وجهات نظر
محمد سيف الدولة
بجرأة وصراحة وفجاجة لا يحسد عليها، صرح ابو
مازن في مؤتمر منظمة التعاون الاسلامي، ان الانتفاضة الفلسطينية كانت كارثة وفوضى
دمرت الشعب الفلسطيني، وانه لن يسمح بقيام انتفاضة أخرى، وانهم متمسكون بالتنسيق
الامني مع اسرائيل لحماية للفلسطينيين (هل يقصد حمايتهم من انفسهم!؟)، وانهم لا
قبل لهم بمواجهة اسرائيل لا عسكريا ولا غير عسكريا!
***
فلفلسطين وشعبها مكانة وقداسة من نوع خاص،
فكل من يعيش اليوم في الوطن العربي على اختلاف عمره، تربى منذ أن وعى على الدنيا،
على مأساة فلسطين وحكايتها، فهي تلك الأرض العربية التي تم اغتصابها من بيننا و
أمام أعيننا، تحررنا جميعا بعد الحرب العالمية الثانية، وبقيت هي مغتصبة.
وهي الأرض التي تضامنا في البداية للدفاع
عنها وتحريرها، ثم سرعان ما تخلينا عنها وانفضَّ الجميع من حولها، انشغالا بالهموم
القطرية، او خوفا من اسرائيل وأمريكا، لنتركها وحيدة تواجه مصيرها ضد آلات القتل
الغربية الصهيونية، ولنكتفي كل حين وآخر بإصدار بيان او تصريح ذرا للرماد في
العيون.
ولإدراك الشعوب العربية جيدا ان المشروع
الصهيوني يهدد كل الأمة بقدر ما يهدد فلسطين، ورغم ذلك تركوها تواجه مصيرها وحدها،
فإن فلسطين اصبحت تشكل عقدة الذنب الرئيسية لدى كل منا.
فمع كل يوم يستمر فيه الاحتلال لأرضها، أو
يتكرر العدوان على شعبها، يشعر كل مواطن عربي انه شريك في هذا الاحتلال والعدوان
بشكل أو بآخر، فيؤرقه ضميره وكأنه ارتكب جريمة أو معصية.
ومما يزيد ويشعل من أزمة الضمير العربي تجاه
فلسطين، هو حجم البطولات والتضحيات التي لم يتوقف الشعب الفلسطيني عن تقديمها جيلا
بعد جيل على امتداد 100 عام، رغم حجم العدوان والقوة الباطشة التي يواجهها، ورغم
وقوفه وحيدا أمامها.
وبالإضافة الى كل ذلك، فإن فلسطين كانت
بمثابة المدرسة التي تعلمنا فيها ومعها دروسا مصيرية وحقائق قاسية، كما كان صمود
ونضال شعبها ملهما على الدوام للحركات الوطنية العربية:
تعلمنا معها كيف تآمر علينا العالم على
امتداد قرن كامل في اكبر جريمة استعمارية دولية، منذ بلفور والانتداب البريطاني
والتقسيم والنكبة والإعلان الثلاثي ثم 242 وكامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو.
وتعرفنا فيها لأول مرة على معني العنصرية
والإرهاب والمذابح والقتل والإبادة والاغتيال والإبعاد والتهجير واللاجئين والأسرى
والمخيمات والمعابر والعالقين والمبعدين والاستيطان والتهويد والحصار والتجويع.
ورأينا فيها كيف تصنع الشعوب المستحيل
وتقاوم جيلا بعد جيل رغم الخلل الهائل في موازين القوى، رأيناه في ثورتها الكبرى
وفي الكفاح المسلح والاعمال الفدائية وحركات المقاومة والانتفاضات والعمليات
الاستشهادية.
ومن رموزها صنع الشباب العربي قدوته ونماذجه
النضالية أمثال ابو جهاد، ابو اياد، ابو عمار، احمد ياسين، الرنتيسي، فتحي الشقاقي،
سناء محيدلي، دلال المغربي، آيات الأخرس، محمد الدرة، أطفال الحجارة، رائد صلاح،
والآلاف غيرهم..
وفي ساحات معاركها الوطنية والعقائدية، صاغت
الامة مواقفها بشعارات ومبادئ يحفظها ويتبناها كل عربي وطني من المحيط الى الخليج
مثل: من البحر الى النهر، لن نعترف باسرائيل، لا صلح لا تفاوض لا اعتراف، صراع
وجود وليس حدود.
بل وأصبح إحياء ذكريات المعارك ضد العدو
الصهيوني، ذكريات الاعتداء أو المقاومة، من المهام والطقوس الدائمة على برامج
الحركات السياسية العربية: النكبة، دير ياسين، كفر قاسم، النكسة، معركة الكرامة،
حريق المسجد الاقصي، حرب الاستنزاف، حرب اكتوبر، تل الزعتر، يوم الأرض، عملية
الليطاني 1978، سلام الجليل 1978، حصار بيروت 82 وصبرا وشاتيلا، الحرم الابراهيمي،
قانا، انتفاضة الحجارة، انتفاضة الأقصى، حرب تموز، السفينة مرمرة، الرصاص المصبوب، عامود السحاب..
وأصبحت الشعوب العربية تُقَّيم حكامها
وتحاسبهم وفقا لمواقفهم من القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني، الذي تكسَّرت
وانهارت على صخرته شرعيات انظمة وحكومات وحكام عرب كثيرين، فكانت قضية فلسطين
مفرزة عربية وطنية كبرى.
كل ذلك وغيره الكثير أدى الي أن تقترن
فلسطين والشخصية الفلسطينية في الوعي العربي على امتداد ما يزيد عن قرن من الزمان،
بكل القيم والمعاني النضالية المثالية كالمقاومة والشهادة والتضحية والفداء
والبطولة والصمود.
واصبح الفلسطيني عندنا، عن حق، هو ذلك
الانسان المحتل المطرود المطارد المهجر اللاجئ المقاوم الاسير الشهيد المظلوم
المحاصر العالق على المعابر، الموقوف على الحواجز، المضطهد صهيونيا ودوليا وعربيا،
الذي لم ينكسر أبدا.
***
ولذلك، حين كان ينتوي أي نظام عربي أن يبيع
القضية ويصطلح مع اسرائيل، فانه كان يمهِّد الطريق بالعمل على تشويه وشيطنة صورة
الشعب الفلسطيني لدي مواطنيه، بحزمة من الأكاذيب مثل: انهم خونة، باعوا أراضيهم،
ارهابيون، منقسمون، يهددون الأمن القومي، مرتزقة، غير واقعيين، يتصارعون على
السلطة وعلى المناصب والرواتب، تجار للانفاق...الخ
ولكن سرعان ما كنت تنكشف أكاذيبهم أمام
اعمال المقاومة وتضحياتها.
لكن أن يتم التشويه هذه المرة على ايدي
شخصية فلسطينية، وياليتها أي شخصية، فهو رئيس السلطة الفلسطينية، فيعلن على الملأ
أنهم جبناء، لا قِبَل لهم بالعدو الذي اغتصب اراضيهم وشرَّدهم وقتلهم، وان
المقاومة لا تعدو أن تكون لغوا ودمارا على الشعب الفلسطيني، الذي عليه أن يستسلم
تماما لاسرائيل وأن يحتمي بها وان ينسِّق معها وأن يطارد ابناءه من المقاومين
والمقاتلين ويسلمهم اليها، فانه ليس في هذا الرجل أو فيما قاله أي شئ من فلسطين
التي نعرفها.
من أنت يا رجل؟
هناك تعليق واحد:
يسأل الكاتب عن أصل محمود عباس وجوهره وشخصيته ولماذا يهدر حقوق الشعب الفلسطيني المناضل ويحرمه من المقاومة التي أذاقت المحتل الصهيوني طعم الموت والخوف والرعب والقلق ودفعت اﻵﻻف منه ألى الهجرة المعاكسة والعودة ألى أوطانهم اﻷصليه
أن مايفعله أبو مازن منذ أوسلو لحد اليومﻻيدل على انه عربي وهذه هي الحقيقة فالرجل احداحفاد وابناء المهاجرين الفرس البهائيين _من اصفهان_إلى حيفا مع زعيمهم حيث استقروا في فلسطين
قبل تأسيس الكيان الصهيوني فابو مازن والحالة هذه فارسي اﻷصل بهائي من أصفهان وﻻبد من الأيضاح بالعﻻقة الوثيقة بين التنظيم البهائي والصهيوني منذ تأسيسهما
تراجع كتابة علي الوردي عن البهائية ونزوحها ألى العراق وفلسطين
إرسال تعليق