موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأحد، 11 مايو 2014

من المنذرية إلى شواطئ المتوسط معركة واحدة، فهل من مدّكر؟

المقاتلون يغادرون حمص
وجهات نظر
نزار السامرائي
أخلت المعارضة السورية مدينة حمص القديمة مضطرة بعد سنتين من التجويع والحصار حتى باتت لقمة الخبز حلما يراود أهلها وحتى صار السلاح والعتاد ترفا غير متاح لأحد هناك، وسلَّمتها لقوات النظام مضطرة بسبب خذلانها من جانب من يسمون أنفسهم بأصدقاء الشعب السوري من نظام المال الرسمي العربي المتخاذل على الدوام والخائف من كل شيء، والذي يشعر بأن كل صيحة عليه، لأنه متهم من جانب نفسه ومن جانب من يعتمد عليه في تثبيت ركائزه، ومن الدول الكبرى التي لا تفكر إلا بأمن إسرائيل وتدمير سوريا وإشغالها بنفسها لعشرات السنين، وتجريدها مما ظل النظام السوري يتاجر بأنه التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل.

ما حصل كان نتيجة لهزال التحالف الداعم لثورة الشعب السوري الذي لا وجود له إلا في الإعلام المرئي والمقروء وفي المهرجانات الشعرية، مقابل تماسك الحلف الداعم لنظام الرئيس بشار المكون من روسيا والصين وإيران وحكومة المالكي ونظم النفاق العربي الساكت عن القتل والتدمير، ووضوح الرؤية الاستراتيجية عندهم للنتائج الكارثية لأية خطوة تراجع قد يفكر بها أحد عن مواصلة القتال المباشر من جانب إيران وأدواتها المحلية حتى النهاية، من دون أن يقيم هذا الحلف غير المقدس وزنا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان، أو أنه يفكر بردود فعل الجهات التي تقف وراء التحالف الدولي لما يسمى بالحرب على الإرهاب لأن إيران تسوق نفسها أصلا كطرف محارب للإرهاب وأن الإرهاب يتركز في الإسلام السني حصرا، إيران وحلفاؤها يفعلون ذلك ويجاهرون بأن معركتهم في سوريا هي للدفاع عن حدود الأمن الإيراني بل وحدود إيران الجديدة التي أصبحت على المتوسط من جنوب لبنان إلى جنوب تركيا.

ولا تكلف الولايات المتحدة نفسها ولا الاتحاد الأوربي في مجرد التعرف على عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة القادمين من كل أنحاء العالم للقتال إلى جانب النظام السوري ليس دفاعا عن بشار وإنما لتمهيد الأرض العربية لتوسيع الهيمنة الإيرانية بالقضم التدريجي للجغرافيا العربية، ويمارسون من أجل ذلك أكبر جرائم الإبادة الجماعية للشعب السوري، ولكن العالم وقف موقفا شبيها بحرب الإبادة الجماعية في البوسنة والهرسك التي حصلت تحت مظلة الأمم المتحدة والتحالف الغربي المسيحي، وبدلا من أن يحاول الغرب وقف التمدد الإيراني فإن وزراء داخلية الاتحاد الأوربي ومعهم عدد من وزراء داخلية دول شمال أفريقيا مشغولون حتى قمة رؤوسهم في كيفية منع بضع عشرات من الأوربيين الذين يرغبون بالتوجه إلى سوريا لمقاتلة القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية القادمة من العراق ومن حزب الله، ويغضون أبصارهم عن تدفق عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة الذين يتدفقون على سوريا برا وبحر وجوا لسحق الشعب السوري وفرض مناهج الدين الجديد الذين يريدون فرضه على سوريا بقوة السلاح تمهيدا لنشره في عموم الوطن العربي وآسيا وأفريقيا بعد أن تكتمل خطوتهم الكبرى باحتلال مكة المكرمة والمدينة المنورة، وسائر أنحاء جزيرة العرب، ولم يفكر الغرب بالتعامل مع حزب الله كحركة إرهابية ما تزال جرائمها ترتكب في كل يوم لتصبح سجلا من أكبر ما ارتكبته أية حركة إرهابية في العالم.
ومما يصعق المراقب العربي أن النظام الرسمي العربي يرقد في سبات عميق وهو يعرف أن السيل الجارف يزحف نحو حصونه، ولكنه مخدّر ولا يستطيع حراكا لدرء أخطار هذا السيل الهائل، بل على العكس من ذلك نراه يشرّع من القوانين المثيرة للعجب عن ملاحقة من يريد نصرة دينه في بلاد الشام والعراق بوجه الزحف الفارسي الإمبراطوري، في مفارقة لا نظير لها إلا كمن يسلم عدوه سلاحا فتاكا ويبقي نفسه أعزلا لا لشيء وإنما ليثبت حسن النية بحماقة غير مسبوقة.
إن المعركة غير متكافئة بين من يسعى لتدمير المشروع العربي عن طريق استكمال احتلال العراق واحتلال سوريا، وبين الطرف الآخر الذي يقف مسلوب الإرادة على الرغم من أنه الطرف المهدد بالدرجة الأساس وأنه الطرف الأكثر قدرة على إرباك المشروع الإيراني وإشغال إيران بنفسها داخليا، ولكن هذا الطرف ومن هلع مخجل وخوف مخز، يحاول تبرير تخاذله عن القيام بخطو إيجابية واحدة لوقف إيران عند حدها يتذرع باحترام قواعد القانون الدولي التي تؤكد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومع تقديرنا العالي لهذا المبدأ إلا أنه لا ينطبق على إيران التي طالما تدخلت في شؤون الدول الأخرى، فمن يتدخل في شؤون غيره عليه أن يقتنع بأنه ليس بمعزل عن أن يصبح ضحية لهذا النمط من السلوك الجاري في العالم منذ وصول الفتنة الكبرى إلى حكم إيران في 11 شباط 1979، فمبادئ عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول تنطبق على الدول المتحضرة والتي تحترم التزاماتها مع جيرانها ومع دول العالم الأخرى، ولا ينطبق على الدول التي تخرق هذا المبدأ لأنها عندما خرقته فقد أجازت للآخرين أن يحذو حذوها فيما ترتكب ولكن هذه المرة ستكون هي الضحية.
إن ما يجري في محافظة الأنبار وخاصة في مدينة الفلوجة من حصار مماثل لما تعرضت له حمص القديمة يشكل صدمة كبرى بكل معنى الكلمة لمتابعيه، ففي الوقت الذي تحظى المعارضة السورية بتعاطف شكلي على الأقل من جانب دول الخليج العربي ومن جانب الغرب، فإن المراقب ليحار في تفسير وقوف الإعلام الخليجي وخاصة قناة العربية إلى جانب قوات المالكي المدعومة من جانب إيران وحزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية في العراق والتي قصفت الأراضي السعودية في وقت سابق وهددت بتكرار هذا النوع من الأعمال الإرهابية كلما اقتضت مصلحة إيران ذلك، فثوار الفلوجة يواجهون بحملة تحريض وكراهية من جانب الإعلام الخليجي وصمت مفجع من جانب الحكومات العربية التي تزعم أنها تدعم ثورة الشعب السوري، فما هي الأسباب؟ تحريض لمن؟ إنه لحكومة المالكي الإيرانية الولاء.
إن الحلف الذي يقاتل الشعب السوري هو نفسه الذي يقاتل الشعب العراقي وبنفس الأساليب القتالية من قصف مدفعي وقتال مليشيات وقصف بالبراميل المتفجرة مع فارق بين منشأ صنع البراميل المتفجرة التي تسقط فوق سوريا هي من صنع روسي وأن البراميل المتفجرة التي تسقط فوق الفلوجة هي من صنع أمريكي، مع معرفتنا بأن السبب الذي يوضح لنا كل الخفايا التي تجعل بعض النظام الرسمي العربي وإعلامه الفاقد لأي استراتيجية واضحة ومحددة ومعبرة عن هدف نبيل، هو أن الولايات المتحدة التي احتلت العراق وصممت العملية السياسية الخائبة فيه، هي التي تدعم المالكي وتدرب قواته المقاتلة وتجهزها بالسلاح في حربها على سنة العراق، وتغض النظر عن دور المليشيات المدعومة من إيران في عمليات الخطف والتهجير والقتل وهي جرائم تصل إلى مستوى حرب الإبادة الجماعية، في حين أن روسيا هي التي تمد نظام بشار الأسد بأحدث الأسلحة لتدمير ما بقي من سوريا، ربما من هنا نجد التفسير الوحيد لأسباب انحياز مؤيدي ثورة سوريا من العرب ووقوفهم ضد ثوار العراق، وتقديمهم الدعم والتأييد للانتفاضة السورية وسكوتهم عن جرائم المالكي بل اعتبارها انتصارات على الإرهاب، فالسر في ذلك يكمن في الرضا أو السخط الأمريكي، وهذا يدفعنا إلى تساؤل مرير، متى يستطيع النظام الرسمي العربي رسم سياساته وفقا لمقتضيات المصلحة القومية وليس استنادا إلى إملاءات أمريكية أو روسية وكلاهما يلتقي عند شيطان إيراني يحرك اللعبة من وراء جدار سميك، ما هي دواعي الكيل بألف مكيال عربي؟
استوقفني أن حزب الله اللبناني احتفل بخروج قوات المعارضة من حمص القديمة واعتبر ذلك تأمينا لطريق الدم الجديد الممتد من طهران حتى الشواطئ الشرقية للمتوسط، ترى ماذا سيكون رد فعله لو نجحت قوات المالكي في دخول الفلوجة لا قدر الله؟ هذا سؤال موجه للنظام الرسمي العربي المتخاذل والخائف من كل شيء بل ومن لا شيء، وفي حال أجاب حزب الله على هذا السؤال ينبغي أن يتحسس النظام العربي متانة الأرض التي يقف عليها، لأن السيل قد أحدث كسرا في سد الصمود العربي.
كل من يشعر بخطر المشروع الإيراني ويتحسس وقع أقدام جنوده، يجب أن يدعم الشعبين العراقي والسوري معا من دون تفريق بينهما بالمال والسلاح والرجال من دون خوف من الدول الكبرى فالمعركة معركة مصيرنا نحن، أو على النظام الرسمي العربي على الأقل أن يغض الطرف عمن يدعم ويمد ويساند كي لا يلاحق من يشعر بوجع الجرح العربي الناتج عن السكين الفارسية على رقبته ويراد منه ألا يصرخ طالما أن الغرب راض عن إيران وعملائه ويتغاضى عن جمع الأموال لحزب الله اللبناني ولا يريد أن يتحرك لوضع حد لنشاطاته في أوربا وأمريكا، فعلى العراقيين والسوريين الدم والتضحيات وما على العرب إلا تقديم الدعم لهما، أو كف الأذى عنهما كما يحصل حاليا من جانب الفضائيات الغبية أو المستغفلة أو المصابة بعمى الأوان.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..