موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013

في اجتماعات الامم المتحدة.. نام العرب فاحتفى المجتمعون بروحاني

وجهات نظر
 مثنى عبدالله
نظّف باراك أوباما طاولته من كل الخيارات الصلبة والناعمة التي كان يواجه بها ايران، هكذا اعلن في خطابه الاخير في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
دائما ما تكون سياسة اي رئيس امريكي اكثر وضوحا في الولاية الثانية، حيث تكون كوابح السياسة فاعلة اكثر في الولاية الاولى، ويكون السعي للحصول على ولاية ثانية هاجسا له، فيحذر ويسعى لاظهار قوته وعزيمته وحزمه في اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية، بينما في الولاية الثانية يتخلص من كل هذه الضغوطات وتتوفر له حرية حركة اكثر فيبدو واقعيا في الكثير من الامور، لذلك كان اوباما مندفعا في واقعيته الى الحد الذي سال من خطابه الكثير من عبارات الود والثناء تجاه ايران ورئيسها روحاني بشكل غير مسبوق، فقابله الاخير بخطاب مماثل تكاد تلمس منه توجها جديدا تجاه الولايات المتحدة خصوصا والغرب عموما.

كلا الرجلين عبرا بوضوح تام عن مصالح بلديهما، والواقع السياسي يقول بان الولايات المتحدة وايران كلتيهما في حاجة الى بعضهما الاخر. هنالك توجه في السياسة الامريكية منذ نهاية عهد بوش الابن، هو انتقال آليات الادارة السياسية الى الوسائل العسكرية/ السياسية، وهذا ادى الى ان تصبح النزاعات ضعيفة القوة والكثافة، فليس من مصلحة الامريكان اليوم خوض حروب ساخنة وتدمير الاقتصادات والقـــــدرات المالية لهذه الدولة او تلك، والتجربة بينت ان اكثر النزاعات يمكن مواجهــــتها بالقــــوة الناعمة التي تزعزع الاستقرار، ومن ثم بواسطة الفوضى الخلاقة يمكن تحقيق الاغراض السياسية والمالية التي وضعت في البداية. 
ولعدم قدرة الولايات المتحدة على التأثير في العالم بالقوة العسكرية حاليا، بسبب وضعها الاقتصادي، ما جعلها تبحث عن حلفاء اقليميين جدد، وهنا ايران ليست اقل شانا من اسرائيل في العيون الامريكية، وفي نظرتهم السياسية هي طرف ثالث يمكن به موازنة الدور التركي ـ الاسرائيلي في المنطقة. في ظل هذا الفهم يرى الامريكان ان ايران كانت الحليف الابرز لهم في حقبة ماضية، وانهم بحاجة الى ذلك الحليف مرة اخرى وان الذهاب اليها سياسيا افضل من مواجهتها عسكريا فذهبوا اليها، خاصة انها من اكثر الدول في المنطقة قابلية على الاتفاق، لانها تريد دورا اقليميا، كما ان تاريخها السياسي يشهد على انها في اكثر فترات سياستها الجهنمية ضد ‘الشيطان الاكبر’ قبلت ان يكون لها حوار بين اجهزتها الاستخباراتية والمخابرات الامريكية، نتج عنه اتفاق ايران كونترا في ثمانينيات القرن المنصرم، كما انها فتحت اجواءها امام حركة الطيران الحربي الامريكي في غزو افغانستان وتعاونت في غزو العراق.
اليوم ترى الولايات المتحدة ان من مصلحتها اعادة العلاقات مع ايران الى مستوى العلاقات معها ايام الشاه كي تصبح شرطي المنطقة. عند حصول هذا النهج ستتسامح امريكا مع ايران في السلاح النووي وفي كل شيء، على الرغم من تركيز اوباما على هذا الملف في خطابه الاخير امام الجمعية العامة للامم المتحدة. فالامريكان ليسوا قلقين من برنامج ايران النووي على اسرائيل، لكنها حملة من اجل الضغط وانتزاع المواقف. هم يعلمون جيدا ان العلاقات بين ايران واسرائيل فيها نبرة عدائية فقط، لكن ليس فيها سياسة حقيقية تترجم نبرة العداء، اي انه لفظي، والعقل السياسي الايراني لا يرى اسرائيل العدو الاستراتيجي الاول، بل عدوهم الاول هم العرب، لذلك كل تحركاتهم المشبوهة وحروبهم جرت وتجري في اراض عربية. 


لو كان العداء الذي كان يجاهر به الرئيس السابق احمدي نجاد استراتيجيا لما تخلى عنه روحاني، ولما سمح له المرشد الاعلى بتهنئة اليهود بعيدهم. انظروا الى التناقضات الايرانية السعودية فيها اضعاف التناقضات الايرانية الاسرائيلية، ولاحظوا دورهم في العراق واليمن ولبنان وسورية واقطار الخليج العربي، أليس هذا دليلا على نظرتهم هذه الى العرب؟ نعم لقد دعموا العديد من الفصائل الفلسطينية المسلحة، لكنهم ارادوا ذلك الدعم لافتة كبيرة تعلن عن وجودهم لتحقيق مصالحهم، واوراق ضغط مؤجلة حتى حين، كما انهم ارادوا من الجهات التي قدموا لها الدعم ان تكون جيوشا ايرانية في المنطقة. انها سياسات تهدف الى اثارة الذكريات الامبراطورية في الذاكرة الشعبية الايرانية كي يتم التحشيد لنهجهم السياسي، وقد كان وقوف روحاني في الامم المتحدة يسير في هذا الصدد ايضا من ان ايران موجودة وبقوة، وان وجودها امر واقع يجب ان يتعامل الغرب معه، لكنه ايضا يشير وبوضوح الى عمق الازمة الاقتصادية التي سببتها العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، التي كان المرشد الاعلى على دراية تامة بها قبل الانتخابات الايرانية الاخيرة، وهي التي دفعته لازاحة رفسنجاني ومشائي من السباق الانتخابي كي يتعبد الطريق امام روحاني. فالاخير رجل مناسب لهذه المهمة في منظور المرشد، لانه لا يتمتع باستقلالية السابقين وبالتالي لن يشكل خطرا على القيادة الروحية، وبوسعه الاعتماد عليه في اجراء المفاوضات مع الغرب، لتخفيف الاثار السلبية الاقتصادية والمالية التي خلقها البرنامج النووي، والوصول الى حل وسط يضمن عدم التخلي عن هذا البرنامج مقابل انخراط في دور تحالفي يضبط بقوته حلفاء امريكا العرب، كما يهدد مصالح الصين في مجال الطاقة.
ان تحديد العدو والصديق في السياسة الامريكية في المرحلة اللاحقة سيعتمد على تطور سياسات القوى الجديدة التي ستظهر، او التي هي في طور الظهور في منطقة الشرق الاوسط، وكذلك على سياسات القوى التقليدية القديمة. ويبدو ان الحلفاء العرب يحرصون جدا على ان يبقوا قدماء في كل شيء حتى في النهج السياسي الذي يتعاملون به مع الغير، بينما العالم في تطور متسارع والمناهج السياسية تشهد تقلبات اكثر سرعة. احصوا عدد الزعماء العرب من هم في قمة هرم السلطة الذين حضروا اجتماعات الامم المتحدة، ومن حضروا من الصف الثاني والثالث، وابحثوا عن مجموع دورهم جميعا وقارنوه بما اثاره دور روحاني في هذا المحفل. هل تستوي المقارنة؟ يقينا لا، فامريكا والغرب هما اللذان صنعا هذه الاثارة، كي يميزونه عن الحلفاء القدامى، بما يجعله مقبولا عند اعطائه دور الشرطي. حتى المهاتفة بين روحاني واوباما ارادوها تجري بطريقة مثيرة، وليست مصافحة في اروقة الامم المتحدة، لانها ستكون كمصافحة الحلفاء القدامى. حتى الهدية التي بعثها اوباما الى روحاني كانت قد اختيرت بعناية وهي عبارة عن تحفة ايرانية قديمة ردَّها اليه كعربون لرد التحالف القديم. كل هذه التحركات الدبلوماسية كانت لايران نسبة كبيرة في انجازها، لانها دولة تعرف جيدا مصالحها القومية ولديها مناورة الشيطان في استغلال اخطاء الاخرين لزرع نفوذها، وبالتالي فان الندية هي التي تعزز مكانة الدول في هذا العالم. 
اما العرب فما زال الغرب ينظر اليهم على انهم باعة نفط فقط، وقد أمِن جانبهم منذ عقود من السنين قابلة للتمديد الى قرون قادمة، بعد ان عقدوا عهدا مع امريكا والغرب واسرائيل الا يهددوا مصالحهم النفطية حتى لو هجموا اقطارنا على رؤوسنا، وان اموال بيع نفطنا ستبقى تُسيّر عجلة اقتصاداتهم وتنقذهم من اية ازمة اقتصادية يعانونها، وان السلام مع مغتصبي حقوقنا خيار ستراتيجي نرضعه لاطــــفالنا وندرّسه لاجيالنا، حتى لو قذفه العدو في وجوهنا الف مرة ومرة، واننا جاهزون كي نكون في اي بقعة في العالم خلف الولايات المتحدة الامريكية حتى لو لم تكن لنا هنالك اية مصلحة، او حتى لو كان وجودهم في بيت شقيق فانا نقدم الدعم والاسناد ونمول الحملة العسكرية. فهل يُعقل ان يعطينا الغرب دورا في منطقتنا العربية ونحن مجرد تابعين؟

ملاحظة:

نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..