكر، ولم نكن نقصد عقيدة الجيش التي تتحلى بروح الفروسية وقيمها، وإنما القادة الذين حكموا، والطامحون بالرئاسة منهم، ولم نطلقها اعتباطا، وإنما عن تجارب، ولي شقيق عسكري برتبة لواء في الجيش العراقي سابقا، ومعارف أحتك بهم واسمع منهم وأرى، وأمامنا تاريخ غني بتصرفات الرؤساء العسكر في البلاد العربية من أعالي حضرموت حتى تطوان، وفي كل الدول التي حكمها رؤساء عسكر تركوا خلفهم تجارب مأساوية، تسببت بما حاق بالأمة من كوارث وخنق للحريات، وتجاوز على القانون، واحتكار للسلطة، وتخلف وهزائم، ومن يخنق صوت الشعب لا يثأر ولا يحمي حمى الأوطان. وفشل أركان الحرب العرب في حماية الأمن القومي الخارجي، ونجحوا في إفساد الحياة السياسية أينما حل قادتها حكاما، وحيثما حكموا رؤساء. 


لم تكن سوءات القادة العسكر وقفا على البلاد العربية فحسب، فقد ورط نابليون بونابرت أوروبا بحروب طاحنة قدمت فيها الملايين من الأضاحي البشرية، وتسبب أدولف ألويس هتلر الذي كان واحدًا من المحاربين القدامى برتبة جندي أول، ثم وكيل عريف وتقلد الأوسمة تقديرًا لأدائه المتميز في الحرب العالمية الأولى، قبل أن يصبح زعيما للحزب النازي ويسجن عام 1932 إثر محاولة انقلاب فاشلة، ويستقطب تأييد الجماهير بأفكاره القومية ومعاداة الشيوعية وبالكاريزما والجاذبية التي تمتع بها في إلقاء الخطب والدعاية لنفسه حتى قاد ألمانيا وتسبب بحرب عالمية ثانية، أزهقت فيها أرواح عشرات الملايين من البشر ضحايا لطموحاته الشخصية بالشهرة والتسلط، ولم تهدأ أوروبا وتسترح إلا بعد أن تراجع دور العسكر لتتنفس شعوبها رياح التغيير والحرية. 
أعود إلى اليمن وهي الدولة العربية الوحيدة التي عارضت فكرة بريطانيا بإنشاء جامعة الدول العربية، وطالبت بإقامة جامعة شعوب لا مكان فيها لسياسة المحاور التي فرقت العرب، واقرأوا ماذا فعل العسكر بشعبها وكيف ورط عبدالناصر الجيش المصري بحرب اليمن ليكون تدخله سببا رئيسيا في انتكاسة حزيران 1967، ويعقبه السادات وحسني مبارك وليس السيسي إلا تلميذا شاطرا لهم، “وتلميذ الدكتاتور دكتاتور وزيادة”. وتواتر العسكر على حكم اليمن السعيد ستين سنة، جعلت منه على حد وصف شاعرها المعاصر البردوني لصنعاء، مليحة عاشقاها السل والجرب.
وأنهى العسكر في العراق الملكية الدستورية بمجزرة دموية وحشية تلتها عروض الزعيم الأوحد ورفاقه، بمشاهد كارثية من الكوميديا السوداء والحديث ذو شجون، وفي سوريا توالت مؤامرات العسكر وانقلاباتهم واغتيالات بعضهم لبعض تكالبا على السلطة في خمسينيات القرن الماضي انتهت بانفراد السفاح الأسد بالسلطة ليحكم سنين عجاف بؤسا وعنتا، وما يفعله العسكر بسوريا اليوم لا يحتاج إلى إيضاح، وسيناريو تسلط العقيد القذافي وجبروته في ليبيا أوسع من أن نحيط بمفرداته، وانقلاب العقيد محمد ولد عبد العزيز على الرئيس المنتخب في موريتانيا هي الأخرى من قبيل ثورة العسكري الدكتاتور، وندعو الله ألا يكون انقلاب السيسي شبيها بسيناريو انقلاب العسكر على الشرعية في الجزائر الذي جر البلاد إلى أهوال أحداث مأساوية جنب الله مصر غوائلها.
 ومنذ سقوط مبارك وتولي المجلس العسكري الحكم لم تتوقف محاولات العسكر بالالتفاف على الثورة والشرعية بطرق مشبوهة، والعسكر هم العسكر”يموت الديك وعينه على المزبلة” وأخير صدقت الرؤيا، وانقلب السيسي على رئيسه الشرعي المنتخب، ومن اللحظات الأولى بدا مسلسل الرعب على يد جهاز مباحث امن الدولة الذي أعيد تشكيله مباشرة بعد الانقلاب على ثورة يناير بأسبوع، ومن من المصريين لا يعرف ماذا يعني جهاز مباحث امن الدولة؟ ومن جرب المجرب ندم. والكفر ملة واحدة، وأينما حل حكم العسكر جلبوا الخراب والدمار، والويل عندهم للمغلوب، فكم صحيفة حجبت عن الصدور، وكم قناة فضائية أغلقت، وكم أصبح عدد المعتقلين، ولا تسأل عن عدد الضحايا والمصابين، فقد عمد دم الركع السجود جباه المصلين فجرا وعشاء، ووشح دم الشهداء الطرق والجدران وأبواب المساجد وخضب فرشها، هؤلاء هم العسكر. و”اللي استحوا ماتوا”
وعدنا من جديد نشم رائحة اتهامات جهاز مباحث أمن الدولة، التي مارسها في الماضي، التعذيب بالجلد والسلخ وتقطيع الأعضاء فضائع يندى لها الجبين، وعُرف هذا الجهاز بقلب الحقائق وتشويهها، ولا عجب أن يتهم الرئيس مرسي بممارسة الإرهاب على رئاسته، وان المتظاهرين قتلوا أنفسهم بأنفسهم، ولا غرابة أن يقال غدا إن السلفيين مرتبطين ببابا الكنيسة القبطية، وإن إسرائيل تسلح حماس لمواجهة فتح، وإن الإخوان باعوا النيل لإسرائيل، والأهرامات لتركيا، كما باعوا قناة السويس لقطر وسيتم قطرها وتصديرها! سوابق العسكر وجهاز أمن الدولة بمصر تجعلنا نتوقع الأسوأ، والأيام حبلى، وصدق الله حيث قال عن الملوك وهم العساكر” إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ”.

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..