متابعة لما كان نشره السيد صبحي غندور، هنا، أرسل الكاتب نفسه، على بريدي الإلكتروني، اليوم، متابعة مهمة للموضوع عن سيناريو يتمنى أن لايحدث، لما فيه من مخاطر على الأمن القومي العربي بشكل عام والعراق وسوريا وأقطار الخليج العربي بشكل خاص.
مع ملاحظة ان كاتبنا الكريم ترك الاحتمالات مفتوحة في مقاله السابق، وعاود اليوم ليضع هذا السيناريو، الذي لايتمنى حدوثه، للاتجاهات المحتملة.
مصطفى
...........
مع ملاحظة ان كاتبنا الكريم ترك الاحتمالات مفتوحة في مقاله السابق، وعاود اليوم ليضع هذا السيناريو، الذي لايتمنى حدوثه، للاتجاهات المحتملة.
مصطفى
...........
صبحي غندور*
أرجو أن أكون مخطئاً في تحليلي، لكن أرى الآن جملة عناصر تجعلني أرجِّح حصول الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران، خلال الأسابيع القادمة. ربما يرجع سبب تأخير هذه الضربة حالياً إلى محاولة إنضاج قرار التدخّل العسكري لحلف الناتو في سوريا، حيث أنّ توقيت الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران يحتاج إلى مثل هذا التطوّر في المشرق العربي، أي أن تكون سوريا ولبنان ومنطقة المشرق كلّها منهمكة، أمنياً وسياسياً، بتداعيات الأزمة السورية. وعندما تصل الأمور إلى حدّ تدخل "الناتو" في سوريا، فإنّ ذلك يعني أنّ تطوراً سلبياً كبيراً قد حدث في العلاقات بين دمشق ودول عربية عديدة، ويعني فشل مبادرات الجامعة العربية ونجاح الدعوات المطالبة ب"الحماية الدولية للمدنيين السوريين"، والتي ستكون مقدّمتها التنفيذية من خلال تركيا العضو في "حلف الناتو".
فهناك الآن مصلحة غربية وإسرائيلية كبيرة في تأزّم الأمور بين سوريا وجامعة الدول العربية، بل في دفع هذا التأزّم إلى حدّ القطيعة، لإعطاء المبرّرات اللازمة لتدويل الأزمة السورية ولفتح أبواب التدخّل العسكري الأجنبي فيها، على غرار ما حدث في ليبيا.
إنّ الاتفاق الذي أعلنته الجامعة العربية يوم الثاني من نوفمبر، ووافقت عليه الحكومة السورية، وضع الأزمة السورية تحت مظلّة عربية، كما رسم خطوات إجرائية لوقف العنف، وللبدء في حلٍّ وطني سوري تشترك فيه أطراف المعارضة. لذلك كان هذا الاتفاق موضع نقد ورفض من واشنطن ودول غربية، ومن أطراف معارضة سورية تراهن على التدويل. ولذلك أيضاً حدث العكس بعد قرارات مجلس الجامعة العربية يوم 12 نوفمبر، حيث جرى الترحيب الأميركي والغربي عموماً بالتطوّر السلبي الذي حدث بين دمشق ودول عربية عديدة.
ولا يجب أن يصدّق أحدٌ ما تنشره وسائل الإعلام عن إمكانية استفراد إسرائيل بقرار الضربة العسكرية لإيران، فأمرٌ بهذا الحجم من الخطورة على المصالح الأميركية والغربية، لا يمكن أن تقرّره إسرائيل وحدها.
هناك، خلال الشهرين القادمين، جملة أهداف مطلوبة في وقتٍ واحد، وهي أهداف تمتدّ جغرافياً من طهران إلى غزّة، مروراً بلبنان وسوريا والعراق. فهذه المواقع الجغرافية كانت العائق أمام تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، الذي دعت له الإدارة الأميركية السابقة وعملت من أجله، لكنّها فشلت في تحقيقه، رغم الحروب التي حصلت على العراق (2003) وعلى لبنان (2006) وعلى غزة (2008).
الآن، وبعدما سادت خلال هذا العام في المنطقة العربية أولويّة "الديمقراطية" على "التحرّر الوطني"، وبعدما أصبح التدخّل العسكري الأجنبي (مطلباً عربياً)، وبعدما تردّدت هتافات في شوارع عربية ضدّ إيران وروسيا، وبعدما تهمّش الصراع العربي مع إسرائيل، فإنّ الظروف أصبحت ناضجةً ل"قلب الطاولة على الجميع" في منطقة المشرق العربي، ولعزلها عن إيران، التي سيتمّ أيضاً إضعافها اقتصادياً وعسكرياً، من خلال الضربات الصاروخية وتشديد العقوبات عليها.
وأجد أنّ هناك عدّة أسباب وظروف ترجّح الآن الضربة العسكرية لإيران:
1- انشغال سوريا (وهي الحليف الأكبر لإيران في المنطقة) عسكرياً وأمنياً وسياسياً بأوضاعها الداخلية وبمخاطر تداعيات هذه الأوضاع.
2- انتقال تركيا من موقع الشريك الموقِّع مع إيران والبرازيل على صيغة اتفاق لحل قضية الملف النووي الإيراني، ومن حال الصديق الحميم لدمشق، إلى موقع المواجهة مع سوريا والموافِق على استضافة "الدرع الصاروخي" الأميركي (الموجَّه أصلاً ضدّ إيران)، والذي رفضت دول أوروبية شرقية استضافته.
3- استحقاق موعد الانسحاب العسكري الأميركي من العراق، ورفض الحكومة العراقية السماح ببقاء قوات أميركية بعد موعد هذا الانسحاب. وقد جرت حملة سياسية وإعلامية في الولايات المتحدة حول مخاطر هذا الانسحاب الشامل، وبأنّه سيترك العراق بشكل كامل للنفوذ الإيراني. لكن الجانب "الإيجابي" في ذلك، أميركياً، هو عدم وجود قوات أميركية داخل العراق يمكن استهدافها إيرانياً، في حال حدوث ضربات عسكرية لمواقع إيرانية.
4- تصاعد الدعوات والتيارات السياسية الدينية في المنطقة التي تكفّر "الآخر"، مما يُشجع على انقسامات طائفية ومذهبية تجعل "العدو" هو في "الطائفة أو المذهب الآخر"، وفي ذلك مصلحة كبيرة لدى من يريدون إشعال الصراع العربي/الإيراني على أساس مذهبي، ولإقامة خرائط كيانات جديدة في المنطقة.
5- انشغال المقاومتين اللبنانية والفلسطينية بأوضاع وطنية داخلية تحاول، إمّا العزل (كما يحدث مع "حزب الله" في لبنان)، أو الأغراء بفكّ العزل (كما يحدث مع "حركة حماس" في غزّة).
6- سوء الأوضاع الاقتصادية في أميركا وأوروبا، والتي قد تتطلّب حروباً لتحسينها، كما حدث للولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وبعد حرب الخليج في العام 1991، خاصّةً أنّ كلَّ دول المنطقة، التي تعرّضت وتتعرّض لحروب، تتعاقد لاحقاً مع شركات أميركية وأوروبية لإعادة إعمار ما تهدَّم!.
7- مخاوف "حلف الناتو" من احتمالات عودة المنافس الروسي للواجهة، ومن سعي موسكو للتمايز عن واشنطن والغرب، خاصّةً بعد العودة المتوقَّعة لبوتين كرئيس للاتحاد الروسي. كذلك الحاجة للتحكّم بالطاقة النفطية، التي هي عصب الاقتصاد الصيني، بعدما سعت الصين لمنافسة الغرب في دول نفطية إفريقية (ومن ضمنها ليبيا)، والتي تربطها مع إيران علاقات نفطية جيدة. وقد كان "الفيتو" الروسي- الصيني المشترَك، في جلسة مجلس الأمن حول سوريا، مؤشراً خطيراً لدول "حلف الناتو" عن مستقبل التوازنات الدولية القادمة.
8- زيادة حدّة التوتّر بين إيران وعددٍ من دول مجلس التعاون الخليجي، وفي هذا التوتّر ما يمكن البناء عليه لتوريط دول مجلس التعاون في حرب مباشرة مع إيران، تستنفذ خلال الحرب ثروات المنطقة وأموالها، وكذلك بعدها في إعادة الإعمار.
***
نعم، "المسألة الإيرانية" هي أمر مهمٌّ التوقف عنده لدى بعض الحكومات العربية، في ظلّ وجود ممارسات إيرانية تبعث الخوف والقلق لدى بلدان الخليج العربي، لكن العامل الإسرائيلي هو المهمّ جداً في هذا "السيناريو" القادم بين الغرب عموماً، وخصوصاً واشنطن، وبين طهران، والذي سينعكس على دول الخليج العربي، وعلى المنطقة كلّها.
فمنطقة المشرق ستنهمك في تداعيات الأزمة السورية، وفي امتداد شرارتها العسكرية والسياسية إلى لبنان وفلسطين والعراق. أمّا منطقة الخليج العربي، فستكون ساحة الوغى بين إيران وخصومها، بينما ستكون إسرائيل وتركيا مع "الناتو"، في الساحتين المشرقية والخليجية.
العامل الإسرائيلي يضغط الآن لتحقيق مواجهة عسكرية مع إيران، لأنّ حدوث هذه المواجهة سيسمح لإسرائيل باستكمال ما حقّقته حتى الآن من "إنجازات"، بعد 11 سبتمبر 2001، تحت شعار "الحرب على الإرهاب الإسلامي". فإسرائيل تحصد دائماً نتيجة أي صراع يحدث بين "الغرب" و"الشرق"، وبما يُعزّز دور إسرائيل بالنسبة للدول الغربية الكبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، والحاجة الأمنية لها.
إنّ المواجهة العسكرية بين الغرب وإيران ستؤدّي إلى تدميرٍ كبير لدى الطرفين معاً، وستكون ساحاتها ممتدّة أيضاً إلى العديد من المدن العربية، وستطال كوارثها الثروات النفطية والمالية العربية، وربّما تدفع نتائجها إلى اضطرار القوات الأميركية لمغادرة المنطقة، وإلى حصر الاعتماد الأميركي من ثمّ على القوة العسكرية الإسرائيلية.
إنّ الصراع الأميركي مع إيران استقطب، في المرحلة السابقة، الأطراف العربية بشكلٍ حادّ، وفي هذا الصراع حصلت استباحةٌ لكلّ الأساليب، بما فيها أسلوب التعبئة الطائفية والمذهبية، واستخدام وسائل الإعلام وتجييش الأقلام، لصالح هذا الطرف أو ذاك.
لذلك، فإنّ من شأن تصعيد الأزمة مع إيران، والمواجهة العسكرية لها، أن يوجد في عدّة بلدان عربية مناخاً من الصراعات الداخلية، ممّا يُشعل حروباً أهلية عربية وإسلامية تفكّك أوطاناً، وتدعم المشروع الإسرائيلي للمنطقة العامل على إقامة دويلات طائفية وعرقية، تحكمها الأمبراطورية الإسرائيلية اليهودية.
أيضاً، في الحسابات الإسرائيلية أنّ إسرائيل ستتعرّض إلى ضربات عسكرية من إيران وحلفائها بالمنطقة، لكن ستكون إسرائيل الأقلّ تضرّراً عسكرياً واقتصادياً ومالياً، والأكثر فائدة سياسياً واستراتيجياً، مع بقاء الكيان الإسرائيلي موحّداً، بل أكثر قدرةً على تعزيز الاستيطان في الأراضي المحتلة وممارسة التهجير القصري للفلسطينيين، من داخل إسرائيل ومن الضفة، وربّما للضفة الشرقية من نهر الأردن، حيث هو مشروع التحالف الحاكم في إسرائيل الآن للوطن الفلسطيني البديل.
في منطقة الشرق الأوسط، تقف إسرائيل وحدها على ترسانة أسلحة نووية كبيرة، ترسانة لا يعير الغرب أيّ اهتمام لمخاطرها في المنطقة، بينما يمنع الغرب أي امتلاك للسلاح النووي عند أي دولة عربية أو إسلامية في المنطقة. ولا قيمة أصلاً للحجّة التي يقوم عليها هذا الموقف الغربي، بأنّ إسرائيل هي دولة ديمقراطية حليفة يمكن الوثوق بها. فكثيرٌ من بلدان الشرق الأوسط يرتبط بعلاقات خاصة مع أوروبا والولايات المتحدة، ولا يُسمَح لهذه البلدان بامتلاك السلاح النووي. ولعلّ خير مثال على ذلك هو تركيا، التي ترتبط بحلف الناتو، وفيها نظام علماني ديمقراطي، لكن يمنعها الغرب، بالرغم من ذلك، من دخول عضوية "النادي النووي"!.
هناك علاقة جدلية واضحة في المنطقة العربية بين سوء الحكم في الداخل وبين محاولات الهيمنة من الخارج. كما هي أيضاً العلاقة السببية بين عطب الحكومات وبين تدهور أحوال المجتمعات والحركات السياسية المعارضة فيها، بحيث لا تميّز هذه المعارضات بين إسقاط أنظمة وتهديم كيانات. لكن الخطر الأكبر الذي يواجه العرب حالياً، ومنذ احتلال العراق في العام 2003، هو تساقط الأوطان العربية واحدها بعد الآخر، وانشغال شعوب المنطقة بصراعاتها الداخلية. ولو لم يكن حال الأمّة العربية بهذا المستوى من الوهن والانقسام، لما كان ممكناً أصلاً استباحة بلاد العرب، من الجهات الأربع كلّها.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
هناك 6 تعليقات:
استغرب عندما اقراء مثل هذه المقالات فهل هو لايعلم ان يدعي عدم العلم!!
يتكلم عن خوف امريكا من النفوذ الايراني في العراق فهل الكاتب كان في غيبوبة مثلا!!!!!!!!!!!!!!
اولا امريكا تحالفت مع ايران واتفقت معها على تقاسم العراق قبل الغزو وان كان الكاتب لايؤمن بهذا الشئ فعلى اقل تقدير ان امريكا ليست غبية لهذه الدرجة عندما فكرت في احتلال العراق فهي كانت تعلم علم اليقين ماسوف يحدث من نفوذ ايراني في العراق وتعلم جيدا ان ايران سوف تحكم العراق وايضا تعلم امريكا ان غزو العراق سوف يقوي ايران اقتصاديا واصلا في الانتخابات الاخيرة امريكا ضغطت على اياد علاوي لكي يبقى المالكي فامريكا وايران شركاء في نهب العراق وثرواته وقتل شعبه وليس كما يصورها الكاتب بان امريكا خائفة من النفوذ الايراني لانه اصلا ايران الان تحكم العراق فاي نفوذ!!
النقطة الاخرى يتكلم عن حزب الله ومقاومته فاي مقاومة هذه!!!!!!!! القناع سقط عن حزب الله منذ عقود ولو ان العرب الان فقط عرفوا خيانة هذا الحزب العميل لكن الحمد لله انهم عرفو فاي مقاومة يتكلم عنها!!!!!!!!!
حزب الله شارك في قتل اهل السنة في العراق والان يشارك في قتل اهل السنة في سوريا فهل هذه مقاومة حزب الشيطان هذا؟؟
وايضا يشارك في قتل اهل السنة في البحرين
اسرائيل اذا ضربت ايران فهذا سوف يقوي ايران ولايضعفها اي ان الضربة اصلا هي اتفاق بين اسرائيل وايران لان ايران واسرائيل وجهان لعلمة واحدة واما شعارات ابادة اسرائيل فهذه مجرد للاستهلاك المحلي والضحك على السذج من العرب
لا أتفق كثيرا مع الكاتب المتعاطف مع إيران كما هو واضح والذي يقفز على الحقائق التي وردت في تعليق مريم الذي لأأتفق مع هذا التعليق وهو الصح وليس تحليل الكاتب الذي أما ان يكون مغيبا عن المشهد او يريد تصوير ايران وحزب حسن نصر الله على انه مقاومة وهو ليس صحيح تحياتي للكاتبة مريم التي قالت ماوددت قوله فعلا
شكرا لك اخي (غير معروف)
الجدير بالذكر انه لدى كل الدول والقوى الة اعلامية معلنة وخفية وايران تعرف كيف تعلب هذا الدور جيدا منذ ايام الخميني فلهم الة اعلامية خفية تحاول نضليل الشعوب وتصوير ايران العدو الاوحد لاسرائيل وامريكا فعرفوا مثلا كيف يسيسون قضية فلسطين لمصالحهم الشخصية وكيف يضحكون على السذج من العرب ليصدقو ان ايران تساند القضية الفلسطينية والتي عمرها هي ولاحزب الله التابع لها اطلقوا طلقة واحدة تجاه اسرائيل لابل الجولان محتلة غصب على راس بشار النصيري حليف ايران ولم يفتح فمه لكنه الان يستخدم الته العسكرية في قتل شعبه
ايران تعرف كيف تلعب وتدغدغ مشاعر المسلمين ومع الاسف الكثير مخدوعين بايران حتى ان الكثير من العرب يتهمون العراق باعتدائه على ايران في الحرب العراقية الايرانية ويعندما نقول لهم ان العراق اكثر من مرة طلب ايقاف الحرب والخميني كان يرفض يندهشون من هذه الحقيقة التي يخفيها الاعلام حتى العربي الخائن
واضح جدا توجهات هذا الكاتب وله تصريحات كثيرة تصب في نفس السياق ومايحاك الان هو فقط لتقوية ايران ونفوذها في المنطقة والتي تحاول اشعال حرب طائفية ليس فقط في العراق وانما في كل المنطقة
وايضا الكاتب يحاول ايصال صورة مغايرة عما يحدث في العراق فالكاتب يعلم جيدا ان اقتصاد ايران بعد احتلال العراق انتعش فحجم التبادل التجاري بين العراق وايران يصل الى خمسة مليارات دولار وطبعا الاسم (تبادل) لكن في الحقيقة العراق لايصدر شئ وليس للعراق اي انتاج لذلك فان حجم هذا التبادل هو فقط استيراد من ايران والمصانع الايرانية بعد ان كانت مغلقة صارت الان في اوج انتعاشها فمثلا السيارات الايرانية ملئت السوق بالتعاون مع عمار الحكيم وهي سيارات يقال ان حتى موديلاتها قديمة
العراق يتعرض لمؤامرة كبيرة امريكية صهيونية ايرانية
تتنافس هذه الأيام وسائل الإعلام المكتوبة أو المرئية علي تناول موضوع الملف النووي الإيراني في ضوء موقف منظمة الطاقة الدولية منه عرضا و تحليلا بما يوحي بتصعيد جديد يستهدف المنطقة العربية علي أطرافها الشرقية و كأنها حالة طافحة علي سطح الأحداث المتسارعة و ليست جزء منها تكرر استخدامه و بصيغ متعددة مما يجبر القارئ العربي طرح جملة تساؤلات الإجابة عليها تكشف السبب الحقيقي المراد من هكذا تصعيد.
Iـ التساؤلات
1/.هل شكلت إيران منذ إسقاط حكومة مصدق عامل معرقل للإستراتيجية الأمريكية عامة و نفوذها في الشرق الأوسط خاصة أم رافعة لتفعيلها...؟ و هل البرنامج النووي الإيراني.. حالة منفصلة عن التصور الاستراتيجي الأمريكي للمنطقة أم حلقة من حلقاته...؟
2/. لماذا كل هذا الصخب الإعلامي...هل المعني به البرنامج النووي فعلا أم هو شكل من أشكال إعلام التأهيل للقبول بصفقة ما علي حساب الأمة العربية (العراق خاصة) في ظل ما تشهده الساحة العربية من حراك يفتقد للقوة المؤطرة معنويا في ظل انشغالها ميدانيا بالمواجهة المباشرة؟
يتبع رجاء
IIـ الإجابات
1/إذا كانت فترة حكم العائلة البهلوية منذ إسقاط حكومة مصدق لا تثير خلافا في تبعية النظام الإيراني و فعاليته الإقليمية لفائدة الإستراتيجية الأمريكية التي تأخذ بعين الاعتبار كمقوم من مقوماتها دولة الكيان الصهيوني في فلسطين بائنة و محسومة (احتلال الجزر الثلاث أبو موسي و طنب ألكبري و ألصغري/ضرب حركة التحرر في ظفار و عمان ـ التدخل العسكري ـ الدعم اللوجستي و المادي لنظام الإمامة في اليمن "معاداة عبد الناصر ".التآمر علي العراق سواء اثر قرار التأميم.. أو التدخل في شؤونه من خلال الأحزاب التي أسستها منذ الستينات و هي مكشوفة لقاصي و الداني.أو من خلال المسألة الكردية 1974/1975 وما ترتب عنها دون أن ننسي مسألة التوافق و التناغم مع النظام في السعودية و بقية أنظمة الخليج العربي في مسألة أسعار النفط وكميات ضخها) في ظل حكم هذا النظام لا ننسي جملة القواعد العسكرية سواء بصيغة تخزين للأسلحة و جملة الخبرات الأمريكية المتواجدة علي الساحة الإيرانية سواء علي مستوي الإدارة أو مجال الاستعلامات أو الجيش...في ظل هذه الوضعية و منذ نهاية الخمسينات أسس البرنامج النووي الإيراني و بلغ عدد منشأته السبع منشآت "علي كل منا أن يقرأ كم يمكن أن تكون الخبرات الموظفة لأدارتها علميا... مع نهاية عهد الشاه الذي أسقط بعد أن استنفذ دوره أمريكيا ـ لنتذكر هنا إعلام التأهيل للقيادة التي استخلفت أقول استخلفت بحكم أن من ثار و تحمل ثقل التضحية و المواجهة مع الشاه ليست هذه القيادة و لا من يتبعها و لا أولائك الذين انظموا لها بمختلف مشاربهم...و هنا أعتقد أننا مطالبين بقراءة ما تطرحه مختلف القوي الوطنية الإيرانية لا أن يقتصر إطلاعنا علي ما تنشره السلطة التي هي تعبير عن القيادة المؤهلة أمريكيا و غربيا لتفعيلها فيما يخدم إستراتجيتها للمنطقة...بغطاء ثوري سمح له من قبل المسير بمساحات عمل لا تلحق الأذى بالمشروع الغربي و تؤهله لخلق حالات من الانحراف فكرا و مضمونا لتطلعات أبناء المنطقة في التحرر الحقيقي و الاستقلال التام و بما يجعلها تكسب امتدادات ثورية ظاهريا و مدمرة عمليا سواء علي مستوي الوجدان أو علي المستوي المادي (أنظر شعارات الثورة...وممارساتها العملية من الحرب ضد العراق تحت لافتة تحرير القدس يمر بتحرير بغداد و كربلاء...العداء الشكلي للصهيونية و التعامل العملي معها "إيران ـ قيت" المساهمة الفعالة في احتلال العراق و تدميره...و السماح لها بسرقة مكونات و حلقات هامة من التصنيع العسكري الذي كان قائما في العراق بما في ذلك مركب الكوفة للمكثفات...بعلم و مراقبة و تشجيع من الأمريكان و الصهاينة و لم تسلم من أيديهم حتى المكثفات الكهربائية علي خطوط الضغط العالي لحرمان المواطن العراقي حتى من الكهرباء... مع تحريك امتداداتهم للقيام بحالات اعتراض شكلي لا تخلو من فعل نضالي في عين المواطن الهدف منه ليس حالة نضالية و إنما تأهيل قيادات تعمل علي صرف انتباه العربي عن ساحة التقابل الحقيقة في مواجهة الأعداء إلي ساحات ثانوية و بما يبقي فعلهم غير مؤشر لديه كفعل معادي و منسجم مع لإستراتيجية الأمريكية طالما أن الخسائر في كل هذا يدفعها العربي و تتحملها الساحة العربية و في ذات الوقت يقدم خدمة لطرف من أطراف الإستراتيجية الأمريكية في نتيجته" كلنا نعرف مدي أهمية جنوب لبنان كمتنفس من منافس الضغط المباشر علي المقاومة الفلسطينية...إذ بعد إغلاقه نتيجة حرب 2006" كيف استفردت دولة الكيان الصهيوني بالمقاومة ضربا و تركيعا و لم نلمس غير الخطابات الفجة بل و الوقحة تحيلنا إلي صيغة "إلي يتعرض للضرب ليس كم يعد عدد الضربات" أي توسيع دائرة اليأس في نظر الفلسطيني من كل ما هو عربي ووطني...فهل يمكن من خلال هذا السرد اعتبار الحالة " الثورجية في إيران حالة منفصلة عن الاسترايجية الأمريكية"؟ قطعا لا و لكونها لا تتقابل معها فأنها تتقاطع و تتفق في عديد مفاصلها بما في ذلك مسألة البرنامج النووي فلماذا الضجة الإعلامية القائمة و الإيحاء بتفعيل منظمة الطاقة الدولية كطرف مرجعي في المسألة؟
2/.لا أحد ينكر علي الأقل و من الناحية الإعلامية جملة الحقائق المنشورة و المتداولة منذ احتلال العراق... من أن الضجة الإعلامية و التهديد بالضرب أو بالحصار "الذي رفع عن الفستق الإيراني "و شمل السفر و التنقل"كان دوما مقترنا بتفعيل خطة ما ذات علاقة ببذاءة من البذاءات التي يودون تصريفها علي حساب الشعب و الأرض العراقية إما اجتماعية أو ترتيبيا علي حساب المساحة الموحدة...و اذا ما نظرنا الآن إلي عاملان واقعيين الحراك الشعبي في الساحة العربية و امتداداته المادية من خلال دخول طرف ثاني كان مترددا لفترة قريبة و نتيجة يأسه النهائي من مكانة ما ضمن المجال الأوروبي بدأ يبحث له علي موقع فاعل في الساحة العربية " العثمانيون الجدد " ماديا... وثانيا الانسحاب المعلن أمريكيا من العراق بصيغته العسكرية نظريا و العامل علي أن يكون بقاؤه قائما لا بصيغة التعويل علي الطرف القديم الجديد في الفعل المضاد للأمة (إيران) و إنما من خلال توسيع دائرة الطرف الثاني القديم و الحليف تقليديا و الذي أهل من خلال حرب غزة علي احتلال مكانة في الضمير الجمعي العربي مرموقة بصيغة المدافع و المتبني من ناحية و من ناحية أخري لما يمثله من صيغة طائفية مقابلة لمزيد تأكيد التجزئة لا علي مستوي الواقع و إنما علي مستوي الإرث الروحي و الوجدان الحضاري للأمة... حالة تتأكد في تسارع القرارات من هذا الطرف أو ذاك (نقل الشاهر ودي كمرجعية إلي العراق... و تحرك أطراف العملية السياسية المخابرتية من الشق المقابل إدانة و رفضا للإجراءات الميدانية المتخذة أخيرا في حق القوة الفاعلة ميدانيا و بالضد من المشاريع الأمريكية في المنطقة) من هنا أن التصعيد الإعلامي للملف النووي لا يعدو أن يكون صيغة من صيغ حرف النقاش حول مستقبل المنطقة إلي نقاش جانبي... و تغييب الحالة المطالبة بنقاش الأساس و هو مستقبل العراق في ظل ما يطرحه الحراك الشعبي العربي وليس "الربيع" العربي كما تريده الإستراتيجية الأمريكية...
إرسال تعليق