وجهات نظر
جاسم الشمري
التزوير
لغة مصدر زوَّر، و(الزُّورُ) الْكَذِبُ. وَ(التَّزْوِيرُ) تَزْيِينُ الْكَذِبِ. وزَوَّرَ
شَهادَةً: زَيَّفَها عَنِ الأَصْلِ، حَرَّفَها، اِنْتَحَلَها. وزَوَّرَ تَوْقيعاً:
زَيَّفَهُ بِمُحاوَلَةِ تَقْليدِهِ عَنِ الأَصْلِ، وزَوَّروا الانْتِخاباتِ: غَشُّوا
فيها، حَوَّلُوا نَتائِجَها عَلَى غَيْرِ حَقيقَتِها، وزَوَّرَ عَلَيْهِ: قالَ عَلَيْهِ
الزُّورَ.
والتزوير
اصطلاحاً يقصد بالزور تغيير
الحقيقة، إما قولاً أو فعلاً أو كتابةً بهدف خداع الغير. ويقصد
به عند غالبية ساسة العراق اليوم: القدرة على خداع أكبر عدد ممكن من الجماهير.
أما
النوع، الذي تتطاير شروره نحو الآخرين، فهو التزوير الاقتصادي والسياسي، ومن أوضح صور
التزوير السياسي خداع الجماهير عبر الدعايات الكاذبة والوعود الفارغة، وأيضاً من خلال
تزوير أصوات الناخبين، و التلاعب بنتائج الانتخابات.
هذا
النمط الهمجي في الوصول لسدة الحكم يثبت كذب وخداع هؤلاء الساسة وخيانتهم للأمانة،
التي هي من أهم المعايير الإنسانية؛ لأن الإنسان بلا أمانة وصدق ينسلخ من إنسانيته؛
لأنه سيلعب دور الممثل المخادع لمن حوله.
التزوير
من الأخلاق الذميمة، إلا أن الكذب على الأموات وتزوير أصواتهم أشد وأشر أنواع التزوير؛
وذلك لأنه لا يُعد خداعاً للأحياء فحسب؛ بل هو سخرية وامتهان للأحياء والأموات على
حد سواء، وهذه قمة الخيانة.
الانتخابات
البرلمانية العراقية الأخيرة امتازت بسمة التزوير، وهذا ما اعترف به شركاء الحكومة
ومنهم التيار الصدري، وقائمة عمار الحكيم، وكتلة إياد علاوي، وتجمع أسامة النجيفي وغيرهم.
ومن
صور التزوير الجلية، الأدلة التي ذكرتها شبكة (شمس) المستقلة لمراقبة الانتخابات في
يوم 21/5/2014، حيث أكدت المنظمة أنها تمتلك أدلة مدعومة بالوثائق أنه: ( في المركز
الانتخابي الواقع في مدرسة (الضحى والغفران) في بغداد بجانب الرصافة بلغ عدد أصوات
دولة القانون في عملية الفرز الأولى (147) صوتاً، لكنه تم احتسابها (247) صوتاً،
وأن إحدى المحطات بلغ عدد الأصوات فيها (77) صوتاً، في حين تم احتسابها (277) صوتاً،
لصالح ائتلاف المالكي).
والعجيب
أن التزوير في ( الديمقراطية العراقية) وصل إلى درجة إشراك الأموات في التصويت،
ففي يوم 22/5/2014، قال مصدر في مجلس محافظة ديالى - فضل عدم الكشف عن اسمه – (إن هناك
أسماء لأشخاص متوفين شاركوا في الانتخابات؛ مما يدل على أنه تم استغلال أصواتهم في
الانتخابات لصالح جهة معينة في ديالى، وإن هناك ضباطاً كانوا يجلسون في المراكز الانتخابية
في التصويت الخاص، ويجبرون الجنود على اختيار دولة القانون، وإنه يمتلك أدلة واضحة
على وجود خروقات، وعمليات تزوير فاضحة في نتائج التصويت العام، الذي جرى في نهاية نيسان
الماضي، وسيتم تقديمها للمفوضية والمحكمة الاتحادية).
هذه
الجريمة تثبت أن الكثير من السياسيين مستعدون للتعاون وعقد الاتفاقيات الإستراتيجية
مع الشيطان؛ من أجل بقائهم تحت قبة البرلمان؛ وإلا كيف يمكن تفهم إشراك الأموات في
التصويت؛ للحصول على قدر أكبر من الأصوات، ألا يكفي الكذب والخداع على الأحياء،
لينقل هؤلاء الساسة كذبهم وخداعهم إلى الأموات وعليهم؟!
البرلماني
الصادق والنبيل هو الذي يجعل من العفة والأمانة والوضوح ثياباً يرتديها خلال مهمته
السامية، في زمن شحت فيه هذه الأخلاق؛ وكأنما شعار غالبية هؤلاء الساسة: ( أن أهم مبدأ
في السياسية أن تكون مخادعاً وكذاباً ومراوغاً).
هذا
استخفاف بالقيم الإنسانية، واستغفال للجماهير، التي تنتظر من البرلمانيين شيئاً على
أرض الواقع.
هذه
الألاعيب المخجلة لن تمر من غير توقف في المحافل القضائية، لإعادة حقوق الأحياء
والأموات من هؤلاء القتلة، الذين ارتدوا ثياب الوطنية، وهم من أكثر الناس كراهية
للعراقيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق