موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 18 فبراير 2013

"إسرائيل" وحلم الاعتراف بكيانها


مصطفى يوسف اللداوي
كان طموح القادة التاريخيين للكيان الصهيوني أن يشق كيانهم طريقه إلى الاعتراف وينال الشرعية العربية والإسلامية قبل الدولية، ذلك أنهم يدركون أنهم كيانٌ لقيطٌ غاصبٌ ومحتل، وأنه غير شرعي وإن حاز على الاعتراف الدولي، ونال الأغلبية في مجلس الأمن الدولي، وأصبحت أغلب دول العالم تعترف به.


إذ أن حلمهم بالاعتراف العربي والإسلامي يختلف، فهو اعتراف أصحاب الشأن وأهل الحق، وهو تنازلٌ منهم وقبول برضىً وموافقة، وهو عندهم الأهم ومناط الأمل والرجاء، إذ ما قيمة اعتراف من لا دخل له ولا شأن له به، ممن يبعدون عنه جغرافيا ولا يرتبطون به بمصلحة، ولاينتفعون منه ولا يلحقهم منه أذى ولا ضرر، فما قيمة اعتراف كل دول العالم إذا أنكره جيرانه ومحيطه، ورفضته المنطقة وأهلها، ونازعه أصحابُ الأرضِ والوطنٍ الشرعيةَ والوجود.
بذل الصهاينة وحلفاؤهم خاصة الولايات المتحدة الأمريكية جهوداً مضنية لإقناع الدول العربية والإسلامية بالإعتراف بالكيان الصهيوني، والقبول بها عضواً في المجتمع الدولي، وحرصت الحكومات الصهيونية على مخاطبة الحكومات العربية بكل السبل، وحضتها على الاعتراف بها، والجلوس معها على طاولة المفاوضات، وطلبت من حلفائها الأوربيين والولايات المتحدة الأمريكية الضغط على الحكومات العربية للاعتراف بها، والجلوس معها على طاولة المفاوضات، ونجحت الحكومات الصهيونية في إحداث اختراقٍ نسبي مع بعض الدول العربية، وقد شكل اعتراف بعضها بــ"إسرائيل" نصراً كبيراً لها، ونقلةً نوعية ما كانت لتصل إليها بالحروب التي سبقت، فعملت بناءً عليه على توسيع دائرة الاعترافات العربية والإسلامية بها، اعتقاداً منها أن اعترافهم بها سيقود إلى اعتراف شعوبهم وإقرارهم بشرعية وجود دولة "إسرائيل"، وتطبيع العلاقات معها، وإنهاء حالة الحرب والعداء القائمة بينهما.
لكن الاعتراف الأكبر والنصر المؤزر الذي حققته "إسرائيل" على العرب والفلسطينيين، كان في اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بها ضمن أوراق ومخاطبات اتفاقية أوسلو للسلام، حيث شكَّل اعتراف المنظمة انعطافة كبيرة في الأحلام الصهيونية، وحلماً وأملاً عملت "إسرائيل" لأجله كثيراً، واعتمدت عليه كونه اعتراف أصحاب القضية وممثلي الشعب، في اختراق وإضعاف الدول العربية والإسلامية، التي تتابع اعترافها، وتوالت علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية، ونجحت "إسرائيل" بالفعل في بناء شبكة علاقاتٍ عربية مغاربية وخليجية ومصرية وأردنية، وذلك استناداً إلى اعتراف منظمة التحرير الفسطينية بها.
اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية في أفضل تفسيراته بالكيان الصهيوني، هو إقرارٌ له بشرعية الأرض التي اغتصبها واحتلها وبنى عليها مستوطناته ومعسكراته، وأسكن فيها مهاجريه وأبناءه، وهي مساحةٌ تشكل 78% من أرض فلسطين التاريخية، والاعترافُ قبولٌ واضحٌ وصريح بدولةٍ فلسطينية فوق مساحةٍ لا تزيد عن 22% من مساحة فلسطين إلى جانب دولة "إسرائيل"، وذلك بموجب الحدود التي نشأت قبل حرب العام 1967، وهو تفريطٌ كبير بالحقوق وخيانةٌ عظيمة للعهود والأمانات.
ولكن الحكومات الصهيونية التي كانت تحلم بهذا الاعتراف والتنازل، لم تكتفِ باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية، وشرعت تطالب القوى الفلسطينية الأخرى بأن تعترف بدورها بشرعية كيانهم، وأخذت تمارس عليهم ذات الضغوط التي مارستها على المنظمة، وعمدت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول أوروبا الغربية إلى تصنيف القوى والمنظمات التي لا تعترف بــــ"إسرائيل" بأنها قوىً إرهابية، وفرضت عليها طوقاً وحصاراً، في الوقت الذي لا تمارس فيه أي ضغطٍ على الحكومات الصهيونية، بل تسكت وقد تشجع ممارساتها ضد الفلسطينيين، وتقف صامتة إزاء اعتداءاتها وحروبها عليهم.
تشعر "إسرائيل" أنها حققت جزءاً كبيراً من هدفها وحلمها القديم، ونجحت نسبياً في إخضاع أصحاب الحق، ونالت من بعضهم تنازلاً وتسليماً واعترافاً وقبولاً، فانتقلت إلى مرحلةٍ جديدة من الأهداف والغايات، ضمن سياستها القديمة التي لا تتوقف ولا تشبع، فبدأت بمطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية كيانهم، وأنه كيانٌ خاص باليهود فقط، فلا ينبغي أن يساكنهم فيه عربيٌ مسلمٌ أو مسيحي، بما يعني تهجير من صمد فيه من الفلسطينيين، وطردهم وترحيلهم ضمن مشاريع ترانسفير قديمةٍ جديدة، وبدأت الدبلوماسية الصهيونية في حشد أكبر تأييد دولي لمطلبها الجديد وشرطها المسبق للفلسطينيين وهو الاعتراف بيهودية كيانهم.
ما كان "لإسرائيل" أن تحقق حلمها القديم، وأن تفكر في حلمها الجديد لولا أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بها، وسلَّمت لها وصدَّقت قادتها، فعلى القيادة الفلسطينية أن تعود إلى الأصول والثوابت، وأن تتراجع عما أقدمت عليه، إذ أن اعترافها باطل، فهي لا تملك هذا الحق، ولا يوجد فلسطيني يفوضها التفاوض باسمه أو التنازل عن حقه، ولتعلم أن إنكار وجود "إسرائيل" وعدم الاعتراف بها سلاح، فلا نسلم سلاحنا، ولا نتنازل عن حقوقنا، ولا نفرط للعدو بثوابتنا الوطنية، التي هي عدتنا وعقيدتنا، وهي أمانة الشعب والأجيال في أعناقنا، فلا نخون ولا نفرط، ولكن نعود ونصوب، ونسحب ما قدمنا، ونتراجع عما أعطينا، فهذا هو الحق وغيره هو الضلال والتيه والضياع.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..