مقارنة لطيفة يعقدها الكاتب العراقي كاظم فنجان الحمامي بين مواقف انسانية للفنانة العالمية المعروفة إنجلينا جولي ومواقف شيطانية لمن يدعون انهم مسؤولون عراقيون، وآخرون في جارة السوء الجنوبية.
إنجلينا بين بانكوك وإجكوك
كاظم فنجان الحمامي
لا نريد التحدث هنا عن مواقف هذه المرأة المحسنة في (بانكوك), لكننا سنحدثكم عن سخائها وكرمها في (إجكوك), وشتان بين (بانكوك) و(إجكوك): تلك القرية المحرومة, التي ربما لا تعلمون أين ترتمي ؟, وكيف يعيش أهلها, وأغلب الظن أنكم لا تعلمون كيف وصلتها هذه المرأة, وكيف هرعت إليها, وجاءتها من أقصى الأرض لكي تفترش الأرض مع الأيتام والأرامل والأمهات الثكلى, وتمد لهم يد العون والمساعدة, فتزيح عنهم تراكمات الهموم والأحزان, وما خلفته الحروب الخاسرة من خراب ودمار.
(إجكوك) لمن لا يعرفها تنتمي إلى أغنى أقطار الشرق الأوسط من دون منازع, لكنها تنام بعين واحدة وقلب مجروح بين أنياب البؤس في ضواحي بغداد الشمالية القريبة من مدينة (الكاظمية), اما صاحبة القلب الأبيض فهي الفتاة الهوليودية الحسناء (انجلينا جولي), المولودة في الرابع من حزيران 1975, والحاصلة على جائزة الأوسكار في التمثيل عن جدارة واستحقاق, لكنها ابتعدت عن الأضواء والشهرة, وأثرت تكريس وقتها كله في خدمة القضايا الإنسانية, ووهبت ثروتها للقرى المنكوبة, وكانت (إجكوك) المنسية المهملة محطتها الرئيسة المفضلة في مساعيها الحسنة.
من كان يصدق أن (جولي) بطلة أفلام الأكشن تتناول فطورها مع أطفال (إجكوك) في بيوت الصفيح والتنك, تلعب وتمرح معهم وتداعبهم وكأنها واحدة منهم, تتبرع لهم من مالها الخاص بأكثر من ثمانية ملايين دولار, مليون ينطح مليون, غير البطانيات والصوبات والجليكانات والمراوح, وعلب (الماكنتوش) المحمولة إليهم جوا من معامل (كواليتي ستريت), ومن دون أن تطلب من ذويهم ضم أصواتهم إليها في الانتخابات القادمة على طريقة جماعتنا, ومن دون أن تخشى الإصابة بميكروبات الأمراض المستوطنة, أو الإصابة بشظايا العبوات الناسفة, أو الخطف على يد عناصر العصابات التكفيرية المتشددة, الذين ماانفكوا يصبون جام غضبهم على (جولي) وأمثالها, وينعتونها بالكفر والفسوق والعصيان, ويرفعون عقيرتهم في الوقت نفسه بالدعاء بطول العمر لأقطاب الشر, ورعاة الإرهاب والتطرف.
يقولون: أنها كانت تحرص في كل زيارة لها للعراق على جلب ابنتها (زهراء) لتلعب مع بنات دجلة في طرقات (إجكوك) ودروبها المتربة, وقالوا: أنها كانت في منتهى السخاء والتعاطف مع أطفال (إجكوك), تأتيهم زاحفة على قدميها, تحث الخطى نحو فعل الخير, لم تصطحب معها الهمرات المسلحة في زياراتها المفاجئة, ولا مواكب سيارات (اليوكن) و(البلايزر) المدرعة, من ذوات الدفع الرباعي, ولا المصفحات والصفارات والحراسات المشددة, التي صارت هي العلامات الفارقة لمواكب كبار المسئولين في عموم المحافظات العراقية, من الذين لا يعلم معظمهم أين تقع (إجكوك), ولا يدرون بما آلت إليه أحوال قرية (سيد دخيل), التي التهمتها أفاعي المامبا السوداء, ولم يسمعوا من قبل بالحي (المثلث), والحي (المربع), ولم يشعروا بهموم سكان (علاوي القصب) شمال (خمسة ميل), وربما لم يفكر بعضهم في دفع ما بذمته من أموال الزكاة لجيرانه من الفقراء والمساكين والمحتاجين.
لقد نذرت هذه الشابة الجميلة نفسها ومالها وجمالها وشهرتها للمهمات الإنسانية النبيلة, ونهضت بما لم تنهض به المنظمات الإنسانية العالمية, فقد زارت مخيمات اللاجئين في لبنان, والصومال, وكينيا, وزارت التجمعات السكانية الفقيرة في أفغانستان وباكستان, ودارفور, والسلفادور, وتنزانيا, وسيراليون, وحملت معها في زياراتها المكوكية ملايين الدولارات من رصيدها الخاص.
كان بإمكانها الاستمتاع بثروتها الطائلة على الطريقة الهوليودية الباذخة, وكان بإمكانها قضاء أجمل الأوقات في قصورها الفارهة, لكنها اختارت الوقوف مع سكان القرى المنكوبة, واختارت الوقوف مع أطفال العراق, في الوقت الذي وقفت فيه الكويت خلف مقصلة البند السابع لتمارس أبشع أنواع التعسف ضد العراق وأهله.
ملاحظة:
نُشر المقال هنا
هناك تعليقان (2):
ابو عبد الله ... ترى غرضها كان زيارة الامام موسى الكاظم
بشرفي اشرف من نوري المالكي وطارق الهامشي ورافع العيساوي (المعروف ب رافع اتاري) لانه لعبة بيد المالكي
إرسال تعليق