موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 14 أكتوبر 2013

ليس للقتيل أن يتأوه!

وجهات نظر
نزار السامرائي
بعد أربعة أيام من صمت لا يمكن إيجاد وصف له إلا أنه مشاركة في الجريمة وتشجيع عليها، نطق نوري المالكي بعد أن سكت دهرا وقد ظننا أنه قد فقد القدرة على النطق وليته فعل، قال إن المتظاهرين الذين اخترقوا مدينة الأعظمية بهتافاتهم هم من الجهلة وبالتالي يجب عدم المبالغة في التعامل مع الحدث بل يجب أخذ الفاعلين على قدر عقولهم ومعرفتهم.

نعم هكذا ببساطة اختزل جريمة كبيرة وأعطاهم حكما بالبراءة من المساءلة لأنهم من الجهلة الذين لا يقدرون ما قاموا به ولا انعكاساته السياسية والأمنية على بلد يعيش انفلاتا أمنيا على كافة المستويات بل يتربع فوق برميل من البارود الذي ينتظر شرارة حتى يحرق الجميع.
إن تأثيرات مثل تلك الشعارات الشيطانية في مكون كان أبناؤه هم البناة الحقيقيون للعراق الحديث، لا يمكن أن تمر من دون رد فعل يتناسب وجسامة الجرم، وإلا فإن الحكومة التي تتحمل التبعات الكاملة للسكوت على هؤلاء الرعاع عليها أن تواجه ما سيقع، لأن عليهاأن تعطي الحق لكل شخص شعر بالإهانة أن يرد بالطريقة التي يراها مناسبة أو متاحة له.
لقد كان أولئك الرجال العظام الذي تعرضوا للسب هم الذين حرروا العراق من سيطرة الإمبراطورية الفارسية المجوسية وأدخلوه في حومة الدين الإسلامي العظيم ورفعوا راية "لا اله إلا الله محمد رسول الله" في سائر الأرجاء بعد أن أنجزوا تحرير العراق وبلاد الشام من أكبر إمبراطوريتين في ذلك الوقت، ولهذا نرى أن الحقد عليهم من جانب الفرس يتناسب وحجم الأهداف الكبرى التي تحققت على أيديهمسواءا في اتساع رقعة الدولة العربية الإسلامية والتحاق شعوب كثيرة بالدين الإسلامي ولكن المثير للدهشة هو أن من شملتهم كرامة التحرير باتوا مخالب في نهش رموز التحرير الخالدة.
 لقد تمكنت المجوسية في بلاد فارس والتي ظلت كنارٍمستعرة تحت رماد الباطنية المقيتة، أن تتسلل إلى الدين الإسلامي في جهد منسق ودؤوب، لنسفه من الداخل بعد أن استعصت عليها مواجهته من الخارج، مسخرة بعض الوقائع التي شهدها التاريخ العربي الإسلامي والصراعات التي شطرت الأمة وتركتها نهبا لأعدائها المتربصين بها، فجلبت المجوسية معها أدوات الزندقة الذي نشطت في العصر العباسي الوسيط أو المتأخر، ولتدخل الكثير من المعتقدات والممارسات الباطلة التي أعطتها قدسية زائفة ترسخت مع مرور الوقت، وانتحلت الأحاديث وحرفت الأقوال وجعلت منها جسرا للعبور إلى هدفها الرئيس وهو النيل من قادة فتح بلاد فارس الذين دمرواإمبراطوريتها، فتركزت برامجها في خطة ممنهجةعلى الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليهم وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، حتى عدّت عمليات السب والشتم بمثابة تقرب لآل البيت رضوان الله عليهم، ومع الزمن وعبر أساليب تداخلت فيها الخديعة مع الترغيب وملاحقة الخصوم أصبحت تلك الممارسات الخاطئة جزءا من المعتقدات التي على أتباع التشيع الصفوي اتباعها ومن يجادل في صدقيتها وأساسها التاريخي فإنه يعرض نفسه للإخراج من الملة، وبمرور الوقت انتقلت هذه المعتقدات الفاسدة من بلاد فارس التي تمتلك موروثا ثأريا مع العرب ومع كل من شارك في حروب فتح بلاد فارس خاصة وتسللت إلى الموروث العقيدي وكأنها من المسلمات الثابتة.
ومن حق المرء أن يتساءل عن أسباب انتقال هذا الحقد التاريخي الذي له ما يبرره من الفرس تاريخيا، إلى عراقيين يزعمون أنهم عرب وهم الذين حررتهم القادسية الأولى من هينمة الفرس في خلافة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟
ولكن الدهشة سرعان ما تتلاشى عندما يكتشف المراقب الحصيف أن الفرس الذين دخلوا إلى الإسلام تقية ومكرا، تمكنوا من دفع مئات من رجالاتهم لدراسة الدين الإسلامي فقها وشريعة، ليس للتفقه فيه وحبا له وإيمانا به، وإنما بحثا عن ثغرات يتسللون منها لنخره من الداخل وإعادته إلى الحجاز كما بدأ منها، فتمكنوا خلال مئات السنين من وضع الآلاف من الأحاديث التي تمهد لهم الطريق لتحقيق ذلك الهدف الخبيث، فلعبوا على قضايا كانوا يسيئون فيها إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حينما زعموا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد اقتحم بيته وركل سيدة نساء العالمين وبضعة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء البتول رضي الله عنها، وأن تلك الواقعة أدت إلى كسر ضلع الزهراء وأسقاط جنينها، فهل يعقل رجل عاقل أو نصف عاقل أن رجلا بشجاعة علي بن أبي طالب يقبل لأي كان أن يقتحم بيته ويفعل ذلك بزوجته بنت رسول الله؟ هل هي إساءة لعمر أم هي إساءة لعلي؟
هل هناك رجل رشيد يفكر بالواقعة على هذا النحو؟
لذلك امتلأ التاريخ المدون من قبل الفرس بكثير من التلفيق والأحداث المسيئة لرجالات الإسلام ودخلت على الموروث المتداول وكأنها حقائق ثابتة لا تقبل التقرب من حصونها التي أعطيت هالة من القدسية المنتحلة، حتى بدا وكأن سب أصحاب الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين عبادة وتقربا إلى الله، والله ورسوله والمؤمنون برئاء من هذا الكفر والفاحشة والمنكر.
ومع ذلك فإن المالكي يحاول تبسيط ما حصل في الأعظمية على يد هذا النفر الضال من قطعان الرعاع، حينما وصفهم بالجهلة، وما هم كذلك لأنهم مليئون بالسم الفارسي المجوسي، وبدلا من أن يتم إلقاء القبض عليهم وهو يسرحون ويمرحون تحت نظر وسمع الأجهزة الأمنية التي توفر لهم الحماية الكاملة، فإن المالكي ذهب بعيدا في توجيه رسائل التهديد الوقحة إلى ساحات الاعتصام في المحافظات الست وحذرها من استغلال تلك الواقعة لإثارة الفتنة الطائفية على حد زعمه، فأي فتنة طائفية أكبر من تحدي مدينة الأعظمية ومشاعر مليار ونصف مليار مسلم تم الطعن برموزهم بوقاحة فارسية ليست غريبة على أذن الراصد، هل يحظر على الضحية أن تشكو من الظلم وتصبح الشكوى عيبا؟ أم أن العيب يتجسد في الظلم نفسه؟
ومع ذلك فعلى المالكي وكل الزمرة الضالة التي تحكم معه أن تعرف الحقائق التالية والتي لم تغب يوما عن مسار التاريخ:
1 – إن العراق ليس إيران كي تسهل عملية تطويع أهله وترويضهم تمهيدا لتركيعهم وتغيير معتقداتهم، العراقيون هم الذين تحطمت على أرضهم وبجهادهم وعلى جدران بلدهم رؤوس الغزاة الكبار والصغار، وآخرهم الأمريكيون الذين تحطمت ماكنتهم الحربية المتطورة جدا على يد رجال المقاومة الوطنية المسلحة التي لقنت المحتلين درسا لن ينسوه وباتت تجربة الغزو رادعا للرؤساء الأمريكيين عن خوض أية مغامرة جديدة، ولن يكون الفرس أفضل حالا من الولايات المتحدة حتى إذا تسللوا عبر مليشيات فيها بعض عراقيي الجنسية.
2 – لقد أيقظت جريمة النفر الضال من أحفاد أبو لؤلؤة الفيروزي، آخر من بقي نائما على زبد الوعود الكاذبة التي كان المالكي يخدر بها بعض السذج من السياسيين الذي اشتراهم بثمن بخس، ولا يظنن أحد أن قوة القمع أو قوة الورقة الخضراء ستبقى تتحكم بمدارك الناس إلى الأبد، فما حصل في الأعظمية هو بالون اختبار لردود الفعل للمكون المستهدف بمعتقداته وكرامته ووجوده، على هذا فإن هذه الواقعة تنطبق عليها حكمة رب ضارة نافعة.
3 – إن المالكي وحاشيته الذين يكثرون من الحديث عن الفكر التكفيري، يغالطون أنفسهم مغالطة كبيرة، فمنشأ الفكر التكفيري بدأ مع نشوء التشيع الصفوي الذي جعل من سب صحابة الرسول وأمهات المؤمنين إحدى ركائزه العقائدية الأساسية وبالتالي يكفرهم ويكفر من يعتبرهم رمزا له، ومن يسيء إلى رموز الأمة هو التكفيري الحقيقي، وليس أي طرف آخر.
إن الحديث عن ضرورة تجنيب العراق ويلات الفتنة الطائفية، لا يستقيم مع إطلاق مليشيات ضالة لتعصف بأمن المواطن وتمارس القتل والتهجير على الهوية المذهبية، ومن يسعى لتثبيت ركائز السلم الأهلي فعليه أن ينطلق بمواجهة جادة مع المليشيات الخارجة على الأخلاق والقوانين والأعراف ويضع حدا لجرائمها وبخلاف ذلك عليه أن يتوقع أن ردات فعل تتناسب مع حجم الظلم ستنطلق هي الأخرى، وكل من يرد سيعبر عن تململه حسب قدرته واجتهاده.


ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..