سمير صالحة
حكومة رجب طيب أردوغان التي بدأت قبل شهرين حوارا عبر جهاز مخابراتها مع عبد الله أوجلان رئيس حزب العمال الكردستاني الذي يقضي معزولا عقوبة بالسجن المؤبد في جزيرة إيمرالي منذ 11 عاما تتقدم ببطء لكن في الطريق الصحيح كما يبدو. والهدف هو البحث عن حل سياسي دائم ينهي مشكلة أكراد تركيا الذين اختار بعضهم العمل السياسي، فيما لجأ بعض آخر للحاق بأوجلان معتمدا لغة البندقية والسلاح منذ مطلع الثمانينات والتي كلفت الجانبين آلاف القتلى والجرحى حتى اليوم.
أردوغان الذي غامر بإرسال رئيس جهاز مخابراته للقاء أوجلان وتبادل الأفكار معه، شجع توجه مجموعة نيابية تمثل قيادات حزب السلام والديمقراطية الكردي قبل شهر لزيارة إيمرالي وعادت محملة ببعض الآراء والتصورات وبصيص من التفاؤل.
ورغم الخلاف في المرحلة الثالثة حول تسمية الوفد الجديد الذي سيلتقي أوجلان توصلت الأطراف إلى الاتفاق حول اختيار 3 نواب من حزب السلام وصفوا بأنهم من جناح الحمائم في الحزب، زاروا الجزيرة لساعات طويلة بحضور ممثل لجهاز المخابرات التركية كما يقال. تسريبات تردد أن اختيار هيئة بهذا الشكل له علاقة مباشرة بعشرات الأشخاص الذين التقوا أوجلان وفي مقدمتهم هيئة الدفاع التي كانت تنقل رسائله إما مبتورة أو مشوهة أو تترجمها القيادات المحسوبة على حزب العمال أو المقربين منه على طريقتها وبما يخدم مصالحها وحساباتها السياسية.
الانطباعات الأولية حول اللقاء الأخير كما نقلها الوفد كانت إيجابية ومشجعة باتجاه مواصلة هذا الحوار وإمكانية تحديد معالم خارطة الطريق، خصوصا وأن تركيا تناقش في هذه المرحلة دستورها الجديد الذي يريد أردوغان أن يرى مسودته خلال شهرين، فهل يساهم هذا الانفتاح في إشراك القيادات الكردية بوضع التصور الجديد للدستور المرتقب؟
أوجلان وكما علمنا دعا «العمال الكردستاني» للإفراج عن المحتجزين لديه وربما هو طالب المعاملة بالمثل كبادرة حسن نية باتجاه تعزيز فرص الحوار القائم. رأينا هو أن فكرة إطلاق سراح أوجلان أو مشروع العفو العام لن يكونا بين أولويات الحكومة في هذه المرحلة، خصوصا وأن المعارضة السياسية ستطاردها لتلتقط أقل هفوة ترتكب وتستخدمها للإطاحة بكل هذه الجهود قبل أن تبدأ.
الجميع في تركيا يعرف أن من يحل قضية مزمنة من هذا النوع ستعني بالنسبة له ولحزبه الجرعة التي ستمكنه من البقاء في السلطة لسنوات طويلة، وربما هذا هو ما يقلق المعارضة وما سيدفعها لارتكاب الأخطاء المكلفة حين غامرت وقطعت الطريق على جولة كان يقوم بها نواب السلم والديمقراطية في مدن شمال تركيا المطلة على البحر الأسود الأسبوع المنصرم رافضة منحهم مثل هذه الفرصة التي تخرجهم من مربع جنوب شرق تركيا المعروف بغالبيته السكانية الكردية.
قبل يومين وخلال جلسة نقاش نظمتها حلقة الكتاب والإعلاميين المحسوبة على جماعة فتح الله غولان الإسلامية في ديار بكر قلعة حزب «السلام والديمقراطية» حول سبل الحوار وفرصه وقف أحد المتحدثين يسأل ما هي الأسباب التي تدفع بأربعين شابا جامعيا بينهم من يستعد للتخرج في كلية الطب بجامعة المدينة لترجيح الجبال والبندقية في الشهرين الأخيرين. ربما الإجابة عن سؤال من هذا النوع قد يكون الخطوة الأولى على طريق الحوار الحقيقي بين الأتراك والأكراد في البلاد.
«العمال» متخوف من دعوات التخلي عن السلاح وأن يعيش خيبة الأمل التي عاشها قبل 3 سنوات عندما قبل مغادرة قنديل وراهن على بصيص أمل باحتمال إنهاء المشكلة، لكنه ما لبث أن تراجع عن أحلامه وعاد أدراجه من حيث أتى مرجحا انتظار ربيع آخر. ومع ذلك فالجانبان وصفا المرحلة بالتاريخية وبضرورة عدم التفريط بهذه الفرصة كما حصل مع الرئيس تورغوت أوزال الذي كان حلمه الأول حل هذه المشكلة في تركيا، أو كما حصل عام 1999 عندما اعتقل أوجلان وفوتت القيادات السياسية والعسكرية وقتها الفرصة والظروف المحلية والإقليمية والدولية التي سنحت لها.
في الجانبين التركي والكردي صقور وحمائم دون أن ننسى طبعا كثيرا من القوى الإقليمية والدولية التي لا مصلحة لها في أن تخرج البلاد من هذا المستنفع الذي استنزف الثروات التركية لعقود طويلة، لكن الإصلاحات التي أطلقها «العدالة والتنمية» وتحديدا لناحية دور واختصاصات المؤسسة العسكرية وعدم السماح لها بالتدخل في كل شاردة وواردة باتت اليوم الفرصة الحقيقية أمام الأتراك والأكراد إذا ما كانوا جادين في تبني لغة الحوار. ربما اختيار هيئة ثلاثية بهذه التركيبة هي أيضا رسالة إيجابية يوجهها الطرفان إلى مناصريهم في الداخل والخارج خصوصا بعد أنباء كثيرة ترددت وأيدها موقف أوجلان الأخير الذي انتقد زواره من الأنصار والمحامين والأهل الذين كانوا ينقلون الرسائل بشكل خاطئ أو غير مفهوم أو تشويش مقصود ليعرقلوا خطوات الحوار هذا. أنباء تقول إن قيادات في قنديل متمسكة بالحكم الذاتي والحل الفيدرالي وإنها كانت تعد ليكون عام 2013 هو عام الحسم بالنسبة لها، من هنا فإن الحوار الذي بدأ بين أنقرة وإيمرالي يتعارض مع مصالحها وحساباتها فهل ستلتزم هي الأخرى بما سيقوله أوجلان أم أنها ستنفصل عنه وتختار لنفسها طريقا آخر؟
التلويح بشروط مسبقة وخطوط حمراء يمنع الاقتراب منها في حوار من هذا النوع سيكون بمثابة وضع العربة أمام الحصان وقطع الطريق على تحقيق الحلم.
هناك تعليق واحد:
اهتمامنا بتركيا ينبع من كونها جار العراق .قضية اوجلان مهمة لاسباب عديدة معروفة ولكن هناك قضية اهم تخص العراقيين والعرب على السواءوعلينا فحص مايأتي عنها و حولها من اخبار
القضية هي حقيقة التوجه التركي حيال الامة العربية هل هو توجه تأخوي ان صح التعبير ام وراء الاكمة شئ اخر؟؟
جلب انتباهي ان تركيا تخطط لشراء حاملة طائرات ؟؟وقد ناقشوا ثلاثة عروض بالشأن في بداية العام الحالي
-تركيا عضو في الناتو وهو يؤون حمايتها كما جلب لها الباتريوت الان؟
-فقط الدول العظمى لديها حاملات طائرات
-ليس لتركيا عداء او مصالح مع دول
عبر المحيطات
اذن لماذا هذا التوجه انه امر يثير اكثر من علامة استفهام لدى العرب خصوصا
إرسال تعليق