وجهات نظر
مثنى عبدالله
ليس
الخطأ في ايران بل هنا في العراق!
نعم
انها جار استخدم سياسة الشر المستديم وسيلة للتعامل مع العرب جميعا، ومنهم
العراقيون، سواء في عهد الشاه او النظام الحالي، لكن قولوا لنا من لا يفضّل ان
تكون على حدوده دولة زعاماتها السياسية بنفس مواصفات الحاكمين في بغداد، ولا يلقي
بهم في غيابة الجب كي يستأثر بكل ما في العراق؟
ألم
يقل وزير خارجيتهم السابق خلال زيارته، بان كل ما في العراق يعشقه الايرانيون؟
قبل عام كادت بعض القوى السياسية ان تُطيح بنوري المالكي بسحب الثقة عنه، لكن الخيط الايراني المربوط بجلال طالباني شُدّ بقوة من قبل قاسم سليماني، الذي له القول الفصل في الملف العراقي، فسقط مسعى سحب الثقة. وفي فترة الحكم الممتدة منذ عام 2004 حتى 2011 كان الكثير من الزعامات السياسية السُنية تخطب ود ايران، وترسل وفودا اليها تلتقي زعاماتها الدينية والسياسية كي تنال الرضى والقبول، حتى خاطب نائب الرئيس العراقي السابق السفير الايراني في بغداد، طالبا منه المساعدة في تشكيل الحكومة التي تعسّرت ولادتها تسعة اشهر، بل الاكثر من ذلك ان احد الاحزاب السياسية السنية المعروفة كلّف احد اعضائه في بريطانيا بان يكون عنصر ارتباط مع السفارة الايرانية في لندن، كي تبقى العلاقات في الظل ولا يثير حفيظة قواعده. ولو بحثنا في هذا التشعب الايراني في العلاقات مع القوى العراقية المشاركة في العملية السياسية، من دون فيتو منها على اي طرف، نجده قائما على اصرار ايراني بان من يُدير العراق كواجهة لهم يجب ان يكون من صنعهم، وعلى قبول من الاخرين بدورهم هذا، بعد ان لمسوا وجودهم الفعلي على ارض الواقع، من خلال عملهم اليومي في المنصب السياسي او الاداري او العسكري والامني، حتى ان لم يكونوا من صنعهم سابقا. واذا كان الفعل الايراني الظاهر على السطح يبرز علانية في اوقات الانتخابات، وما بعدها لتعزيز الصفوف وتشكيل التحالفات لانتاج الحكومة، فان الدور الاكثر فاعلية غاطس في العمل اليومي الدؤوب لاعادة تشكيل العراق، وجعله جزءا من خارطة الاهداف والاهتمامات السياسة الايرانية، بما يجعل موقعه الجيوسياسي وموارده البشرية والمادية عمودا اساسيا في القوى الناعمة والصلبة، التي يتحركون بها في المحيطين الاقليمي والدولي. وما الانتخابات الا فرصة لهم لتعديل العمل السياسي العراقي، الذي قد يكون جزء منه قد غرد خارج سرب سياساتهم في المرحلة السابقة، او لتعزيز سلطة هذا الطرف وابعاد الطرف الاخر، او لزيادة الاملاءات على هذه الجهة او تلك. دعونا من مهزلة الديمقراطية وصناديقها ونتائجها التي تتبخر حال ظهور النتائج، وانظروا الى وفود الحجيج الذاهبين الى قم وطهران بعد كل انتخابات، لتروا عمق الزيف الذي بُنيت على اساسه كل هذه العملية. وفود مدعوّة من قبل المؤسسة الدينية في ايران ومطالبها الرئيسية تعزيز السلطتين الدينية والسياسية للمذهب، بما يعزز تراص الصفوف العابر للحدود. وفود ثانية مدعوّة من مؤسسة الحرس الثوري وجهاز اطلاعات، وهم غالبا زعماء ميليشيات مسلحة كانوا يقاتلون العراق بتدريب وتسليح وتمويل ايراني قبل الاحتلال، والمطلوب منهم تعزيز الدور الاستخباراتي الايراني في العراق، وتطوير العمل الميليشاوي بما يرفد الساحتين العراقية والسورية بدماء طائفية جديدة، ووضع الاشخاص المناسبين في الاماكن المناسبة للمرحلة القادمة، بما يعزز الفعل السابق. اما الوفود الثالثة فهي المدعوة من قبل المؤسسة السياسية التي تمثلها وزارة الخارجية الايرانية، ومطالبها الرئيسية هو استمرار التناغم في الموقفين العراقي والايراني في القضايا الاقليمية والدولية، واستمرار حالة المد والجزر في السياسة العراقية مع محيطه العربي وفقا للنوايا الايرانية. ولعل الفاعل الابرز في هذه القوى في الشأن العراقي هو المؤسسة الدينية الايرانية، لانها تمارس التأثير الديني والسياسي، من خلال انضواء الحرس الثوري تحت جناحيها. واذا كان البعض يتوهم في رؤيته للتصريحات وللتناقضات الظاهرة على سطح البيت السياسي الشيعي اليوم بعد فوز نوري المالكي بأعلى نسبة مقاعد، فان النظرة الفاحصة لهذه الظاهرة في ضوء السوابق تشير الى انها مظهر من مظاهر الخوف على مصلحة المذهب وليس الوطن، وما التصريحات والتصريحات المضادة بينهم الا دعوة للجانب الايراني كي يمارس دوره على الجميع، ويقسم الكعكة السياسية بين الفرقاء قبل ان ينفرط صبر الميليشيات فتكون وجها لوجه، وهذا ما لا يريده الجميع. ما الذي يردع التيار الصدري عن تسمية مرشح لرئاسة الوزراء حتى اليوم؟ وما الذي يردع تيار الحكيم عن تسمية مرشح لرئاسة الوزراء حتى اليوم ايضا؟ أليسا شيعيين ومنصب رئيس الوزراء قد تم تأميمه لهذه الهوية الطائفية وقبل السنة بذلك؟ اذا ماذا ينتظران؟ لماذا الجرأة فقط لدى تيار دولة القانون الذي سمى مرشحه؟ هل فعلا لعبة المقاعد التي حصلوا عليها هي التي تتحكم بهذا؟ يقينا لا هذا ولا ذاك، بل لان تيار دولة القانون يرى ان امتلاكه السلطة السياسية وقواها العسكرية والامنية مضافا اليها الصفة المذهبية، اكثر اغراء للحليف الايراني من الاخرين الذين لا يملكون الا الصفة الشيعية، لذلك هو اكثر جرأة منهم. ألم يظهر احد المراجع علنا كي يفتي بتحريم انتخابه ويشجع على انتخاب الاخر، فظهرت النتائج لصالح الذي تم تحريمه. انها قوى السلطة التي تتفوق حتى على المرجعية في العراق، والسياسة الايرانية تنتهج نهجا براغماتيا يعرف ذلك جيدا.
ملاحظة:
نشر
المقال هنا.
هناك تعليق واحد:
عندما تتحول القبلة الى كربلاء وتعم الفوضى
فحدث ولا حرج،،
إرسال تعليق