سلام الشماع
ما أظن فقاعة البطاط إلا من صنع حزب الفقاعات، حزب الدعوة العميل، لإشعال حرب طائفية، فهذا الحزب، تاريخياً، أسس على المفاهيم الطائفية النتة الكافرة بكل ما هو وطني ناصع، كما أن الهدف الآخر من إطلاق هذه الفقاعة هو صرف الأنظار عن الثورة التي ما توقع أحد من المستعرقين أنها ستتسع لتشمل العراق كله، وجعل ضعاف القلوب أو عديمي الضمير يتحركون تحت ذريعة تجنب حرب أهلية طائفية وإنقاذ البلد، فيدعون إلى التهدئة ويوجهون نداءات إلى الثوار لفض ثورتهم، سعياً لوأد هذه الثورة التي يعلق عليها العراقيون آمالهم.
لكن إبداع الثورة تجلى في إسقاط الإسلام السياسي والطائفي معاً، ليس في العراق وحده، وإنما تأثيرات هذا السقوط المدوي ستمتد إلى كل بلد يعاني من هذا الإسلام السياسي أو الطائفي الذي يعمل بالضد من تعاليم الإسلام الحقيقي الداعي إلى الوحدة والتآخي والتعايش السلمي واحترام الصحابة.. وإلا فإننا مسلمون، منذ ولدنا، سنة وشيعة، ولم نسمع بمثل هذه الطروحات النتنة، ولم يربنا أهلنا على استهداف من شهد أن لا اله إلا الله محمداً رسول الله.. فمن جاء بهذه العقلية والمفاهيم النتنة الغريبة عن إسلامنا وعروبتنا، غير هذه الأحزاب النتنة؟
الإسلام حزب واحد ولكنهم حزبوه للوصول إلى أهدافهم الدنيئة، وفي العراق سقطوا في أول امتحان إذ بانت رداءاتهم وتفكيرهم الضيق النتن الذي لا ينتج غير الخراب والدمار والفرقة والتشرذم والتشظي للمجتمعات.
المعروف عني أني أحترم المرجعيات الدينية كلها ولم أمس أياً منها بسوء في كتاباتي، منذ أمسكت القلم بيدي، لكني أطلقت سؤالاً على هامش دعوة البطاط إلى قتل المسلمين، هو: أين صوت المرجعية؟ لأن الدعوة إلى قتل المسلمين من شخص يتزيا بلباس علماء الدين ويحسب نفسه عليهم لا مجال للتقية معها، وإني أنتظر الجواب الذي تأخر كثيراً، وإذا سالت قطرة دم واحدة بسبب هذا البطاط، الذي وصفه أحد علماء الشيعة العرب بـ"الوطواط النطاط"، فلن يكون البطاط مسؤولاً عنها بالدرجة الأولى، وإنما المرجعيات الدينية في النجف كلها، التي لا تنطق ولا تصرح ولا تفتي إلا مع اقتراب أيام الانتخابات وكأنها جهاز دعاية للسياسيين الذين جاء بهم المحتل، وإذا كان ثمة من يقول إن هؤلاء السياسيين: إن هذه الأحزاب الطائفية تنتهج نظرية ولاية الفقيه، وتمهد، بزعمها لدولة الإمام المهدي عليه السلام، فإن الإمام المهدي من آل بيت الرحمة، وهو لن يرضى لا بقتل المسلمين ولا بانتهاك أعراضهم ولا بنهب أموالهم وتجويعهم، وهو، يقيناً، سيقاتل الفاسدين مبتدئاً بعلماء الدين الذين لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر.. أليس هذا ما تعلمناه من أهلنا؟
إني أوجه النداء الذي أطلقه شاعر العرب، في القرن الماضي، أوجهه إلى أهل البصرة العرب الأنقياء، وإلى شعبنا العظيم في شمال الوطن وجنوبه وفي شرقه وغربه:
ألا مِن كريمٍ يَسُرُّ الكرامَ بجيفةِ جلْفٍ زَنيمٍ عَتا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق