يعدّد الدكتور ضرغام الدباغ في هذه المقالة، التي بعث لي بها على بريدي الإلكتروني، 10 أخطاء ارتكبها الرئيس السوري بشار الأسد في تعاطيه مع الكارثة التي تشهدها بلاده منذ سنة ونصف، وهي أخطاء وخطايا جسيمة كان يمكن لو تم تجنبها، تجنيب سوريا، حاضراً ومستقبلاً، والمنطقة كلها مخاطر جمة.
لكن مقال الدكتور الدباغ يترك للقراء تعداد المواطن التي أصاب الأسد فيها.. فهل من يعيننا في تعداد ذلك؟
أين أخطأ الاسد وأين أصاب؟
ضرغام الدباغ
الموقف في سوريا بلغ درجة من الوضوح يتيح لنا أن نقيم جرداً ابتدائياً عن موقف بدأ بكتابات صبية على الحيطان، وانتهى بثورة لا يستطيع جيش عرمرم على اختلاف صنوفهم من المخابرات والأمن وشبيحة، بالغ النظام في اختيارهم بعناية لهذا اليوم الموعود، ومرتزقة جاؤا من خارج الحدود لنجدة تيتانيك، بعضهم تجشم عناء سفر طويل، ومع الكل ألوية دبابات وميكانيكية وقوات خاصة، وحرس جمهوري وطائرات مروحية وطيران حربي مقاتل / قاصف، والله يعلم ماذا بعد ..... كل هؤلاء وهذه الهلم هزمهم الطفل حمزة الخطيب .
عجباً .... كيف ...؟
النظام يحلو له أن يردد بقلة شطارة، أن النظام قوي وإلا لما صمد، سمعت هذه الجملة من عناصر قيادية في النظام وإعلاميين شبيحة، ولا يقولون كما بالاحرى لهم أن يقولوا( ولكن ذكائهم خانهم في هذه اللحظة بالذات) كيف صمد هذا الشعب الاعزل لما يزيد على السنة والنصف ...؟
هو نظام عائلي، فلم يستطع أن يتجاوز هذه الحقيقة، نظام حاول أن يكون مفيداً لأهم القوى في المنطقة وغير المنطقة، ولكل من له ناب وظفر، أمن إسرائيل وهذا سر الأسرار، ولم يعاكس الامريكان، بدا ودوداً للصينيين فيشتري منهم وهذا جل ما يريدون، طمأن الإيرانيين أنه يصلح أن يكون جسراً ومعبراً، طمأن شهية الروس للمياه الدافئة، ولكنه فشل في أن يطمئن شعبه.
والنظم العائلية، وهي متكررة في التاريخ، رغم أن النسخة الاسدية لا تقاس بفشلها بسابقاتها من التجارب، الأنظمة الأسرية تبدأ بطرق متشابهة وتنتهي بسيناريوهات متشابهة. ضرب من السعي وراء نفوذ باستخدام القوة والبطش مع الخصوم، وإبداء النعومة المفرطة مع الاقوياء. إلى أن يجد النظام وقد أحكم إغلاق كافة الشبابيك والأبواب بيديه، ولكن ليكتشف متأخراً أنه بذلك خنق نفسه بنفسه.
النظم العائلية تعيش جيلاً أو جيلين فقط، ثم تبدأ مرحلى الاهتراء بعد رحيل مؤسس العائلة، وبعدها تحل مرحلة تنازع النفوذ رغم ما تبديه العائلة من مظاهر الضبط والالتزام بكلمة الرئيس، ولكن في واقع الأمر أن تحت غطاء القدر تدور عمليات أخرى، وظاهرة تدخل النساء ودسائسهن معروفة وشائعة في النظم العائلية.
اليوم أو غداً، الأمر سيطرح نفسه هكذا، الثورة التي طالت واستطالت لشهور امتدت لأكثر من 18 شهراً، ترى لماذا لم يستطع النظام معالجة الموقف، شهور طويلة مرت كان بالإمكان فعل أحسن مما كان، النظام امتلك فرصاً لو تدراكها، لربما كان لنا اليوم حديث آخر، ولكنها عباءة مهترئة. بشار يسحبها لصوب، وآصف لصوب، وماهر لصوب، وبختيار لصوب، ولم يصب فيهم أحد الصواب، لماذا ....؟
برأس بارد نستطيع الفحص والتمحيص في هذا السؤال العويص ونقول ......
أولاً : النظام أعتقد وهذا خطأ متوسط الحجم، أن الخطب بسيط ولا يتعدى أولاد مدارس درعا، يقدر أبن عمتنا العبقري عاطف نجيب على تأديبهم، ومع ان الأمر ليس ببسيط، لأنه ببساطة يشير أن النظام يشير في الطريق الخطأ لعقود طويلة عندما أدخل نظم تعليم تحيل البشر إلى روبوتات آلية وببغاوات تمجد السيد الرئيس القائد. وأن السد العملاق ينهار من حفرة بقدر رأس الابرة، اليوم تظهر الاخطاء الكارثية لنظام تمادى في احتقار البشر، وما نشهده اليوم ثأر البشر لذل طويل.
ثانياً: النظام أعتقد وهذا خطأ كبير الحجم، أن بوسعه أن يستنسخ حماة 1982، وفاته أن الدنيا تغيرت كثيراً، ومع أنه أبن هذه الدنيا وهذا اليوم، ولكنه فكر بعقل الأمس. وقادة نظام اليوم كانوا أطفال أو صبية يوم حماة 82، وهم معاصرين للكومبيوتر والفيسبوك والتويتر، والانترنيت، وما شابه من هذه الأدوات التي منت بها الإنسانية على شعوبنا، وأن ما يصح في 82، لا يصح بعد ثلاثين من الأعوام .
ثالثاً: النظام أعتقد وهذا خطأ ضخم في حجمه، أن بوسعه أن يقلد الروس وما فعلوه في الشيشان، وهذه خطيئة يصعب إصلاحها. لأن الأمر مختلف شكلاً وموضوعاً، زمناً ومكاناً.
رابعاً: النظام أخطأ، وهذا خطأ بنيوي فادح، في اعتماده على مؤسسات أنفق عليها الكثير حتى بلغت درجة كبيرة من المناعة والقدرة، ولكن المشكلة أنها تعاملت مع الشعب وكأنه العدو رقم واحد، ولا يوجد بعده عدو. وفي اعتماده المطلق عليها، شعر رجال الليل أن البلد بيدهم، وأنهم الحكام الفعليون، ونشأت مغارات علي بابا والأربعة ألاف وأربعة وأربعون حرامي ولص في دهاليز في هذا الجسم الفاسد المتعفن المخالف للمنطق وللحياة فكان، ما كان من قراءات خاطئة .
خامساً: النظام أخطأ بأن وضع نفسه في معسكر والشعب في معسكر آخر، وهذا خطأ جسيم أورده قرارات خاطئة تترى، تلاحقت واحدة أثر الأخرى، أخطأ النظام بوصف الحركة بالجراثيم، فحرم على نفسه العمل والتفاوض معها، وصفهم بالمجرمين فقطع طريق الحلول الشرعية، النظام وضع كمامة على عينيه لا يرى إلا الألوية المدرعة والشبيحة ورجال القمع الدموي، وسد أذنيه حتى عن نصائح لجهات وشخصيات كانت مخلصة فيما توجهت وما طلبت، ولم يعد يسمع سوى ... منحبك ونموت عليك ... ولكن بعد أن وقع الفاس على الراس لم يعد للنصيحة مكان في بلد تحول بأسره إلى مسلخ، يغتسل بالدماء صباح مساء.
سادساً : النظام أخطأ بأن وضع عنقه في نير فدان العجم، فهؤلاء لا يبحثون إلا عن مصالح الشعب الفارسي، التحالف بحد ذاته ليس خطأ وكذلك الصداقة، ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ولهذا يتهافت السياسي الحكومي السوري بلا حياء ضد شعبه أمام الوزير الإيراني الذي يبيع كلماته بالمثاقيل، فيبدو هذا أمامه بشحمه ولحمه، وكأنه ريشة في مهب الريح، فوا أسفاه.
ثامناً : النظام ورأس النظام أخطأ أنه إذا تزوج من حمصيه فهذا يسمح له بأن يدمر حمص، وفاته أن الشعب يدرك كيف أن النظام تخلى عن الحزب الذي أوصله وصنع منه ومن أبوه شيئاً، امتهنوا الحزب وأهانوه ثم صادروه، واستخدموا أسمه بغير حق، وليس بوسعنا أن نقول سوى: الخير في ما أختاره الله، ورب ضارة نافعة.
تاسعاً : النظام أخطأ عندما خالف نظرية سياسية سورية شهيرة : فلم يبق للصلح مطرح، فحتى السفن العملاقة التي تمخر المحيطات بفخر وشمم، تحتفظ بزوارق ولو صغيرة للنجاة في ساعة الضيق، فحشر نفسه في زقاق ضيق، فطفق يقامر بأي شيئ، دون أن يبقي بين يديه أي شيئ، حتى خسر كل شيئ.
عاشراً : النظام أخطأ بتعدد المراكز، وكثرة من يضعون يدهم في القدر، هذا يضع ملحاً على الجرح، والآخر يحرقه بالبهار، وآخر يضيف سماً زعاف وآخر يلعب بالملاعق والأشواك، وآخر بالسكاكين حتى جرح يده بنفسه، فغدت القصة كلها من ألفها إلى ياءها، مهزلة العصر والزمان، ومن المؤسف أن تنحدر أمور سورية التي عرفت برجالاتها وحكمائها إلى هذا الدرك الأسفل. الروس لهم رؤيتهم وما يريدون هو البحر المتوسط، والإيرانيون يرونه جسراً خشبياً يلعب فوق النهر المزمجر، ويراه حسن نصرالله طوق الخلاص، الكل يلعب على الوقت لعبة المصالح، إلا النظام يلعب لعبة غيره، وهو سبب ضعفه، أما لعبته فقد فسدت منذ زمن بعيد، وأخذ يلعب ألعاب لا تعرفها سورية.
هذه عشرة أخطاء، وسأدع لغيري أن يكتب أين أصاب النظام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هناك 7 تعليقات:
لا هناك الخطأ الاكبر الذي لم يذكر؟
بقاءواستمرار اي نظام يعتمد بالاساس على شرعيته.فما هي شرعية بشار؟؟ وريث في نظام جمهوري؟؟عدًل دستوره ليعين وريث
لم يحقق حتى شرط العمر حتى
كان على بشار ان يحاول شرعنة وجوده ان استطاع عبر تحول ديمقراطي متدرج والا فهذه هي النتيجة المتوقعة.
يضاف لذلك جمهرة المنافقين من الحرس القديم اللذين نصحوه بالتصرف كما في زمن والده بالوقت الذي تغير به الزمن جوهرياوبتسيًد ادوات جديدة تحرك وتؤثر في الجمهور.
ثمن التغيير في سوريا باهض جدا ولا نعرف ان كان من سيأتي افيد لشعب سوريا وأخلص لقضية فلسطين ام ؟؟؟
فيه المخرج وهو آمن للشعب ولسوريا وهو وضع رأس النظام في المقصلة وهو إجراء انتخابات حرة ونزيهة يقوم بمراقبتها الروس والأمريكان وأصدقاء الأسد من شيعة إيران ولبنان وأعدائه السعودية ووووو..ثم نرى ما يقوله السوريون والحسم معروف مسبقا
نعلم علم اليقين أن النظام السوري لن يقبل لأنه يعلم أنه قام بالقوة ويعلم أنه نظام طائفي والأدهى من ذلك كله
أنه أصبح هذا النظام ملكي عائلي يعمل أي شيء لبقائه واستمراره
لقد نسي النظام أن السوريين أغلبيتهم من السنة فبرغم ذلك سهل التشيع وشجعه وفتح الأبواب لفتح الحسينيات
وهو هدف معروف = فرق تسد لأن السنة أكثرية تخيف طائفته ولديمومة النظام إذا أتى الهندوس فسيسمحون
لهم بإقامة معابد لهم لتميل الكفة ضد السنة
تحليل رائع
لقد أجاد في تحليله،ووضع النقاط على الحروف،مقالة متينة وعميقة عساها أن تكون درساً لمن يحاول أن يبتعد عن ثوابت العمل الفكري والنضالي لمنظومةالأحزاب القومية التي بنت نظرياتها على العمل الجمعي لخدمة أهداف وتطلعات جماهيرها ومن الله التوفيق وعيد مبارك وسعيد
غباء ايران لعب اكبر دور في اسفزاز السوريون. حولت ايران سوريا الى بيت دعارة باسم المتعة ونشرت التشيع الايراني بطريقة فجة حيث يتم دفع الاموال للرموز والفقراء 100 دولار للنفر في العائلة للتحول الى الصفوية(وهذا دين ليس له اية علاقة بالمذهب الاثني عشري). والادهى انهم جلبو لسورياالممارسات الوثنية الوحشية من الطبير وسلخ الجلود ولعق الدماء وكل ذلك وسط العامة. هذا ادى الى شحن هائل ضد الاغبياء حكام سوريا.
و لا ينبئك مثل خبير .. الأستاذ الدكتور ضرغام الدباغ حين يكتب عن الموضوع السوري فهو يكتب من واقع كونه إبن المنطقة المطلع على شؤونها و المنغمس في قضاياها فهو إبن العراق و قد إرتبط تنظيمياً بحزب البعث السوري لردح من الزمن و تحمل جراء ذلك الاتهامات و العقوبات نتيجة الخلافات بين البلدين ثم هو قضى فترة من حياته و نضاله في سوريا .. لهذا نكاد جميعاً نتفق أن كلامه يكتسب أهمية عبر هذه الخلفية التي إجتمع فيها العلمي الأكاديمي بالنضالي الميداني. التحية للسيد الكاتب الدكتور ضرغام و التحية لأستاذنا الفاضل أبا عبد الله لتقديمه لنا هذا الموضوع
كل التقدير للأستاذ مصطفي في نشره لهذا المقال الهام لرجل عايش النظام في دمشق من داخله و ان كان لفترة زمنية محدودة ... و لكنه يبقي في رؤيته مستخدما لأدوات التحليل الثابتة في الفكر العربي الثوري سواء قراءة أو تصورا . 2) ـ المقال و ان كان فصل الأخطاء تفصيلا علميا يجمع بين تحديد الأخطاء و النقد لها ... لكنه نأي بنفسه عن الحلول ... خاصة و أن الحالة السورية ارتقت واقعيا الي حالة من التشابك داخليا بغض النظر عن حالات الامتداد الخارجي فيها و التي نقلتها الي مستوي أصبح الفصل فيها يلامس حافة التسونامي المدمر ... بما ينذر بين اختيارين ..أ/ ـ تسليم النظام النتيجة تشظية من النوع المعاش و ان كانت في بداياتها ليبيا أو عراقيا ... ب/ الحريق (التسونامي ) النتيجة ؟؟؟ نتمني علي الكاتب لو يعالج ذلك بمفهوم الاستشراف للمسألة ...فائق التقدير و المعزة لك عزيزي مصطفي و للكاتب السيد (بمفهوم التقدير عندنا في الجناح الغربي للوطن العربي و ليس كما تستخدم في المشرق ) الدكتور ضرغام الدباغ المحترم
إرسال تعليق