موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 9 أغسطس 2012

التوازن المفقود


هذا مقال عن مخطط التوسع الإيراني بين مزاعم الممانعة والمقاومة والتعاون مع اميركا في غزو العراق وافغانستان وحرب المشاطأة في الخليج العربي والبحر المتوسط، بقلم الدكتور مهند العزاوي مدير مركز صقر للدراسات الاستراتيجية، أرسله لنا على البريد الإلكتروني، مشكوراً.




التوازن المفقود


مهند العزاوي
يستذكر شعب العراق اليوم ذكرى النصر التاريخي الساحق على ايران في اعنف معركة للتوازن العربي الاقليمي وملحمة ايقاف مد الثورة الايرانية الى العراق والجوار العربي , وقد سطر العراق جيشاً وشعباً وقيادات سياسية وعسكرية ملحمة رائعة ونصر قل نظيره في التاريخ الحديث , اذا ما قورن بحجم القدرات العسكرية الايرانية والضخ الايديولوجي الطائفي الزاحف للتأثير على ديموغرافية العراق وتفكيك تلاحمه تمهيدا لغزوه , ناهيك عن القسوة الجغرافية المجافية وتقعر مسرح الحركات العراقي الايراني الوسطي والذي بلغ 80 كم عن العاصمة بغداد وكذلك التعاون الاسرائيلي الايراني في الحرب ضد العراق[1] .

 فشل الغزاة
 فشل الغزاة الايرانيين طيلة ثماني سنوات في اكثر من مائة معركة للوصول الى اي مدينة عراقية بالرغم من استخدام ظاهرة الانتحار الجماعي لتفكيك حقول الالغام الدفاعية العراقية , وكذلك ضرب المدن العراقية بالطائرات والصواريخ واستهداف المدنين ضمن نظرية "الصدمة والترويع" للشعب العراقي , وكانت مدينة الفاو الاستراتيجية هي الوحيدة التي سقطت بيد الغزاة واستعادها الجيش العراقي بباسلة , وكان غزو الفاو بغية الوصول الى الضفة العربية الثانية من الخليج العربي اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الضفة الاولى بوجود عربستان تعتبر الخليج وفقا للجيوتاريخ عربياً بلا مناقشة او استفتاء بائس من الشركات المأجورة .

استهداف حلبجة
ضللت دوائر المخابرات الغربية ووسائل الدعاية السوداء حقيقة استهداف مدينة حلبجة العراقية والتي يقطنها اهلنا الكرد والتي كانت خط حدودي ضمن مسرح الحركات الشمالي الشرقي , وقد أثبتت التقارير والإفادات الدولية أن الغاز المستخدم في ضرب مدينة حلبجة العراقية لا يمتلكه العراق بل هو في حيازة إيران ويقول البروفيسور المتقاعد في شئون الحرب والمحلل للمخابرات الأمريكية "ستيفين بيليتر " من جامعة "سان بونا فينجر  - أوليان في  نيويورك"   29-1-2003 حول ضرب الكرد بالأسلحة الكيماوية ((قامت وكالة المخابرات الدفاعية DAA  دي أي أي )) بإعداد دراسة فورا بعد الحادث واستنتجوا من جثث الضحايا الكرد  أنهم قتلوا بنوع غاز معين لا يمتلكه العراق ولكن إيران تمتلك هذا النوع أي أنها هي من قامت بهذا الهجوم ولم تأخذ الدراسة كدليل مادي وجنائي وتم تسييس القضية على أنها تطهير عرقي للكرد , ولم تتناول أي من وسائل الإعلام ذكر تقرير "وكالة المخابرات الدفاعية دي أي أي" وأنا أقول ذلك لأني كنت ضابط مخابرات في وكالة المخابرات الدفاعية وعملت كمحلل في هذه الدراسة التي تثبت أن إيران من قام بالهجوم على الكرد في حلبجة وليس العراق)) وهذا تصريح ضابط مخابرات امريكي بعد غزو العراق , كما وأكد تقرير صدر عن "أرمي وود كوليدج" عام 1990 أن اتهام العراق بضرب أهل حلبجة بالسلاح الكيماوي لا أساس له من الصحة ، وعلّقت صحيفة " الواشنطن بوست " على تلك المجزرة بقولها (إننا نعرف جيداً أن العراق لا يستعمل غاز السيانيد ) لكن أهم تأكيد لهذا الموضوع صدر عن "معهد الدراسات الإستراتيجية التابع لكلية الحرب الأميركية " الذي أصدر في بداية عام 1990 تقريراً من تسعين صفحة جاء فيه أن فحص التربة ومخلفات الضحايا البشرية يشيران إلى تورط إيران بقتل الكرد العراقيين وليس العراق في هذه المأساة[2], ويغفل النظام الدولي عن عمد الفاعل الحقيقي لهذه المجزرة والجريمة ضد الانسانية بحق اهلنا الكرد العراقيين .

دعاية صفراء
اكدت الوقائع التاريخية منذ عام 2003 وحتى اليوم اطماع ايران الاقليمية وسعيها الوحشي للسيطرة المباشرة على العالم العربي ولعب دور الشرطي الشرير المرعب للدول العربية والعراق انموذجا , لقد جرفت ايران بالتعاون مع  الولايات المتحدة وإسرائيل القدرات العراقية الصلبة , والتي كانت بمثابة الرقم الرابع في معادلة التوازن العربي الاقليمي والذي اغفل العرب وخصوصا الكويت خطورة العبث بالمحظورات الاستراتيجية , وبعيدا عن المهاترات ومروجي الدعاية الصفراء والسوداء من النفايات السياسية والالكترونية ,  فان اعتراف ايران الرسمي بمساعدة امريكا في غزو العراق وأفغانستان على لسان ابطحي عام 2004 وعرض خدماتها في حرب طائفية بالوكالة يؤكد اكذوبة المقاومة والممانعة , ويعد ضجيج الدعاية هذا بمثابة حصان طرواده لتدمير النسق العربي[3] وتفكيك التلاحم المجتمعي , ومن يلبس نظارة طائفية لا يرى حقيقة هذا التخادم الدموي ضد المصالح العربية ويبرره بأوهام للاستهلاك الطائفي .

توازن مفقود
برزت إيران بشكل لافت في ساحة الأحداث العربية مطلع الألفية الثالثة وتحديدا عند غزو العراق , وسرعان ما انتهزت الفوضى السياسية الدولية والمغامرة الحربية الأمريكية في العراق لتسارع في الانتقام وملئ الفراغ في العراق , وتجسد عبر حروب التطهير الطائفي والعمليات خاصة التي تقودها أجهزة الحرس الإيراني بشكل مباشر وباستخدام القوة اللامتناظرة ( المليشيات الطائفية) والتي سلحت بأسلحة غالبيتها من أنتاج المصانع الحربية الإيرانية[4] , وقد حقق لها هذا المسلك حزمة أهداف سياسية واقتصادية وعسكرية تفوق قدراتها ومواردها وجهدها التسليحى , وبذلك اخترقت اعتبارات سياسية تقرها القيم الأكاديمية والواقعية لموازين القوى وتتعلق بالتوازن والسلم والاستقرار في المنطقة , ولعل من أبرز التهديدات  تصدع شبكة التوازن العربي الإقليمي الذي أسست وفق مبدأ "توازن التوافق والأضداد " وكان لابد من استخدام التوازن بالإكراه لكبح سلوكيات ايران الباحثة عن دور فوق الاقليمي على العرب .
يرى الباحث أن مسار النفوذ الإيراني تجاه الدول العربية يتبع أسلوب الكماشة , ويتجلى بالانفتاح العنقودي للحرس الثوري الإيراني والذي يأخذ أبعاد مخابراتية وأيديولوجية واقتصادية وإعلامية , وتخوض إيران حرب المشاطئة الخليجية  والمتوسطية عبر القضم الجيوديموغرافي في لبنان وسوريا والعراق ومصر , وكذلك خليجيا في الكويت والبحرين والسعودية واليمن , ويلاحظ على الدوام سياسة لي الذراع واستعراض العضلات العسكري بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي وضرب المصالح الدولية , يا ترى يعترف الاخرون بالسلوك الايراني المخالف للقواعد السياسية وقد تخطت المحظورات الاستراتيجية المتعلقة باستقرار المنطقة ومعايير الامن والسلم الدوليين , وهل سيترك العراق معبر للحرب الديموغرافية التي تخوضها ؟

الهوامش
[1] . ايران اسرائيل  غيت في  18 تموز 1981 أنكشف التصدير الإسرائيلي إلى إيران عندما أسقطت وسائل الدفاع السوفيتية طائرة أرجنتينية تابعة لشركة اروريو بلنتس  وهي واحدة من سلسلة طائرات كانت تنتقل بين إيران و إسرائيل محملة بأنواع السلاح و قطع الغيار و كانت الطائرة قد ضلت طريقها و دخلت الأجواء السوفيتية وكانت صحيفة التايمز اللندنية نشرت تفاصيل دقيقة عن هذا الجسر الجوي المتكتم و كان سمسار العملية آن ذاك التاجر البريطاني "إستويب ألن " حيث استلمت إيران ثلاث شحنات الأولى استلمتها في  10-7- 1981 والثانية في 12-7-1981 والثالثة في 17-7-1981 وفي طريق العودة ضلت طريقها ثم أسقطت و في 28 آب 1981 أعلن ناطق رسمي باسم  الحكومة القبرصية في "نقوسيا " أن الطائرة الأرجنتينية من طراز (كنادير سي إل 44) رقم رحلتها ( 224 آى آر ) قد هبطت في 11 تموز 1981 في مطار "لارنكا " قادمة من تل ابيب و غادرته في اليوم ذاته إلى طهران حاملة 50 صندوق وزنها 6750 كيلوغرام و في 12 تموز حطت الطائرة نفسها في مطار لارنكا قادمة من طهران و غادرته في اليوم نفسه إلى إسرائيل يقودها الكابتن (كرديرو) و في 13 من نفس الشهر حطت الطائرة نفسها قادمة من تل ابيب وغادرته إلى طهران في اليوم نفسه يقوده الكابتن نفسه ,  و في مقابلة مع جريدة ( الهيرلد تريديون)  الأمريكية  في 24-8-1981 أعترف الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر أنه أحيط علماً بوجود هذه العلاقة بين إيران و إسرائيل و أنه لم يكن يستطيع أن يواجه التيار الديني هناك و الذي كان متورطاً في التنسيق و التعاون الإيراني الإسرائيلي و في 3 حزيران 1982 أعترف مناحيم  بيجن بأن إسرائيل كانت تمد إيران بالسلاح وعلل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي أسباب ذلك المد العسكري الإسرائيلي إلى إيران بأن من شأن ذلك إضعاف العراق ,
[2] .  نص محاضرة المحلل في المخابرات الأمريكية "ستيفين بيليتر" جامعة سان بونا فينجر  أوليان نيويورك – 29-1-2003
http://www.youtube.com/watch?v=H-rxlWnZsIY انظر تقرير الشبكة الليبرالية العربية وعن تقرير أرمي وود كوليدج عام 1990 أن اتهام العراق بضرب أهل حلبجة بالسلاح الكيماوي لا أساس له من الصحة
[3] . وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت المجموعة الإسرائيلية على لائحتها السوداء لأنها باعت في سبتمبر 2010 ناقلة بحرية لشركة الملاحة البحرية الإيرانية بقيمة 8,6 مليون دولار، في انتهاك للحظر الدولي المفروض على التجارة مع طهران بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل اضافة الى تقارير تؤكد أن 200 شركة إسرائيلية أجرت صفقات تجارية مع طهران .
[4] . مايكل نايتس , المجاميع الخاصة المرتبطة بإيران – معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ,‏ آذار‏/ 2011.



ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..