لاتقربوها يادعاة الأقاليم..

 وإن عدتم عدنا : يا دعاة الأقاليم لا تقربوا ساحات الانتفاضة 

عمر الكبيسي

فيما يعيش العراقيون نشوة الانتفاضة الشعبية التي تشهدها محافظات العراق بوجه الظلم والفساد والتمييز الطائفي والدكتاتورية التي فجرتها الحشود بحجم نضيد مشهود وباستعراض سلمي منضود وبتنظيم غير معهود وبهدف وطني مقصود منذ ستة اسابيع والمستمر بتصعيد التحشيد والجهود الى يوم النصر الموعود حين يأذن بوعده الله الواحد المعبود ،

وفي مشهد تأريخي يستعيد العراقيون فيه  وحدتهم ويستعرضوا قوتهم ويظهروا شرعية حقوقهم ورقي سلميتهم ورصانة وطنيتهم وصدقية وعودهم بالاستمرار بالتظاهر والاعتصام امام العدو والصديق وأمام القاصي والداني ومن موقع القوة والالتحام بعد أن بلغ السيل الزبى من التعسف والتهميش وفي وقت تتعالى فيه الاصوات من أجل عراق شامل واحد متظاهر ومعتصم من اقصاه الى ادناه بلا مناطقية وبلا طائفية وبلا عرقية ، وبلا خجل وبلا خوف من الله وبلا أمانة ضمير او وقفة وجدان وبدون استحضار للتاريخ ولأبسط مبادئ الاعتصام بحبل الله المتين والنهي عن التفرق والاختلاف ، وعلى غير استحياء من الله ومن عباده في هذا الظرف الدقيق من متطلبات رفع الهمة لكشف الغمة من عراق الأمة ، عادت الى الأجواء اصوات الغربان والصبيان من سقطات العملية السياسية الاحتلالية الخائبة ومخلفاتها التافهة والفاشلة مع من اصطف معها من المرتدين من ساحات المقاومة الباسلة والمغرر بهم بوعود التنصيب والترغيب لدور حسبوه قادم !

 نعم عادت اصوات تنادي بالإقليم السني وبالفدرالية والتقسيم الذي ينم عن ضعف وهزيمة لا قوة ولا عزيمة في وقت يشهد الله فيه الملايين من أهل السنة وشبابهم في ساحات العز والصمود انهم خرجوا لنصرة العراق الواحد ولحقوق العراقيين جميعا لأن العراقيين اليوم وحدتهم النكبة والمحنة التي الحقتها بهم العملية السياسية الخائبة ودستورها البائس .

يا دعاة الأقاليم والفدرالية بالأمس قلنا لكم (وإن عدتم عدنا) وها انتم تعودون تنفيذا لأجندات الطائفية والصهيونية والمخططات الأمريكية التي كشفوها وصرحوا بها جهاراَ نهاراَ مصمموها وتوقيتا مع انتفاضة وحراك شعبنا المنكوب تحاولون إخمادها وتفتيتها كما فعلتم من قبل عام ، نعود اليكم لنقول : إنكم هذا العام ستخسرون إن شاء الله لأن للعراق الواحد قدسية لا تدركون معانيها وقيمها بعد أن صدأت عندكم المقدسات والقيم بفعل المال الحرام والمنصب والجاه الزائل والأوهام !.

إن كنتم ساسة شركاء في العملية السياسة القائمة ، فها انتم وقفتم وأعلنتم فشلكم وعدم قدرتكم على التغيير امام الساحات ومن على منصات المتظاهرين ولأن البديل عنكم هذه المرة هي ملايين العراقيين المعتصمين ، اتركوها لهم وكفاكم الله شرها ، ولتكن إطلالة هذا الحراك الواسع خير فرصة للشرفاء والنابهين منكم للخلاص مما علق بكم من دنس مشاركتكم في هذه العملية السياسية بالخروج منها جملة وتفصيلاَ ولتقفوا وقفة الشرف مع شعبكم وإلا فحالكم ليس احسن حالا من غيركم والذين يتظاهر الشعب اليوم لإسقاطهم .

وإن كنتم دعاة شرع ودين فهذه فتاوى مراجع الفقه والشرع فيكم وهم علية القوم، هذه فتاوى الشيوخ عبدالكريم زيدان وعبدالملك السعدي واحمد الطه وهيئة علماء المسلمين الذين افتوا بكل صراحة ووضوح بحرمة الاقاليم والفدرالية ، أليس هؤلاء العلماء هم من كانوا لكم موجهين ومدرسين ومفتين؟ .

وإن كنتم شيوخ عشائر وقبائل فاعلموا ان آباءكم وأجدادكم ثاروا مع الثائرين واستمعوا لأهل الشرع والدين نجدة للأوطان وتمسكا بالأديان لدرء الفتنة ولم الكلمة والشمل وكبح جماح التشظي وسفك الدماء . ماذا سيمنحكم الاقليم غير الصراع فيما بينكم من جديد على الثروة والإمارة ومع جاركم على الكلأ والماء والأرض ؟

 في ذات الوقت نكبر لذي كل موقف شريف منكم وقفته ولكل من صوَّب طريقه وغيَّر موقفه من قضية الاقاليم وخطيئتها وساهم فى اسناد الحراك الشعبي والتظاهرات والاعتصامات ونحسب موقفه هذا في عداد صالح الاعمال والذكر الخالد والشرف الرفيع .

 اننا اليوم في  مرحلة انتفاضة شعبية واسعة تتطلب  الوضوح في الرؤى والمواقف، فالحراك الشعبي حراك سلمي ووحدوي واضح الأهداف، أما التهديد بالحرب الأهلية فهو منطق السلطة  وحزب الدعوة والمالكي ومن يقف خلفه لفرض الدكتاتورية وحكم الحزب الواحد ، وهو  سلاح تهديدي  تستخدمه السلطة والمالكي للعبور الى الديكتاتورية  أو التقسيم  وكلاهما  خطر على الشعب والأمة وليست ولن تكون خيارته يوماً .

اعتراض شركاء العملية السياسية على فتاوى حرمة الفدرالية  ليس بغريب لأن الدستور الذي يحكمهم تقسيمي  وفدرالي وفتاوى العلماء  توجب تغييره ، والحزب الاسلامي العراقي هو حزب سلطة وهو الذي أقر الدستور الذي سام البلاد والعباد العذاب والويلات ،  والحراك الشعبي والتظاهرات تطالب اليوم بتغيير هذا الدستور،  ماذا يعني ركوب الحزب الاسلامي وأشخاص اخرين ليس لديهم من العلم الشرعي عشر معشار ما عند من اصدروا الفتاوى لتحريم الدعوة الى إشهار خطاب الأقاليم وهم يعترضون على فتاوى تحريمها التي أطلقها علماؤنا الأطهار؟

إن دماء العراقيين وأرواح شهدائهم في ساحات المقاومة بالأمس او في ساحات العزة والكرامة في الفلوجة اليوم او في اي ساحة من ساحات العراق المتظاهرة والمعتصمة، غدا، هي ثمن للكرامة والعزة والوحدة والعيش الكريم وليست ثمنا للتقسيم والفدرلة  والحرب الأهلية كما يلوح بها المالكي وسلطته ومن يصطف معه .

إن ساحات العزة والكرامة والتظاهر والاعتصام هي أنبل وأشرف من أن يعتلي منصاتها دعاة الاقاليم والتقسيم، فحذاري حذاري يا شباب العراق ويا علماؤه ويا حكماؤه ويا شيوخه ويا ساسته  ويا رموز العزة والكرامة في ساحات الاعتصام ، حذاري من دعاة الأقاليم وطهروا ساحاتكم منهم مهما كانت توجهاتهم ومسمياتهم وأساليب طروحاتهم.

ان عناد السلطة على عدم الاستجابة لمطالب الجماهير المنتفضة يجب ان يتزامن مع الإصرار على إسقاطها ، ولا يمكن ان يكون مبررا لطرح مشروع الإقليم الذي يشكل جوهر أجندة السلطة والاحتلال الذي نصبها بدستوره الخائب.

خطيئة دعاة الإقليم اليوم تفوق في مخاطرها تجاوزات السلطة الغاشمة  وعودة دعاة الأقاليم اليوم لإختراق أهداف الانتفاضة في هذه المرحلة الحاسمة مكيدة وخبث وفتنة، هؤلاء هم  الذين وأدوا هذه الانتفاضة عام 2011 عندما كلفوا بذلك ، وهم يكررون اليوم لعبتهم الخبيثة ، كفى الله العراق من  شرورههم ، ولتكن وحدة العراق ركيزة مقدسة وثابتا وطنيا في كل ساحات العزة والكرامة في عراقنا الحبيب .