موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 26 يونيو 2014

المشهد العراقي من الداخل والخارج: السياسة والطائفية والعسكر

وجهات نظر
عبدالوهاب القصاب
تُظهر خريطة المعارك والانتشار العسكري في العراق، اليوم، مدى هزيمة القوات النظامية أخيراً، والفشل المتكرر الذي تواجهه ضد الفصائل المسلحة التي يتأكد، يوماً بعد يوم، أنها تضم تشكيلات عديدة، ولا تُختصَر بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). فقد دخل البعثيون على الخط، وأصبح لهم حضور واضح في تكريت، كذلك "جيش المجاهدين"، الذي قاتل الأميركيين، و"كتائب ثورة العشرين" التي كانت من أوائل حركات المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، و"جيش أنصار السنة" السلفي، وأخيراً "الجيش الإسلامي" الذي ظهرت "الصحوات" من ضمن كوادره عامي 2007 و2008.

الإجراءات الحكومية تخبّطت حكومة نوري المالكي في إجراءاتها، بعد الهزيمة الكبرى التي عانتها قواتها وانحلال التشكيلات الحكومية في القسم الشمالي وشمال وسط العراق، من خطّ يبدأ بموازاة سامراء إلى الشمال شرقاً وغرباً. ومن هنا يمكن فهم ردود الأفعال العصبية الصادرة عن المالكي، إذ أحال الضباط من رتبة عميد وما فوق، على التقاعد، وشكل ما سماه بـ"الجيش الرديف" ليتم الاعتماد عليه، وهو عبارة عن ميليشيا حزبية ذات صبغة طائفية، لا يُعتقَد أنه سيكون قادراً على النجاح حيث فشل جيش مدرب. وجاءت فتوى المرجع علي السيستاني بـ"الجهاد الكفائي" لتعطي المالكي دفعة طائفية، الأمر الذي تحسست له المرجعية، فأصدرت إيضاحاً لفتواها، من دون أن يخفف ذلك من الشحن الطائفي الذي يُخشى أن يتحول حرباً طائفية شاملة. التجأ المالكي إلى الولايات المتحدة بطلب رسمي بتوجيه ضربات جوية ضد المسلحين، وهو أمر ترددت الإدارة الأميركية في تلبيته، أو لم تتعجل في تنفيذه، وردّ عليه الرئيس باراك أوباما بالتذكير بأنه لفت نظر المالكي أكثر من مرة إلى ضرورة ممارسة الحكم بشكل عادل ومتوازن، والنظر إلى جميع العراقيين من جميع الطوائف بمنظار واحد بعيداً عن الانحياز الطائفي. التطورات الميدانية
تفاقم وضع القوات المسلحة العراقية كثيراً خلال اليومين الماضيين؛ وفي الوقت الذي استقر الخط العام للجبهة الشمالية على خط المقدادية ــ العظيم سامراء – بيجي – تلعفر، مع بقاء المناوشات في وحَول "حزام بغداد"، نجد أن الحكومة وقواتها قد شهدت تراجعاً كبيراً في القطاع الغربي من الجبهة، فاعترفت الحكومة، على لسان الناطق العسكري باسمها، قاسم عطا، بأنها أخلت أقضية القائم، وعانة وراوة والرطبة بما ادعى أنه انسحاب تكتيكي، فحل المسلحون مكانها سريعاً. وبذلك، فقد أحكم الثوار سيطرتهم على كامل الجزء الغربي في محافظة الأنبار، ولم يتبق في يد القوات الحكومية إلا قطاع محدود في قسم من الرمادي، وفي مدينة حديثة التي تجمع فيها الجنود الفارون وبعض منتسبي "الصحوات". وكذلك في قاعدة "الأسد" والحبانية. لا يُفهم كيف أن انسحاباً صاحبه ترك الأسلحة من الحدود الدولية، وبطول 450 كيلومتراً، يمكن أن يُسمّى "انسحاباً تكتيكياً"، فالعلوم العسكرية تقول غير ذلك بالتأكيد. تشير الأنباء إلى أن مفاوضات تُجرى بين المسلحين، ووجوه العشائر التي تتضمن الصحوات للاستسلام، في مقابل تأمين أفراد "الصحوات" على أنفسهم، وقد ينجح هذا الجهد الذي يعتمد على العرف العشائري في حل مشكلة مدن حديثة والرمادي والخالدية، الأمر الذي سيجبر قوات الحكومة على الانسحاب نهائياً من محافظة الأنبار. التطورات السياسية حفلت الساحة السياسية العراقية، الداخلية والخارجية، الإقليمية منها والدولية، بالكثير من الحراك السياسي، كان بعضه منصباً لترسيخ التحالفات القائمة، أو تجسير الفجوة باتجاه الهدف الأكبر، وهو تمتين التحالف الحاكم من لون طائفي واحد، في وجه أية احتمالات لانتزاع السلطة. ورغم أن هذه الفجوة لم تكن لتُردم من دون ممارسة إيران دوراً محورياً لتجاوز العقدة القائمة برفض تولي المالكي لولاية ثالثة، وهو ما اتفقت عليها الأطراف الشيعية الرئيسة، بعدما أقنعتهم إيران بتجميد الخلافات مع المالكي حالياً، إلى حين اجتياز "الكارثة الحالية"، مع وعد باستبعاد المالكي من الولاية الثالثة. انطلاقاً من ذلك، تناغمت الحركات السياسية الشيعية، واستجابت لفتوى السيستاني بـ"الجهاد الكفائي
ما يمكن استنتاجه من هذا الموقف، هو أن الحركات السياسية الشيعية في العراق، قد انصاعت للضغط الإيراني على مضض، والشاهد على ذلك أنه في الوقت الذي ارتدى عمار الحكيم الملابس العسكرية التزاماً بالفتوى، نجد أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد نأى بنفسه أولاً عن هذه الفتوى، وصرح بأنه وأتباعه لن ينغمسوا في ما ستودي إليه. وحصر واجب قواته بـ"حماية المقدسات كلها"، على ألا تزج نفسها في "قتال طائفي" على حد تعبيره. وشكا أحد قادة تياره، وهو بهاء الأعرجي، بأن ميليشيات الأحزاب الشيعية الأخرى، تستفز أهالي بغداد بهتافاتها وأناشيدها وطريقة تعاملها مع المواطنين. وصرح محافظ بغداد، علي اللامي، بالكلام نفسه، ممّا يقدم صورة عن ارتباك الوضع الداخلي في بغداد التي باتت على وشك الانفجار. وجد المالكي حليفاً في الإيرانيين الذين أبدوا استعدادهم، على لسان الرئيس حسن روحاني، بحماية المراقد المقدسة فيما لو تم تهديدها (وهي الحجة التي نسجتها إيران لتبرير تدخلها، مثلما حصل في سورية). وفي هذا المجال، يرى كثيرون أن تصريحات المرشد علي خامنئي التي أطلقها، يوم الأحد، تنمّ عن معارضة لفظية فقط للتدخل الأميركي في الشأن العراقي، وفي هذا السياق تندرج تصريحات هاشمي رفسنجاني في اليوم نفسه. في جبهة الجماعات المسلحة المنتفضة على سلطة المالكي، يظهر تفاوت كبير في الخطابات؛ لا يزال تنظيم "داعش" ينادي بخطاب طائفي تكفيري لا يقل عن بعض الخطاب الطائفي في الجهة المقابلة، أكان لناحية المصطلحات والإسراف في الماضوية وتكفير الآخر، ولو كان سنياً إن لم ينصع لخطابهم. لكن الملاحظ أن حدة هذا الخطاب، ومعه الممارسات المعروفة عن "القاعدة" و"داعش" في المناطق الواقعة تحت سيطرته، كانت أقل بكثير عن المعروف عنه، وهو ما بدا واضحاً في الموصل وتكريت، وغيرها من المدن التي تم اجتياحها. وتكذّب تلك الوقائع ما حاول الطرف الآخر إلصاقه بالمسلحين عموماً الذين يختصرهم "الخطاب السائد" بـ"داعش"، من ممارسات في الموصل مثل تدمير الكنائس، أو الاغتصاب، أو حتى إعدام الأسرى. فقد صدرت بيانات من بعض رجال الدين المسيحيين تكذب ما تم ادعاؤه من تدمير للكنائس، وتم تكذيب أي اعتداء على الحرمات. ويُلاحَظ وجود خطاب يتسم بالعقلانية، وينأى بنفسه عن "داعش" وممارساته التي لا تستقيم مع المشروع الوطني العراقي. فقد أصدرت هيئة علماء المسلمين، بياناً شاملاً ينظّر لما تهدف إليه ما سماها "ثورة العشائر"، وهو تحرير الوطن من مشروع الاحتلال القائم على التفتيت الطائفي والإثني، وفيه تشديد على أن العراقيين "جميعاً سواسية متساوون في حقوق المواطنة وواجباتها، وأن مقدسات المسلمين مصانة، وأن الإرهاب ليس سلاحاً للثوار، وإنما هو سلاح الميليشيات الطائفية
وكان بيان حزب البعث المنحل مشابهاً لبيان هيئة "علماء المسلمين"، بالنأي بالنفس عن مشروع "داعش"، وفي طرحه لتصوره عن "مستقبل العراق الذي سيقوم على أساس مشروع برلماني تعددي ديمقراطي لا استئثار فيه لحزب ولا لفئة على الآخرين". كردياً، كان "الحياد المعلَن" السمة الأبرز لموقف رئيس إقليم كردستان، مسعود البرزاني، من التطورات، مؤيداً، في الوقت نفسه، مطالب العرب السنة، وهو ما ترجمه عملياً وإنسانياً بتقديم مساعدات للنازحين من مناطق القتال، وذلك على العكس من موقف جماعة الرئيس جلال الطالباني التي جابهت المسلحين وسيطرت على كركوك، وتحاول السيطرة على جلولاء. العلاقات السياسية الإقليمية في مجال العلاقات الإقليمية، تؤدي قوتان رئيستان دوراً واضحاً في الأزمة، وهي إيران المنحازة للمالكي وحكومته بشكل كامل. ويمكن وضع "حزب الله" اللبناني والنظام السوري في هذه الخانة، بعدما أعلن "حزب الله" وقوفه إلى جانب حكومة المالكي بالكامل، وأعرب عن استعداده المساهمة في "حماية المراقد". وقد يلحق النظام السوري بهذه القوة رغم أنه منهَك في الداخل، إلا في حالة تسلل طائراته لقصف مواقع نائية. ثم هناك السعودية المتهمة من قبل الحكومة العراقية بـ"مؤازرة الإرهاب"، وهو موقف ردت به السعودية، على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل، بقوة، متهمةً سياسات رئيس الوزراء "الطائفية بتدمير الوضع الداخلي العراقي"، في نفي، أيدته واشنطن، لوجود أي دعم من الرياض لـ"داعش.

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

جون كيري في مقابلة مع سي ان ان قبل كم يوم سألته المذيعة --ان من الواضح ان تمويل داعش يأتي من دول السعودية وقطر والكويت --- واجاب نعم وعلينا تجفيفه.
- كلما كان طرحنا اكثر موضوعية كلما نفذ الطرح في قلوب الناس وترسخ لديهم .قصدي لا داعي للدفاع خطا عن السعودية ففيها من العيوب ما يصم الاذان
-امر اخر الخطأ لا يبرر الخطأ فاذا كان الذي امامي يطرح طرحا طائفيا فهذا لا يعني ان اجيبه بطرح طائفي وبذلك يجرني الى ذات الخطأ الذي يخطأه
السمو عن الطائفية يرضي الله عز وجل ويتوافق مع المتطلبات الوطنية الصميمة

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..