موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

في لندن...حواسم

عن الواقعة الشهيرة في لندن التي ماتزال تعاني من آلامها، وهي الأشد إيذاء منذ الحرب العالمية الثانية، يكتب المبدع العراقي، علي السوداني، المقيم في عمان حتى الآن، واحدة من خواطره الذكية..





في لندن حواسم

 

 

علي السوداني
وهذه واقعة كبرى وقعت عند خاصرة العشرة الأوائل من رمضان القائم.
أربعة أيام ولياليها، كأنها الدهر كله. نار ودخان ونهب وسلب في مدينة الضباب، لندن وضواحيها، حتى وصلت النار، مرفأ ليفربول وما حوله.
الفتى ديفد كاميرون، حسم أمره وقال في باب تجنيس الواقعة، أن هؤلاء، نهابون سلابون، تحركهم مافيا الجريمة المنظمة، وفي توصيف لافت ومثير، زاد داوود على تجنيسهم وصف " حواسم "، غير أن وسائط الأعلام الملتمة بباب المبنى اللندني رقم عشرة، لم تفهم تلك المفردة التي نطقها كاميرون، ملحونة محببة لطيفة. وحتى لا تكون فتنة، ويضيع كلامنا في شبك، وينصاد فيسقط في باب اللغو الفارغ والحشو الزائد، سنتكىء في ليلتنا المبروكة هذه، على منابع نبأ يقين، حطّ بعبّنا من صاحب ثقة عراقي مؤتمن من سكنة لندن، أباَ عن جد عن خال قال - أنا اصدقه تماماَ - أنه في الليلة الثالثة من حريق لندن وما جاورها، اتصل به مدير مكتب الرئيس كاميرون وطلب منه التوجه بسرعة، صوب مبنى عتيق مشتول في ظهر ساحة البيكاديللي المشهورة، كانت المملكة قد استعملته غير مرة ومرة، كملاذ آمن لا تنوشه العين أيام الملمات.
زاد صاحبي، أنه حال ولوجه المبنى العتيق من بابه الخلفي، شاهد رئيس الحكومة كاميرون، معتلياَ دكة الخطابة، مبتسماَ ملوّحاَ بكف مفتوحة، نحو حشد من زعماء عشائر لندن ووجهائها ورجال دين، أشهرهم زعيم أساقفة كانتربري الذي شدد على أن المرجعية الكنسية، تقف اليوم الحاسم، على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب الأنكليزي، لكن زعيم عشيرة البوجوني المتحمس، قطع كلام الأسقف المسالم الخجول، ودس يمينه تحت أبطه العرقان، وشماله فوق رأسه، وصاح بالحشد " ها خوتي ها " فأجابه الجمع بما أراد، فثنى وثلّث، ثم عاط : الدولة النه وما ننطيها، فعاطت بعده الصالة عن بكرة أمها وأبيها، وساد هرج عظيم توّجت دلالته بتلك الصورة الدالة على اللحمة والألتحام بين القائد والشعب، اذ شال كاميرون، علم بريطانيا العظمى، وخضّه خضاَ، فرفرفت كراكيشه الزاهيات، ورنّت خلاخيله المذهبات المحروسات، حتى ساح العرق من فوق الجبائن، وفاضت المقل بسواخن الدمع، وبينا كانت الناس، تجاهد لألتقاط النفس العزيز، حتى انفلت من مؤخرة القاعة الضاجة، كهل سبعيني بوجه منير صبوح، تبين بعد انفضاض الجمع، أن هذا الكهل هو رئيس فخذ آل هيغ، الذين منهم وزير الخارجية، ومنهم كذلك، مسؤول تنظيمات فلاحي حزب الأحرار في ناحية برمنغهام، الذي ما زال قبر جده، قائماَ في ساحة الطرف الأغر. عاط الرجل وثغب وشقّ زيقه ولطم وجهه وردح وهوّس : ها خوتي ها، اليوصل لنده انكص ايده، حتى ماجت الصالة وراجت وكادت تنفجر، وما زاد الطين طينات، أن شلة من نسوة محصنات، أرتقين على غفلة من عيون الحمايات، كابينة كبار الضيوف، وصرن يطلقن الهلهولات والأهزوجات ألتي سمع منها، أهزوجة شعبية مؤثرة تصيح " كاميرون دولبها ولعب بيهه " وقد جاءت ملحونة مموسقة مرتلة على لسان الناشطة مارغريت سام البوكامبل، التي لم تكد تنهي ردحتها القوية، حتى دخل صاحب الشرطة بلندن، في نوبة بكاء ونحيب انتهت بنزع رتبته العسكرية من فوق كتفه المهدول، وتقديم استقالته، أحتجاجاَ على تباطؤ الحكومة في تنفيذ مطالب المحتجين، ومنها عدم الأنفراد بالسلطة، واقامة حكومة شراكة وطنية تضم جميع الأطياف، واطلاق كل المسجونين السياسيين من سجن لندن المركزي سيىء الصيت، واعادة الساعة التي نهبتها الحكومة بذريعة التوقيت الصيفي، والسماح للمعلمين بتحويل سياراتهم الى تاكسيات بعد الدوام، والطلب من أيرلندا، وقف العمل في بناء ميناء غلاسكو الكبير، بعدها طلب رئيس الحكومة كاميرون، من الحاضرين الوقوف، ورجاهم أن يرددوا خلفه " ها خوتي ها.. ها، ها خوتي ها.. ها، ها خوتي ها.. ها " وهنا أنقطع الخط بيني وبين صاحبي في لندن، من دون أن أقع على هوسة الزعيم ديفد كاميرون.
شكراَ.
فيمالله.
كاتب عراقي مقيم في عمّان حتى الآن

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..