وجهات
نظر
بشرى
الحمداني
اشخاص نعرفهم، منذ زمن ليس بالقليل نلتقيهم كل يوم وهم موجودون في كل مكان، يشاء القدر لحكمة ما أن
يكونوا أبطالاً لمرحلة نعيشها ونشهد تجلياتها، حتى وإن بدوا بالنسبة للبعض أبطالاً
مبدعون مزورون، فالزيف والكذب يمكن أن يكون سمة لمرحلة من مراحل أي مجتمع أو أية
أمة.
تحدثنا
بطون كتب التاريخ ان نماذج جمة
ظهرت فجأة من حيث لا يدري الناس
لتتسيد المشهد، ولتلعب دور البطولة فتأمر وتنهى وتحظى بالقبول والرضا، من دون أن
تعني الابداع هنا الشجاعة أوالنبل أوالبسالة، ولكن الابداع يدفع المبدعون الى
تأية أدواراً أكبر من حجمهم أحياناً .
فالابداع
هي مقدرة الفرد على الابتكار والوصول إلى
شيء غير مألوف لم يسبق إليه أحد من قبل
فقد يبدع الشخص في مجال الطب ، الهندسة ، الاعلام وغيرها الكثير من مجالا
الحياة ··
ومن
خلال تلك الترجمة العقلية للابداع ظهرت تساولات حول من هو الشخص المبدع؟ ·· ومتى
نطلق على الفرد بأنه مبدع؟ فهل من حاز على
جائزة التفوق العلمي هو مبدع؟ أم من توصل إلى اكتشاف القلب الصناعي هو مبدع؟ أم يا
ترى من ارضى الناس هو مبدع او من ارضى اسياده؟
اسئلة
كثيرة راودتني واني ارى عشرات صور تغزو صفحات الصحف والمواقع الالكترونية عن
اناس اطلق البعض عليهم صفة الابداع في بلد
كثر فيه المخربون بل نسجوا مقياس دقيقاً
للتخريب بمعنى الابداع··
في
بلد ينزف منذ 11 عاماً ولا من مبدع يوقف نزيفه ... فأين هم
المبدعون من قتل ونهب وتهجير متواصل؟
من
خلال الأمثلة السابقة نرى بأن أولئك الأشخاص مبدعو هذا الزمان لا أصنفهم ضمن لائحة
المبدعين فالابداع لا نقيض له، أما الذكاء فنقيضه الغباء وهو متفاوت عند البشر ··
إذاً
للابداع أبعاد أخرى فمثلاً كان من البديهي عند الجميع أن التفاح حين يصل لمرحلة
البلوغ يسقط على الأرض· ولكن لم يكن كذلك عند العالم نيوتن ·· الذي استوقفه المشهد
ليتساءل عن سر ذلك السقوط·· مما جعله يفكر بأشياء مستحيلة ولا تخطر على بال أحد
برغم تفاهة المشهد عند الآخرين·
فكل
مكتشف هو مبدع وليس كل من بدع اكتشف ما لم يثبت تلك البدعة، فخير الناس من نفع الناس لا من
غشهم بالقاب مستهلكة واهية لا تسمن ولا تغني
عن جوع ...
والمبدعون
الذين يستحقون هذه الكلمة عن جدارة هم من غيروا مجرى الانسانية بعلمهم، بابداعهم،
بصبرهم، ولم ينتظروا أحد حتى يقوم بالتغيير نيابة عنهم، مبدعون بافكارهم، بعقولهم، بابداعاتهم التي
لن ترفعهم فحسب بل سوف ترفعنا معهم. المبدعون ينظرون للحياة بنظرة مختلفة عن
الاخرين نظرة مختلفه بكثير عن الشخص العادي .
فالمبدع
بطبيعته المكملة ينظر للخلف ويفكر للأمام، وهو في الآن ذاته يمقت التقليد مندفعاً
نحو التجديد لتأكيد نظريته في فرض الإبداع ودحض الاتباع، فهو يبادر لأن يجعل من كل
جديد أحدث ومن كل حديث أجدد. أما طبيعته المتأملة تضطره للتمعن في المظهر والتدقيق
في الجوهر، ويأتي ذلك من قدرته على تدوين الصور ورسم الأفكار، ينظر لكل فكرة صغير
على أنها عالم كبير ويجد في كل إنجاز ضخم على أنه مراودة بسيطة نمت وأصبح بحجمها الكبير.
واذا
كان كل ما سبق ذكره من صفات ابداعية متوفرة في تلك الاعداد الهائلة ممن يكرمون
يوميا تحت لافتة الابداع فكل مشاكلنا هراء وكل آلامنا ومعاناتنا اوهام بل
باتت الدنيا ربيع والجو بديع، على حد قول
اغنية سعاد حسني!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق