موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

انتخابات ما بعد الربيع

وجهات نظر
عمران الكبيسي
تجتاح المنطقة العربية هذا الفصل حمى الانتخابات الرئاسية سواء أكانت مباشرة أو نيابية في الجزائر، والعراق، ومصر، وسوريا، ولبنان، وموريتانيا، وتأتي هذه الانتخابات بعد ثلاث سنوات من تفجر ثورات الربيع العربي.

وبغض النظر عن الجدل القائم فيما إذا كانت هذه الثورات بوحي شعبي عربي عفوي عارم، يترجم يقظة شعوب فرض عليها حكام مستبدون العيش تحت سبات من الظلم والقهر بحكم القبضة الأمنية وسلاسل الاعتقال وأسوار السجون، وكتائب الحرس العائلي التي يتمترس خلفها هؤلاء الحكام، حتى طفح الكيل وفاض الميزان، وشدة الضغط تولد الانفجار، أم كما يعدها بعضهم - ولاسيما المتعاونون مع الأنظمة السابقة والمتضررون من الربيع العربي أو مما تلا اندلاع هذه الثورات من أحداث يمكن وصفها بالمأساوية - ربيعا أميركيا أو غربيا خططت له دوائر استخباراتية خارجية، استغل فيه جهل الشعوب وعيش الكفاف وضعف الاقتصاد لاستقطابها بأحلام مستقبلية موهومة، فاستطاعت بنخب محدودة الثقافة دربها في ورشه الخاصة إثارة عامة الناس وقيادتهم لإحداث ارتباك في المشهد السياسي العربي بعد احتراق أوراق وجوه كانت محسوبة على الغرب وأصبحت عالة عليه، فأحدثوا تيارا هدفه تفتيت وحدة الشعوب وطاقاتها والعودة بالأمة إلى أسوأ مما كانت عليه في أي طور من أطوار تاريخها، ولذلك وصفوه بربيع الدم.
وحقيقة المشهد الأمني والسياسي والاقتصادي على حد رأي أولائك وهؤلاء، في دول الربيع أم خارجها، لم يختلف كثيرا وبدا أن التغيير الشامل أكبر وأعقد من تغيير الرؤوس، ومن همة ثورات شعبية عفوية تنقصها الخبرة والدراية والتجربة، فضلا عن عدم وجود قيادات بديلة قادرة على طرح مشروع حكم محكم، والتأييد الشعبي الديني التعبوي الذي وقف خلف تنظيمات الإسلام السياسي أصبح بعد تمكن الجماعات من الحكم أو اقترابها منه عبئا عليها لا سندا لها، مما أعطى العسكر الفرصة والمبرر للتدخل بتمهيد من رجالات الدولة العميقة لحكام وحكومات استمرت عقودا. لتؤكد الأطماع الأجنبية أنها مازالت تحرص على ألا تفلت المنطقة من بين أسنانها، ولم تتوقف تدخلاتها، كشفوا عن طبيعتهم الدموية وصرنا نعيش بين إرهاب الجماعات وإرهاب الدول الكبرى. ولذلك لا نتوقع أن تكون هذه الانتخابات بمستوى الطموح شكلا وموضوعا، ولن ترضي نتائجها طموح المتطلعين لحياة أفضل مما كانت عليه قبل الربيع.
بعد الربيع العربي كنا نتوقع ثقافة سياسية أكثر نضجا وأعمق وعيا لدى الحكام والمحكومين، الرؤساء والمرؤوسين، بعد تجارب الإطاحة بأسياد حكموا وتحكموا عقودا فلم يغن عنهم حرسهم العائلي ولا دعم خارجي اطمأنوا إليه سنوات من غضبة الرعية ومن كانوا يعدونهم تبعا من الرعاع، حتى تدحرجت كراسيهم ورؤوسهم تحت عصي هؤلاء المستضعفين، ولم تستفد القيادات الجديدة الطامحة لاعتلاء الكراسي من مساكن من سبقهم ولم يتعظوا مما حل بأسلافهم وبمن سبقهم، كما لم تستفد الجموع الغاضبة بعد ثورات الربيع من مسيرة الحكم الشمولي وكاريزما القيادات الموهوبة لتنضوي ثانية تحت جحيمها، ومن الطبيعي أن لا تختلف الانتخابات عن سابقاتها في عهود غبرت، فلم تهيأ للانتخابات أجواء ديمقراطية مفتوحة، وكانت النتائج معروفة سلفا، فلا منافسة حقيقية ولا تكافؤ فرص، ولذلك لا ننتظر أن تلد المعجزات من الفراغ.
وخلاصة ما نريد قوله، فاز من فاز في الانتخابات ويفوز مستقبلا من يفوز، ما عاد من السهل على أي رئيس منتخب بالشكل الذي رأيناه، أيا كان دينيا أو طائفيا أو قوميا أو أمنيا جزارا أن يحكم شعبه بسهولة ويسر، وربما لن يقضي الكثير منهم مدة رئاسته، وإذا كان من فضل للربيع العربي أو الربيع الدموي، أنه كسر حاجز الخوف والصمت، وأعاد إلى الشعوب ثقتها بنفسها، واكتشفت الكثير مما كان خافيا، وعرت ما كان مستورا، ولم يعد باستطاعة فرد مهما امتلك من سلطة تأميم العمل السياسي واحتكاره، فـ “العيال كبرت”، و”النيام صحيت”، و”الحسابة بتحسب”، والشاهد الذي لم ير حاجة بالأمس صار يراها اليوم رأي العين ويضمر ويتوقع، ونقول للرؤساء الجدد والذين يعاد انتخابهم ما قال تعالى “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ”.

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..