ضياء حسن
واذكر وقفة هذه المدينة الواثبة دائما في التلاحم مع وقفة شعبنا العراقي الصارخة المتميزة بمناهضة الظلم والعدوان كما تسعفني ذاكرتي بدءاً من:
1-ثورة مايس عام 1941 وكانت وقفتها ساندة لتلك الثورة المعبرة عن رفض الوجود البريطاني, ومن قبل ان يكبل العراق بقيود معاهدة عام 1930 الرابطة لمصيره ببريطانيا وجعل اراضيه محطات تقام عليها قواعد عسكرية وجوية تخدم مصالح (ابو ناجي) وهي الكنية التي اطلقها العراقيون على الوجود الانكليزي في البلاد.
ويكفي الاعظمية شرفا ان انطلق من احد بساتينها في الصليخ الصوت المبشر للعالم باعلان الثورة , وكان لها بين فرسانها الضباط اكثر من فارس وبين قادتها اكثرمن شهيد , ورئيس وزرائها الراحل رشيد عالي الكيلاني رحمهم الله والاخير حكم عليه بالاعدام واضطر الى ترك العراق بعد ان شنت القوات البريطانية المتواجدة في قاعدة الحبانية هجوما بالطائرات الحربية والدروع والمشاة على قوات الجيش التي قامت بالثورة والتي لم تكن تمتلك السلاح المناسب من ناحية النوع والكم للتصدي للقوات البريطانية المتجحفلة في القاعدة التي انشاتها بريطانيا في الحبانية دفاعا عن مصالحها في المنطقة .
ونتيجة لفشل الثورة فقد شملت حملة اعتقال ثوار مايس واعدام قادتها وكان بينهم بعض ابناء الاعظمية الذين كانت لهم مشاركة فاعلة في الثورة وفي توفير الاسناد الشعبي لها.
2-وثبة كانون ثاني 1948 التي اسقطت معاهدة بورتسموث التي وقعها صالح جبر مع ايدن البريطاني بالاحرف الاولى ليستبدل بها ما وقعه نوري السعيد من معاهدة ذل وتبعية
وسقط الباشا وسقط صالح جبر بفعل اتحاد اهل بغداد بجميع اطرافها من الاعظمية والكاظمية حتى الرصافة الى الكرخ والكرادة التي ما تلالا صوتها وفعلها الا لنصرة الحق العراقي والعربي وترجم تلاحم اهل الاعظمية والكرخ واصطفافهم موحدين مع عموم شباب بغداد وهم يسقطون المعاهدة الجائرة في معركة الجسر ويغسلون بنجيع دماء باقة من شهدائهم، وفيهم ابن الكرخ جعفر شقيق شاعر العرب الراحل محمد مهدي الجواهري وابن الاعظمية قيس الالوسي، عار النظام الحاكم المنحني للندن الذين يجدون في تقديم الخدمات لها في الضد من ارادة العراقيين ما يحقق لهم فيئ امان ولكنهم لم يجدوا الى جانبهم من يحميهم من غضبة شعب ان امهل , لكنه لم ولن يهمل من ظلم اهله ووقف الى صف الاجانب , ورجح كفة محتل يانكيا كان ام صفويا على حساب مصلحة العراقيين !!
والمصادفة وهي ليست غريبة ان يعود العراق مخطوفا بعد ان طرد بعزم مقاومته الوطنية البطلة قوات واشنطن العسكرية , لتعود متخفية باردية مدنية تحت مظلة اتفاقية امنية ستراتيجية اختير المالكي للتوقيع عليها والتي صاغها الاميركيون وبالغوا في تحديد المطالب التي ارادوا ان تتضمنها مسودة الاتفاقية ليسهل لهم تمرير المطلوب الاصلي الخادم لاستمرار وجودهم في البلاد بما يخدم مصالحهم ويعطي لسفارتهم التي اضحت دولة ليس داخل دولة , وانما سفارة دولة فوق دولة المالكي بموجود جيش دبلوماسييها الكثييف وخبرائها ومساعديهم بمختلف الاختصاصات وامنيينهم الذين يفترض ان يقاس عددهم نسبة لعدد موجودهم ولطبيعة المهمات التي يضطلعون بها داخل السفارة وحولها حماية للمبنى ولمن فيه ولحركة الموجود في بغداد وعموم العراق , وهكذا جاء نوري جديد بعد 83 عاما من توقيع نوري السابق على معاهدة الذل السابقة ليوقع اتفاقية ذل لاحق ودائم مقرونة بحملاث موت مصممة لملاحقة العراقيين ومردفة ينهب منظم للمال العام !!
3-انتفاضة تشرين ثاني 1952 وايضا لم تتخلف عنها الاعظمية بل شاركت في تظاهراتها العامة التي شملت بغداد على امتداد شوارعها وهي تدعو الى اسقاط الحكومة مما اضطر الوصي الى اعلان الاعلان الاحكام العرفية ودعوة الجيش الى الانتشار في شوارع العاصمة الرئيسة وجسورها من الباب الشرقي الى باب المعظم وساحاتها العام وتكليف نورالدين محمود رئيس اركان الجيش الى تشكيل الوزارة برئاسته .
وهدا الشارع في نهاية النهار لان الجيش العراقي كان يشكل ارضية ارتياح شاملة جميع العراقيين وقد استقبلت القطعات التي انتشرت في بغداد بكثير من الترحيب وانعكس ذلك في انسياب وتلاحم بين عناصر الجيش الذين نزلت قطعاتهم الى الشوارع واخوتهم المتظاهرين فحل العناق محل فتح النار الذي كانت الشرطة تستخدمه ضد الجماهير وهي تعمد الى فض التظاهرات بقوة السلاح كما هي عادة النظام السعيدي وتبناها المالكي كسلوك اجرامي تميزت به الاجهزة الامنية والقوات العسكرية التابعة له وقبلهم من الحكومات التي جاء بها الاحتلال .
4-تنظيم الكثير من الفعاليات الوطنية التي انطلقت منها في مواجهة سياسة سلطة الزعيم الاوحد الدكتاتورية المفرطة بوحدة جبهة الوطن الداخلية .
ومن بين الفعاليات التي تبناها البعثيون في اوائل الستينات كان اضراب البنزين واختيرت الاعظمية حاضنة له الذي سقط فيه العديد من ابنائها البررة بين شهيد وجريح وتعرضت بسبب انتفاضتها الى حصار عسكري قامت به قوات من الجيش بامر من الحاكم العسكري احمد صالح العبدي التي طوقت المدينة من السدة المحاذية لنهر دجلة التي يتوقف عندها الشارع الرابط للمنطقة ((التي تقع فيها ساحة الدلال الان)) بساحة عنتر ومن ثم امتد حصار قوات الجيش على امتداد شارع عمر بن عبدالعزيز وصولا الى نهايته بحيث منع الدخول اليها او الخروج منها خلال ايام الحصار المفروض عليها .
ولكن مبادرات شباب البعث المعمقة بتاثير ايجابي بالمواطنين كسر اهداف الحصار فقد جعلوا وجوده شكليا عندما خلقوا حالة من التفاعل في العلاقة بين عناصر الجيش وبين اهالي الاعظمية المحاذية بيوتهم لخط انتشار عناصر الجيش المحاصر, فصار الدخول اليها والخروج منها متاحا وبمرأى من الجنود ودون حاجة لاخذ موافقة من الامرين.
فالمواطنون افترشوا الارصفة التي امام محلات تواجدهم او امام اماكن سكناهم ليس في مواقع انتشار الجبش فقط , بل في الازقة المتفرعة من تلك المواقع المؤدية الى داخل المدينة وجعلوا ابوابها مفتوحة امام الشباب الذين قد يتعرضون الى ملاحقات من عناصر امن المنطقة .
وهذه صورة عكست حالة التلازم بين اهل الاعظمية بجميع حاراتها الشعبية القديمة , النصة والسفينة والشيوخ والحارة وهيبة خاتون وراغبة خاتون وراس الحواش والصليخ مع مناضلي حزب البعث والتيارات القومية والوطنية والاسلامية طالما وقفت مساندة حق ورفعة الوطن ضد من يعادي العراق وتوحده الوطني .
فما تعرضت له الاعظمية في عهد المالكي ليس غريبا عليها فقد تعودت عليه , لانها ما سكتت يوما على ضيم , والذي لم يدركه رئيس الوزراء حتى الان وشلته الطائفية هو تغابيه عن ان يسأل نفسه ما هو مصير من حاصرها وكيف حبست انفاسها صبرا على غارات الفجر والضحى والليل التي شنها الطائفيون الاقزام على اهلها طوال السنوات العشر الماضية وكل من تسبب في اغتيال ابنائها ولكنها ما انحنت الا لبارئها العلي القدير ولراية الله اكبر منسابة الرفرفة خفاقة تنشد للوطن الموحد لحن الثبات والوفاء:
وطن مد على الافق جناحا
ولا نظنه سيصحو ليسأل نفسه كما نبهناه _إشفاقا_ اين هم الذين سبقوه في محاصرة الاعظمية وغيرها من مدن العراق الكريمات العزيزات باهلها العراقيين الاوفياء , فقد غادرها الزبد الغادر ومكث فيها اهلها الطيبون وهي حقيقة حتمية اكدتها الارادة الالهية وجسدها اليوم نضال شعبنا العظيم .
فالبقاء لطيب الشعوب وليس لمن عاداها وممن جيئ به ممن لم يكن من اهل البلاد ليبقى ويطغى , فاختلطت عليه الرؤية ليدعي (( احنا ما اخذناها لنعطيها !!!)) بل سيعطيها ويرحل او سيرحل ولن يفيده زعيق حملانه كبائع الخضروات الدانماركي الذي ظهر مهزوزا مرعوبا مهددا وهو يرى البيرق العراقي يرفرف من جديد وفي ساحة الشرف والكرامة هذه المرة .
فمن يزاحم طيب الاعظمية وعبقها المعفر بطيب العراق , وهو ابقى لارتباطه بجذر حضاراته الخالدات .
فافهموها جيدا , ايها الطائفيون المتخلفون !!!
هناك تعليق واحد:
بقد اعمى الحقد الطائفيون الطارئون على الحكم للعراق ونسوا ان التاريخ لا يرحم وان الشعوب لا تقهر .
وسوف يرون بأم اعينهم كيف تكون هزيمتهم بعون الله المالكي وحزبه وحلفائه
إرسال تعليق