موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

عن الحج الخليجي الى إيران: علاقات تحكمها المصلحة

وجهات نظر
القدس العربي
خلال تاريخها مرت العلاقات الإيرانية – الخليجية بمراحل من التجاذبات والشد وشهدت في بعض الأحيان لحظات من التقارب كما في المرحلة الخاتمية- نسبة لمحمد خاتمي وعادت للمواجهة في زمن الرئيس محمود أحمدي نجاد، وهي الآن تمر في المرحلة الروحانية نسبة لحسن روحاني، أو هكذا يرى البعض في مرحلة من إعادة تقييم للعلاقات وبناء جسور جديدة تقوم على مصالح هذه الدول رغم ما يعتري المنطقة من اضطرابات ومخاوف لدى كل طرف وما تركه الربيع العربي من أثر على الدول الخليجية وصعود الإسلام السياسي ودور إيراني مركزي في بعض الدول.

في البداية تحكم علاقات الدول الخليجية وإيران قوانين الجغرافيا، فهي مجبرة على التشارك في مياه الخليج وتتنافس على مصادره، وتخوض في مياهه معركة استراتيجية نظرا لاعتقاد إيران أن لها الحصة الكبرى فيه، وتستطيع كما تقول خنق دول الخليج وإغلاق علاقاتها مع العالم ووقف تصدير نفطها بإغلاق مضيق هرمز الذي تمر منه نسبة كبيرة من النفط المصدر للأسواق العالمية. وبل احتلال جزر إماراتية واعتبارها جزءا من التابعية الإيرانية.
وظلت سياسات إيران منذ فترة حكم الشاه ومرورا بالثورة الإسلامية مصدر قلق لدول الخليج إن من خلال السيطرة والاحتلال كما فعل الشاه في الجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى)، أو من خلال تصدير النموذج الإسلامي بعد الثورة عام 1979، وإثارة المشاكل سواء في الكويت وفي السعودية والبحرين، وهي دول تعيش فيها جماعات شيعية تتراوح من ناحية الحجم، وقد أعطت الثورة الإسلامية أملا لها خاصة في السعودية التي تعيش فيها الطائفة الشيعية مهمشة.
صحيح أن العلاقات الإيرانية- الخليجية ظلت أسيرة للتجاذبات الإقليمية والدولية، فإيران الشاه لم تكن لتتجرأ على احتلال الجزر الثلاث لو ظلت الناصرية في عنفوانها ولو لم يتراجع دور مصر بعد موت جمال عبد الناصر. وصحيح أن دول الخليج ظلت تعتمد في حماية أمن الخليج ومياهه على الدعم الأمريكي والتحالف الإستراتيجي الذي قام بين الولايات المتحدة ومؤسس المملكة العربية السعودية، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ومن هنا كان تواجد الاسطول الأمريكي السادس في مياه الخليج رادعا لإيران عن القيام بأي مغامرة ولكنه لم يردعها عن تطوير مشروعها النووي الذي تحول لمصدر قلق لدول الخليج خاصة السعودية التي أصدرت في العام الماضي تهديدات بتطوير برامجها النووية، ودعت الولايات المتحدة بعبارات الملك عبدالله، حسب وثائق ويكيليكس، «قطع رأس الأفعى».
واستدعى الخوف الإيراني صفقات أسلحة محمومة بريطانية وأمريكية وفرنسية، وتعزيزا للتواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، لحماية أمن الخليج ومواجهة إرهاب القاعدة، وهذا يصدق على السعودية والإمارات التي قامت بعمليات تحديث وتدريب عاليين لجيشها، وحازت على ثناء وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس، في مذكراته التي صدرت العام الماضي.
تظل العلاقة بين دول الخليج وإيران محكومة أيضا بالظروف التاريخية التي مرت على مجتمعات الخليج التي تظل حديثة التكوين، وتجربتها مع الحداثة قريبة العهد ولم تبدأ إلا باكتشاف النفط. ومعظم الكيانات والدول في الخليج حديثة لم ينشأ بعضها إلا في العقد الثالث من القرن العشرين عندما قررت بريطانيا لملمة تاريخ الإمبراطورية والرحيل عن هذه المناطق التي رأت في السيطرة عليها حماية لجوهرة التاج البريطاني- الهند. ومقارنة مع ذلك فقد مرت الحداثة الإيرانية بنفس الظروف التي مرت بها الحداثة التركية واليابانية في عهد سلالة «الميجي» وحداثة محمد علي. فالحداثة التي بدأت في عهد القاجاريين وإن كانت حداثة مشوهة وخلقت الظروف فيما بعد لإندلاع الثورة الإيرانية، إلا أن إيران تنظر لنفسها نظرة المتفوق على جيرانها العرب وليس الخليجيين، ولهذا أتسم خطاب القوميين الإيرانيين بنزعة من الشوفينية، وتحكمه عقدة التفوق وتاريخ الفرس سياسات إيران والطريقة التي تنظر فيها الى نفسها والعالم. وجدت بعض دول الخليج طرقا للتعايش مع إيران مثل عمان التي أقامت علاقات مع طهران، لتعويض نقص المصادر وكونها من أقل دول الخليج في مجال الثروة النفطية ونظرا للخصوصية التاريخية التي تطبع رؤية عمان لنفسها. وبنفس السياق عملت دولة قطر على موازنة علاقتها مع إيران التي تشترك معها بالغاز الطبيعي في مياه الخليج وعلاقاتها مع شقيقاتها من دول مجلس التعاون إلا أن دولا أخرى ترى في إيران تهديدا دائما على المنطقة. وهذا يبدو في موقف السعودية والبحرين والإمارات، فالسعودية التي تعتبر أكبر وأقوى دول منطقة الخليج تتداخل في علاقتها مع إيران المخاوف الإستراتيجية والتنافس على قيادة العالم الإسلامي، فقد تحولت طهران منذ الثورة الإيرانية إلى زعيمة للمحور الشيعي في العالم وتقدم نفسها كحامية للشيعة وتطمح لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، أما الرياض فتستدعي قيادتها من كونها الحارسة والمشرفة على الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. ومثل إيران تريد نشر نموذجها السلفي القائم على أفكار المصلح محمد بن عبد الوهاب.
ومن هنا يفهم الهوس السعودي بالموضوع الإيراني، ففي مقال نشره موقع «مجلس العلاقات الخارجية «عام 2007، كتبه ماكس بوت وجين كيرباتريك عن مشكلة إيران في الخليج وكيف أنهما سمعا في كل اللقاءات مع المسؤولين عن إيران ومشروعها النووي تتكرر بشكل دائم، حيث حذر مسؤول عربي بارز «لو قبلنا بحصول إيران على القنبلة النووية فكأننا نقبل هتلر في 1933-1934». وكانت هناك في تلك الفترة رغبة سعودية بضرب إيران حيث كان قادة الخليج يعتقدون أن ضربة كهذه يمكن التغلب على آثارها. وبعد مضي سبعة أعوام على هذا المقال قررت امريكا المضي في طريق الحوار مع إيران وهو ما أثار غضب المسؤولين السعوديين نظرا لأن المحادثات تمت بسرية حيث لعبت عمان دورا مهما في تسهيل اللقاءات بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين. وعبرت الرياض عن مخاوف من تسوية مع طهران تضعها في خارج اهتمام السياسة الأمريكية. ومن هنا جاءت زيارة الرئيس باراك أوباما للرياض نهاية شهر آذار/مارس لتطمين القيادة السعودية حول التزام واشنطن بأمن الخليج.
يظل الملف النووي جزءا من محاولة إيران تأكيد هيمنتها ونفوذها في المنطقة، لكن ما يعتري العلاقات الإيرانية الخليجية أبعد من هذا ويتعلق بتدخلات طهران في دول الجوار خاصة البحرين والدور الإيراني في اليمن. وما يجري في سوريا من تنافس وحرب بالوكالة صورة عن التنافس بين إيران والسعودية وعن النفوذ الإيراني الذي يتراكم منذ قرار حافظ الأسد التحالف مع الجمهورية الإسلامية في إيران. وتداعيات المشهد السوري على العلاقات تجاذبا وتقاربا ستكون أعمق أثرا على مستوى المنطقة وتتجاوز ما تركه دخول العراق في الفلك الإيراني بعد انهيار نظام صدام حسين والغزو الانكلو- أمريكي عام 2003، وكان سقوط صدام حسين نتاجا في جزء منه لقرار دول الخليج التخلي عنه بعد أن دعمته في حربه التي خاضها نيابة عنها والغرب ضد إيران الخارجة لتوها من الثورة.
وأظهرت أنتخابات سوريا يوم الثلاثاء صورة عن إيران تحتفل بانتصارها على محور الغرب- السعودية، وهذا يعني ان الأخيرة لن تتخلى عن طموحاتها بالإطاحة بنظام الأسد، فالمهمة تعتبر حسب بعض التحليلات شخصية بالنسبة للملك عبدالله، ويعني هذا استمرار الحرب الطاحنة في غياب أفق حقيقي للحل.
وعلى العموم فآفاق العلاقات الإيرانية- الخليجية تظل رهن المصالح الإستراتيجية، والمصالح التجارية، وهذا يفسر دعوات حاكم دبي العام الماضي لرفع العقوبات عن إيران، كما وتظل رهن التوترات الطائفية التي باتت تلعب دورا مهما منذ غزو العراق وقبلها اندلاع الثورة الإيرانية. وفي لغة المصالح وغياب موقف موحد لمجلس التعاون الخليجي تظل مواقف دوله متخالفة حيث تقرر كل واحدة منها القرار الذي يخدم مصلحتها في العلاقة مع إيران. ولأن دول الخليج تظل كيانات صغيرة وذات كثافة سكانية قليلة، وتعتمد في مصادرها على النفط فهي مضطرة في غالب الأحيان للإعتماد على حماية ودعم الدول العظمى- في هذه الحالة أمريكا. ووجود هذه يعتبر صماما لمنع أي تأزمات واندلاع حروب، ويفهم من هنا أسباب الحج الخليجي لطهران باعتباره تآلفا مع التقارب الامريكي- الإيراني.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..