مقالات في مقالة

سلام الشماع

عصفور كفل زرزور واثنينهم طيارة

العراقيون الذين بقوا متماسكين متحابين كأنهم أبناء بيت واحد منذ البابليين والسومريين والآشوريين لن يستطيع المالكي تحشيدهم طائفياً على بعضهم في خطاب واحد، على الرغم من أنه استعمل فيه اقصى درجات الدهاء الطائفي الذي تعلمه خلال "نضاله" في حزب الدعوة الذي أسسته إيران، فالشعب كله يردد الهتاف الذي ذهب مثلاً وسيبقى: "كذاب نوري المالكي".

والله، إن هذا المالكي يضحكني كلما يتحدث، وهو يغنيني عن مشاهدة الكثير من المسرحيات الكوميدية، فهو هاجم الطائفية والطائفيين، اليوم، خلال حضوره مؤتمر شيوخ ووجهاء عشائر في محافظة البصرة، وهدد باقامة دعاوى قضائية ضد الطائفيين، وحديثه مليء بالإيحاءات والتحريضات الطائفية، فمن باب أولى أن يمتلك الشجاعة ويقيم دعوى قضائية ضد نفسه.

وقال، من بين ما قاله، إن ما تسعى إليه الحكومة هو توفير بيت لكل عائلة عبر التركيز على حل مشكلة السكن، منوهاً الى  ان الحكومة خصصت 5 مليارات دولار لحل مسألة السكن ولم يوافق عليها البرلمان.

وهذا القول ينطبق عليه تماماً المثل العراقي القائل: "عصفور كفل زرزور واثنينهم طيارة"، فما الذي حصل عليه الشعب من المالكي ليحصل عليه من البرلمان، وما الذي حصل عليه من البرلمان ليحصل عليه من المالكي.

هذه لعبة أصبحت مفهومة للعراقيين، ولو كان المالكي حريصاً حقاً على توفير السكن للعراقيين فليأمر ميليشياته الطائفية بالتوقف عن تهجير الناس من بيوتهم والاستيلاء عليها.

 وتخويف المالكي العراقيين من الشبح الذي يطارده ويقض مضجعه ليلاً ونهاراً وهو حزب البعث الذي بعودته ستعود الاعدامات والمقابر الجماعية، فإني متأكد، تماماً، أن من سمعه ضحك مثلي، فالعراقيون وبعد هذه السنين العشر العجاف عرفوا من هو مخترع المقابر الجماعية ومنفذها، ومن الذي يقتل العراقيين ولديه أجندة خارجية لإبادتهم، والجميع ردد، بالتأكيد، المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت.

ومن حق المالكي أن يستميت وبطريقة تافهة دفاعاً عن الدستور والعملية السياسية، فلو بنى العراقيون عمليتهم السياسية بأيديهم، فأين سيكون موقع المالكي وأمثاله فيها؟

الغبي من يتوهم أنه يضحك على الناس ولا يدرك أن الناس يضحكون عليه، ولكني أتساءل دائماً: إذا ذهب المالكي فعلى من سيضحك العراقيون؟

  

لمن سيكون الخلود يا جلجامش؟

واحد من تافهي الشيوعيين الملتحقين بركب الاحتلال اسمه (ص. ح. ب)، وكل من التحق بذلك الركب تافه، علق على خبرتأسيس اللجنة العربية الشعبية لدعم الانتفاضة العراقية الذي نشرته مواقع عديدة تعليقاً ينم عن تفاهة منقطعة النظير، لم أستغرب منها، طبعاً، لأنها هي اللغة الموحدة لجميع من يدافع عن الاحتلال وتركته وافرازاته، وهم بهذه اللغة يريدون ستر عيوب نتجت عن خيانتهم للوطن والشعب، ولكن هذه اللغة تأبى إلا أن تفضح دواخلهم النتة المستقذرة.

يقول التعليق: "كامت تتحرك ايتامه... وتحن لعهده وايامه: مقطع من اغنية حزينة في فيلم هندي.. يحكي عن قصة حياة المناضلة حسنة ملص مع رفيقها عباس بيزه".

فأجبته: "الحمد لله فإن العراق أبونا وهو لن يموت فنصبح أيتاماً، ولكن قريباً سيصبح أناس أيتاماً وسنلتزم بقول الباري عز وجل في التعامل معهم: وأما اليتيم فلا تقهر.. مع تحياتي".

نعم، نحن ندافع عن العراق وهو لن يموت، وهم يستقتلون بالدفاع عن محتل وخدمه وهم زائلون، فلمن سيكون الخلود يا جلجامش؟

الحرب الطائفية أو المالكي!!

بعض حسني النية أو سيئيها، وبعض ضعاف القلوب تؤثر بهم التخويفات الطائفية التي يروجها المالكي، بمناسبة وغير مناسبة، فيتوهمون أن العراقيين يمكن أن تنشب بينهم حرب داخلية ـ لا سمح الله ـ مستشهدين بما جرى بعد تفجير مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام.

وأنا أتحدى أن يثبت لي واحد أن عراقي قتل عراقياً خلال الفوضى التي فرضتها على العراقيين الميليشيات الطائفية المرتبطة جميعها بالاحتلال..

في إحدى التعليقات التي كتبها أحدهم تعقيباً على مقال نشرته، قال: "لقد من الله علينا بفضله حين أعطانا العقل وميزنا عن غيرنا من سائر خلقه بذلك، ومن أدوات العقل الكلمة الطيبة والقول الرشيد، وإني أدعوكم، اليوم، لتحتكموا لها من خلال اتباع الحوارات الهادئة الهادفة التي تنشد الخير للجميع، وأنا أقول لماذا تستخدمون الخطاب اللغوي بهذه النبرة القاسية.. الكلمة أصلاً وجدت للحوار وحين ينقطع الحوار يكون الذهاب للسلاح أجدى، ولا فائدة من حديث لا يغير شيئاً إلا إذا استخدم للحرب النفسية التي أجدها، اليوم، ضعيفة بسبب كون العالم أصبح قرية صغيرة وأحدنا يعرف قوة وضعف الآخر، من كل هذا لابد من القول إن العراق عاش سابقاً ظروفاً صعبة للغاية بسبب الحروب والحصار وابتعاده عن العيش الكريم وتحقيق الأماني والذات، وكل هذا بسبب المواقف التي انتهجها النظام السابق والذي سبب لنا الاحتلال وما أفرزته من عملية سياسية وانقسام طائفي مقيت ولكن هذه العملية السياسية جاءت بالايجابي جدا والسلبي جدا وأفضل ما فيها أنها قابلة للاصلاح من خلال الشعب لو أراد ذلك حيث علينا باختيار الأصلح من المرشحين كما إني أرجوكم أن تحافظوا على وحده الشعب من خلال انتقاد كل الساسة وليس من لون واحد فالجميع مشارك وأرجو عدم نسيان أن تطور الأمر بشكل سلبي سيجلب الخراب للجميع فسوق السلاح مفتوحة وبراميل النفط تجري وشركات التصنيع للسلاح تسوق وتنتعش ودول الجوار تريد عراقاً ضعيفاً وبعد كل ما يجري سيجلس الجميع لطاولة الحوار بعد ان يصل اليها بمركب يجري على بحر من دماء بريئة وعند ذلك ربما سيأخذ كل طرف أقل مما عنده اليوم".

إن العقل في نظر هذا السيد يقضي بأن نرضى بما فرضه الاحتلال ونقبل بالعملية السياسية التي أنتجت لشعبنا ووطننا هذا الخراب كله.. 

أنا أجبته بالقول: أخي (....) خطابك "العقلاني" هذا، ليست سوقه هنا، اذهب إلى من يماثلك في الرأي ووجه إليه خطابك لأننا أصلاً نرى أن العملية السياسية باطلة لأنها بنيت على الاحتلال وهو باطل، ثم أن ادعاء أن النظام الوطني الذي تكالبت عليه قوى الشر كلها في العالم هو الذي جاء بالاحتلال، فهذا يخالف "العقل" الذي تدعو لاستعماله، وهو لا يعفي سكان المنطقة الخضراء من كونهم خونة وماسحي احذية المحتل، وهم غرباء عن الشعب، أم أنت لا ترى بعينك الشعب وهو يطالب بكنسهم، أم ترى بـ"عقلك" الذين تنحاز إليهم فقط؟.. خطابك هذا يصلح للمتخاذلين الذين يرون العراق يذبح وهم (يخوطون بصف الماعون).. مع شكري لك على كتابة هذا الكلام الذي لا يعنينا من قريب او بعيد".

ولم يكفه هذا الجواب فعاد ليقول لي: "الاخ سلام خطابي العقلاني هذا بسبب خوفي على أبناء البلد من الاقتتال الطائفي إذ أن الحرب القادمة لاسمح الله لن تكون حرباً سياسية أو انقلاباً عسكرياً أو قوة محررة لبلد سوف تجير طائفيا وعند ذلك سأخاف على أهل السنة قبل الشيعة، فمن يحمي أهل الاعظمية أو حي العدل والغزالية من مئات الصواريخ الإيرانية التي تم تهريبها لإسرائيل فكيف بالعراق وهو بلد مجاور وتحده مئات الكيلومترات ومن يحمي مدينة الكاظمية والشعب والصدر من الصواريخ التي ترد من تركيا وقطر، هذا هو خوفي ولكم كل الحرية في ما ترونه مناسباً".

انظر إلى دقة السيناريو الذي رسمه للحرب المفترضة، مصوراً الأمر وكأن شعب العراق لا وعي له ولا حرص على وطنه، وإنه، قصد أم لم يقصد، يريد أن يقول إن العقل يقضي أن نتجنب هذه الحرب بالإبقاء على المالكي متسلطاً على رقاب العراقيين.. وأجبته: "والله لا أرى سبباً واحداً لمخاوفك يا أخي (...)، فهذا ما يروجه الطائفيون، وشعبنا يعرف ما يريد وما يراد به وهو لن ينزلق الى ما يريدون.. شعب العراق واع، وهو بسلميته سيطرد الغربان التي حطت على أرضنا ونشرت فيه الخراب.. اعرف شعبك تزول مخاوفك.. مع تقديري لحرصك".

ومثلما صار الاحتلال تحريراً، والتقسيم وطنية، والخيانة حباً للوطن، في نظر من يروج للاحتلال، كذلك صيروا غير المعقول معقولاً..