بعمق رؤيته ونظرته العقلانية التحليلية، كأستاذ فلسفة وباحث متميز وصبور من الطراز الأول، يعرض أستاذي وصديقي الدكتور عبدالستار الراوي، أوراقه الإيرانية التي كتبها استناداً إلى خبرته العميقة بإيران مابعد 1979، التي تمتد لبداية ثمانينات القرن الماضي، وتكللت بقضائه أربع سنوات سفيراً لجمهورية العراق في طهران.
وهذه هي الحلقة الأولى من أوراق الراوي الإيرانية، حصرياً على (وجهات نظر).
وهذه هي الحلقة الأولى من أوراق الراوي الإيرانية، حصرياً على (وجهات نظر).
أوراق إيرانية
الدستور الايراني
عبدالستار الراوي
أولا: ولاية الفقيه والدستور:
الدستور الإيراني في جوهره مبني على (نظرية ولاية الفقيه) التي تستند إلى تصور كلي شامل، أساسه الاعتقاد بأن الفقيه الذي اجتمعت له وفيه الكفاءة العلمية وصفة العدالة، والذي عرفته الأمة وشخصته يتمتع بولاية عامة وسلطة مطلقة على شؤون البلاد والعباد، باعتباره الوصي عليهم في غيبة (الإمام المنتظر)، حيث نصت المادة الخامسة على أن تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة في غيبة المهدي في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل، المتقي، البصير بأمور العصر، الشجاع القادر علي الإدارة والتدبير. إن هذا التصور الكلي لدور الفقيه العادل، وصلاحياته الطليقة، ومنزلته الروحية مما ابتدعه وأحدثه في المذهب الإمامي، ذلك أن فقهاء المذهب المحدثين من أمثال الشيخ مرتضى الأنصاري، والعلامة النائيني، ومن سبقهم من العلماء القدماء أمثال؛ (الكليني، والشيخ الصدوق، والشيخ المفيد والطبرسي) خصوا الفقيه العادل بـ(الولاية الخاصة) وقد استدلوا جميعا بدليلين:
الأول: عدم وجود دليل قطعي مستفاد من آثار (الأئمة المعصومين) ومروياتهم يدل على وجوب طاعة الفقيه طاعة مطلقة، في دائرتي الأحكام الخاصة والعامة سواء بسواء.
والثاني: أن إثبات الولاية العامة للفقيه ينتهي لا محالة إلى التسوية بينه وبين (الإمام المعصوم)، وهذا ما لا تؤيده حجة من عقل أو دليل من نقل، ذلك أن حكم الإمام المعصوم –بحسب آراء أئمة المذهب الإمامي– منزه عن الشك والشبه والظن، لأنه دليل في ذاته وليس مدلولا، في حين تبقى اجتهادات الفقهاء مهما بلغت من الدقة والتدقيق دون مستوى اليقين الذي لا يخالطه ريب أو شك.
ومن ثم، فإن منح الفقيه حق الولاية العامة يسوق منطقيا إلى رفع درجته إلى مقام (الأئمة المعصومين) وهو ما ادعاه السيد الخميني لنفسه بدعوى (استمرارية الإمامة والقيادة) العامة في غيبة المهدي.
وعليه فإن الدستور في فلسفته العامة يستمد شرعيته من (الآراء والمعتقدات الذاتية) للخميني نفسه بوصفه (حجة مطلقة) ونائبا للإمام الغائب في الفصل بين الأمور والأشياء، مع ما يترتب على هذا على وجه الضرورة من: (الاستبداد والأنانية واحتكار السلطة والعلم الديني، واعتبار الأمة حشدا من القُصَّر) يتساوى في ذلك الراشد والقاصر، والعالم والجاهل، وما يسوق إليه من نقض لحقوق الأمة في أن تشرع لنفسها –خارج حدود النصوص القطعية الثابتة– من الأحكام والتقريرات وفقا للمصالح العامة المرسلة، وتبعية التشريع لتلك المصالح وفق قاعدة: تغير الأحكام بتغير الأمكنة والأزمان.
وهكذا فنحن إزاء فهم للقانون يُقيم الحكومة على أساس ثيوقراطي – مذهبي خالص. يستند إلى حق إلهي مفروض يسوي بين الدين والمذهب، حسب (المادة الثانية عشرة) من الدستور.
وحكم: يستند في النهاية –مهما عبر عن نفسه في صيغ عصرية– إلى رأي (منفرد بذاته) وهو رأي (الحاكم المتأله) الذي يدعي لآرائه واجتهاداته العصمة واليقين ، ولأحكامه وتقريراته الإطلاق والضرورة؛ فقد نص الدستور في المادة السابعة والخمسين على (أن السلطات الحاكمة في جمهورية إيران الإسلامية – هي عبارة عن السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية التي تُمارس تحت إشراف ولاية الأمر وإمامة الأمة).
إن هذا التصور لــ(لحاكم المتأله المعصوم) والذي يقع –بما له من سلطة روحية خارقة– خارج نطاق القدرة الإنسانية، وما تخضع لها من سنن واعتبارات، إضافة إلى أنه يغلق منافذ الاجتهاد ، ويلغي حرية الرأي والاستنباط أمام أهل العلم والمعرفة من مجتهدي الأمة، باعتبار أن هذا الحاكم: هو وحده الوصي القائم على شؤون البشر القاصرين، نيابة عن الإمام الغائب المعصوم، مما لا يصدر عن مبدأ إسلامي معترف به من قبل جمهور الفقهاء من أصحاب المذاهب الإسلامية، بل هو مما يرتد في أصوله وجذوره إلى المفاهيم التي عرفتها التقاليد السياسية الفارسية القديمة (فالتوقير الوثني، والطاعة المطلقة، والانقياد التام للسلطة السياسية – الدينية المتحكمة، كان على مر التاريخ من الخصائص الذاتية لتراث ملوك فارس الأقدمين).
ولأن هذا التصور لـ(لحاكم المتأله) يشكل قاعدة الارتكاز لفلسفة الدستور الإيراني، ولأنه مبدأ مفارق غيبي، يقوم خارج نطاق التاريخ، ويتجاوز الواقع وشروطه، فقد طغت عليه نزعة تفاؤلية في التاريخ البشري غاية في السذاجة والبدائية، تدعي لنفسها تغيير ما هو كائن فعلا، إلى ما ينبغي أن يكون بضربة سحرية، كذلك انتهت إلى صور من (التناقض والتدابر والاختلاف) وذلك بسبب الهوة اللامتعينة التي تفصل بين النظرة المثالية المجردة التي تحكمت في صياغة الدستور و(الصورة الواقعية – التطبيقية له) في العالم الراهن القائم.
إن نظرية ولاية الفقيه وسلطته المطلقة ومشيئته الصارمة التي تنحسر إزاءها إرادة الإنسان الفرد وحريته في الاجتهاد والتفكير تقوم على فرضية ميتافيزيقية غيبية المضمون والمسار، مفادها: أن العالم بكل ما فيه من شرور ومآس وآلام يمكن أن يخلق من خلال صياغة فنية مجردة لمواد الدستور – خلقا جديدا تزول فيه النقائض وتختفي منه الآثام والشرور، مما يشكل رد فعل عاطفي ومبتسر للأوضاع السائدة في إيران، فما استطاع المشرع أن يرقى إلى مستوى (التقويم المنطقي) العملي لأحكام الشريعة في ضوء الواقع ومعطياته، فهو محاولة إسقاط سيكولوجية محضة، وهو في الوقت نفسه عملية تعويض تتوهم إمكان تجاوز وطأة الإحساس بمشكلات الواقع عن طريق التجريدات الفكرية.
وهكذا انتهى هذا التصور الذي تحكم في صياغة قسرية لمواد الدستور إلى: فكر غيبي، وجمود عقائدي، ونزعة وثوقية صرفة وحكم سلطوي ودكتاتورية سياسية ولاهوتية في الوقت نفسه. يقوم بحكم خصائصه وطبيعته على مصادره حق الفرد في النقد والمراجعة، وإسقاط تدبيره لشؤونه، على هدى العقل، وفي ضوء الواقع، وإلى إلغاء وجوده الإنساني، ومسخ آدميته، رغم وجود مواد في هذا الدستور تدعي قدسية حقوق الإنسان ولزوم ضمانها، ومنع هتك حرماته، ووجوب صيانتها، فذلك من قبيل التناقض الذي أشرنا إليه من قبل، والذي يشكل سمة عامة ومشتركة للأيديولوجيات الفردية.
ثانيا: النصوص الدستورية والتطبيقات العملية:
1- الأحادية المذهبية:
إن الاحتماء تحت مظلة التأويلات الذاتية والقول (لا تبتني الحكومة - من وجهة نظر الإسلام - على الطبقية، أو على السلطة الفردية، أو الجماعية، بل إنها تجسد التطلعات السياسية لشعب متحد في دينه وتفكيره، حيث يقوم بتنظيم نفسه حتى يستطيع من خلال التغيير الفكري والعقائدي أن يسلك طريقه نحو هدفه النهائي وهو الحركة إلى الله).
إن هذه العبارات التي وضعها المشرع في صدر دستور جمهورية إيران الإسلامية لم تخف حقيقة نزعة الغلو العقائدي التي غمرت ألوانها الطائفية لغة الدستور فجاءت تكريسا للمذهبية الضيقة والنظرة الأحادية في أكثر من مادة من مواده.
هل من مسوغات الوحدة الإسلامية التي ترفع شعارها ولاية الفقيه النص على مذهبية الدولة؟ كما ورد في المادة الثانية عشرة (الدين الرسمي لإيران هو الإسلام، والمذهب الجعفري الاثنا عشري، وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير)!!
والمشرع الإيراني يعلم علم اليقين، أن الشعب الإيراني بحكم تنوع قومياته ومذاهبه الدينية لا يتبع مذهبا واحدا بعينه، فإلزام جميع مواطني البلاد بمذهب رسمي للدولة لا يعني إلا الإكراه الذي لا يجيزه الإسلام في دائرة الاعتقاد مع أصحاب الأديان الأخرى، فكيف يفرض جبرا وقسرا باسم المذهبية على الشعب الإيراني.
إن الإقرار الدستوري بأن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام هو النص المعمول به في دساتير أغلب الدول الإسلامية ومنها أقطار الوطن العربي، ومع ذلك لم تدع دولة لنفسها تطبيق نصوص الشريعة جملة وتفصيلا، نصا وروحا، أو تحكيمها في أمورها العامة ونشاطاتها المختلفة، ولا هذه الدول زعمت أن (الدستور إسلامي) بقدر ما اتخذت من تعاليم الإسلام وتشريعاته وأحكامه مثالا مطلقا تحاول الاهتداء به، والسير على نهجه والاقتداء به، قدر الممكن والمستطاع، فأية فضيلة تبقى للدستور الإيراني ومشرعيه قياسا بغيره حتى يدعي لنفسه ما لا يدعيه الآخرون؟!
فالنص على أن مذهبا بعينه هو المذهب الرسمي في إيران، يوحي بأن الدولة تنتهج نهجا طائفيا وأنها قامت على أساس (الخاص) وليس (العام)، بمعنى أنها خالصة لفئة قائمة بنفسها، وليست دولة لجميع المسلمين.
أما النص في المادة نفسها على أن (المذاهب الأخرى تتمتع برسمية في التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية والدعاوى المرتبطة بالمحاكم..) فإنه من المفارقات التي لا تخطر على بال مؤمن مسلم حريص على وحدة الأمة، ذلك أن من شأن هذا التمييز الطائفي أن يكون مدعاة لأن يفرق المسلمين ويباعد بينهم، فالمسلمون أمة واحدة من دون الناس، وما يتبناه رئيس الدولة؛ خليفة كان أم إماما، يجب على جميع المسلمين الأخذ به والعمل بمقتضاه. لذلك يجب أن يكون التشريع والتعليم والتربية واحدا، حتى ينصهر الجميع في بوتقة واحدة، تجعل منهم وحدة متماسكة غير متنافرة.
وإذا علمنا أن في إيران حوالي (20%) من الشعب يتبعون مدرسة فقهية أخرى، فهل هذه المادة تعمل على الوحدة الإسلامية؟!
أليس هذا مخالف لروح الدستور الذي قرر في مقدمته: (الدستور يضمن زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية) كيف نفسر إذن فرض مذهب بعينه على بلد متعدد المذاهب أليست هذه دكتاتورية؟!
2-الوقائع الميدانية
وتشير الوقائع من داخل تجربة ولاية الفقيه وتطبيقاتها الميدانية على هذه المادة وبعد مرور أكثر من (32) عاما على الدستور- إلى أن الصدام الطائفي مع قسم كبير من الشعب (20%) لا زال قائما حتى اليوم، وأن الأحادية المذهبية فرضت قيودًا غليظة على أصحاب الفقه الآخر، ومنعت الدولة بقوة الدستور حرية التعبد بغير مذهبها الرسمي في العاصمة طهران ومراكز المدن الأخرى، وما كان من الحظر قائمًا في عهد السيد الخميني تم تعميقه وتوسيع مدياته في ظل ولاية السيد علي خامنئي، بعد أن انصرف التمييز المذهبي من الدين إلى السياسة، ومنها إلى الإعلام، الذي لا يكف عن ترويج الوعي الزائف، عبر التشويه المتعمد للتاريخ العربي الإسلامي وعن تجريح الشيخين والرموز الإسلامية الأخرى.
فالأحادية المذهبية الحكومية (الدستورية) وطوال العقود الثلاثة الماضية تنشغل بإسقاط كل ما عداها من الفرق والمذاهب الإسلامية، ولا تقيم لها وزنًا. كما يعتقد المنظرون الإيرانيون والموالون لنظرية الفقيه (بأن كل من لا يؤمن بالإمامة على طريقة السيد الخميني يكون كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدًا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم).
وهذه الأحكام القاطعة التي أطلقها الخميني في جحود وتكفير مسلمين من أهل القبلة لم تتخل عنها الثورة الإيرانية، فالخميني أفاض في شرح الحديث الثالث والثلاثين الخاص بالولاية، من كتابه: الأربعون حديثًا، فقد كرر الحكم بتكفير كل المذاهب الإسلامية حين يقول: (ومن المعلوم أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت، ويحرم عنه الناس الآخرون؛ لأن الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية). وعزز الخميني منقولاته بالاستناد إلى كتاب (الكافي) في تأكيد قوله: (ذِروة الأمر وسَنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورِضى الرحمن الطاعة للإمام بَعد معرفته.. أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيُواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان) (1) أصول الكافي. (م2 ج5 ص513)
والأخبار في هذا الموضوع وبهذا المضمون كثيرة، ويستفاد مجموعها أن ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الأعمال عند الله سبحانه، بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
3-فكرة التقريب بين المدارس الفقهية:
وفي ظل الأحادية المذهبية القاطعة وما يقترن بها ويترتب عليها من إقصاء وتمييز للمدارس الفقهية الأخرى، والتضييق على أصحابها، في ظل ذلك كله، أنشأت إيران واحدة من أكبر مؤسساتها تحت عنوان (مؤسسة التقريب بين المذاهب) ولا ندري حتى الآن حجم إنجازات المؤسسة بقيادة الشيخ التسخيري، وهل بوسع الرجل الفقيه وهو من كبار علماء إيران أن يفسر لنا المفارقة بين الخاص المذهبي والعام الإسلامي؟ وهل يتفضل الشيخ الجليل بإفادتنا عن تطبيقات فلسفة التقريب في الواقع الإيراني؟ ونعلم أن الرجل أجهد نفسه في حمل شعار الوحدة الإسلامية منذ ثلاثة عقود.
4- المنهج الأبدي:
يتوالى اللون الطائفي السياسي في الدستور الإيراني، بوصفه منهجًا أبديًّا ففي المادة الثالثة والسبعين مثلا المتعلقة بمجلس الشورى (لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للدولة) ويضفي الدستور في مادته الـ(121) اللون ذاته على منطوق القسم الذي يؤديه رئيس الجمهورية: (إنني باعتباري رئيسًا للجمهورية أقسم بالله القادر المتعال في حضرة القرآن الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حاميًا للمذهب الرسمي..).
ويبرز البعد الفقهي الواحد في الشأن العسكري المادة (144) (يجب أن يكون جيش جمهورية إيران الإسلامية جيشًا إسلاميًّا وذلك بأن يكون جيشًا عقائديًّا، وأن يضم أفرادًا لائقين مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية).
5-الوحدة الإسلامية والنزعة التجزيئية:
حسب المادة (115) لا بد لرئيس الجمهورية (الإسلامية): (أن يكون إيرانيًّا ويحمل الجنسية الإيرانية) مادة (115). فهل في الوحدة الإسلامية هناك مكان للإقليمية والقطرية؟ ثم أليس في الشيعة من هم من غير الإيرانيين فما الذي يمنع أن يكون رئيس جمهورية إيران الإسلامية شيعيًّا عربيًّا أم أن القضية لها بعد قومي؟
والذي يرجح هذا احتمال أن الدستور وضع لدولة قومية وليس لدولة إسلامية، طبقا لقضيتي اللغة والتاريخ. فما ورد في منطوق المادة الخامسة عشرة يؤكد على (اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية)!! وما جاء في المادة السابعة عشرة (بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعتبر التاريخان الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين).
ولعل فقهاء الدستور كانوا على علم بأن للإسلام لغة واحدة، هي اللغة العربية، لا باعتبارها لغة للأمة العربية، بل لأنها لغة القرآن الذي أنزله الله بها، ولغة السنة النبوية المطهرة التي هي بيان للقرآن، ولغة التراث الفقهي الإسلامي على مدى العصور، ولأن دين الله لا يمكن أن يفهم بغير لغته ولا يمكن الاجتهاد، واستنباط الأحكام الشرعية للحوادث الجديدة إلا باللغة العربية، والدولة الإسلامية في عهد النبي والخلفاء والأئمة لم تستعمل لغة أخرى غير العربية، حتى إن جميع من أسلم من الأقوام العربية كانوا يتعلمون العربية، وكانت جميع مؤلفاتهم ومتونهم بلغة القرآن، ولم يتقن هؤلاء العربية ويؤلفوا بها لأنها لغة العرب، بل على أساس أنها لغة التوحيد، فالإسلام واللغة العربية متلازمان، ولا يجوز الفصل بينهما. ولذلك كان على واضعي الدستور الذي يحمل (الصفة الإسلامية) أن تكون لغة الدولة هي اللغة العربية وأن يكون التاريخ الهجري هو التاريخ الإسلامي وليس التاريخ القومي.
المصادر:
1- دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية. طبعة وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي.
2- الإمام الخميني. الحكومة الإسلامية. طبعة القاهرة – تقديم الدكتور حسن حنفي.
3- الإمام الخميني. الأربعون حديثا. لجنة إحياء تراث الإمام الخميني. قم 1994.
4- الدكتور عرفان عبدالحميد وآخرون. نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي.
دار عمار. عمان 1985.
هناك تعليقان (2):
حسب معرفتي المتواضعة وقد اكون مخطئا فيها ان المذهب التقليدي للعقيدة الشيعية كانت مبنية على اساس ان التفريق بين السلطة السياسية والسلطة الدينية. حيث ان السلطة السياسية ينحدر من الامام علي بن ابي طالب والائمة الاثني عشر والامام المهدي. اي ان لا شرعية للحكم السياسي من بعد اختفاء الامام المهدي. واما مايخص السلطة الدينية فانها باقية بايدي ايات الله الى ان يظهر الامام المهدي. ولكن الذي حدث ان خميني احدث انقلابا في الفكر الشيعي التقليدي حيث ذكر في كتابه " الجمهورية الاسلامية" ان غيبة الامام المهدي طالت ولايجب ترك السلطة السياسية بيد العوام وانما يجب ان يكون بايدي ايات الله وبذلك افكاره لاقت رواجا كبيرا بين الشيعة وحدثت الثورة الايرانية التي كرست السلطة الدينية والسياية بيد رجالات الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
أتمنى من العرب الاصلاء في العراق والعالم من أخوتي الشيعة متابعة البحث العلمي والحيادي للدكتور الراوي والانتباه الى أن الدستورالمكتوب بعنصرية فارسية تمجد كورش واستعمال السنة الفارسية بدلا من الهجرية حتى لو تم تغليف الدستور برقائق من ذكر ال البيت الاطهار لايستر عورة الدستور الشوفينية والداعية الى تفريق المسلمين وكأن ايدي صهيونية كتبتها لفرقة المسلمين وليس دستور عراق الاحتلال ببعيد حيث كتبه ايضا صهيوني والتشابه في الاهداف تفريق المسلمين في الاوطان او تفتيت الوطن الواحد والهدف واحد تبقى اسرائيل الدولة الكبرى والاقوى والله هو حامي المسلمين من الدسائس والله اكبر.
إرسال تعليق