وجهات نظر
سعد ناجي جواد
من
بين الصنعات الكثيرة التي اختارها السيد توني بلير لنفسه، رئيس حزب ورئيس وزراء ثم
وسيطا دوليا بين الفلسطينين والأسرائيلين، والتي فشل فيها جميعا، يبدو أنه قرر أن
يختار صنعة جديدة لنفسه الأ وهي أن يكون عرّافا دوليا، وفي هذه الصنعة ظهر أنه
عرّاف فاشل أيضا.
هذا
التصريح الذي حدا بالسيد عمدة لندن وأحد أقطاب حزب المحافظين الحاكم السيد بوريس
جونسون أن يصرح مباشرة بأن السيد بلير قد أصيب بالجنون وأنه يحتاج الى طبيب
نفساني. واعتقد أن هذا مايجب أن يحصل. إذ كيف يمكن لشخص عاقل أن يقول عن بلد مزق
تماما ويقتل فيه أكثر من 1000 شخص شهريا ويجرح ويعوق ضعف هذا العدد، وتنفجر فيه
يوميا عشرات السيارات المفخخة والعبوات الناسفة التي تحصد حياة الأبرياء، ويهجر
فيه الملايين ويبقى الملايين بدون طاقة كهربائية او خدمات يومية اساسية ويهدر فيه
ما مجموعه 700 مليار دولار هي عوائد النفط منذ عام 2003 كي تذهب في عمليات فساد
وسرقة واضحة كي تبقى الغالبية تحت خط الفقر، وأن يصنف البلد دوليا بأنه دولة فاشلة
ومن أكثر دول العالم فسادا وأخطرها مكانا للعيش واقلها أمنا ووو…، كيف يمكن أن
يقول ان هذا البلد هو أفضل من ذي قبل.
هذا
البلد، سواء اتفقنا أم اختلفنا مع من كان يحكمه، كان عصيا على المنظمات الارهابية
التي كانت تعتبر النشاط فيه نوع من الأحلام بعيدة المنال، وكانت المفخخات من
سيارات وغيرها مناظر يرونها في السينما او التلفزيون فقط، واستطاع أبناؤه أن
يعيدوا بناء بلدهم وبجهدهم الذاتي وبمبالغ بسيطة من العملة العراقية بعد عدوان
مدمر وفي ظل حصار جائر حصد أرواح حوالي مليوني نسمة، وكان يوفر الغذاء والدواء
لأبنائه بصورة منتظمة في الوقت الذي كانت ميزانيته التي أقرَّتها الأمم المتحدة
وفق ما عرف بالنفط مقابل الغذاء والدواء لا تزيد عن ستة مليارات دولار فقط سنويا.
ثم انقلب كل شيء رأسا على عقب بعد مغامرة كل من بوش وبلير. من الواضح جدا أن توني
بلير يسعى جاهدا لأن يبرئ ذمته مما أودت به مغامرته بالعراق وبشعبه، وأنه يريد أن
يغسل يديه الملوثة بدماء العراقيين الأبرياء ويبيض صفحته السوداء التي ستبقى كذلك
في التاريخ.
الأمر
الأكثر إيلاما بل ويدعو الى سخرية أكبر أن توني بلير يضيف في تصريحه أن ما يمر فيه
العراق هو نتيجة لفشل الغرب في حل المشكلة السورية، والحل من وجهة نظره ليس
تفاوضيا أو سلميا كما قد يفهم البعض، كلا أن ما يقترحه هو تغذية القتال وأشعال
ناره في سوريا بتزويد دعم أكبر وتسليح أفضل للمعارضة لكي يستمر القتال الدامي في
هذا الجزء العربي العزيز الى مالانهاية. الا يستحق هذا العّراف أن يطلق عليه
مواطنه بأنه أصيب بالجنون وأنه يحتاج الى طبيب نفساني. وبدلا من أن يعتذر ويظهر
الندم للشعب العراقي وللأجيال العراقية القادمة عن ما أرتكبه من حماقة وما تسبب
فيه من مآسي لهم وأن يطلب الغفران منهم وقبل ذلك من الله تعالى على ما أرتكبه
كمجرم حرب يستحق المحاسبة، يخرج لنا صلفا متباهيا بفشله وبجرائمه.
وعلى
ذكر العقاب فلابد من سؤال، يتبجح البريطانيون وهم محقون، بالعدالة
البريطانية، والسؤال هو إلى متى تبقى العدالة البريطانية مترددة عن الاقتصاص
من الساسة ورجال الأعلام الذين أوهموا الراي العام البريطاني والعالمي بضرورة شن
الحرب على العراق لحفظ الأمن والسلم الدوليين وقبل ذلك تحقيق الديمقراطية في
العراق وأحترم حقوق الأنسان وتدمير اسلحة الدمار الشامل غير الموجودة أصلا،
والقادة العسكريين والضباط والجنود الذين أساؤا التعامل مع العراقيين أثناء تواجدهم
هناك. خاصة وأن كل الحقائق قد تكشفت عن كل ما له صلة بالحرب على العراق والأكاذيب
التي صاحبتها. واذا لم تجر المسائلة على هذه الأرضية، وهي أرضية مشروعة يستحقها
العراقيون جميعا وبالأخص الضحايا الأبرياء منهم وهم كثر، فلا بد أن تكون على أرضية
الأقتصاص لأرواح الضحايا من البريطانين التي أزهقت سدى ولكي يصل العراق الى ما وصل
اليه. أنا متأكد من أن الأعتذار البريطاني والأمريكي سيأتي يوما ما عن ما أرتكبه
كل من بلير وبوش بحق العراق والعراقيين، وأن رئيس وزراء و رئيس قادم في كلا
الدولتين سيعتذر حتما عما أرتكبته الدولتان تجاه العراق وفيه، لكن الشعور بأن هذا
الأعتذار سوف لن يأت إلا بعد عقود قد تطول وسيكون بدون معنى وجدوى أذا تأخر ولم
يرح الضحايا وعوائلهم هو ما يزيد الألم في النفس.
ملاحظة:
نشر
المقال هنا.
هناك تعليقان (2):
اعتقد ان العميل بلير وعمالته لدوائر صنع القرار في امريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية قد افلس وابتعد عن الاضواء وانتهى دوره بعد ان قدم ما عليه من جرائم بحق الشعوب خدمة لاسياده
والان لم تعد الاضواء مسلطة عليه فاصبح يتمنى ظهوره على مساحة الضوء الدولية وباي تصريح او ثمن
لقد اعتذر برلسكوني للقذافي قبل عام من قتله عن جرائم الطليان في ليبيا فهل ما زال الاعتذار ساري المفعول؟؟؟
و قد قيل ما غُزي قوم في عقر دارهم إلّا ذَلّوا
محمد عواد
إرسال تعليق