في حدود ما تعلمنا، وهو متواضع محدود، عرفنا ان الحقيقة المطلقة الوحيدة في الحياة هي انه لامطلق، وان كل شيء نسبي.. وعليه فكل منا يرى الأمور بمنظاره، ويحكم على الأشياء تبعاً لزاوية رؤيته، ومدى وضوح الأشياء،وانفتاح مجال الرؤية، أمامه، والكمال لله وحده.
وهذا ينطبق تماماً على ماخرج به مسؤول أميركي من تصريح يعبر عن روح الشر الكامنة في صميم عقلية الإدارات الحاكمة، جمهورية كانت أم ديمقراطية.
ففي تصريح استفزازي واستعراضي، في آن معاً، قال وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، ان بلاده حققت كامل أهدافها في العراق.
واعتبر الوزير الذي كان يتحدث في قاعدة "سب مارين كابيتال أوف ذ وورلد" في واشنطن حيث يتم تصنيع الغواصة "يو أس أس ميسسيبي" ان "المهمة هناك كانت إنشاء عراق يمكنه تحقيق الأمن وحكم نفسه، وقد حققنا هذه المهمة".
وقبل أن أناقش الوزير (المحترم) في مفردات هذا التصريح، وما تحقق من أهداف، أسأله أولاً فيما اذا كان يعرف مايقول، أم انه، كعادة المسؤولين الأميركيين، يردد مايلقنه إياه مستشاروه وموظفو مكتبه الصحفي، دون تمحيص، ليطلق أحكاماً لاعلاقة لها بالواقع بتاتاً؟
هنا أذكر السيد (بانيتا) بما سبق أن أعلنه مجرم الحرب جورج بوش في مايو/ أيار 2003 من على متن حاملة الطائرات إبراهام لينكولن عن نهاية مهمته الشريرة في العراق.
وأجدني أستعرض مع (بانيتا) مهام الغزو الأميركي للعراق، فأستعيد معه ان ادارة مجرم الحرب بوش حشدت آلتها العدوانية وجيوشها الجرارة لغزو العراق، تحت ذريعتين، هما: تدمير أسلحة الدمار الشامل، وجعل العراق نموذجا ديمقراطياً في المنطقة.
ولما شاء الله سبحانه أن يجعل فضيحة أميركا بجلاجل، ولم تجد أسلحة الدمار الشامل المزعومة، التي كانت تدعي وجودها لديه، قررت التركيز على قصة الديمقراطية، وهانحن بحمد الله، نلمس بكل وضوح بركات ديمقراطية الشر الأميركية في العراق.
طبعا لابد أن أذكِّر السيد (المحترم) أن الديمقراطية ، وبحسب اعتراف الشريرة السوداء ، كونداليزا رايس، لم تكن من أهداف الغزو، وعليه فإن هذه الفرية انتهت الى المزبلة، شأنها شأن فرية الأسلحة المزعومة، التي كانت كل اعلانات العراق قبل الغزو، تؤكد خلوه منها.
وأجدني بعد ذلك أقول للسيد (بانيتا) نعم لقد صدقت، وأنت الكذوب، فقد تحققت أهدافكم في العراق كاملة، وعليه، قررتم سحب قواتكم المقاتلة الغازية من أراضيه.
تعال معي أيها (المحترم) لنستعرض ماحققه جيشكم المجرم في العراق من أهداف.
- قتل مليون ونصف المليون عراقي، وأكثر من ضعفهم من الجرحى، بشهادة مؤسسات أميركية.
- إسقاط النظام الوطني الشرعي، الذي حقق نهضة عراقية وعربية شاملة ضمن رؤية تاريخية حقيقية، وليس مجرد نهضة مباني الكونكريت وثقافة الاستهلاك.
- تحطيم القوة العسكرية العراقية لصالح العدوين التقليديين للعراق، عبر التاريخ، الكيانين الصهيوني والفارسي.
- تشريد أكثر من أربعة ملايين عراقي في الداخل والخارج.
- وجود مليوني أرملة، وستة ملايين يتيم.، واغتصاب حرائر العراق، وعبير الجنابي، مثال واحد ليس إلا.
- تعذيب عشرات ألوف العراقيين، وتغييب عشرات ألوف مثلهم، في سجون ومعتقلات الجيشين الأميركي والبريطاني، وسجون ومعتقلات العملاء المتحكمين بالعراق، وسجن أبو غريب وملجأ الجادرية، مثالان فقط، وهناك ماهو أبشع منهما بكثير.
- زرع الفتنة الطائفية والأحقاد المذهبية والعرقية، يما يضمن تمزيق نسيج المجتمع العراقي وتخريب علاقات أبنائه.
- تقسيم العراق عملياً، وخلق ثقافة الانفصال والشرذمة.
- اغتيال مئات العلماء والأطباء والمهندسين والعسكريين، وخيرة الكفاءات العراقية في كل المجالات.
- محو مدن كاملة، أو تدميرها بالأسلحة المحرمة، كالفوسفور الأبيض، والفلوجة وتلعفر مثالين على ذلك، والقائمة تطول.
- تدمير الزراعة العراقية وتلويث البيئة أرضاً ومياهاً وأجواءً، وامتداد تلك الاثار الكارثية لعقود طويلة قادمة.
- نشر الفساد والرذيلة وكل الموبقات التي تأباها قيم الارض والسماء.
- الغزو الثقافي والفكري والعقائدي، ونشر المفاهيم المنحرفة والافكار الخبيثة بكل مسمياتها، سواء عبر المؤسسات الأميركية أو الطائفية الفارسية التي تكاثرت في العراق بعد غزوكم المشؤوم.
- التغول الفارسي الخطير وتأثيراته على الخليج العربي والمنطقة برمتها.
- تكريس ثقافة الاستسلام والخنوع لدى الأنظمة الرسمية العربية وفي قطاعات واسعة من جيل الشباب العربي في أقطار عدة.
- نهب الثروات العراقية ورهن مقدرات العراق للشركات الاحتكارية المجرمة، التي لايهمها سوى التغول على حساب الأوطان والشعوب.
- تخريب الثقافة العراقية والذاكرة العراقية وسرقة تاريخ حضارات وادي الرافدين.
- نشر ثقافة العنف والتخريب وسرقة المال العام، وتشجيع الروح الانتقامية الشريرة.
- استيراد قطعان الإرهاب، التي قمتم بتجميعها في العراق، من فرق الموت الى الميليشيات الطائفية الى غيرها من مسمّيات الشر الدموية، التي لم يعرفها شعب العراق الا في عهدكم الأغبر.
هذه هي أهدافكم التي تحققت، أو بعض منها على الأقل، والقائمة تطول، لتعداد جرائمكم وما تحقق من أهدافكم في العراق المحتل، أحببت استعراضها امامك لترى كيف ان أميركا، الدولة العظمى التي تقع على عاتقها مهمات جسام ومسؤوليات تاريخية، قامت بـ (واجبها الأخلاقي والتاريخي) على أتم وجه وأكمل صورة.
لن أحدثك سيد (بانيتا) عن الطريق الصحيح الذي وضعتم العراق عليه، فذلك أكثر من واضح، والشواهد عليه لاتحتاج إلى برهان، فساداً وقتلاً وتعذيباً وسرقة، وسوى ذلك من مفردات وعلامات (الطريق الأميركي الصحيح).
كما لن أحدثك عن أفغانستان التي قلت أنكم تحققون فيها تقدما، حيث، وبعد 10 أعوام على عدوانكم عليها واحتلالكم لها، تسيطر حركة طالبان على ثلاثة أرباعها، فيما لايحكم عميلكم حامد قرضاي سوى كابول، أو أجزاء منها.
لن أحدثك عن ذلك، الان، على الأقل، فلهذا الحديث مناسبة أخرى، قادمة حتماً.
لكنني قبل أن أختم رسالتي إليك، أحب أن أذكرك أيها السيد (المحترم) اننا حققنا واحداً من اهم أهدافنا في الصراع مع الاستعمار والامبريالية.
نعم أيها المحترم، لقد هزمنا عدوانية أميركا وروحها الشريرة، وستظل صورة هزيمتها ماثلة امام الأعين لعقود طويلة.
لم تعد أميركا اليوم كما كانت عليه قبل غزوها للعراق، لم تعد ذلك القطب الأوحد الذي يأمر فيُطاع، ويومئ فتخضع له كل الرقاب.
نعم لقد كان ثمناً باهظاً، ولكن من قال يوما: ان هناك شيئاً ذا قيمة بلا ثمن؟
نعم لقد كان ثمناً باهظاً، ولكن من قال يوما: ان هناك شيئاً ذا قيمة بلا ثمن؟
لقد صدق العراق حينما قال لكم على لسان البطل الشهيد صدام حسين: انكم ستنتحرون على أسوار بغداد، وقد انتحرتم، وسيذكر التاريخ ان شعب حمورابي ونبوخذ نصر والمنصور وهارون الرشيد وصدام حسين، أضاف مأثرة تاريخية جديدة له، وهي كسر شوكة أميركا الشريرة وتحطيم عدوانيتها، وهي مأثرة كبرى تُضاف إلى سجل مآثر بلاد الرافدين التي علَّمت البشرية الحرف الأول والقانون الأول، لتكون أول من كسر هيبة أميركا وضربت مجرمها الأكبر بالأحذية، وجعلته يبكي دماً ودمعاً.
هناك 4 تعليقات:
ثائر .....
السلام عليكم .... كنت قادرآ على رد هذا الدعي شقيق عبد السلام جلود ومن شاكله والحق اقول لقد استفزني حديثه ... وما ان انتهيت من قراءه الموضوع الا وكان ما نزل على قلبي ما يشفيه من خلال العبارات التي جاءت في حديثك فقد أحسنت وابدعت ... قبلها وأرتايت ان اعيدها وكانني انسبها لنفسي لانها جاءت بما يكنه قلبي وما اردت ان اتكلم به ... وعليه فان تصفيقي لك بقلبي يا ايها الشهم هو الذي تستحقه ودمت شامخآ في سماء عراقنا الحبيب وعباراتك تقول في نهايه تعليقكم مايلي ولنتمعن بها بدقه لتشفي ما بقلوبنا
صدق العراق حينما قال لكم على لسان البطل الشهيد صدام حسين: انكم ستنتحرون على أسوار بغداد، وقد انتحرتم، وسيذكر التاريخ ان شعب حمورابي ونبوخذ نصر والمنصور وهارون الرشيد وصدام حسين، أضاف مأثرة تاريخية جديدة له، وهي كسر شوكة أميركا الشريرة وتحطيم عدوانيتها، وهي مأثرة كبرى تُضاف إلى سجل مآثر بلاد الرافدين التي علَّمت البشرية الحرف الأول والقانون الأول، لتكون أول من كسر هيبة أميركا وضربت مجرمها الأكبر بالأحذية، وجعلته يبكي دماً ودمعاً.
التحية و السلام لاستاذنا الكريم مصطفى كامل. مقالة رائعة و معبرة عن كل ما يجيش في صدور العراقيين تجاه الولايات المتحدة الامريكية. تعدادكم الدقيق لجرائم العدو الكبرى في حق عراقنا العظيم و بيانكم لحجم تأثير المقاومة العراقية الاستراتيجي على العدو الامريكي كانت بحق عناصر رائعة في المقال منح القراء رؤيا أشمل و أكثر تبلوراً عن هذه التجربة القاسية. إن الواقع الكارثي الذي يعيشه عراقنا اليوم و على مدى هذه السنوات الطويلة للغزو و الاحتلال هو خير تعبير و خير دليل ساطع قاطع على حقيقة نوايا الولايات المتحدة و مستوى إهتمامها بالجانب الشرير السلبي التدميري للعملية و لا مبالاتها المطلقة بأي شيء إيجابي بما ينفي تماماً الادعاءات الفارغة التي يرددها الامريكان و منهم السيد بانيتا أبو حواجب جريئة عن الديمقراطية و حقوق الانسان و الدولة المستقرة. أتمنى أن يقرأ كافة الاخوة العرب هذه المقالة ليطلعوا بشكل جلي عن المعنى الحقيقي الكارثي للتدخلات الخارجية و يضعوه نصب أعينهم فيكونوا أكثر حذراً في طلبها بما يفشل المخططات الامريكية و السائرين في ركابها من دون أن يعني ذلك بأي شكل الابطاء في المطالبة بالتغيير و تطوير واقع حال الامة.
اهداف امريكا سحق القاعده في ساحه معركه تسمى العراق وهذا تجقق فعلا وليذهب العراق بجهل سياسيه وعماهم وطائفيتهم الى الجحيم . هذا ما يقصدووون
الاستاذ المحترم مدحت الزبيدي الشكر الجزيل لطرحكم هذا الموضوع الهام و الهام جداً و الذي طرح كثيراً في الاعلام و في التحليلات. التساؤول الذي يستتبع القول بهذا الرأي هو لماذا تم إختيار العراق الخالي قبل العام 2003 من تنظيمات القاعدة ليكون ساحة قتل و سحق لهذا التنظيم و لماذا تركت بلدان كثيرة مصدرة لعناصر مؤيدة لهذا التنظيم حضرت إلى العراق في مراحل لاحقة و سحقت فيه كليبيا مثلاً و لم يجري مهاجمتها بدل العراق لماذا كانت النوايا متوجهة لأسقاط النظام الوطني العراقي منذالعام 1997 حين جرى تعديل إستراتيجية الاحتواء المزدوج إلى إستراتيجية الاحتواء المتمايز و من ثم صدر ما يسمى بقانون تحرير العراق عام 1998 و حين جاء بوش الابن سارع إلى توجيه ضربة جوية إلى أطراف العاصمة معلناً تغيراً جذرياً أكثر تشدداً في السياسة تجاه العراق و حين وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر تم طرح رأي في النقاش بخصوص التصرف المضاد يتضمن ضرب العراق و غزوه و لماذا جرى السكوت لفترة طويلة عن تنظيم أنصار الاسلام الناشط في المناطق الحدودية الكردية مع إيران التي هي خاضة لسلطة الاحزاب الكردية و بعيدة عن سيطرة الحكومة العراقية ثم جرى ضربه متوافقاً مع الغزو. و لماذا لم يجري الحديث أي مرة بشكل علني عن إحتضان الحكومة الايرانية لقيادات من القاعدة رغم تكرار هذا القول مراراً في الاعلام و بشكل شبه موثق و مؤكد. إن هذا القول عن إختيار العراق كساحة قتل للقاعدة يثير التساؤولات أكثر مما يقدم من إجابات رغم إنه رأي قوي و وجيه و مدعم بعدد من الوقائع. أتمنى أن يفتح هذا الموضوع للمناقشة و تبادل الرأي و أن يزودنا اصحاب الخبرة و الاطلاع بوجهة نظرهم و معلوماتهم الدقيقة في هذا المجال. مع خالص تقديري و محبتي لكم يا أستاذنا الزبيدي على هذا التعليق الهام و المختصر و المعبر
إرسال تعليق