وجهات نظر
صلاح المختار
مابين الحق والباطل ٤ أصابع، الحق أن تقول مارأيت، والباطل أن تقول ما سمعت.
الإمام علي، رضي الله عنه
في مصر وامريكا هناك اعترافات كثيرة حصلت بعد الحرب مباشرة بانها كانت حربا مدبرة، اما الشريك الثالث في لعبة الامم هذه وهي اسرائيل التي بدت كأنها صدمت بحرب وقعت على غير توقع في (يوم الغفران) اليهودي ، فان مرور 40 عاما قد كشف ما كانت تخفيه حرصا على عدم اثارة الرأي العام فيها ، فاذا ثبت ان قادة في اسرائيل قبل وقوع الحرب كانوا يعرفون بانها ستقع ومع ذلك تجاهلوها سوف يرسلون للجحيم لانهم سفكوا دماء يهود مع سبق الاصرار من اجل حل سياسي لازمة الصراع العربي الصهيوني .
لذلك كانت اسرائيل اخر الثالوث تعترف بالحقيقة حتى ولو بصورة غير رسمية ، وهي انه كانت ثمة مؤامرة تقوم على الاعتراف باسرائيل بعد حصول حرب توفر تغطية (استسلام واقعي ) بيد السادات وشريكه في الخيانة العظمى حافظ اسد بحجة فشل كل محاولات تحرير فلسطين والارض المصرية والسورية بالقوة ، فيصبح ذلك ممهدا لطرح فكرة انه لا مفر من السلام مع اسرائيل من جهة ، ولتأهيل السادات واسد وطنيا لمواجهة رد الفعل العربي الرافض للاعتراف باسرائيل فمن قاتل اسرائيل فوق التشكيك وهو رمز للمواجهة والمقاومة ...الخ من جهة ثانية .
نعم اعترفت اسرائيل بانها كانت حربا مدبرة فعززت المعلومات والاعترافات المصرية والامريكية بهذا الشأن ، وفيما يلي اهم تلك الاعترافات الاسرائيلية : فطبقا لوكالات الانباء والفضائيات والصحف ومنها (شبكة المصراوي ) يوم 3-10-2011 فان القنوات الإسرائيلية بثت فيلماً وثائقياً بعنوان "من الذى قتل أبانا" وهذا الفيلم يؤكد أن حرب أكتوبر 1973 ماهى الا خطة مدبرة مسبقاً بالاتفاق بين واشنطن وتل أبيب والقاهرة ، ويقول المؤرخ الاسرائيلي اوري ميلشتاين وهو أحد الذين شاركوا فى إعداد الفيلم أن الفيلم يتناول قصة اغتيال الملحق الجوي العسكري في الولايات المتحدة الامريكية جوالون لأنه اكتشف الخطة المدبرة والتى هى عبارة عن إعطاء الفرصة لمصر لتحقق نصراً صغيراً على إسرائيل عبر عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف والسيطرة على بعض نقاط الدفاع الإسرائيلى فى الضفة الأخرى وعندما اكتشف جوالون ذلك قامت قوات الموساد الإسرائيلى بتصفيته فى أمريكا لكى تظل الخطة سراً كما يقولون ...
وكتب موقع جيئولا الصهيونى عن ذلك الفيلم موضحاً أن الخطة كان الهدف منها إحلال أمريكا بدلاً من الاتحاد السوفييتى فى المنطقة وتم عمل اتفاقية بين تل ابيب وامريكا مع القاهرة على ان تترك اسرائيل مصر تحقق نصراً محدوداً عليها ثم تحاول اسرائيل غزو مصر فتتدخل الولايات المتحدة لفض النزاع بين الطرفين . فماذا نرى في الاعتراف ؟ نرى حقيقتين الاولى ان الهدف الاول الاعتراف باسرائيل والثاني احلال امريكا محل الاتحاد السوفيتي في المنطقة انطلاقا من مصر . لذلك كان لابد من من منح السادات نصرا جزئيا كي يستخدمه غطاء لخيانته العظمى والتي ستقدم لاسرائيل وامريكا مكاسب ستراتيجية عظمى لم يسبق لها مثيل ابدا .
وتحت عنوان - (نوبة جنون جديدة) إسرائيل: حرب أكتوبر مسرحية خرجت عن السيطرة - نشرت جريدة المصري اليوم ١٤/ ٩/ ٢٠١٣ تقريرا قالت فيه : رغم مرور ٤٠ عاماً على ....حرب أكتوبر ١٩٧٣، لا يصدق الإسرائيليون هزيمتهم، وفى محاولة منهم للتخلص من مرارة ...الهزيمة، لجأ بعضهم لنظرية المؤامرة، زاعمين أن كل ما حدث كان: «مسرحية»، متفق عليها مسبقاً بين القاهرة وتل أبيب، وواشنطن. وشاركت القناة العاشرة بالتليفزيون الرسمى، باحثون إسرائيليون سعوا لترويج نظرية المؤامرة، لتبرير هزيمة تل أبيب فى حرب أكتوبر، زاعمين أنها كانت «مسرحية»، تم الاتفاق عليها مسبقاً آنذاك بين أنور السادات، ووزير الخارجية الأمريكى، هنرى كسينجر، ووزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه ديان، مضيفين أن المسرحية خرجت عن سيطرة مخرجيها الثلاثة. وعبر سفير إسرائيل السابق بالقاهرة، إسحاق ليفانون، عن دعمه لنظرية«المسرحية»، قائلا: «السادات كان يرغب فى تحقيق هدفين، استعادة سيناء والتقرب من الغرب، وخطته كانت سياسية أكثر من كونها عسكرية». وتابع: «ديان كان يسعى لسلام مع مصر، بينما السادات رفض خوض المفاوضات من موقع الخاسر، هكذا اتفقا على (مواجهة محدودة)، يعبر فيها المصريون قناة السويس، ثم يعودون للضفة الغربية للقناة، مع معارك محدودة يسقط فيها بضع مئات القتلى من الجانبين، ثم يتوجه الجانبان إلى السلام». ويواصل ليفانون: «هنرى كسينجر تعهد بتوفير مظلة لتلك الخطة، لضمان عدم إصدار رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير، أوامر بشن ضربة وقائية على القوات المصرية قبل اندلاع الحرب، أو استدعاء مبكر لقوات الاحتياط الإسرائيلية». ويبرر أنصار هذه الرواية بـ«استحالة تصديق حجم الفشل الذريع الذى سقطت فيه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية خلال الحرب. مستشهدين بأن تحقيقات لجنة (أجرانات)، التى حققت مع قادة تل أبيب فى أسباب الهزيمة، كشفت أن الجيش الإسرائيلى كان على علم بالاستعدادات العسكرية لمصر وسوريا، ولكنه لم يعرها اهتماما وقلل من خطورتها» !!!! ( تعليقنا لاحظوا ان التبرير ذاته قاله تقرير المخابرات الامريكية : علموا بالاستعداد للحرب لكنهم قللوا من خطورة المعلومات !!! هل يقول هذا الكلام ساذج ام متساذج ؟ ) وتواصل الصحيفة المصرية قائلة : وقال أحد باحثى نظرية «المسرحية»، الدكتور أورى ميلشتاين، إن هناك وثائق تثبت أن سفير الاتحاد السوفيتى لدى مصر، حينئذ، فلاديمير فينوجاردوف، كان على علم مسبق بهذا الاتفاق. ويربط مروجو نظرية «المسرحية»، بين مزاعمهم وبين مقتل الملحق العسكرى الجوى بسفارة تل أبيب فى واشنطن، جو آلون، فى ١ يوليو ١٩٧٣، عند باب بيته فى ميريلاند. وأنه تم إغلاق ملف القضية، دون التوصل إلى القاتل، وأن موشيه ديان قال لضابط إسرائيلى رفيع المستوى أن «آلون» قتله «إرهابيون فلسطينيون»، رغم أنه لم تعلن أى منظمة فلسطينية مسؤوليتها عن اغتياله. ويواصل مبتكرو نظرية المسرحية: هناك ما قاله يعقوب أجاسى، الضابط رفيع المستوى بسلاح الجو الإسرائيلى، وكان صديقا مقربا من جو آلون، فى فيلم تسجيلى أنتجته بنات آلون عن مقتله، من أن عيزر فايتسمان، قائد القوات الجوية وقتها، أخبر آلون سرا خطيرا وقال له: «إذا فتحت فمك، سيباع شعب إسرائيل فى الأسواق». وتقول نظرية المؤامرة الإسرائيلية: «آلون عرف معلومة لم يكن ينبغى أن يعرفها، وأنها كانت مرتبطة بحرب أكتوبر التى اندلعت بعد ذلك بـ٣ شهور من قتله». اذن نخبة اسرائيلية ، من بينها غولدا مائير وموشي دايان ووايزمان وغيرهم ، كانت متورطة حتى الاذنين في خطة تدبير حرب تحريك وضعتها نخبة امريكية بأشراف هنري كيسنجر رغم انها كلفت اسرائيل بضعة مئات من القتلى وشككت بقدرة جيشها الذي كان حتى تلك الحرب يوصف بانه ( لا يقهر ) ! لماذا ؟ الجواب هو قاعدة فلسفة كل من يفكر بعيدا ويخطط لزمن طويل : التضحية بالقليل مقابل الحصول على الكثير ، فمن اجل الحل النهائي للصراع العربي الصهيوني لابد من تقديم ثمن بخس اذا قورن باستمرار الصراع بكل ما يحمله من خسائر اسرائيلية بالبشر والمال وبصورة دورية . ربما يعترض البعض ويقول هل يمكن لاسرائيل ان تضحي بالمئات من جنودها من اجل حرب تحريك ؟ الجواب نعم فتاريخ الحركة الصهيونية ملغوم بهذا الاستعداد ، فمن بين المعلومات الدقيقة والتي تم اثباتها ما يلي : 1 – الصهيونية تطلب قتل يهود المانيا : قبل الحرب العالمية الثانية كان هتلر في امس الحاجة لتمويل مشاريع حربية ضخمة لانه لم يكن يملك المال فتعطلت تلك المشاريع ، لكنه فوجئ بعرض يقدم له من صهاينة المانيا بتقديم المال الذي يحتاجه هتلر لتمويل مشاريعه العسكرية ! وعندما طلب منهم الذي يريدونه مقابل ذلك قالوا له نريد منك اضطهاد اليهود الالمان لاجل اجبارهم على الهجرة الى فلسطين . هذه معلومة حقيقية كانت نتيجتها قتل يهود المان كثر ضحت بهم الصهيونية . 2 – الصهيونية تقتل يهود عراقيين : بعد قيام اسرائيل ورفض يهود العراق الهجرة اليها حصلت تفجيرات في كنيس يهودي في بغداد مع توزيع مناشير تهدد اليهود بالقتل اذا لم يهاجروا الى فلسطين . ولكن ماذا تبين فيما بعد ؟ اكدت التحقيقات التي اجرتها الاجهزة الامنية العراقية بان من قام بمهاجمة الكنيس اليهودي بالقنابل هم يهود صهاينة عراقيين ! واعترفوا بان الهدف هو اجبار اليهود على الهجرة الى فلسطين . وبالفعل حصلت تلك الهجرة رغم انف اغلب يهود العراق . فالهدف الاسمى هو تعزيز اسرائيل بالسكان وبدون السكان سوف ينهار المشروع الصهيوني لان عمادا الكيان الصهيوني هما الهجرة اليهودية الى فلسطين والدعم المالي الخارجي . اذا ربطنا كل تلك المعلومات التي وردت في هذا التحليل فاننا امام حقيقة لا ينكرها الا مهوس فقد قدرته على الفهم السليم لان الوقائع ثابتة وتؤكدها ادلة اكثر من كافية ، والمثل العربي الذي يقول ( ان الامور بخواتيمها ) ، لذلك فواجبنا هو تدقيق الخواتيم لنعرف كم ان بعضنا ساذج وغر عندما يتصور ان الامريكي والاسرائيلي والايراني مثله لا يفكر الا عندما (يجوع ) فيجبر على اكل ما يجده حتى لو كان طعاما نتنا ، كما فعل السادات واسد وامثالهما من عرب الانتهازية والخيانة ، بينما هؤلاء الثلاثة ( امريكا واسرائيل وايران ) يفكرون قبل (الجوع) بمواسم طويلة لاجل توفير (الغذاء) لقرون وليس لعقود ، لذلك يكون (غذائهم) صحيا وله مذاق ممتاز . سلة (غذاء) اسرائيل كان احتلال فلسطين وحصولها على غنيمة العمر كله والاعتراف بها من قبل اكبر دولة عربية ، بينما سلة غذاء امريكا هي الحصول على مكاسب ستراتيجية عظمى كثيرة بثمن بخس من وراء حرب اكتوبر منها فرض سيطرتها على مصر والكثير من الاقطار العربية وطرد السوفييت وكان وجودهم اهم عقبات الانتشار الامريكي الحر . لندخل في بعض دلالات ونتائج تلك الحرب : ماذا حققت حرب اكتوبر لامريكا واسرائيل ؟ فيما يلي بعضا مما حققته امريكا واسرائيل بفضل حرب التحريك.. يتبع.. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق