عمر الكبيسي
بعد 10 سنوات من احتلال العراق، بات واضحاً حجم المخطط الرهيب الذي استهدف العراق وزيف الإدارتين الأمريكية والبريطانية في تبريراتهما لتنفيذ الغزو العسكري بلا شرعية دولية تنفيذا لمخطط زمرة المحافظين المتصهينة ، صاحبة القرار والنفوذ في حقبة ولاية جورج بوش . كما كشفت أحداث ما بعد الاحتلال زيف ودونية شخوص واحزاب المعارضة العراقية التي شجعت وبررت وجاءت وساعدت الغزاة وتفاهة كياناتها السياسية وفكرها تحت اي عنوان كان وبأي مبرر تشبت ، إذ ان فعلها وحجم جريمتها لا يقل جرما او مكرا أو كفرا عن جرم الغزاة وجيوشهم .
الغزو الأمريكي حطَّم معالم الدولة، فتح الحدود وحل الجيش وأشاع السلب والنهب والحرائق في مؤسسات الدولة وإرثها ومكاتبها ومتاحفها ومعاهدها العلمية والصحية ، ثمَّ أثار المذهبية والطائفية السياسية والعرقية في المكون العراقي واخترقه اجتماعيا وقيميِّا من خلال سياسة الفوضى التي أشعلت الفتنة والاقتتال الطائفي في المجتمع الواحد ومضت في سياسية تصفية العلماء والكفاءات والشخوص الوطنية وأسست لسلطة بديلة وفق قانون ودستور وانتخابات وبرلمانات وحكومات كلها بغيضة ومزيفة ومحرفة فاقدة للنزاهة والكفاءة حتى أصبح الفساد والعنف والفشل سمتها، وجرى ذلك كله تحت عناوين الحرية والديمقراطية والعراق الجديد .
وعندما انسحب الغادرون عسكريا بعد أن أصبح تواجدهم العسكري أمام إنجازات وفعاليات المقاومة الوطنية التي أوقعت فيه خسائر فادحة وتكاليف باهظة، خلفت بعد انسحابها سلطة متفردة وحكومة فاشلة وبرلمان هزيل وقضاء مخترق وساسة فاسدون وأحزاب متصارعة في ظل دستور تقسيمي ملغوم ونفوذ إيراني خطير وفساد مستشري وعنف متزايد وجيش وقوى أمن ميلاشوية ودمار شامل للبنية التحتية حتى عمَّ المرض والجهل والفقر والبطالة والجوع والظلم والعنف وعاثت بالشعب فتكا في حين تنعم طبقة الحاكمين بفسادها وسرقاتها وامتيازاتها ما يكفل لها عيش هانئ وإمكانيات مالية هائلة خارج العراق دون حساب أو عقاب .
بعد 10 سنوات من مشروع الغزو للعراق يقول السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية: لا يزال العراق قائما ولهذا لا تعتبر تجربة العقد الماضي فاشلة ، بمعنى أن أرضه لم تتبخر بعد !.
ويقول الدكتور رافع العيساوى المستقيل حديثا من وزارة المالية : في العراق لا توجد معالم دولة بل سلطة فاشلة وفاسدة ، ويقول الدكتور أياد علاوي: لقد فشلنا جميعا كساسة في التأسيس لدولة المواطنة في العراق . السيد مقتدى الصدر وتياره وخطيب الكوفة لا يرى في حكومة المالكي متنفسا لحكم عادل أو نزيه ويدعو التحالف الى ترشيح بديلا عنه لرئاسة الحكومة قبل أن يحدث الشعب انقلابه كما يحذر خطيب كربلاء. وتقول منظمة (هيومن رايتس) في أحدث تقرير لها آذار 2013 ( بعد عشرة سنوات النظام في العراق سلطة دموية زاحفة والنظام السياسي والعدلي ملعون مرتين، مرة لأنه مسيئ ومرة أخرى لأنه عاجز عن رفع الإساءة عن الآخرين).
ملايين من الشعب في ست محافظات عراقية تشكو في مظاهراتها واعتصاماتها نقص الخدمات وسوء معاملة السجناء والسجينات وتسييس القضاء وفقدان التوازن في أجهزة الدولة وتطالب بحقوق مشروعة وحين لم تلمس استجابة من السلطة صعدت مطالبها الى إسقاط النظام وتبديل الدستور مما جعل المالكي أن يؤجل موعد انتخابات مجالس المحافظات في محافظتي الانبار ونينوى خوفا من أن تؤدي لانتخاب كوادر محلية جديدة تنهض بمطالب المتظاهرين الخدمية خلافا للدستور كما صرح به ممثل الأمم المتحدة في العراق السيد كوبلر والسيد عمار الحكيم والسيد مقتدى الصدر وحكومة كردستان ورئيس مجلس النواب النجيفي وزعماء الكتلة العراقية (أياد علاوي والجميلي والسامرائي).
إذاً العراق بعد 10 سنوات من الاحتلال تتفاقم عليه الأزمات والمحن واحدة تلو الأخرى وتهدد شعبه سلطة المالكي بالحرب الأهلية والتقسيم جهارا نهارا إن لم تسكت فيه أصوات المنكوبين والمهمشين ، لم تبنَ فيه دولة بالمعنى العصري للدولة المدنية ولم يفِ الأمريكان بوعودهم حول إقامة الحرية والديمقراطية في العراق الجديد ، غادروه بعد أن سلموه إلى نفوذ إيراني متحكم فيه وبسلطته ، يحكمه فرد واحد ، وتسرقه عصابة من الساسة الفاسدين، وحزب طائفي مرجعي، جعله من أسوأ دول الكون فسادا وفشلا وإرهابا وعنفا وقذارة وعيشا وسكنا وتهجيرا في جميع معايير العيش والحياة .
أجمل ما رفعته جماهير الحراك الشعبي العراقي من شعارات في تظاهراتها هو :
كما طيَّح الله حظ من جاء بالاحتلال وتعاون معه من ساسة وعملاء وسرَّاق، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق