موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

حرب أكتوبر: ما هي صلة خميني بالسادات وأسد والزمر؟ 6 الختام

وجهات نظر
صلاح المختار
مابين الحق والباطل ٤ أصابع، الحق أن تقول مارأيت، والباطل أن تقول ما سمعت.
الإمام علي، رضي الله عنه
فيما يلي بعضا مما حققته امريكا واسرائيل من مكاسب ستراتيجية كبرى بفضل حرب اكتوبر وهي مكاسب تمت على حساب مصر والامة العربية كما ترون:



1 – عطلت دور مصر في الصراع العربي الصهيوني: ان اخطر ما ترتب على حرب اكتوبر كان (تحييد) مصر في الصراع الرئيس في الوطن العربي لعدة عقود زخرت بالمآسي والكوارث، لان مصر اكبر قطر عربي سكانا وموقعها في وسط الوطن العربي يربط المشرق بالمغرب وعندما نجح السادات في ايقاف صراعها مع الصهاينة فانه وجه ضربة شديدة الايجاع للقضية العربية. ولذلك فان تحييد مصر لم يكن تحييدا بالمعنى الحرفي للكلمة بل كان ضربة ستراتيجية مدمرة للامة لانها فقدت قوتها الاكبر فلم تعد كلمة تحييد تصلح لوصف ما جرى.
2 -  تقليص حجم الصراع : وابرز مظاهر تلك النتيجة بروز تسمية جديدة وبديلة للصراع فقد احل الاعلام تسمية اخرى وهي الصراع  الاسرائيلي الفلسطيني وليس الصراع العربي الصهيوني في اشارة واضحة الى تقليص القوى العربية التي تواجه الكيان الصهيوني ومحاولة عزل القضية الفلسطينية عن اطارها القومي تمهيدا لتطبيع العلاقات مع الاقطار العربية لاجل جعل الصراع محصورا في فلسطين وابناءها مع انها تشكل بالمعايير الكمية وليس النوعية جزء صغيرا من الامة !
وكان ذلك مقدمة لتصفية القضية على اعتبار ان مصدر ديمومتها الاقوى هو عروبة فلسطين المتجسدة في التسمية ذاتها فقد كان صراعا عربيا صهيونيا وليس صراعا فلسطينيا اسرائيليا ، فاذا جردت فلسطين من مصدر قوتها الرئيس وهو عروبتها تسهل عملية احتواء من يمثلها لاحقا ، وهذا بالضبط ما حدث فعلا ، فقد تم احتواء منظمة التحرير وفتح اولا ثم تم احتواء حماس لاحقا ووصل الامر الى مرحلة التشرذم الفلسطيني المتمثل في حكومتين تتنازعان الحكم احداهما في غزة والثانية في الضفة مع ان كلاهما تحت الاحتلال الصهيوني المباشر ! فهل يوجد تفريط بقضية فلسطين اخطر من هذا ؟
3 – مصر المحايدة : ولم يقتصر الخطر على انهاء الدور المصري في الصراع المستمر  حتى الان بل ان حرب اكتوبر ومفاعيلها ادت عمليا الى ان تصبح مصر محايدة بين العرب واسرائيل ! ففي اطار التزام النظام في مصر بنصوص اتفاقية كامب ديفيد فان مصر استلمت سيناء بدون السيادة عليها لانها جردتها من السلاح ومنعت مصر من اعادة تسليحها او التصرف الحر فيها ، كما ان دور مصر العربي انتهى فتخلى السادات ومبارك عن اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتي تتناقض جذريا مع اتفاقيتي كامب ديفيد اللتان تمنعان مصر من القيام باي عمل عدائي ضد اسرائيل مهما قامت بعدوانات ضد عرب اخرين ، فحققت اسرائيل اكبر مكاسبها وهو تحييد مصر في الصراع العربي الصهيوني والالتفات نحو تصفية مراكز القوة العربية خصوصا العراق ، وكان من ركز على تصفية العراق هم نفس الشركاء : اسرائيل وامريكا وايران .
4 – اخراج جيش مصر من المعركة القومية : حول الجيش المصري من العقيدة الشرقية الى العقيدة الغربية مع كل ما ادى اليه ذلك من اعتماد مصر الكامل في تسليحها وتدريبها على السلاح الامريكي والمساعدات العسكرية الامريكية والتي تعني امرا واحدا : استحالة خوض مصر حرب حقيقية مع اسرائيل بهذه العقيدة وذاك التسليح اذ يكفي ان تقوم امريكا بقطع الامدادات العسكرية عن مصر لتخسر الحرب ، ولذلك فان تغيير العقيدة والتسليح المصري كان من ابرز ضمانات كامب ديفيد التي تمنع مصر من تشكيل خطر على اسرائيل من جهة ، وتحول جيش مصر الى احتياطي امريكي تستخدمه عند الحاجة مثلما حصل في العدوان الثلاثيني في عام 1991 عندما شارك الجيش المصري في الحرب ضد العراق تحت القيادة الامريكية من جهة ثانية .
5 – تشرذم العرب : زرعت حرب اكتوبر الانقسام الحاد بين العرب حكاما ونخبا حول صواب او عدم صواب نهج الاستسلام فقد ادت زيارة القدس الى اكبر واخطر انقسام في صفوف العرب وهذا انجاز كبير لصالح اسرائيل وامريكا .
6- طرحت الخيانة كوجهة نظر  : حولت مقدسات العرب ومنها ما كان يعد خيانة قومية الى اجتهاد مقبول مثل الرفض المطلق للتفاوض مع اسرائيل او التطبيع معها او الاعتراف بها وكانت لاءات قمة الخرطوم تجسيد لتلك المقدسات العربية ، لكن الزيارة والاعتراف الساداتي فتح الباب لعرب اخرين للاعتراف والتفاوض والصلح مع اسرائيل وبرر البعض التوجه الساداتي بانه تعبير عن وجهة نظر وليس خيانة قومية كبرى وتلك كانت سابقة رأينا ثمراتها الاكثر مرارة في العراق المحتل وما بعده حينما اصبح التعاون مع عدو الامة التقليدي وجهة نظر والخيانة صارت اجتهادا !
7- التطبيع مع اسرائيل عربيا : زرعت حرب اكتوبر الوجود الامريكي والاسرائيلي في الاقطار العربية التي لم يكن فيها هذا الوجود ، فالتفاوض والاعتراف فتح كل الابواب امام تعاون مخابراتي واقتصادي وسياسي وتبادل زيارت وتصدير سلع الخ بين عرب واسرائيل ، كذلك فان امريكا حققت الكثير من اهدافها وابرزها التغلغل اكثر في الاقطار العربية اقتصاديا وامنيا وعسكريا ومحاصرة الانظمة التي ترفض السياسات الامريكية والاسرائيلية .
8 - اخراج السوفييت : مهدت لطرد السوفييت فانكشف العرب تماما امام الغرب والصهيونية وامريكا لان السوفييت شعروا بانهم ورغم كل دعمهم للعرب فانهم تعرضوا للغدر والخيانة من قبل السادات ، وهكذا فان الطرف الدولي الذي كان يساند العرب ومهما كانت طبيعة تلك المساندة ، اندثر !
هذه بعض اهم المكاسب التي حصلت عليها اسرائيل وامريكا نتيجة لحرب اكتوبر بينما لم تحصل مصر والامة العربية على غير التمزق وخسارة مصالح ستراتيجية واراض عربية وسيادة واستقلال اقتصادي ...الخ . 
هل تستطيع المشي بخطوة واحدة ؟ ثمة بديهيات يعرفها الطفل الصغير ومنها انه لا يستيطع المشي الا اذا خطا عدة خطوات لان الخطوة الواحدة ليس مشيا للامام ، وهذا بالضبط ما يجهله كثيرون لانه حالة طبيعية تكوينية في البشر ، ونحن الان بمواجهة من يريد المشي بخطوة واحدة فهل هذا ممكن ؟ خطوة السادات كانت خطوة واحدة في مشية طويلة ولذلك كان حتميا ان نرى خطوات اخرى تعقبها ، فماذا راينا بعد خطوة السادات ؟ اذا كان هناك من يعتقد حتى الان بان ماقام به انور السادات كان مبادرة ذاتية ساداتية منفردة ولا صلة لها بما حصل قبلها ولا بما جاء بعدها فهو اما ساذج وفي هذه الحالة عليه الابتعاد عن السياسة العربية لانه جاهل والسياسة عندنا تعني العلم والمعرفة الدقيقة بما يجري والاهتمام بالمسارات الخفية له والقدرة على اكتشافها وكشفها للرأي العام ، او انه متساذج يتظاهر بانه لا يفهم ترابط الاحداث وتتابعها في نسق متكامل ولذلك فان المتساذج يخدم اهداف نفس الخطة التي تورط السادات في خدمتها .
ما حصل من احداث منذ عقود يقع ضمن عملية تتابع وترابط خطوات عضوية لا يجوز اغفالها ابدا اذا كنا نريد الحقيقة كاملة : فبعد الموت المفاجئ للرئيس ناصر وزيارة السادات للقدس والاعتراف باسرائيل وفقا لاتفاقيتي كامب ديفيد اللتان وقعتا في 17 سبتمبر 1978 بين السادات وبيغن ، والتي هزت وصدمت الوجدان العربي ، بعد ذلك وقبل استيعاب تأثيراتها السلبية وتوفير امكانية فهم ما حصل واكتشاف خفاياه ووسط الحيرة والتساؤل وجد العرب انفسهم يواجهون كارثة اخرى اوسع خرابا واشد وقعا على النفوس ! ففي فبراير/ شباط 1979  ، اي بعد اقل من 6 ستة اشهر على كامب ديفيد ، وصل خميني للحكم بدعم مباشر وكامل من المخابرات الامريكية واصبح حاكما مطلقا على ايران ، وبدأت اسوأ كوابيس العرب حتى ذلك الوقت بالتشكل وفرض كوارثها المتعاقبة وكانت اول ثمراتها المسممة الحرب التي فرضها خميني على العراق تحت غطاء ( نشر الثورة الاسلامية ) في العراق ، وكانت تلك الحرب الاكثر تكلفة بشريا وماديا في التاريخ العربي الحديث حتى وقوعها بحيث بدت خسائرنا في حروبنا مع اسرائيل قليلة مقارنة بخسائر حرب خميني على العراق ، والاخطر فيها هو التضليل المنظم الذي سبقها ورافقها بهدف عزل العراق والعثور على من يدعم خميني من بين العرب بينما كانت اسرائيل معزولة ولدى الانسان العربي حصانة ضدها !
بعد زيارة السادات والاعتراف باسرائيل ووصول حميني للحكم اخذنا نواجه ما يلي :
1 – الفتن الطائفية : بعد وصول خميني للحكم اصبحت ايران تمتلك لاول مرة في العصر الحديث القدرة على تحقيق اكبر ايذاء للعرب من داخلهم بواسطة ادواتها التي تتحرك بغطاء طائفي واضح رغم انه مجرد غطاء يخفي الاهداف القومية الفارسية . وبعكس الشاه الذي كان قومي النزعة لذلك كان الشعب العربي محصنا ضد استخدامه للطائفية وسيلة للتغلغل داخل الاقطار العربية فان خميني كان رجل دين ومعمم له اتباع استخدمهم لنشر الفتن الطائفية . لذلك فان اي مؤرخ منصف لابد ان يميز بين فترتين من تاريخ العرب فترة ما قبل خميني والتي كانت فيها الوطنية هي الحاكم الاول والمعيار الحاسم وفترة ما بعد خميني والتي اصبحت فيها الطائفية مرجعية بعض العرب .
2 – الانقلاب الستراتيجي الاخطر : بعد عقود طويلة بدأت بغزو الصهيونية لفلسطين كان فيها الصراع الرئيس يدور بين حركة التحرر الوطني العربية بكافة اطرافها ونظمها وبين اسرائيل وداعميها الدوليين كالغرب الاستعماري والاقليميين كايران الشاه وجد العرب انفسهم لاول مرة في العصر الحديث امام تحد مميت للفتن الطائفية التي نجح خميني في نشرها في العديد من الاقطار العربية ، واصبحت اخطر عوامل عدم الاستقرار في العراق ودول الخليج العربي من جهة ، ومن جهة ثانية اخذت ايران تمارس العمل المسلح ضد بعض الاقطار العربية بكافة اشكاله بما فيها استخدام القوات المسلحة الايرانية ، كما حصل في العراق ، او بوسائل الارهاب كما حصل في العراق والكويت بقيام فئات موالية لايران بهجمات مسلحة وتدمير مؤسسات واغتيال قادة واشخاص عاديين .
بقيام خميني بفرض الحرب على العراق تبلور التغيير الستراتيجي الاعظم والاخطر والذي مازالت اثاره الكارثية تدمر اقطارنا نتيجة اجبار ملايين العرب على الوقوع في فخاخ الطائفية ، فبدلا من التفرغ شبه الكامل لمواجهة الصهيونية والامبريالية الداعمة لها اصبح الهم الاكبر للعرب حكاما ومحكومين هو كيفية مواجهة الفتن الطائفية الدموية والتشرذم الداخلي .
لقد تبلور اصطفاف غريب ظاهريا لم يكن اغلب الخبراء والساسة يتوقعونه وهو تلاقي ستراتيجية ايران الملالي مع ستراتيجية اسرائيل التقليدية المدعومة من قبل امريكا والقائمة على تقسيم الاقطار العربية على اسس طائفية وعرقية واجبارهم على الانغماس في حروب ومعارك الطوائف والاعراق بدل مواصلة الصراع الستراتيجي الطبيعي والاصلي مع الكيان الصهيوني وداعميه ! لقد وجد العرب انفسهم في حالة انكشاف ستراتيجي شبه كامل واصبح دفاعهم عن النفس محاطا بشك عميق بانه غير مجد لان الاعداء اقوياء واكثر دهاء وتبصرا منهم . هنا نقول بأن من يتجاهل عميلة تعاقب الاحداث وتتابعها في ذلك الوقت يعجز عن فهم حقيقة ما يجري فخطوة السادات كانت تمهيدا طبيعيا لخطوة خميني ووكانت خطوة خميني تكملة لما بدا السادات وهو تمزيق العرب ودفعهم لحالة التشرذم والضعف .
3– عزل مضاف للقضية الفلسطينية : بعد شروع السادات بجعل شعار ( مصر اولا ) منطلقا لسياساته وقيام حكام عرب برفع نفس الشعار بهدف عزل القضية الفلسطينية عن اطارها القومي جاء خميني ليكمل الحلقة الجهنمية لعزل قضية فلسطين عن منبعها القومي واصالتها القومية بتصويرها على انها قضية كل المسلمين وليس العرب وحدهم ، وهذا صحيح وضروري ، ولكنه اضاف بان تحرير فلسطين يبدأ بتحرير العراق وبقية الاقطار العربية من انظمتها الحاكمة واصبح شعار ( تحرير القدس يمر عبر تحرير بغداد وكربلاء ) ، وهنا نرى في ان واحد المطامع الفارسية القومية في ارض العرب من جهة والجذر الصهيوني المتطرف في نهج خميني كمن جهة ثانية !
هكذا ساهم خميني في اكمال ما بدأه السادات وهو عزل فلسطين عن الامة العربية وادخالها في عنق زجاجة خانق. فتبنيه لشعارات حبيبة على قلوبنا تتعلق بالحق الفلسطيني كان مقابل احتلاله لاراض عربية وسعيه للسيطرة على الوطن العربي تحت غطاء (نشر الثروة الاسلامية)! وهنا وضع خميني العرب كلهم امام خيارات كلها مرة، فالفلسطيني الذي سوف يقبل دعم خميني المالي والسياسي سيجد نفسه رغما عنه يقف مع محاولات غزو العراق ودول الخليج العربي من قبل ايران ومع ايران رغم نشرها للفتن الطائفية وتلقيها الدعم من اسرائيل وامريكا (مثلا ايران غيت) !
بين الحاجة لدعم ايران للقضية الفلسطينية المشروط ضمنا، ولكن بصورة فولاذية ، بعزلها عن اطارها القومي العربي وجدنا واحدة من اخطر الظواهر التي تهدد نقاء القضية الفلسطينية وهو لامبالاة اوساط فلسطينية معينة بما يجري للعراقيين والعرب من جراء سياسات ايران الاجرامية ! كان بعض ابناء فلسطين حائرون مع من يقفون؟ مع ايران التي تدعمهم ماليا ضد العراق وعروبة الخليج؟ ام مع العراق وعروبة الخليج العربي مع ان ذلك يصطدم برفض ايران له؟، وهنا بدأت اخطر العاب عزل قضية فلسطين عن اطارها القومي ، فالمنطق الذي استخدمه بعض ابناء فلسطين وهو ان ايران تدعمهم ماليا وسياسيا وحتى ببعض السلاح كان مبررا للوقوف مع ايران ورفض انتقاد سياساتها تجاه العراق وغيره ، بل ان فئات اخرى اندمجت بايران وصارت جزء من قواها المعادية للامة العربية !
لذلك فإن صعود خميني بعد اعتراف السادات بقليل كان احد اخطر اهدافه شراء ضمائر فلسطينية بالمال وتغطية ذلك بموقف ايراني استعراضي داعم للقضية، وكان خميني اخطر من السادات بكثير لانه لم يكتفي بعزل فلسطين عن محيطها القومي ويشتري اشخاص وفئات فلسطينية بالمال بل اخذ يشن حروب تقسيم الاقطار العربية عبر نشره الفتن الطائفية وبنفس الوقت وجد مرتزقة من فلسطين يدافعون عنه في خطوة اخطر من خطوة السادات في عزل قضية فلسطين عن صلتها العضوية بالامة العربية .
ان مجرد وقوف شخصيات فلسطينية وفصائل فلسطينية مع ايران وهي تحتل وتقتل وتبيد العرب لانهم عرب  وتنشر الفتن الطائفية في الاقطار العربية هو عبارة عن اعلان رسمي وليس فعلي فقط بان هذه الفئات الفلسطينية  جعلت من شعار (فلسطين اولا) غطاء لتجاهل مذابح ايران في العراق مثلا والتي فاقت في قسوتها وعدد ضحاياها مذابح الصهاينة في فلسطين بمراحل كثيرة، بالاضافة للطابع القومي العنصري للسياسات الايرانية الحالية ، لذلك فان دعم ايران او الصمت على جرائمها هو تحديدا خيانة قومية كاملة الاركان تماما كما فعل السادات الذي دشن مرحلة (قطري اولا) .
والمصيبة ان الانعزالية الفلسطينية هذه تقدم اعظم الخدمات للانعزاليات العربية القطرية التي كانت تبحث عن اي حجة للتخلي عن القضية الفلسطينية ، والان نرى عددا من ابناء فلسطين يدعون بان ما يهمهم هو دعم قضية فلسطين وانه معيار علاقاتهم مع ان ذلك يبرر ويسوق فكرة القطريين العرب القائمة على التخلي عن فلسطين باسم اقطارهم ومصالحها القطرية كما فعل السادات ! ان العربي في العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان الذي يقتل ويهجر تماما مثلما حصل للفلسطيني لا يقبل ابدا ان يقال له تحمل لا تهاجم ايران من اجل فلسطين فذلك فوق قدرة البشر على التحمل وضد اي منطق عادي ، وهذا بالضبط ما عرفته ايران وامريكا واسرائيل خصوصا عرفت بانه مقدمة للتخلي عن القضية الفلسطينية عربيا نتيجة مواقف عناصر فلسطينية ، لذلك رأينا الشراكة الامريكية الايرانية الاسرائيلية تتعزز رغم كل حروب الدعاية بينها .
وفي الحالتين فان شعار (فلسطين اولا) كان التوأم الطبيعي لشعار (مصر اولا) لانهما مهندسان لتفكيك وحدة القضايا القومية وترابطها العضوي تمهيدا لاحكام السيطرة الصهيوامريكية على كافة الاقطار العربية وقتل حتى القطر الواحد ، وما نراه الان هو ان شعار (فلسطين اولا) خدم كل الخونة العرب الذين ارادوا تصفية القضية الفلسطينية قبل غيرها واستخدموه لتبرير تنازلاتهم لاسرائيل وامريكا .
ان الترابط بين عزل السادات لمصر عبر كامب ديفيد ، وعزل فلسطينيين لقضية فلسطين عن العرب عبر دعمهم لايران الاستعمارية هو ترابط عضوي وهو ليس سوى احد اهم اركان المخطط الستراتيجي الذي وقعت حرب اكتوبر في اطاره وهو القضاء على الامة العربية كلها وليس فقط تصفية القضية الفلسطينية . والدليل هو ما نراه الان بعد 40 عاما على تلك الحرب وما نجم عنها من اثار خطيرة على القضية الفلسطينية.
4 – تبلور الشراكة الستراتيجية الامريكية الايرانية الاسرائيلية: الان وفي العام العاشر لغزو العراق وماحصل بعده لا يمكن لاي وقح ان ينكر وجود التلاقي الستراتيجي الراسخ والواضح بين امريكا وايران واسرائيل ، خصوصا في ضوء احدى اخطر نتائجه الطبيعية وهي تسليم العراق من قبل امريكا عند انسحابها مهزومة الى ايران وتمسكها بحكومة المالكي ورفض امريكا حتى حكومة علاوي احد ابرز المتعاونين معها !
هذه الشراكة الستراتيجية النوعية الان هي التهديد الاخطر لامتنا العربية بكافة اقطارها وهي شراكة ، ولمن ربما نسى او لم يكتشف ذلك ، تعاظمت وتعززت باسقاط الشاه ودعم الغرب خميني والمساعدة على ايصاله هو وليس غيره الى الحكم في ايران كي ينفذ مخطط شرذمة وتقسيم الاقطار العربية ، من هنا فان تنصيب خميني ملكا مطلق السلطات في ايران كان مقدمة مبرمجة لما يجري الان مثلما كان تنصيب السادات ملكا على مصر مقدمة للاعتراف باسرائيل.
5– لماذا انكسر الجيشان المصري والسوري؟ لان احد اهم اهداف حرب التحريك هدف اقناع العرب بان الانتصار على اسرائيل مستحيل بدليل انه في  كل الحروب يفشل العرب واخر امل ، وقتها،  هو حرب اكتوبر التي تحولت من نصر الى كارثة وطنية مصرية وقازوغ مدمر لقاعدة ارتكاز الامة العربية ، لذلك لا حل الا السلام. وهذا يفسر سر رفض اسد الخطة العراقية لتحرير الجولان كما يفسر سر رفض السادات مواصلة الهجوم كما طالب قادة الجيش وعلى راسهم الفريق سعد الدين الشاذلي .
6 – ضبط اللعبة : حرب اكتوبر كانت  لعبة تضليل مكشوفة فالمخابرات الامريكية كانت تعرف بوجود خطة لدى السادات واسد لشن هجوم ، بل ان غولدا مائير نفسها تواطأت ورفضت القيام بهجوم استباقي لاجهاض الهجوم المتوقع ، وكانت حجتها ان الادارة الامريكية سوف تدين من يبدأ بالحرب فوقعت الحرب والقيادة الاسرائيلية تعرف بانها ستقع وتحملت خسائر بشرية ومالية وفي سمعتها !
لماذا ؟ الحرب كانت تمهيدا مخططا للاعتراف باسرائيل فقدمت الثمن الرخيص جدا وهو ومقتل حوالي 400 اسرائيلي فضمنت مقابل ذلك عدم وقوع حرب اخرى مع مصر او سوريا ستكلفها الاف القتلى دون انهاء الصراع ، اما تحت غطاء حرب اكتوبر فان نهاية الصراع مع مصر وسوريا كانت مضمونة فقدمت اسرائيل الثمن وهي تعرف جيدا وبصورة مسبقة بان الحرب ستقع حتما !
انتهت الحرب بالتوازن فمقابل عبور القناة من قبل الجيش المصري فتحت قوات اسرائيل ثغرة الدفرسوار وطوق الجيش المصري وتم ذلك كله بادارة واشراف كيسنجر وتنفيذ السادات لاوامر كيسنجر ، اما في الجولان  فبعد تحريرها عادت اسرائيل واحتلتها فحصل توازن جديد: سوريا حققت نصرا اوليا لكن اسرائيل حقت نصرا ايضا بإعادة احتلال الجولان وكل ذلك تم بتعاون مسبق مع حافظ اسد!
وهنا لابد من تذكر حقيقتين الحقيقة الاولى ان حافظ اسد رفض باصرار تنفيذ الخطة التي اتفق الجيش العراقي، بأمر من القيادة العراقية مباشرة، مع سوريا على تنفيذها لإعادة تحرير الحولان وكان الجيش العراقي قد اوقف تقدم القوات الاسرائيلية وبدأ بشن هجوم مضاد ناجح لاكمال اعادة تحرير الجولان صدم الجيش الاسرائيلي وحرق معنوياته، كما اكدت الاعترافات اللاحقة، لكن اسد قبل وقف اطلاق النار وطلب فورا مغادرة الجيش العراقي للاراضي السورية!
 وهذا تأكيد قاطع على انه نفذ نفس لعبة السادات برفض طلبات الفريق الشاذلي وغيره من القادة العسكريين مواصلة الهجوم المصري الناجح لاكمال تحرير سيناء فغيرهم واحل محلهم قادة موالون نفذوا سيناريو حرب التحريك . ولذلك فان عدم اخبار العراق بالحرب من قبل السادات واسد اجراء وقائي فرضه كيسنجر  لمنع تحول الحرب الى حرب تحرير حقيقية لسيناء والجولان مع ما يترتب على ذلك من نتائج ستراتيجية خطيرة في صالح الامة العربية وضد مصالح اسرائيل وامريكا وفي مقدمتها تحرير الضفة الغربية بما في ذلك القدس وغزة .
اما الحقيقة الثانية فهي ان ما حصل في الجولان في عام 1973 اكد بشكل نهائي ان اعلان حافظ اسد احتلال الجولان اثناء حرب عام 1967 ، مع انها كانت بيد الجيش السوري ولم يدخلها جندي اسرائيلي واحد بل لم تكن اسرائيل قد بدأت هجومها عليها ، كان جزء من سيناريو امريكي صهيوني للبدء بتصفية القضية الفلسطينية .
7 -  نقمة حروب التأهيل: جوهر خطة حرب اكتوبر هي تأهيل السادات وطنيا لارتكاب فعل الخيانة الوطنية والقومية الاعظم ، فمن دون غطاء وطني يكتسبه السادات لم يكن ممكنا قيامه بالاعتراف باسرائيل . ولعبة التأهل هذه هي واحدة من اقدم العاب البشر في الخداع والتضليل فقد عرف الانسان منذ القدم بان افضل طريقة للسرقة هي التظاهر بالتقوى والورع لان السارق المكشوف يفشل غالبا وان نجح فانه مشبوه ويلقى القبض عليه ، لذلك كان التظاهر بالتقوى هو خير وسيلة لتأهيل اللص للسرقة بدون لفت انظار الضحية . وتلك هي خطة التأهيل المخابراتية التي طبقت في حرب اكتوبر واعيد تطبيقها مع ايصال خميني للحكم ومنحه صفة معاد لامريكا واسرائيل كي يستطيع تنفيذ اخطر مخططات الفرس والصهاينة والامبرياليين الامريكيين ، وهي خطة تقسيم الاقطار العربية وتقاسمها . ثم طبقت خطة التاهيل بصورة اكثر خطورة في حالة حزب الله الذي خاض معارك مع اسرائيل ليس لتحقيق هدف تحرير الاراضي اللبنانية او الفلسطينية المحتلة بل لاكتساب سمعة وشعبية عربية توظف لخدمة المخطط الاستعماري الايراني ، لذلك نرى ان اراض لبنانية مازالت تحت الاحتلال الصهيوني حتى هذه اللحظة ولم يحررها حزب الله ، واكتفى بالخطوة الاساسية في التأهيل وهي تحرير جنوب لبنان وترك قرية الغجر ومزارع شبعا تحت الاحتلال ، ثم حول قوته المغطاة بسمعته الجديدة الطيبة لفرض النفوذ الايراني على لبنان والمنطقة وسوريا . السذج وحدهم من لا يعرفون اوليات لعبة التأهيل هذه .
لماذا نصر الان وفي مرحلة الفوضى الهلاكة التي نواجهها منذ عام 2011 على اثبات ان ما توقعناه قبل 40 عاما تحقق بالكامل ؟ من توقع قبل الان وتحقق توقعه فان توقعه الحالي يمكن ان يتحقق ايضا ، وهذا ما جعلني اتعمد التعمق في تحليل تعقيدات حرب اكتوبر لاجل اعادة تأكيد وجود الصلة العضوية التي تنتظم الاحداث العربية الكبرى وتتحكم بها وبمسارها . هل تحققت توقعاتنا بخصوص ما يجري منذ عام 2011 ؟
تعودت البشرية ان تعتمد على شهود الاحداث في تثبيت طبيعتها وهويتها ولانني شاركت في الاحداث منذ عام 1958 او كنت متابعا دقيقا لها فانني شاهد اقول ما ارى وليس ما اسمع ، دعما لمقولة الامام علي رضي الله عنه، وما نقوله نحن شهود وشهداء هذه الامة هو الصدق كل الصدق وهو احد مفاتيح انقاذنا من كارثة التشويش والتزوير والتعتيم .
نعم لقد اعتمدنا على الفكر القومي الثوري الجذري في تحليل ما يجري وقلنا بوضوح تفصيلي كامل وغير منقوص بان الانتفاضة ما لم تكن خاضعة لقيادة مجربة وثورية ولديها ستراتيجية واضحة المعالم ونهج معاد للامبريالية والصهيونية وتعتمد على تنظيم شعبي واسع فانها مغامرة لن يكتب لها النجاح وستتحول الى فوضى هلاكة ، وهذا ما حصل بالضبط ونراه بوضوح في مصر وتونس وسوريا وليبيا واليمن . اقرأوا دراستي الطويلة (اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد نحن وامريكا وهولي وود بيننا) ستدركون اننا توقعنا كوارثنا الحالية قبل ان تقع وحذرنا منها تفصيليا ، ومع ذلك مازلنا نجد من يتحدث عن نظرية المؤامرة لكي يؤكد بان الانتفاضة كانت اصلا من صنع الجماهير ولكن امريكا ركبت الموجة وحرفتها مع ان من اراد ركوب الموجة وفشل فشلا ذريعا هي قوى وطنية وليس امريكا  صانعة الموجة ومعدة القرقوزات التي قادتها في المرحلة الاولى مثل وائل غنيم وجماعة 6 ابريل في مصر وغيرها .

ولكي نوجه نقدا مضافا لمنطق من يستخدم نظرية المؤامرة لتسخيف الموقف العقائدي المعروف الخاص بمعنى الثورة وشروطها انتظروا تحليلنا القادم حول نظرية المؤامرة بعد يومين: (الراكب والمركوب والكامخ بينهما)  سترون من هو الراكب ومن هو المركوب في لعبة الامم وكيف ان الجماهير مكموخة ومخنوقة بين الراكب والمركوب.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..