وجهات نظر
مثنى حارث الضاري
يبدو أن بعضهم مازال يبحث عن هوية ما لـ (أهل السنة) في (قمرستان) بعد أن أسهموا في تغييب هذه الهوية ومحاولة إعادة تركيب الموقف (السني) الموحَّد من الاحتلال تركيبا جديدا يتيح لهم التفلت من كثير من مستلزمات هذا الموقف الصعبة ومتطلباته. وبعد أن كان شعور (العيب) موجها نحو أطراف وجهات بسبب اتخاذها موقفاً سلبياً من مقاومة الاحتلال، فإذا بنا نضيع ملامح الهوية المميزة التي بدأت بالتشكّل لـ (السنة) بفضل مقاومة الاحتلال ومناهضته منذ عام 2003.
وهكذا نرجع القهقرى بعد سنوات لنتشبَّث بـ (مرجعية سنية) غائمة عائمة تفتقد لأدنى درجات النضج اللازم لبناء الهوية بعد إضاعة الموقف التاريخي المقاوم واستبداله بموقف مهادن (صحوة + عملية سياسية مع قابلية استعمار مذلة + رضى بنسبة سكانية أقلية + تملق غير مجدي لجهات سياسية بحجة الاشتراك في المذهب) فضلاً عن التضحية بالبعد الوطني الذي يتميزون به بحكم كونه صفة لازمة لهم وتأريخاً لا يمكن الفكاك منه بعبارات توهين أو شعارات استخفاف هنا أو هناك، أو عدِّه (صنماً) من أجل التوهين منه والقبول بخيار (الفيدرالية) تحت ذريعة حفظ الهوية التي لم تبدو معالمها وأسسها العلمية والفكرية حتى اللحظة.
وعلى سبيل التنازل والفرض والقبول بذلك، فيا ترى على أي فهم من أفهام التيارات الفكرية الإسلامية الموجودة في الساحة ستكون هذه الهوية فضلاً عن التيارات العلمانية؟ أم تراها ستكتفي بالفهم المجتمعي البسيط الباحث عن هوية (الرغيف+ الأمن) التي فشل السياسيون ودعاة (المحافظة على أهلنا) في توفيرهما بعد أن كان الناس ينعمون بهما قبيل عام 2006 بفضل طاعة الله المتمثلة في انتهاج الخيار المقاوم.
وإذا كانت جهات ومكونات معلومة تبحث عن الهوية وتهتم بها، فإنه من المستغرب أن يُضحّي بعض منظري (الهوية السنية) بذاكرتهم التاريخية القريبة فضلاً عن البعيدة- بغداد مثلاً- ويكتفون بالحديث عنها بلا طائل حقيقي ويضيعون في متاهة البحث عن (الإقليم) بالطرق الدستورية خشية وقوع الحرب الأهلية، فنراهم يناقضون أنفسهم فيصفون من يدعون أنهم عدوهم بالأهل؟!
فيا ترى أين هي (العقول الناضجة) عن هذه المغالطة العجيبة، التي استمرأ من يمارسها التدليس ودفن القلوب بعد الرؤوس في الرمال خشية مخالفة التعليمات الحزبية الضيقة، ومراعاة لضرورات تغطية الفشل السياسي الذريع على مدى سنين من المشاركة بل التحالف مع (الطائفيين) في عملية سياسية تقوم في أبسط مقوماتها، على الإقصاء الطائفي الذي يستخدمه بعضهم يومياً كذريعة في التحشيد السياسي وفقاً لمصالح حزبية ضيقة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق