عبدالحكيم عبدالرحمن السعدي
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد :
فانطلاقاً من قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان"، فقد حمّل النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بأكملها مسؤولية التغيير كل فرد منها بحسب طاقته.
فالقادر على التغيير بيده - والمراد باليد القوة القادرة على تغيير المنكر- لا يجوز له ان يكتفي بانكار المنكر باللسان لان النبي صلى الله عليه وسلم رتب المسؤولية حسب القدرة وجعل الانتقال من مرحلة أعلى الى مرحلة أدنى مرتبطاً بعدم الاستطاعة على العليا ومن كان قادراً على تغيير المنكر بلسانه لا يجوز له السكوت والاكتفاء بانكاره بالقلب لنفس العلة .
والعراقيون يمرون اليوم باعلى درجات المنكر من فساد مالي وسياسي واداري ودستوري وعنصري لم يشهد العراق له مثيلاً في تأريخه المعاصر.
وهذا يعني أن تغيير هذا المنكر أصبح واجباً شرعياً على كل من ينتمي الى ترابه - كل فرد حسب مقدرته - .
والمتتبع للاحداث منذ الاحتلال يجد أن العراقيين بدأوا انكار المنكر بقلوبهم ثم انتقلوا الى المقاومة الشريفة حتى طردوا المحتل الغازي ، وواصلوا مقاومتهم لطرد المحتل الثاني (الفارسي) لكن الخونة من المنتمين للعراق شكلاً لكنهم خدمٌ لاعدائه مضموناً تآمروا على المقاومة العراقية الباسلة بالتعاون مع أسيادهم عاونهم بعض المغرر بهم فأجهضوها تحت مسميات كاذبة لم تفرق بين من هو مجاهد مقاوم للاحتلال وبين من هو مندس من صنع امريكا وايران ، وبذلك اتيح للعملاء والفاسدين ان يمسكوا بزمام الأمر ويحكموا البلاد بالحديد والنار يعاونهم في ذلك المغفلون أو المنتفعون ممن هم محسوبون من ابناء الوطن فنشروا الفساد بكل ما تعنيه هذه الكلمة وعمقوا الطائفية ومزّقوا البلاد وانتهكوا الاعراض وسفكوا الدماء البريئة ، كل هذا والمخلصون الغيارى من ابناء العراق الأصلاء ينكرون هذا المنكر بقلوبهم ، لكن حين طفح الكيل وبلغ السيل الزبى انتفض الاحرار في كل انحاء العراق ووعى من كان مغرراً به واستيقظ من كان في سبات فتلاحموا وتشابكت ايديهم من أجل الخلاص من هذا الدمار والفساد وهاهي ساحات الوغى ساحات العزة والكرامة والشرف والحق تشهد صرخاتهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر تطالب بطريقة سلمية بالحقوق وتنكر المنكر لكن لا سامع ولا مجيب فالحكومة العميلة الفاسدة كلها آذان صماء عن هذه الحقوق بل ازدادت تعنتاً وكبرياء وظلماً والمعتصمون – لحد الأن – ما زال يحدوهم الأمل في هذه المرحلة – مرحلة انكار المنكر باللسان – أن يتحقق لهم ما هو حق مشروع لهم ولسائر العراقيين .
ولم يبق َ بعد هذا الاّ أن نقول لهم:
متى ما وصلتم الى حالة اليأس من تحقيق حقوقكم ورفع الحيف والظلم والفساد عنكم عن طريق اللسان وبالوسائل السلمية فان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض عليكم جميعاً متضامنين متكاتفين انكار المنكر وتغييره بالقوة المناسبة وجعل لكم ذلك جهاداً في سبيل الله لان من قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون وطنه فهو شهيد ، ولا يخذلنكم ارجاف المرجفين وتقاعس المتخاذلين بل عليكم بما أمركم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعله أمانة في أعناقكم ، ولا ملامة عليكم بعد هذا ان خرجتم عن سلميتكم لان الظالم هو الذي ألجأكم الى هذا الخيار الذي ما كنتم تتمنونه.
لكننا ننبه الى من له الحق في تحديد مرحلة اليأس من التغيير باللسان للانتقال الى مرحلة القوة هم العقلاء من العلماء المخلصين والشرفاء والنخبة الواعية من المعتصمين باتخاذ قرار موحد بعد المشورة والاتكال على الله تعالى والاعتصام بحبله المتين والتخطيط الدقيق .
عسى الله أن يجري على أيديكم نصرة المظلوم ونهاية الظالم ولتكتمل فرحة العراقيين بهذا النصر العظيم والله أكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق