وجهات نظر
صبحي حديدي
قبل أيام أعلنت المنظمة اليمنية الأهلية «رابطة
أُسَر ضحايا الطائرات بدون طيار» عن غارة جديدة شنتها الولايات المتحدة في منطقة
الحصون، محافظة مأرب، بطائرة دون طيار، استهدفت سيارة تقلّ ستة مواطنين يمنيين،
قُتلوا جميعاً.
وإذا كانت الحكومة اليمنية تواصل سياسة الصمت
إزاء هذه الغارات، أو التواطؤ مع البنتاغون في تنفيذها؛ فإنّ الحكومة الباكستانية،
في ما يخصّ غارات أمريكية مماثلة على أراضيها، رفعت الأمر إلى مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة، مما اضطرّ الحكومة اليمنية إلى المشاركة في مشروع قرار
يطالب بالشفافية في موضوع هذه الغارات، وإنشاء لجنة خبراء تتولى المعالجة
القانونية للملفّ.
على صعيد آخر، كان البرلمان الأوروبي قد صوّت،
بأغلبية 543 صوتاً ضدّ 49، على قرار يطالب الدول الأعضاء بحظر ممارسة القتل خارج
القضاء، ويمنع الحكومات الأوروبية من تنفيذ أو تسهيل عمليات كهذه، والتوقف عن
إنتاج او استخدام طائرات القتل من غير طيار (خاصة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا)، وإيقاف التعاون مع
الولايات المتحدة في برنامج تطوير هذه الطائرات.
ولكي يكتسب هذا التوجه صفة روحية، دينية
وأخلاقية، كان «مجلس الكنائس العالمي»، التحالف الأوسع للكنائس المسيحية، قد أصدر
بياناً يعارض استخدام هذه الطائرات في عمليات الاغتيال، معتبراً أنها تشكل
«تهديداً خطيراً للإنسانية»، وأدان بصفة خاصة العمليات في الباكستان.
أمّا الأرقام، فإنها ما تزال تؤكد الوقائع الدامغة: منذ 23 كانون الثاني/يناير 2009، حين اغارت طائرة بلا طيار على منزل في إحدى مناطق الباكستان القبائلية، وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما في يومه الرئاسي الثالث؛ قتلت هذه الطائرات قرابة 2500 مواطن، في اليمن والصومال والباكستان، بينهم مئات المدنيين؛ أي ستة أضعاف أعداد الذين قُتلوا في عمليات مماثلة، خلال رئاسة جورج بوش الابن.
أمّا الأرقام، فإنها ما تزال تؤكد الوقائع الدامغة: منذ 23 كانون الثاني/يناير 2009، حين اغارت طائرة بلا طيار على منزل في إحدى مناطق الباكستان القبائلية، وكان الرئيس الامريكي باراك أوباما في يومه الرئاسي الثالث؛ قتلت هذه الطائرات قرابة 2500 مواطن، في اليمن والصومال والباكستان، بينهم مئات المدنيين؛ أي ستة أضعاف أعداد الذين قُتلوا في عمليات مماثلة، خلال رئاسة جورج بوش الابن.
وهي حال تعيد المرء إلى خطاب أوباما ، وهو يتسلم
جائزة نوبل للسلام، أواخر العام 2009؛ حين انتهى قصارى قوله إلى خلاصات مثل هذه:
الحرب ضرورية من أجل السلام، وثمة حروب عادلة من الطراز الذي يخوضه بلدي في
أفغانستان وفي العراق؛ وإني، وإنْ شاركت أمثال
نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كنغ وآنغ سان سو كي في حمل جائزتكم الرفيعة، لآتٍ
بالسلام عن طريق الحرب وحدها، حتى إشعار آخر؛ وما كنتم ستمنحوني الجائزة هذه لولا
أنني رئيس القوّة الكونية الأعظم، القائد الأعلى لجيوشها الجرّارة التي تنتشر في
مشارق الأرض ومغاربها، وآمِر حربها وسلامها…
وإذْ يُخضع المرء خطاب أوباما، ذاك، إلى تفكيك جذري يشمل المفردة والمجاز والمغزى، فإنّ الصوت الذي يطغى في نهاية المطاف هو ذاك الناطق بضمير محارب واعظ متديّن، متعصّب لحروب أمّته، لا يرى في عنفها المتكرر ضدّ الأمم أيّ ضرر أخلاقي، بل يعتبره عادلاً، ولا يُصنع سلام دون اللجوء إليه. وبدل القول إنّ أوباما ليس رجل سلام بل رئيس حرب، يصحّ القول إنه… محض رئيس أمريكي نموذجي، وكفى!
وإذْ يُخضع المرء خطاب أوباما، ذاك، إلى تفكيك جذري يشمل المفردة والمجاز والمغزى، فإنّ الصوت الذي يطغى في نهاية المطاف هو ذاك الناطق بضمير محارب واعظ متديّن، متعصّب لحروب أمّته، لا يرى في عنفها المتكرر ضدّ الأمم أيّ ضرر أخلاقي، بل يعتبره عادلاً، ولا يُصنع سلام دون اللجوء إليه. وبدل القول إنّ أوباما ليس رجل سلام بل رئيس حرب، يصحّ القول إنه… محض رئيس أمريكي نموذجي، وكفى!
ملاحظة:
نشر
المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق