موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 18 يونيو 2014

هروب القائد العام للقوات المسلحة في العراق

وجهات نظر
مثنى عبدالله
في العلوم العسكرية هنالك مبدأ معروف يقول ان القطعة بأمرها، أي أن الفوج واللواء والفرقة والفيلق وكل التشكيلات الاخرى، شجاعة مراتبه وضباطه في العموم هي من شجاعة القائد الذي يتولى مسؤوليته، وتخاذلهم وهروبهم انعكاس لحالة القائد أيضا، حتى في حالة وجود عامل عدم تكافؤ القوة أحيانا الذي يرجح كفة العدو، تصمد القطعات العسكرية لفترة من الزمن بفعل صلابة القائد وعزمه، وبفعل البناء الذي عززه في قلوب وعقول جنده، من قيم عامة تسمو على الذاتية، فيفقد عامل حب السلامة بريقه لدى كل فرد وتصبح سلامة الوطن والشعب همهم.

وعند اقتراب لحظة التراجع التي لابد منها أمام ضغط العدو، يصبح لكل شيء حساب، فللقائد تعليمات تمنع ترك المعدات العسكرية صالحة للاستعمال، كي لا يستفيد منها العدو. فهل ما جرى للقوات المسلحة في الموصل وصلاح الدين وكركوك وديالى والانبار، يؤشر الى أن القائد العام نوري المالكي يملك عُشر مواصفات القائد؟ وهل تلك الطوابير الطويلة من العسكر التي خرجت من قاعدة سبايكر بالملابس المدنية وأيديهم مرفوعة فوق الرأس أسرى، يشير الى وجود مؤسسة عسكرية اسمها الجيش؟ أم أن هروب نائب رئيس الاركان وقائد القوات البرية وقائد عمليات المنطقة الى أربيل، وترك المعدات بأفضل حالة، بضمنها المروحيات، يشير الى وجود عقيدة قتالية لديهم؟ يقينا لا عاقل يستطيع المجازفة بالقول بوجود مؤسسة عسكرية أو أمنية في العراق. أنظروا الى المعدات التي تركوها وهربوا.. محّصوا النظر في المعسكرات والترف الظاهر للعيان في غرف الضباط والقادة والآمرين. لاحظوا الارزاق والتجهيزات والمُؤنّ. 
ستكونون على قناعة تامة بأن هذا الجيش ليس لديه أي نقص يمكن أن يؤثر على معنوياته. انقلوا زاوية نظركم الى الطرف الاخر في المشهد، الذي هزم أربع فرق عسكرية نظامية، ستجدونهم مجموعة مقاتلين لا تتجاوز أعدادهم المئات بأسلحة خفيفة، وهذا يشير الى مجموعة حقائق كانت سببا أساسيا في ما حصل. أولها ضياع الهوية الوطنية للزعامات السياسية الحالية، بضمنهم القائد العام، وقد انعكس بصورة واضحة على معنويات الافراد الذين انعدم لديهم الشعور بوجود وطن وعقيدة. ثانيا تحويل الواجب الاساسي للجيش من حماية الحدود والدفاع عن الوطن الى حماية المواكب الدينية المتجهة من محافظات العراق الى المراقد الدينية، ثم ينتهي الواجب ببرقية الى القائد العام يعلنون فيها النصر المبين، وهي ممارسات لا تضيف الى الجيش أي خبرات ميدانية يمكن أن يكون تراكمها موثرا في بنيته. ثالثا دخول الجيش كأداة في الصراعات السياسية الدائرة بين جميع الاطراف، ما أدى الى تكالب الخصوم لشراء ولاءات القادة فيه، كي تكون لديهم أوراق ضغط. رابعا الفساد المالي والاداري الذي بات العمود الفقري للجيش الحالي، حيث أصبحت المناصب والترقيات فيه تباع وتشترى بمئات الاف من الدولارات، حتى وصل الفساد الى الصفقات العسكرية التي يتم التعاقد عليها مع الدول الاخرى. أما الاجهزة الشرطية والامنية والاستخباراتية، فقد بات واجبها الاساسي فبركة القضايا والتهم على المواطنين الابرياء، بهدف الابتزاز المادي والاثراء على حساب معاناة الناس. لقد وضعت كل هذه العوامل والتصرفات، التي مارسها الجيش والاجهزة الامنية حاجزا بينها وبين المواطن، وجعله ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يراها مُهانة. نعم هنالك حاضنة شعبية في العديد من المحافظات العراقية لثوار العشائر والفصائل المسلحة الاخرى، وهذه حقيقة حية لا يمكن طمسها أو الهروب منها مخافة الاتهام. ماذا تنتظرون من مواطن يتعرض للاهانة صباح مساء من قبل أفراد السيطرة العسكرية التي ينفذ من خلالها الى عمله ويعود الى بيته؟ وماذا تنتظرون من مواطن بريء تلّفق له تهمة كي يبتز ماله أو تجارته؟ بل ماذا تنتظرون من مواطن وطأت قوات الجيش بأحذيتها على رأس ولده أو شقيقه أو صديقه أو جاره بعد أن قتلوه، كما حصل في الحويجة؟ يقينا سيكون هذا المواطن مستعدا للتحالف مع أي قوة يجدها في الضد من كل هؤلاء، وسيكون سعيدا وهو يرى البدلات العسكرية والاسلحة الشخصية، والنظارات الشمسية والخوذ والدروع الواقية، كلها مرمية على الارض في السيطرات التي كان يُهان بها يوميا. لا تطلبوا من مواطن نسيان التصرفات والمواقف السيئة وتخدعوه بالقول انها فردية، ويجب أن يتخلى عنها في المواقف الصعبة التي يمر بها الوطن. انه هراء وسذاجة حد البلادة. 
الوطن ليس أرضا فقط. انه كرامة وحقوق عندما يغيبان ويُهدران بيد سلطة لا تملك مثقال ذرة من وطنية، يتحول الانسان الى قنبلة موقوتة تنفجر في أي لحظة. دعوا القائد العام نوري المالكي يُبرر هروبه من أرض المعركة بالقول، انها كانت خدعة، واسألوه ان كانت حقا خدعة فكيف يُخدع وهو القائد الاعلى والوزير للعديد من الوزرات المختصة بالامن العام. واذا كما يقول انها مؤامرة فاسألوه لماذا كلما يخسر يُبرر خسارته بأنها كانت مؤامرة، فحين خسر الانتخابات عام 2010 أمام القائمة العراقية، ظهر على شاشات الفضائيات يهدد ويتوعد قائلا انها مؤامرة. منذ ثماني سنوات بيديه كل السلطات والاموال وفشل فشلا ذريعا في بناء المؤسسات، لانه اهتم في بناء الاضلاع والمرتكزات الطائفية، فانفجرت الجغرافية العراقية في وجهه. هرب الى أحضان الطائفية من الوطنية التي لا يجيدها ولا يؤمن بها، فانفجرت في وجهه الاستحقاقات الوطنية ومظلومية الناس. لقد تصور نفسه القائد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فاتهم كل من يعارضه بالخيانة العظمى. لقد أخذه حب السلطة والعنجهية الى واقع افتراضي وليس حقيقي. تذكروا جيدا كيف وقف أمام مؤتمر القمة العربي في بغداد، عارضا على المجتمعين استعداده لوضع خبرات العراق في محاربة الارهاب الذي كسر ظهره، في خدمتهم كي يستنيروا بها في محاربة الارهاب في أقطارهم على حد قوله، وها هو يولي هاربا أمام من قال عنهم انهم جرذان وفقاعة نتنة. لقد تصور أن الزعامة السياسية خطب رنانة خادعة، ولو تمت محاسبته وفق الاقوال والخطب التي يقولها لما بقي يوما واحدا في السلطة. أولها ادعاءاته المتكررة بأنه جاء بأصوات الشعب الى السلطة في نظام سياسي ديمقراطي. اذن لماذا لا يستقيل بعد هروبه المخزي من المعركة، ويضع نفسه تحت تصرف القضاء العادل كما يحصل في الانظمة الديمقراطية، بعد اهداره المليارات على التسليح الذي بات مرميا في الطرقات؟


ملاحظة:
نشر المقال هنا.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..