موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 13 أغسطس 2012

حرب الكاميرات السرية!

هي حرب من نوع جديد، بين حلفاء الأمس أعداء اليوم، والله وحده يعلم توصيف علاقاتهم في الغد ومابعده، حرب تُنذر بتحولٍ مهمٍ في صراعات سياسيي العراق المحتل، يتحدث عنها الدكتور مثنى عبدالله في مقاله الذي ننشره في أدناه.




العراق: حرب الكاميرات السرية بين شركاء العملية السياسية

مثنى عبدالله 
بعد أن كان الصراع بين الاخوة الاعداء المشاركين في العملية السياسية الجارية في العراق، مقتصراً على التهديـد بكشف ملفـات تآمـر بعضهم ضد بعض، وحجـم الجرائم والسرقات والفساد المالي الـذي يشتركون فيه، فإن التحول الخطير في مجريات هـذا الصراع حدث فـي بداية الشهر الجاري، عندمـا تم تسريب شريط فيديو الى بعض وسائل الاعلام ومواقع الكترونية، يوثّق حديث سابق دار بين نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي، كان الاخير يعرضُ فيه نتيجة لقاءاتـه بالمرجعيات الدينيـة فـي النجف، ورأيهم بالوضع السياسي وإستيائهم مـن إجراءات حكومـة نوري المالكي .
ولقد أدعت القوى المناهضـة للقائمة العراقيـة أن التسجيل تم العثور عليـه فـي مكتب طارق الهاشمي، أثناء عمليات المداهمة والتفتيش التي تمت بعد إتهامـه بإرتكاب أعمـال عنف، وأن الحديث يظهر إستخفافاً مقصوداً مـن قبل الرجلين بالمرجعيات الدينيـة، كمـا يكشف أن الهاشمي كـان يقـوم بعمليات تسجيل لأحاديث حلفائـه فـي القائمـة، كـي يمارس عمليـات الابتـزاز والتهديـد عليهم لتحقيق مصالحه، حسب ذلك الادعاء.
بدوره صرح الناطق بإسم حركة الوفاق التي يتزعمها علاوي، كما صدر بيان مـن إئتلاف العراقية أكدوا فيه على أن هذا التسريب قد قامت به أجهزة أمنية معروفة بهدف التسقيط السياسي .
وبعيـداً عـن التصريح والتصريح المُضاد الـذي صدر مـن الجانبين، فإن الحدث بحد ذاتـه يبين مستوى السلوك السياسي الذي يمارسه الجميع، ويظهر طبيعـة العلاقات التي تربطهم وإنحدار مستوى الثقـة بين بعضهم البعض الـى الدرك الاسفل، ممـا يجعل مستقبل العـراق في مهب الريـح بعد أن بات مصيرهُ في يـد قيادات تُضيّع وقتها وجهدهـا فـي التآمر والتحصين ضد التآمر المقابل .
قـد ينتاب الاحزاب السياسيـة وقـادة السلطـة فـي أي بلـد في العالـم، حالـة مـن عـدم اليقين بتصرفات هذا أو ذاك من الزعماء أو الشركاء أو حتى الاعضاء، ممـا يتطلب تعاملا خاصا مع الحالـة، وإجراءات قانونيـة مُعيّنـة للتحقق مـن الشكوك، لكن ذلك يبقى فـي نطاق الاستثناء، ولن يكون بأي حـال مـن الاحوال قاعـدة عامـة وسياق تعامل بين الطبقـة السياسيـة، لان تقـدم الشك كقاعـدة تعامل وتراجع اليقين الى موقـع الاستثناء، معناه إستثمار إمكانات أجهـزة الدولة والمجتمع لاغـراض إدارة الصراعات السياسية، وبالتالي ضياع الجهد والزمن الذين هما من حق الشعب والوطن فقط، وتعطل التنمية البشرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وتراجع حتى التراكم الانجازي الذي تحقق للشعب في أزمان سابقة، بعـد أن ينقطع التواصل ما بين أزمنة الانجازات ويتوقف التطور الحضاري.
كما أن إستقطاع جـزء مـن الجهد الوطني للاجهزة الامنيـة والاستخباراتية للدولـة، لمتابعـة عمليات الصراع السياسي وجمع أوراق ضغـط وإبتزاز ضد الشركاء في السلطة، إنمـا يعني إدخـال هــذه الاجهزة الى حلبـة السياسـة وهـي ليست ساحتها الرئيسيـة، وبالتالي تكـون عمليـة التحصين الوطني ضـد العـدو الخارجي ليست من أولوياتها بعد أن يصبح هدفا ثانويا.
ولقد تحقق كل ذلك في العراق بعد أن إنتهج زعماء العمليـة السياسيـة هـذا الاسلوب في التعامل فيمـا بينهم، فتعطلت التنميـة بكـل أشكالها بعد أن وضع كـل جهد الدولـة في خدمة الصراع السياسي، وتراجعت كل المنجزات التي تحققت منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى العام 2003 بعد أن توقف البناء الانجازي فوق الاسس التي بدأت في السابق، وإنحرفت العقيدة العسكرية والامنية عن أهدافها الاساسية بعد أن تغيرت خارطـة الاعـداء في ذهنية قادة السلطة تبعا لحواضنهم الاقليمية والدولية، فبات العدو الذي تعمل عليه هذه الاجهزة هو الشريك السياسي والطائفـة الاخـرى والقوميـة الأخرى، بل كـل من يعلن معارضتـه للنهج السياسي الـذي تسير عليـه السلطات الحاليـة فهو عـدو، وصولا الى محاربة حتى المواطنـة كفكـرة جامعـة يستظل بها المجتمع. وكل هذه العوامل هي مسارات حتمية تقود الى تفتيت الدولة والمجتمع ثم إندثارهما. 

يقينا أن كـل لاعب سياسي في المشهد العراقـي بات يجمـع بين يديـه أسـوأ أدوات التسقيط والتشهير والابتزاز والضغط، ويتصرف بها بناء على توقعاتـه بأن الاخـر سيتصرف بأسوأ ما يمكن، والسبب في ذلك هو لغرض الحصول على نقاط تفوق سياسي تجعله يستمر في التواجد في الساحة السياسية التي تدر عليه مزيدا من الاموال والامتيازات، ويشجع المراهنين الخارجين عليه برهان أكبر، بعد أن بات العراق بؤرة لعبـة دوليـة وإقليمية وورقـة إبتزاز في ملفات كثيرة فـي المنطقـة، لذلك أصبح مطلوبا فيه قـادة للايجار يؤدون خدمات لوجستية في دائرة هـذا الصراع، وتثبت الاحداث يومـا بعـد يوم بأن قادة العملية السياسية في العراق هم الأكفأ في إثارة إهتمام الاطراف الدولية والاقليمية بهم، من خلال رفع وتيرة الصراعات في البلد. 
ففي إطار هذا السيناريو يدخل موضوع الفيديو الذي نشر، وكذلك إعلان مقتدى الصدر عن هدفه النبيل من زيارة أربيل، ومسرحية الصدام المحتمل بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية، وكـل ماسبق ممـا سُمي أزمات سياسية بين الشركـاء على مـدى الاعوام التسعة المنصرمة.
لكن المفارقة الكبرى هـو أن الشركاء السياسيين باتوا يزرعون كاميرات فيديويـة لبعضهم البعض، بينمـا تعمـل الكاميرات السريـة ولاقطات الصوت التي زرعتها المخابـرات الامريكيـة فـي دورهـم ومكاتبهم ليل نهار، وتصوّر كـل تحركاتهم وتسجل كافـة أحاديثهم مـن خـلال أكبر محطـة مخابرات فـي العالـم، والتي لا تبعد سوى أمتار قليلة عن كـل مكاتب الحكومـة الرسمية ومقراتهـم السكنية، إضافـة الى جيوش مـن المخبرين السريين التابعين للاجهزة الامنيـة الامريكيـة والايرانيـة والصهيونيـة وغيرهـم، الذين يعملون فـي مكاتب المسؤولين العراقيين أو يتولون تأمين الحمايـة لهم، علمـا بأن كافـة قـادة وكوادر الكتل السياسيـة والاحزاب ورجـال دين السلطـة وشيوخ العشائر من أصدقاء الامريكان والحكومة، كانوا حتى وقت قريب يستخدمون الهواتف المحمولة التي تعمل ضمن منظومـة الجيش الامريكي في العراق، مما يعني أن الجميع لديـه ملفات فضائح وجرائم وسرقات ومؤامرات، جرى توثيقها وحفظها في أرشيف المخابرات المركزية الامريكية، مضافا الى ما سبق توثيقه عندما كانوا يعملون في المعارضة بتمويل وتدريب دولي واقليمي، مما يجعل الجميع عراة تماما ولا يمتلكون أيـة ورقـة ضغط يستطيعون التأثير بها على صانع القرار الدولي. 
إذن ليس هنالك أحد أحسن من الاخر.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.


هناك تعليق واحد:

Anonymous يقول...

حسنآ فعلو ويفعلون الا من حقهم يحمون نفسهم ..... هههههههههه

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..