أحمد صبري
ونحن نقترب من الذكرى العاشرة لاحتلال العراق نستعيد الاجواء والتحضيرات الامريكية التي سبقت الغزو ولتهيئة مسرح العمليات لشن العدوان على العراق وفي شهر شباط (فبراير) من عام 2003 دعت الولايات المتحدة الى اجتماع لمجلس الامن الدولي على مستوى وزراء الخارجية للدول دائمة العضوية فيه لإبراز مالديها من معلومات مؤكدة على امتلاك العراق اسلحة دمار شامل في سعيها لتبرير استعدادها لشن الحرب على العراق.
وفيما كان مجلس الامن منعقد للاستماع الى وزير الخارجية حين ذاك كولن باول لتأكيد الاتهامات الامريكية للعراق بامتلاكه السلاح المحظور دعت وزارة الاعلام العراقية مراسلي الصحف والوكالات والفضائيات العربية والاجنبية التي احتشدت في ساحة الحدث المتوقع ونصبت شاشات كبيرة في احدى القاعات الرئيسية في الوزارة للنقل المباشر لاجتماع مجلس الامن بحضور وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف ووكيل وزارة الخارجية رياض القيسي وبعض المسؤولين عن ملف العلاقة بين العراق ومجلس الامن وفرق التفتيش العاملة في العراق.
وكان عرض باول معززا بالصور المجسمة للشاحنات التي قال انها تحمل معامل صغيرة لانتاج الاسلحة الكيمياوية واماكن تواجدها الى حد التأكيد ان الصور التي عرضها هي مؤكدة وان السلطات العراقية وتفاديا لرصدها من الاقمار الصناعية وفرق التفتيش تتنقل على مدار الساعة في العاصمة بغداد وجوارها.
وما إن انهى باول من عرضه الهزيل والمفبرك كما وصفه الصحاف فند وكيل الخارجية العراقية رياض القيسي ما ذهب اليه باول ونفى نفيا قاطعا روايته وخلو العراق من الاسلحة المزعومة.
وخلال متابعتنا لما جرى في اجتماع مجلس الامن ابلغني مراسل احد القنوات الفرنسية المرموقة التي ارسلت الى بغداد لمتابعة تطورات الموقف ان ماعرضه باول كان خاليا من الادلة كما انه غير مقنع، جازما ان باول كان مضطرا لعرض مازودته به وكالة الاستخبارات الامريكية وصقور الحرب في ادارة بوش لتبرير العمل العسكري ولتضليل الراي العام الامريكي والغربي لتغطية الشاحنات التي تحمل الاسلحة المحضورة طبقا لرواية باول.
وتدور الايام وتنكشف الحقائق ومزاعم الكذب والتضليل التي ساقتها ادارة بوش الابن لتبرير عدوانها على العراق، لتؤكد ان العراق ،بعد احتلاله عام 2003، جالت في مدنه من اقصائه الى اقصاه فرق المفتشين والمخابرات الامريكية لكنها لم تعثر على تلك الاسلحة المزعومة التي كانت تبحث عنها وتوهم العالم ان العراق يمتلكها.
ولتاكيد خلو العراق من الاسلحة المحضورة اعترف وزير الخارجية الامريكية الاسبق كولن باول بأن ماعرضه من اتهامات ومعلومات عن شاحنات كانت تحمل اسلحة محظورة خلال اجتماع مجلس الامن قبل 10 سنوات كان مبالغاً فيه وغير صحيح وهو نادم على تلك الرواية متهما بعض اركان ادارة بوش بتسويقها في اطار استحضارتها للحرب.
وتبع شهادة باول شهادة لاتقل اهمية حول تفنيد رواية صقور الحرب في ادارة بوش التي جاءت بلسان مدير الاستخابرات المركزية الامريكية جورج تينت الذي اكد خلو العراق من الاسلحة المزعومة وتشكيكه برواية من روج لقرار الحرب على العراق ونفيه انه اعطى الضوء الاخضر حول امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل.
ان استذكار الاحداث التي سبقت غزو العراق يقودنا الى رصدها ومتابعتها لتنوير الراي العام وحملة التظليل الاعلامي والتي مهدت للحرب على العراق لكشف دوافعها وبطلان مبرراتها، لاسيما وان ادارة بوش اكدت بعد احتلال العراق انه خال من الاسلحة المحضورة وهذا الاعتراف يؤكد صدقية الموقف العراقي الذي كان ينفي وجود اسلحة محضورة وخلوها من اراضيه.
وفي معرض تبريرهم لغزوها اللاشرعي للعراق يبرر صقور الحرب في ادارة بوش ان حملتهم على العراق كانت ضرورية رغم سقوط مبرر الغزو وهو عدم وجود اسلحة دمار شامل، حيث كانت انتصارا للديمقراطية وتخليصاً العراقيين من نظام مستبد ومصدر تهديد للامن القومي والسلام بالمنطقة برمتها وتجربة السنوات العشر التي اعقبت احتلال العراق توضح ماذا تحقق في العراق؟ وكيف اصبح؟ وبأي اتحاه يسير؟ وما هو مستقبله؟
الجواب بتقديرنا يتلخص بصدارة العراق قائمة الدول الفاشلة التي ينخرها الفساد وينهب ثرواتها اللصوص الذين سيظلون بمراكز قوى داخل النظام، كما ان الحرية والديمقراطية التي وعدت ادارة بوش العراقيين بها تحولت الى كابوس ينغص حياتهم بفعل جرائمهم التي ارتكبوا طيلة وجودهم بالعراق وسرقت اموالهم.
وحتى لانستغرق بالاجابة على الاسئلة المطروحة فان الحرب على العراق هي بالاحوال كافة عدوان غاشم يترتب عليه تعويضات جراء ما احدثته من دمار شامل في المجتمع العراقي، فضلا عن ضرورة تقديم ادارة بوش وصقور الحرب للعدالة، وخاصة الذين قدموا دلائل ووثائق مزورة لشن العدوان على العراق الذي تسبب خلال العقد الماضي الى مقتل أكثر من مليوني عراقي وملايين أخرى من المعاقين والمشردين والارامل واليتامى والعاطلين عن العمل.
فهل نسكت عن هذه الجرائم وحقنا المشروع الذي لا يسقط بتقادم الزمن؟
هناك تعليق واحد:
لمن نشتكي امرنااذا كان العدو هو الخصم والحكم ونفوض امرنا لله عز وجل وهو الذي يمهل ولا يهمل
إرسال تعليق