وجهات نظر
وسام العاني
ها وقد انقشع غبار الانتخابات البرلمانية في العراق لعام
2014، عن نتائج بدت لكثيرين منطقية جدا وفق العوامل الأساسية التي تحكمت بالعملية
السياسية في العراق منذ 2003، إلا انها كانت صدمة كبيرة، لمن وضع آمالاً في
التغيير عبر صناديق الاقتراع، والتي تتركز في محورها، على تغيير شخص المالكي، مما
يقود بالضرورة الى تغيير (الحاشية) المحيطة به، إذ يرون أنها أسوأ من المالكي
نفسه.
بيد أني أريد أن أسجل حواراً مع الذين تحمسوا بافراط
للذهاب للانتخابات، داعين الناس الى المشاركة فيها باعتبارها حلا دستوريا لمشكلة
العراق الكبرى، يحفظ الدماء، ويمنع الصدام، ولن ادخل طبعا في نواياهم، وسأحملها
على الخير؛ غير اني اود منهم ان يكملوا ما بدأو من مخطط البحث عن الحل؛ ذلك ان
التخطيط السليم لا يبدأ وينتهي بخطوة واحدة؛ واذا ما افترضنا ان المشاركة في
الانتخابات هي خطوة اولى بما ينسجم مع التخطيط المبني على قواعد علمية رصينة، فيجب
أن تعقبها خطوات لاحقة او بديلة، كما ينص على ذلك علم ادارة المشاريع.
وسأكون محددأً؛ وأخاطب علماء الدين الأفاضل ممن أفتوا
بوجوب الزحف الى الصناديق، حتى وصل الحد ببعضهم الى الافتاء بان المشاركة في
الانتخابات فرض عين؛ وأقف لأسألهم سؤال من يطلب الفتوى في حدث مهم كالوضع في
العراق: قد أفتيتم بوجوب الزحف للإنتخابات على أمل التغيير، وهاهي نتائج
الانتخابات تظهر وتصدمكم .. نعم تصدمكم .. لأنكم كنتم تظنون أن المالكي سيكون الخاسر
الأكبر نتيجة تذمر الشيعة على أدائه، وأداء حكومته، بالاضافة الى غضبهم على فقدان
أبنائهم في حرب الأنبار؛ وها أنتم ترون بام أعينكم أن غالبية الشيعة انتخبوا
المالكي، ولا تقولوا رجاءً بالتزوير .. لأنني مازلت أحمل فتاواكم على الخير، وأحسب
أنكم لا تعلمون بأن التزوير كان سيحدث رغما عن الجميع؛ فان كنتم تعلمون بالتزوير
مسبقاً فالمصيبة أعظم؛ والآن اسمحوا لي أن أسألكم: ماهي الخطوة اللاحقة أو البديلة؟
وأرجوكم مرة أخرى أن لا تقولوا بان الأمر مازال بأوله، وأن المالكي قد لا يحصل على
الولاية الثالثة؛ ويجب أن أذكركم بسيناريو انتخابات 2010 عندما ظل السياسيون
يرفضون الولاية (الثانية) لمدة عشرة أشهر، ولطالما صرخوا بأعلى صوتهم بالرفض، ومن
جميع الكتل؛ لكنهم، وفي سرعة البرق اتفقوا بين ليلة وضحاها على منح المالكي
الولاية (الثانية) بحجة اخذ الضمانات منه؛ والحقيقة انهم تقاسموا الحصص على حساب
دماء الشعب؛ كما لايخفى على جنابكم ان البديل لن يكون الا من الشيعة الاسلاميين
المعروفين بطائفيتهم المقيتة التي وصلت حد الاجرام والدعوة البغيضة الى قتل الآخر
ودعم المليشيات المجرمة.
ماهي الخطوة اللاحقة أو البديلة بعد فشل الخطوة الأولى؟
لم يصرح أحد منكم شيئاً عن الخطوة الأخرى، بل اكتفى منذ البداية بالدعوة الى
المشاركة بالانتخابات، ولم يبين للناس ما عليهم أن يفعلوه اذا فشلت الانتخابات
بالتغيير المنشود.
ليتكم تتقدمون ببيان عريض يشرح للناس ماذا يمكن أن
يفعلوا الآن؛ هل يصبرون أربع سنوات أخرى على أمل وردي بالتغيير، يدفعون خلالها
مزيدا من أبنائهم في المعتقلات، وفي نار الطائفية التي تسعرها المليشيات المدعومة
من الحكومة؟ مع مزيد من التشرذم واليأس الذي يؤدي بشبابنا الى خيارات غير محمودة؛ أم
لديكم أمر آخر؟
وأنا أستفتيكم:
هل أصدق السياسي الذي يبيعني وعوداً آجلة برفع الظلم،
وتحقيق التوازن، ويطالبني بالزحف للانتخابات ولو على حساب روحي، ليفوز بالمنصب، لكنه
سرعان ما ينساني ساعة ما تطأ رجله البرلمان ليصرح: (ان لا حل مع شركاء الوطن)،
وانهم باقون فقط لتخفيف الضرر؟ .. أم أصدق الثائر البطل، الذي يجود بنفسه عاجلاً
غير آجل، من أجلي ومن أجل مستقبل أولادي ولا يسالني الا الدعاء؟ ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق