وجهات نظر
طارق الحميد
في غمرة الحديث عن المفاوضات الإيرانية - الغربية، وتحديدا الأميركية، نقلت وسائل الإعلام عزم إدارة الرئيس أوباما رفع الحظر عن بعض الأصول الإيرانية المجمدة في واشنطن لإظهار حسن النيات، وبفعل ذلك تكون إدارة أوباما بمثابة المنقذ لحزب الله، وكل عملاء إيران بالمنطقة! وهنا قد يقول قائل:
كيف يكون ذلك؟
كيف يكون ذلك؟
قبل أيام تسنى لي الجلوس مع مسؤول عربي رفيع المستوى خارج لندن، وتحدثنا عن المفاوضات الإيرانية - الغربية، وقال لي المسؤول العربي إن الهدف الإيراني من الخطاب الجديد «المنفتح»، والتفاوض مع الغرب، وتحديدا مع أميركا، ليس إيقاف البرنامج النووي الإيراني وإنما تخفيف الأضرار الاقتصادية على إيران من العقوبات الغربية. ويقول المسؤول العربي إن الإيرانيين لا يخفون ذلك، حيث يتحدثون عن ضرورة أن تكون المفاوضات مع الغرب محددة بإطار زمني يضمن التوصل لحلول في فترة من ثلاثة أشهر إلى سنة، وذلك لأن نظام طهران يريد أن ينعكس ذلك على الاقتصاد الإيراني الذي بات يحقق قفزات بناء على تفاؤل الأسواق بالأخبار السياسية الأخيرة من اتصال أوباما الهاتفي بروحاني، وحتى اجتماع جنيف الأخير.
ويقول المسؤول العربي إن حجم الضرر الإيراني من العقوبات الاقتصادية، وتحديدا الأميركية، لا يتضح في الداخل الإيراني فحسب، بل وفي المنطقة. ويضرب مثالا على ذلك بقوله إنه «في عام 2012 صدر لبنان ثلاثة مليارات من الذهب»! حيث يقول المسؤول العربي الرفيع المستوى إن حزب الله بات يستورد الذهب من إيران بدلا من النقد بسبب أزمة إيران الاقتصادية، مضيفا: «من أين يمكن للبنان تصدير ثلاثة مليارات من الذهب»؟! ويقول المسؤول إن بمقدور إدارة أوباما رصد ذلك جيدا، حيث لم يعد بمقدور النظام الإيراني المنهك اقتصاديا تزويد حليفه بالمنطقة حزب الله بالنقود حتى وهو في حالة حرب دفاعا عن نظام بشار الأسد.
والغريب بعد كل ذلك أن يقال إن إدارة أوباما، وبكل سذاجة سياسية، تنوي رفع الحظر المفروض على الأصول الإيرانية المجمدة بواشنطن لإظهار حسن النيات تجاه طهران، ومن دون ضمانات حقيقية لإيقاف طهران تخصيبها لليورانيوم الذي يخولها الوصول إلى إنتاج القنبلة النووية مما من شأنه تغيير كل قواعد اللعبة بالمنطقة، وهناك دلالات كثيرة على ذلك، سواء من قبل تركيا أو السعودية، وحتى ما يجري في مصر، وهذه قصة تحتاج إلى مقال آخر بالطبع! فهل يعقل أن تقوم إدارة الرئيس أوباما بتسهيل مهمة حزب الله، بل وإنقاذه، ومنح إيران ما تريده بأسعار باهظة، بينما بإمكانها، أي إدارة أوباما، الانتظار أكثر لتفعل العقوبات الاقتصادية ما هو مأمول منها بحق إيران، وبالتالي بإمكان أميركا شراء ما تريد من إيران بأبخس الأثمان، وضمان وقف نشاط تخصيب اليورانيوم، وتعطيل وصول طهران للسلاح النووي؟
ولذا، فإن السؤال هنا هو: هل يريد أوباما إنقاذ الاقتصاد الأميركي أم إنقاذ الاقتصاد الإيراني، وحزب الله؟ يا لها من سذاجة سياسية!
ملاحظة:
نشر المقال هنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق