وجهات نظر
عمران الكبيسي
انتهى
التصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية، التي واجه فيها العنصر العربي في
المحافظات الغربية إقصاء كاملا، فالعمليات العسكرية جعلت من مدينتي الرمادي
والفلوجة المحاصرتين منكوبتين بفعل القصف اليومي لقوات النظام، حتى هجرها غالبية
سكانها، ولم يشملها التصويت، وأغرقت مياه الفرات منطقة أبوغريب، أكبر أقضية محافظة
بغداد، وفشل سير الانتخابات، ومحافظات صلاح الدين وديالى وكركوك أثقلت كواهلهم
الأحداث وانشغلت بإيواء المهجرين من الأنبار وديالى ولوازم معيشتهم، وقاطع الكثير
التصويت محجمين عن المشاركة في انتخابات أريد لها مسبقا إضعاف تمثيل العنصر العربي
السني وتهميشه.
رحلات واتصالات رؤساء القوائم والكتل الانتخابية بالإيرانيين بدأت، فهم كما يبدو اللاعب الرئيس في العملية السياسية، فلم نر سياسيا عراقيا واحدا اعترض على تصريحات القيادي العسكري الإيراني صفوي بأن حدود بلاده تنتهي بجنوب لبنان وساحل المتوسط، إشارة إلى ابتلاع العراق وسوريا، فأين كرامة السياسيين الوطنية من هذا الاستفزاز الوقح الصريح؟ وهل سيأتي التغيير على يد من غلت أيدهم وفضت أفواههم ولم يجرؤ أحد منهم على القول لصفوي قف مكانك خوفا على مستقبله السياسي؟ لكن التفاؤل بنتائج الانتخابات ينحصر في تشظي القوائم العنصرية والطائفية الشيعية والسنية والكردية إلى كتل صغيرة مما ينبئ باحتمال غياب هذه التكتلات وذوبانها مستقبلا، وحصول مفاجآت غير محسوبة.
توقعات الفرز الأولية تشير إلى بقاء المالكي والنجيفي والبرزاني في ساحة المبارزة، وعليهم تسليط دائرة الأضواء من جديد، ولم يعد الأكراد بمفردهم يمثلون بيضة القبان، حيث بات ينافسهم تكتل الحكيم والصدر، بيد أن الكرد يرفضون المالكي ولكنهم يساومونه ويساومون الآخرين على رئاسة الجمهورية وضم كركوك لإقليم كردستان همهم الأول، ومن دونهم يصعب تغيير المالكي، وهو ما يعقد العملية السياسية ويفرغها من محتواها، مرشحو تكتل الصدر والحكيم لرئاسة الوزراء، أحمد الجلبي، وباقر الزبيدي، وعادل عبدالمهدي، لا يحظون بقبول العرب السنة، وقد يفضلون عودة المالكي لرئاسة الوزراء على بدائله إبراهيم الجعفري، وعلي الأديب، وفالح الفياض، وقصي السهيل. وطرحت أسماء شيعية جديدة كعبدالحسين عبطان، وجعفر الصدر، أما أقل مرشحي التسوية حظا فالنجيفي وأياد علاوي.
هذا هو المشهد العراقي مضحك بطعم البكاء لحظ الشعب العاثر، والكوميديا السوداء التي أخرجتها دولة كبرى وعظمى معنية بالسلم والأمن العالميين وتدعي الحرص على إدامته وهي تعلم أنها ارتكبت مهازل ساخرة، أميركا التي احتلت العراق تركته طبقا شهيا على مائدة النفوذ الإيراني الجامح للسيطرة على المنطقة، وهو الرابح الأكبر من الاحتلال، ونتساءل، أهذه هي ديمقراطية التبادل السلمي للسلطة والمناصب السيادية المحصنة في النظام الشرق أوسطي الجديد الذي تريده أميركا أنموذجا مثاليا يحتذى؟ وكيف يكون النظام الدكتاتوري والتعلق الفردي بالسلطة حتى الرمق الأخير؟ أيمكن أن نسمي استبدال الوجوه أو عملية تبادل الكراسي إن حصلت في أجواء تكريس نظام محاصصة طائفي عرقي قائم على المذهبية والعشائرية والتوريث تبادلا سلميا للسلطة وتغييرا جوهريا؟ أم هو ضحك على الذقون واستغفال للشعوب؟
ملاحظة:
نشر
المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق