موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 28 مارس 2013

لا نقطة مضيئة للاحتلال


سعدالله الفتحي*
لقد سعيت بجد لكتابة هذا العمود، وأنا موقن من أنني لن اتمكن  من التعبير عن ما تستحقه المناسبة التي تسببت في تحميل الألم لملايين العراقيين والعرب وجميع الشرفاء في أنحاء العالم.
يعرف قراء صحيفة (غلف نيوز) أنني أكتب بانتظام عن المسائل المتعلقة بالنفط والطاقة بشكل عام. وعلى الرغم من أنني سوف أتطرق إلى تلك المسائل هنا، فأنني لا أستطيع أن تمر "الذكرى" العاشرة  لغزو واحتلال العراق، التي سميت زورا "عملية الحرية للعراق" دون أن يكون لي ما اقوله.


ان صفحات الانترنت محملة بالمقالات من جميع اللغات من وحي المناسبة، وربما قرأت أكثر من 100 من هذه المقالات. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى منها تنتقد الغزو والحرب والاحتلال وتأثيرها على العراقيين والمنطقة، فإن معظمها لم يصل الى حد التصريح بالادانة، على الرغم من وصف ما حدث بالجريمة وانها حرب غير شرعية.
ومن حق  العراقيين بعد هذه المدة الطويلة ان يشعروا بخيبة أمل من اولئك الذين لا زالوا يناقشون النواحي الفنية التي قادت الى قرار الذهاب إلى الحرب اعتمادا على أدلة واهية حول حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل، أوصلاته بتنظيم القاعدة والتي اثبتت الوقائع كذبها وكذب مروجيها دون ان يشعر اي منهم بأدنى حد من الخزي والعار. الا انني  اشعر بسخط من أولئك الذين يطلقون صفة ( الخطأ) على ما حدث بعد 10 سنوات من التحليلات والنتائج الكارثية ومئات الآلاف من القتلى والجرحى وتدمير بلد بكل مؤسساته العاملة.
ولا أنوي هنا أن أقتبس من المقالات والتقارير والتحليلات التي قرأت عن هذه المناسبة، حيث أنها أصبحت معروفة وتعترف أن العراق يعاني من العنف الشديد والقتل المسلسل بأسلحة الكواتم. ومنذ بضعة أيام، كما لو أنها كانت موقتة لتذكير العراقيين بالمناسبة، هز البلاد 20 انفجارا في يوم واحد معظمها في بغداد، وادى ذلك الى ما لايقل عن 250 إصابة بين شهيد وجريح.
أنا، كغيري من العراقيين، لا اشك اطلاقا أن ليس هناك الكثير من الذين لم تتأثر حياتهم بشكل رهيب من الحرب والاحتلال وفوضى السنوات العشر الماضية واحداثها الدامية. 
افتح هذا الموضوع واستمع إلى قصص عن الأحباء الذين لم يعودوا بيننا والأصدقاء الذين اختفوا دون أثر، والأطباء والمهندسين والضباط والطيارين وأساتذة الجامعات والمحامين والقضاة وجميع المهنيين الذين قتلوا في وضح النهار لإفراغ البلد من قوة هو بأمس الحاجة إليها لإجباره على الاعتماد على الآخرين.
اما الحديث عن الخدمات وبعد 10 سنوات من "الحرية" ومليارات الدولارات التي انفقت فانه لا يجلب الا السخرية. فالعراقيون لا يحصلون الا على إمدادات متقطعة من المياه النظيفة و 25 % منهم لا يحصلون عليها على الإطلاق. أما بالنسبة للكهرباء، فـ "هنا تسكب العبرات"، كما يقول العراقيون، حيث لم تولَّد في 2012 سوى نصف الكهرباء التي يحتاج إليها العراق. وفي عام 2010، قدرت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن النقص في الكهرباء بما يقرب من 40 مليار دولار بصرف النظر عن المعاناة الإنسانية الهائلة. نظم الصحة والتعليم ليست أفضل والبطالة حوالي 30 % خاصة بين خريجي الجامعات والمعاهد. كل ذلك يبقي السؤال المشروع اين ذهبت مئات المليارات من عائدات النفط التي تحققت في السنوات الماضية؟
لقد تم تشظية البلاد عن طريق الفتن الطائفية التي لم تكن موجودة قبل عام 2003 والخلافات العرقية تهدد بأعمال العنف أكثر من الحل والأستقرار. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية كان مئات الآلاف من الناس في الشوارع في بعض المحافظات للمطالبة بتحقيق العدالة لآلاف الرجال والنساء الذين يتم احتجازهم دون توجيه اتهامات أو محاكمات، وبعضهم لسنوات عديدة لم تراعى فيها حقوق الإنسان لا من قبل الاحتلال ولا الحكومات والمؤسسات التي تلت، وأصبحت الديمقراطية وسيادة القانون شعارات تطلق دون وجود اساس جوهري لها.
اذا أين هي النقطة المضيئة من "عملية الحرية للعراق"؟ فالعديد من المؤتمرات وغالبية المتحدثين "المميزين" يدَّعون زورا بأن صناعة النفط في العراق قد تكون قصة نجاح في بحر من الفشل. ولكن هل هذا صحيح؟
نعم ان زيادة إنتاج النفط الخام في العراق من نحو 2 مليون برميل يوميا في عام 2002 إلى 2.94 في عام 2012 وهي تبقى قاصرة عن أي هدف موعود أو ذروة انتاج في الماضي. فقد كان الإنتاج في عام 2001 مايقرب من 2.5 مليون برميل يوميا مقيدا بأهواء ورغبات لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة. بينما جاءت الزيادة الحالية بكلفة باهظة وبعد التخلي بالجملة عن الحقول النفطية لصالح شركات النفط العالمية وتقليص دور الشركات الوطنية العراقية العاملة في الجنوب والشمال.
اما الغاز الطبيعي فقد كان إنتاج العراق في عام 2012 يبلغ 21.3 مليار متر مكعب استخدم نصفها فقط والباقي أهدر حرقا في حين تطالب محطات الكهرباء، وبصوت عال، للحصول على الغاز وتضطر لاستخدام الوقود السائل المكلف بدلا من ذلك.
المصافي في العراق تعمل بالكاد 70 % من طاقتها الاسمية، ولجأ البلد لاستيراد ما يقرب من 100 الف برميل يوميا من المنتجات الخفيفة العالية الكلفة في عام 2012. وبناء على ذلك فان على صناعة النفط العراقية ان تقطع طريقا طويلا قبل أن تحسب على أنها قصة نجاح.
ان قصة النجاح الوحيدة في العراق تمثلت في ان العراقيين لم يستقبلوا قوات الاحتلال بالحلوى والورود، كما تصوروا، او كما وعدهم البعض، لا بل أجبروا على مغادرة البلاد قبل ما كانوا يخططون له، والآن جاء الدور على العراقيين لتصحيح إرثهم الفظيع.

* رئيس الؤسسة العامة لتصفية النفط وصناعة الغاز ومدير دائرة دراسات الطاقة في سكرتارية اوبك سابقا.
* نشرت بالانكليزية اولا في صحيفة (غلف نيوز) الصادرة في دبي في 24 مارس/ آذار 2013.

ملاحظة:
نشر المقال باللغة الانجليزية هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..