وجهات نظر
عمران الكبيسي
أذكر جيدا ما قلته
للسيد غازي الياور أول رئيس جمهورية للعراق بعد الاحتلال، وهو من عرب الموصل السنة،
في رمضان 1424 هـ، الموافق نوفمبر 2004 يوم
دعا لفيفا من العراقيين في البحرين للتحدث
إليهم، وأقام لهم إفطاراً في قصر الصافرية حيث كان ضيفاً على ملك البحرين
حمد بن عيسى آل خليفة، وكانت
القوات الأمريكية تحاصر الفلوجة بعد فشل اقتحامها في المعركة الأولى في مارس وابريل،
2004، فأعدت العدة لحصارها واقتحامها ثانية، فضاعفت قواتها سبع مرات وحشدت 20 ألف
جندي مع كتيبة بريطانية، مقابل نحو ألف مقاتل كانوا متحصنين داخل المدينة.
قاتل الرجال في
الفلوجة قتال المهاجرين والانصار دفاعا عن الشرف والكرامة، وكانوا وكنا نعرف أن
جيش الاحتلال بالعدد والعدة التي لديه سيقتحم المدينة أولا وأخيرا، ولكن لا يسلم
الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم، اقتحم الغزاة الفلوجة على جثث الشهداء، بعد أن دفعوا الثمن أضعافا، فهل استقر الأمر للمحتلين؟ أم خاضوا في الأنبار
حروبا جعلت الرئيس بوش يفقد الثقة بقواته؟ فلجأ يسترضي بعض الشيوخ من ضعاف النفوس
بالمال وشكل منهم الصحوات، ليمهدوا لجيش الاحتلال الخروج، وظلت الانبار تدعى بين
الجند الأمريكيين "بمثلث الموت" لما أصابهم فيها، وبعدها لم يجلس الياور
على كرسي رئاسة الجمهورية ثانية، مثله مثل أياد علاوي رئيس الوزراء، ولن يهنأ بمنصب من ناصب الفلوجة العداء وأسهم باقتحامها
عنوة.
منذ سنتين والانبار
تتظاهر وتعتصم احتجاجا سلميا على استبداد المالكي وتفرده بالسلطة، وتهميشه وإهماله
للعرب السنة، وجوره وجور مليشياته عليهم، لم يستجب المالكي لنداء العقل، وفض
الاعتصام بالقوة، وحاصر بجيشه المدينة طيلة أربعة أشهر مضت، ليجوع أهلها
ويهجرهم انتقاما، لكن الصبيان التي عايشت المعارك مع المحتل كبرت، وأصبحوا شبابا،
وهم اليوم يذودون عن كرامة وشرف مدينتهم، هم يعرفون جيدا أن جيش المالكي وزمرته
الطائفية ستقتحم البلدة، لكنها ضريبة الشرف، ويعلمون أن المالكي استعدى أمريكا
وأوربا على أهل الفلوجة بفرية الإرهاب، واستغل المعركة لكسب أصوات الطائفيين في
الانتخابات، وبحجة محاربة تطرف القاعدة وداعش حصل على السلاح والطائرات ودعم
لوجستي مخابراتي من دول الغرب التي تصمت رغم قساوة العدوان الذي يطول المدنيين، فعسكر
السلطان يقصفون المدينة بالطائرات ويرجمونها بالمدافع، ويسقطون عليها البراميل
المتفجرة، مستعينين بمليشات بعض الأحزاب، ورجال بعض الحوزات، والمرتزقة
الإيرانيين، ولكن، ماذا بعد اقتحام الفلوجة؟
لست مع العنف، وأكره
القتل والدم، وأجرم القاعدة وداعش، وأدعو لوحدة الصف والتآخي، والهدوء والاستقرار
والتنمية، ولكن نعرف جيدا من هم أهل الانبار، أكبر المحافظات العراقية مساحة،
وعبرها تمتد الطرق الخارجية السريعة إلى سوريا والأردن والسعودية،
وغاب عن المالكي أن سلوا العشائر العربية: ألا لا يجهلن احد علينا، فنجهل فوق جهل
الجاهلين، ليعلم العالم أن معركة الانبار تبدأ
باقتحام الفلوجة، كل شهيد في المعركة سيخلف ألف مقاتل من عشيرته، وكل دمعة أنبارية
حرة ستتحول بعيون أطفالها حقدا ونقمة ورصاصا، وكل دار هدمت ستبقى ذكرى في رؤوس
الصبيان والصبايا تنتظر الثأر، ولن تسكت
المحافظات العربية السنية على ضيم إخوانهم الانباريين، وستبدأ حرب أخرى من نوع
آخر، و عندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!
هناك تعليقان (2):
يا استاذنا الجليل كيف تدع من صافح الايادي الدموية من الياور واشكاله في الكتاية في منبركم الطاهر فهل من تفسير ؟؟ ام ضيعنا الخيط والعصفور
هل تعتقد اننا يمكن ان نضيع الخيط والعصفور ياعزيزي؟
الاستاذ عمران الكبيسي كاتب وطني مشهود له بمواقف وطنية ممتازة.
تحياتي
إرسال تعليق